مئات يتظاهرون في بيروت بعد سنة من انطلاق حراكهم ضد السلطة

مجموعة من المتظاهرين في بيروت (أ.ف.ب)
مجموعة من المتظاهرين في بيروت (أ.ف.ب)
TT

مئات يتظاهرون في بيروت بعد سنة من انطلاق حراكهم ضد السلطة

مجموعة من المتظاهرين في بيروت (أ.ف.ب)
مجموعة من المتظاهرين في بيروت (أ.ف.ب)

شارك مئات اللبنانيين، اليوم (السبت)، في مسيرة جابت شوارع بيروت وصولاً إلى المرفأ، إحياء لمرور عام على انطلاق تظاهرات شعبية مناوئة للسلطة ومطالبة برحيلها، في وقت تتخبّط البلاد في أسوأ أزماتها الاقتصادية والسياسية.
وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، توافد المتظاهرون إلى وسط بيروت، وحمل بعضهم الأعلام اللبنانية ولافتات عليها شعارات عدة بينها «17 تشرين ليست ذكرى، إنها قصة مواجهة بين سلطة فاسدة وشعب». كما رفعت لافتة كبيرة تحمل صور النواب وتطالب باستقالتهم فوراً.
وانطلق المتظاهرون الذين توافدوا من مناطق عدة إلى ساحة الشهداء التي شكّلت أبرز ساحات التظاهر قبل عام، باتجاه مصرف لبنان ثم وزارة الداخلية وصولاً إلى مرفأ بيروت، حيث أسقط انفجار في الرابع من أغسطس (آب) أكثر من مائتي قتيل وآلاف الجرحى وألحق أضراراً جسيمة بعدد من أحياء العاصمة والنشاط الاقتصادي.
وعند لحظة دوي انفجار المرفأ، أضيئت شعلة في مجسم معدني تم تصميمه خصيصاً للمناسبة يحمل عبارة «ثورة 17 تشرين» على وقع هتافات «ثورة... ثورة».
وقال سامي صعب، أحد المنظمين، في كلمة أمام المتظاهرين: «في 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2020، صارت الشرارة شعلة لن تنطفئ، مستمرون حتى آخر نفس».
وعلى هامش مشاركته في التظاهرة، قال عبد صباغ (70 عاماً): «نحن منذ عام في الشارع، نرفع مطالب معيشية وحياتية واقتصادية، ولم يتغيّر شيء حتى الآن». وأضاف: «مطلبنا تغيير الطبقة السياسية الفاسدة التي ما زالت تتناحر على الحصص والمناصب والكراسي وما زال فسادها حاضراً في الدولة».
وفي 17 أكتوبر 2019، شكّلت محاولة الحكومة فرض رسم مالي على خدمة الاتصالات المجانية عبر تطبيق «واتساب» الشرارة التي أطلقت أول التحركات.
وخرج مئات آلاف اللبنانيين إلى شوارع بيروت والجنوب والشمال والبقاع في تظاهرات غير مسبوقة تخطت الانتماءات الطائفية والحزبية.
ورفع المتظاهرون صوتهم عالياً في وجه الطبقة السياسية مجتمعة وطالبوا برحيلها متهمينها بالفساد وعدم المبالاة، وحمّلوها مسؤولية تردي الوضع الاقتصادي وضيق الأحوال المعيشية.
ومنذ ذلك التاريخ، شهد لبنان أزمات متتالية من انهيار اقتصادي متسارع فاقم معدلات الفقر، إلى قيود مصرفية مشدّدة على أموال المودعين، وتفشّي وباء كوفيد - 19 وأخيراً انفجار مرفأ بيروت المروع.
وتحت ضغط الشارع، قدّم رئيس الحكومة حينها سعد الحريري استقالته، وفي يناير (كانون الثاني)، شكلت حكومة جديدة برئاسة حسان دياب، بدعم من «حزب الله» وحلفائه الذين سمّوا وزراء اختصاصيين من خارج الطبقة السياسية.
وتراجع زخم التحركات الشعبيّة مع تشكيل الحكومة، ثمّ تفشي فيروس «كورونا» المستجد وتدابير الإغلاق العام، عدا عن قمع قوى الأمن للمتظاهرين.
وأدى انفجار مرفأ بيروت، الذي عزته السلطات إلى تخزين كميات هائلة من نيترات الأمونيوم، إلى تأجيج غضب الشارع مجدداً الذي اتهم الطبقة السياسية بالإهمال. فخرجت تظاهرات حاشدة، تخللها أعمال شغب واستهداف متظاهرين بشكل متعمّد، وفق ما وثّقت منظمات حقوقية عدة وقدم دياب استقالته في 10 أغسطس.
وفشلت القوى السياسية الشهر الماضي في ترجمة تعهد قطعته أمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بتشكيل حكومة يرأسها مصطفى أديب في مهلة أسبوعين، وفق خارطة طريق فرنسية نصت على تشكيل حكومة «بمهمة محددة» تنكب على إجراء إصلاحات ملحة للحصول على دعم المجتمع الدولي.
وإثر اعتذار أديب، منح ماكرون في 27 سبتمبر (أيلول) القوى السياسية مهلة جديدة من «أربعة إلى ستة أسابيع» لتشكيل حكومة، متهماً الطبقة السياسية التي فشلت في تسهيل التأليف بـ«خيانة جماعية».
وأرجأ رئيس الجمهورية ميشال عون الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس حكومة إلى الأسبوع المقبل، في وقت يبدو أن الحريري الذي قاد اتصالات كثيفة لتسميته خلال هذا الأسبوع، يحظى بغالبية تمكّنه من تولي مهمة تشكيل الحكومة، في خطوة تثير غضب محتجين مناوئين للسلطة وبعض القوى السياسية.
وأمام الأزمات المتتالية والجمود السياسي، اعتبر المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش في بيان أمس (الجمعة) أنّ «مظلومية واحتياجات اللبنانيين المشروعة ذهبت أدراج الرياح خلال عامٍ مروع». وقال إنّ «الإصلاحات التي يحتاجها لبنان معروفة. لقد التزمت النخب السياسية الحاكمة مراراً وتكراراً بتنفيذها، دون الوفاء بتعهداتها، الأمر الذي يرسخ الوضع الراهن والشلل».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.