«القوات» و«المستقبل»... حلفاء رغم الثقة المفقودة

خلافات من الحكومة إلى الانتخابات الرئاسية

TT

«القوات» و«المستقبل»... حلفاء رغم الثقة المفقودة

تطرح العلاقة بين «الحليفين الخصمين»: حزب «القوات اللبنانية» وتيار «المستقبل»، العديد من الأسئلة، في ظل التباعد الحاصل بينهما في الفترة الأخيرة، والذي يظهر بشكل أساسي في رفض «القوات» تسمية رئيس الحكومة السابق سعد الحريري في الاستشارات النيابية. حتى أن اعتذار الحريري قبل تكليف حسان دياب كان مرتبطاً بشكل أساسي بقرار «القوات» الذي لم يتبدل منذ ذلك الحين، فيما يبدو أن الحريري سيتخطاه هذه المرة وسيمضي في ترشيحه بمعزل عن موقف حليفه القديم.
وبسؤال الطرفين عن هذا الخلاف، والرد عليه، يظهر عتب كبير من المسؤولين في الحزبين، مع تأكيدهما أن العلاقة القديمة التي جمعتهما في أبرز وأهم المحطات اللبنانية لا بد أن يأتي يوم لتعود إلى سابق عهدها.
الدخول في تفاصيل هذه الخلافات تختصره عبارة «الطعن بالظهر» التي يحملها الطرفان بعضهما على بعض. وتتحدث مصادر مطلعة على الاتصالات بينهما لـ«الشرق الأوسط» عن معركة رئاسة الجمهورية المبكرة التي تأخذ حيزاً من الخلاف بين رئيس «القوات» سمير جعجع ورئيس «المستقبل» سعد الحريري؛ خصوصاً بعد المسار الذي سلكته انتخابات رئاسة الجمهورية السابقة، وانتهت بالتسوية الرئاسية بين الحريري والرئيس ميشال عون.
وفي ظل «التحالف الجديد» بين الحريري والمرشح للرئاسة رئيس تيار «المردة»، سليمان فرنجية، تقول المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن «القوات» يحاول الدفع باتجاه التوصل إلى اتفاق لتحديد المسار في الانتخابات الرئاسية المقبلة، بحيث يؤدي على الأقل إلى تعهد بتوحيد المواقف في هذا الاتجاه بين «المستقبل» و«القوات»، وهو ما لا يلقى تجاوباً من الحريري.
هذه المعلومات ترفض التعليق عليها مصادر نيابية في «تيار المستقبل»، بينما يؤكد النائب في «القوات» جورج عقيص أنه لم يسمع هذا الأمر من جعجع، مستبعداً أن يكون رئيس «القوات» قد طلب موقفاً مسبقاً حول الاستحقاق الرئاسي، ومؤكداً أن العلاقة لا بد من أن تعود لسابق عهدها بين الطرفين؛ خصوصاً أنه لا يوجد خلاف جوهري بينهما، إنما الأمر يحتاج إلى المصارحة والإجابة عن بعض علامات الاستفهام والهواجس.
وتقول مصادر «المستقبل» لـ«الشرق الأوسط»: «هناك عتب كبير على جعجع من قبل الحريري، وهناك علامة استفهام تطرح حول خلفية هذه المواقف وحقيقة الأسباب التي يعلنونها، بحيث نشعر أن هناك أسباباً أخرى أكبر مما يقال».
وتضيف المصادر: «قبل ذلك قالوا إنهم يريدون مصلحة الحريري. والآن يقولون إنه جرب ولم ينجح؛ لكن في النهاية من الواضح أن (القوات) تبحث عن مصلحتها وتأخذ خياراتها انطلاقاً من هذا الأمر»؛ لكن رغم ذلك تؤكد المصادر أن الأهم في علاقة الطرفين أنهما متفقان على الأمور الاستراتيجية، والخلافات لا تزال تنحصر في الأمور التكتيكية، وبالتالي لا بد من أن يتم تذليلها.
لا يختلف موقف «القوات»، فقد وصف جعجع الحريري بالصديق، مع رفضه تسميته لرئاسة الحكومة، وهو ما يلفت إليه النائب جورج عقيص، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «لدي ثقة كاملة بأن العلاقة مع المستقبل ستعود إلى ما كانت عليه سابقاً؛ خصوصاً أننا لا نتعامل مع الحريري إلا كحليف. إنما التجربة في الانتخابات الرئاسية الماضية ومن ثم الأداء خلال الحكومة، وتحديداً العلاقة الملتبسة بين الحريري وباسيل بين عامي 2016 و2019، طرحت علامات استفهام؛ لكن رغم ذلك نريد الانطلاق من جديد، إنما ضمن أسس مختلفة خاصة بعد الثورة الشعبية التي طالبت بالتغيير».
ويضيف عقيص: «عناوين عدة وشراكة وطنية لا تزال تجمعنا مع (المستقبل)، إنما مقاربتنا للأمور في هذه المرحلة تختلف؛ بحيث أننا نؤمن بأن الوقت ليس للتنازلات وليس ملائماً لتشكيل حكومات على غرار التي كانت تشكل قبل أكتوبر (تشرين الأول) 2019؛ بل الإنقاذ اليوم هو بتشكيل حكومة اختصاصيين من غير السياسيين لتحقيق الإصلاحات، وبالتالي تنفيذ المبادرة الفرنسية بحذافيرها».
وعما سيكون عليه موقف «القوات» إذا كُلف الحريري ونجح في تشكيل حكومة، وهل تمنحه كتلة «الجمهورية القوية» الثقة، يقول عقيص: «ندرك أنه حتى لو كُلف الحريري بتشكيل الحكومة فسيعرقلون تأليفها كما يريد، ولكن إذا نجح في المهمة وشكل حكومة من اختصاصيين من غير السياسيين بعيداً عن سلطة الأحزاب، عندها سنتعامل بلا شك بإيجابية».



اعترافات تكشف عن تشكيل الحوثيين خلايا في القرن الأفريقي

الحوثيون يستغلون وضع اللاجئين الأفارقة ويسعون إلى تجنيدهم (إعلام محلي)
الحوثيون يستغلون وضع اللاجئين الأفارقة ويسعون إلى تجنيدهم (إعلام محلي)
TT

اعترافات تكشف عن تشكيل الحوثيين خلايا في القرن الأفريقي

الحوثيون يستغلون وضع اللاجئين الأفارقة ويسعون إلى تجنيدهم (إعلام محلي)
الحوثيون يستغلون وضع اللاجئين الأفارقة ويسعون إلى تجنيدهم (إعلام محلي)

كشفت اعترافات لأحد المواطنين الإريتريين المنتسبين إلى قبيلة العفر المنتشرة في القرن الأفريقي عن تمكُّن الحوثيين من إنشاء خلايا في تلك المنطقة التي تُشْرف على البحر الأحمر ووعود إيرانية بدعم مالي وعسكري لاستقلال الإقليم عن الدول الثلاث جيبوتي وإريتريا وإثيوبيا.

وتحدث الرجل الذي يُدْعى علي أحمد يعيدي، وتم اعتقاله أخيراً في الساحل الغربي لليمن، عن نشاط مكثف للحوثيين في القرن الأفريقي، وتأسيس خلايا تتولى مهمة استقطاب أفراد قبيلة «العفر» وإرسالهم إلى اليمن بهدف إحداث تغيير مذهبي هناك وتدريبهم على القتال ليكونوا نسخة من الجماعة الحوثية أو «حزب الله» اللبناني.

وفي تسجيل مصور بثته القوات الحكومية المتمركزة في الساحل الغربي لليمن والتي يقودها عضو مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح، يورد المقبوض عليه تفاصيل عملية التجنيد والنشاط المكثف للحوثيين في القرن الأفريقي وبالذات في جيبوتي وإثيوبيا، ويقول إنه كان يعمل في جيبوتي عندما جاء إليه ممثل عن الحوثيين يدعى محمد علي موسى يتولى عملية إرسال أبناء من قبيلة «العفر» إلى مناطق سيطرة الجماعة في سواحل محافظة الحديدة على البحر الأحمر.

الحوثيون حوَّلوا القرن الأفريقي إلى مركز للتوسع وتهريب الأسلحة (تلفزيون الجمهورية)

ووفق هذه الإفادة، فإنه التقى مندوب الحوثيين في جيبوتي، وعرض عليه السفر إلى مناطق سيطرتهم ضمن 9 آخرين، وأنهم استقلوا قارباً يقوده أحد الحوثيين ويدعى أبو يحيى، وأوصلهم إلى سواحل محافظة الحديدة، وكان في استقبالهم شخص آخر من قبيلة العفر كان يعمل منسقاً للتمدد الحوثي في القرن الأفريقي ويدعى محمد علوسان ومعه مندوبان عن الجماعة الحوثية أحدهما يدعى أبو ياسين والآخر أبو الكرار.

وأضاف الرجل في اعترافاته أنهم نُقلوا إلى أحد البيوت في مدينة الحديدة لمدة أسبوع، وبعد ذلك تم نقلهم إلى منطقة في شمال مدينة الحديدة قريبة من البحر.

تعبئة طائفية

يَذْكر يعيدي في اعترافاته أنه ومَن معه استمروا في الموقع الجديد شمال الحديدة شهرين، كانوا خلالها يتلقون محاضرات طائفية على يد أحد عناصر الحوثيين، وتتركز على ما يُعْرف بملازم حسين الحوثي، وهي مجموعة من الخطب التي كان مؤسس الجماعة يلقيها على أتباعه في محافظة صعدة قبل الإعلان التمرد على السلطة المركزية في منتصف عام 2004 ومصرعه في نهاية العام.

كما عرض المدربون عليهم مقاطع للحروب التي شنوها ضد القوات الحكومية وصولاً إلى التمرد على الشرعية والحرب التي فجروها عام 2014 والتي لم تتوقف رسمياً حتى الآن.

بعد هذه الدورة المطولة، يتحدث يعيدي عن إعادتهم إلى حي الربصة في مدينة الحديدة لعدة أيام ومن ثم نقلهم إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية المغتصبة من الحوثيين، وهناك نُقلوا إلى أحد البيوت السرية، حيث كان الحوثيون يغلقون عليهم الباب من الخارج ولا يُفْتح إلا عند إحضار الطعام.

جزء من المعدات العسكرية المهربة إلى الحوثيين عبر جيبوتي (تلفزيون الجمهورية)

ويضيف أنه لم يكن يسمح لهم بالخروج إلى أي مكان أو اللقاء بأي شخص حيث كانوا ينقلون من مكان إقامتهم إلى سيارات معتمة النوافذ، وتتم إعادتهم بنفس الطريقة، طوال فترة الدورة التدريبية الجديدة التي استمرت 3 أسابيع، وكرست للترويج لمعتقدات الحوثيين وتسفيه معتقدات قبيلة العفر.

وأوضح في أقواله أنه ومن معه أكدوا صعوبة نشر هذه الأفكار المذهبية في قبيلتهم؛ لأنها ستؤدي إلى صراع في المجتمع لأن السكان يعتنقون المذهب السُّنّي ويمارسون الطقوس الصوفية، إلا أن المشرفين الحوثيين ذهبوا نحو تقديم مقاطع مصورة تقدس من يصفونهم بأنهم علماء يعتقدون نفس مذهبهم، وشرحوا أن هؤلاء على الحق بخلاف المذاهب الأخرى، وطلبوا منهم الترويج لذلك في أوساط قبيلتهم.

ووفق ما جاء في تلك الأقوال، فإن الحوثيين بعد أن تأكدت لهم صعوبة التغيير المذهبي في القرن الأفريقي، وفي مسعى لتجاوز هذه النقطة اقترحوا على المتدربين العمل على إرسال أطفال من قبيلة العفر إلى اليمن لإلحاقهم بدورات تغيير مذهبي لأنهم سيكونون أكثر تقبلاً للتغيير المذهبي والأفكار التي يطرحونها.

وعود إيرانية

وبعد انتهاء الدورة الثانية، وفق ما يقوله يعيدي، تمت إعادة المجموعة إلى مدينة الحديدة، وكان في استقبالهم محمد علوسان ومعه محمد علي موسى، حيث يقوم الأخير بالذهاب عبر البحر إلى جيبوتي ومنها إلى إثيوبيا، ويتواصل مع أفراد في قبيلة العفر، ويقوم بنقلهم إلى الحديدة، في حين يتولى الأول استقبالهم عند وصولهم اليمن وتسليمهم إلى الحوثيين، في عملية تظهر أن علوسان يتولى عملية التنسيق والتواصل مع الأشخاص مسبقاً، وقبل ذهاب القيادي الحوثي لإحضارهم.

منظومة لرصد السفن كانت ضمن المعدات المهربة للحوثيين (تلفزيون الجمهورية)

ويورد الرجل في إفادته أن علوسان أبلغهم قبل الوداع في الحديدة أنه يجب عليهم الذهاب إلى القبيلة وإرسال مجموعات أخرى للتدريب؛ لأن الفرصة مواتية لقبيلة العفر بوجود استعداد إيراني لدعمهم مالياً وعسكرياً للاستقلال عن سلطة الدول الثلاث، كما دعمت «حزب الله» اللبناني والجماعة الحوثية في اليمن. وأنهم سيكونون قوة كبيرة وفاعلة على ساحل البحر الأحمر.

وينقل عن الرجل القول إنه اتفق مع الحوثيين على إنشاء معسكرات آمنة لتدريب مقاتلي العفر وإرسال الذكور كباراً وصغاراً إلى اليمن للتدريب على القتال في البر والبحر، قبل القيام بأي عمليات، وذكر أنه ومن معه عادوا من اليمن إلى جيبوتي، وحصل على مبلغ 500 دولار عن كل شخص تم إرساله.

وكانت قوات خفر السواحل اليمنية بقطاع البحر الأحمر، بالتنسيق مع شعبة الاستخبارات في القوات التي يقودها طارق صالح، ضبطت أخيراً شحنة أسلحة نوعية قادمة من إيران إلى الحوثيين عبر ميناء جيبوتي إلى ميناء الصليف بمحافظة الحديدة، وفق ما أفاد به الإعلام العسكري لتلك القوات.