أكثر من ألف انتهاك حوثي يطال القطاع الخاص خلال 18 شهراً

TT

أكثر من ألف انتهاك حوثي يطال القطاع الخاص خلال 18 شهراً

أفادت مصادر مصرفية في العاصمة صنعاء بأن تعسف الجماعة الحوثية تصاعد في الآونة الأخيرة ضد المصارف وشركات الصرافة مما يهدد باستنزاف الودائع ودفع البنوك إلى الإفلاس والإغلاق وسط مساع للجماعة للاستحواذ على حصص غير قانونية في هذه المصارف والشركات.
وذكرت المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط» أن مسلحي الجماعة عادوا قبل أيام لتهديد مصرف الكريمي للتمويل الأصغر، وهو المصرف الذي يملك أوسع شبكة للصرافة والتحويلات على امتداد المحافظات اليمنية.
وكان عناصر الجماعة أقدموا أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي على إغلاق المقر الرئيسي لبنك الكريمي وجميع فروعه في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتهم، بحجة تنفيذه سياسات البنك المركزي في العاصمة المؤقتة عدن.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن الجماعة تضغط على مالكي المصرف لإجبارهم على القبول بإدخال شركاء حوثيين، وهو ما رفضته إدارة المصرف، الأمر الذي دفع الميليشيات الانقلابية مجددا إلى التهديد بإغلاقه وفروعه كافة في مناطق سيطرتها.
وأوضحت المصادر التي فضلت عدم الكشف عن هويتها خوفا من بطش الميليشيات أن مالك المصرف قام بتمليك أقربائه حصصاً في رأسمال البنك، تلبية لشروط الميليشيات، مؤكدة أن هذا الإجراء قوبل حينها بالرفض من قبل الجماعة، الأمر الذي جعلها تهدد باقتحام المقر الرئيسي في صنعاء.
وعد خبراء اقتصاديون إجراءات الميليشيات بأنها تندرج في سياق التصعيد الحوثي المستمر بحق ما تبقى من منتسبي القطاع الخاص ورؤوس الأموال في مناطق سيطرتها، داعين كافة الجهات المعنية لوضع حد لجرائم الجماعة ضد منتسبي القطاع المصرفي، الذي نال نصيب الأسد فيما يتعلق بتعسف الجماعة.
وخلال نحو ستة أعوام من عمر الانقلاب الحوثي، عانى القطاع الخاص بما فيه القطاع المصرفي المكون من 17 بنكاً، مراكزها في العاصمة المختطفة صنعاء، من حملات التعسف والنهب والابتزاز وفرض الجبايات غير القانونية.
في السياق نفسه قال عاملون في بنوك أهلية وشركات صرافة بصنعاء، «رغم الاستهداف الحوثي المنظم لقطاع البنوك والمصارف، إلا أن الجماعة لا تزال تجني مليارات الريالات من تلك البنوك والمصارف» (الدولار حوالي 600 ريال).
وأضاف العاملون الذين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» «على سبيل المثال لا الحصر، فإن ما تدفعه البنوك سنويا للميليشيات كضريبة أرباح تبلغ 24 مليار ريال، وحصة من الأرباح التي تصل إلى 30 في المائة».
وتابعوا بالقول: «إن الميليشيات تستفيد أيضا من شركات الصرافة من خلال ما تدفعه الأخيرة بصورة يومية وشهرية وسنوية من رسوم تجديد تراخيص وضرائب ورسوم خدمية أخرى وجبايات وإتاوات تفرض عليها بشكل متكرر لدعم فعالياتها ومجهودها الحربي».
وكانت تقارير محلية نقلت في وقت سابق عن مصادر مصرفية في صنعاء قولها: «إن الجماعة حاولت مرارا الضغط عبر مشرفيها على بعض البنوك الخاصة بتسليمها شفرات أنظمة الحسابات، وكشوفاً بأسماء العملاء وأرصدتهم، ما اضطر غالبيتها دفع مبالغ مالية كبيرة لقادتها، مقابل التراجع عن طلبهم».
وقالت المصادر «إن الجماعة ترفض الحسابات الختامية للبنوك، وتحدد الربح جزافاً وبأرقم خيالية، ثم تطلب من البنوك دفع ما نسبته 30 في المائة من إجمالي الرقم الذي تحدده، وتعتقل من يرفض الدفع، وتمنع البنك من ممارسة نشاطه».
وعلى صلة بالموضوع، كان مصدر مسؤول في بنك «سبأ» الإسلامي، كشف بوقت سابق، أن البنك دفع للانقلابيين غير الضرائب، أكثر من 35 مليار ريال، على دفعات نقداً، خلال خمس سنوات لماضية، بمعدل 7 مليارات ريال سنوياً، مؤكداً أن البنك لم يكن أمامه خيار غير الدفع أو التعرض للتعسف والإغلاق.
وتتهم بعض التقارير المحلية الميليشيات «بممارساتها غير القانونية لتمزيق القطاع الخاص المتجذر في اليمن منذ عُقود لتصنع قطاعاً خاصاً طفيلياً يتبعها، كما أنها وفي ظل سيطرتها على مؤسسات الدولة، مكنت شركاتها المستحدثة من السيطرة على السوق المحلية».
وفيما تحتكر الجماعة الموالية لإيران تجارة الوقود، وقطاع الاتصالات، وجزءاً كبيراً من سوق الأدوية، يبدو أنها في طريقها لاستكمال فرض سيطرتها بشكل شبه كلي على القطاع المصرفي والبنوك، وفق ما تقوله المصادر.
وكان تقرير محلي كشف قبل أيام عن انتهاكات وصفها بـ«المهولة» تعرض لها القطاع الخاص على يد الميليشيات خلال عام وستة أشهر ماضية.
وأورد التقرير سلسلة من الانتهاكات الحوثية بحق القطاع الخاص في صنعاء، منها الانتهاكات المباشرة للشركات والمؤسسات والمحلات والأنشطة التجارية المختلفة، حيث شملت الانتهاكات الشركات التجارية والبنوك وشركات الصرافة والمولات والمشافي والجامعات والمعاهد ومؤسسات المطاعم، وكذا تلك المشاريع الصغيرة من محال وكافتيريات وبسطات وباعة متجولين.
ورصد التقرير، 1400 انتهاك طال مؤسسات وأفراد وعاملين ومدراء ومالكين من منتسبي القطاع في العاصمة صنعاء خلال العام الماضي 2019. وفترة الستة الأشهر الماضية من العام الجاري 2020.
وأكد التقرير أن 16 بنكاً تعرضت للنهب والسطو والاعتداء الحوثي المسلح خلال تلك الفترة، إلى جانب أكثر من 120 شركة صرافة، و95 شركة تجارية، و214 مولاً ومراكز تجارية، و23 مستشفى، و11 جامعة ومعهدا، و120 مطعماً.
وأشار التقرير نفسه إلى تعرض أكثر من 383 محلاً صغيراً، و120 مخبزاً، و14 محطة كهرباء خاصة، و400 محلا تجاريا كبيرا ومتوسطا لعمليات نهب وسطو حوثي منظم. في حين اعتدى مسلحو الجماعة خلال ذات الفترة على 117 مؤسسة، و250 عاملاً في المحال التجارية.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.