هدنة في العراق على جبهة الصواريخ... وخلافات حول الانتخابات والإصلاحات

مع الجدل حول جدوى «الورقة البيضاء» للإصلاح الاقتصادي وتوقيتها

هدنة في العراق على جبهة الصواريخ... وخلافات حول الانتخابات والإصلاحات
TT

هدنة في العراق على جبهة الصواريخ... وخلافات حول الانتخابات والإصلاحات

هدنة في العراق على جبهة الصواريخ... وخلافات حول الانتخابات والإصلاحات

فجأة توقفت صواريخ «الكاتيوشا» التي كانت تتساقط على محيط السفارة الأميركية بـ«المنطقة الخضراء» في قلب العاصمة العراقية بغداد بعد إعلان الفصائل المسلحة هدنة مشروطة. ومعها توقفت المساعي الخاصة التي تبذلها الحكومة العراقية مع واشنطن بشأن قرارها المبدئي غلق السفارة في بغداد حتى إشعار آخر. هذا الإشعار الآخر مرهون أولاً بنتائج الانتخابات الأميركية في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وثانياً بمدى ما يمكن أن تحرزه الحكومة العراقية من تقدم على صعيد جدولة الانسحاب الأميركي من العراق.
الهدنة دخلت بالفعل حيز التنفيذ عقب إعلان بعد إعلان «كتائب حزب الله» في العراق موافقة فصائل المقاومة كافة على «هدنة» نتيجة تهديد الولايات المتحدة بإغلاق مقر السفارة الأميركية في بغداد. وبعد بيان عما يسمّى «تنسيقيات الفصائل المسلحة» الذي أشار إلى هدنة مشروطة، أعلنت «كتائب حزب الله» عن تبنيها هذه الهدنة.

في تصريحات نقلتها وكالة «رويترز»، قال محمد محيي، الناطق الرسمي باسم «كتائب حزب الله» في العراق، إن «فصائل المقاومة المسلحة وافقت على تعليق الهجمات الصاروخية على القوات الأميركية بشرط أن تقدم الحكومة العراقية جدولاً زمنياً لانسحاب القوات الأجنبية بما فيها الأميركية». وأوضح محيي، أن «الفصائل قدمت وقفاً مشروطاً لإطلاق النار»، مؤكداً أن «الاتفاق يشمل جميع فصائل المقاومة (المناهضة للولايات المتحدة)، بما في ذلك أولئك الذين كانوا يستهدفون القوات الأميركية». وفي حين لم يشر المتحدث باسم «الكتائب» إلى العمليات التي تتعرض لها أرتال التحالف الدولي، وهل هي مشمولة بالاتفاق أم لا، أشار إلى أن «التهديدات الأميركية بإغلاق السفارة جعلت الأمور معقدة جداً في العراق واستدعت تهدئة التوترات».
تأتي هذه الهدنة بعد أيام من وقوع آخر صاروخ «كاتيوشا» على منطقة سكنية في منطقة الجادرية، وبالذات خلف فندق «بابل» المواجهة للسفارة الأميركية في الضفة الثانية من نهر دجلة، بينما لم يطلق أي صاروخ منذ نحو أسبوعين على محيط السفارة الأميركية بشكل مباشر، في أعقاب التهديد الأميركي بغلق السفارة الذي كان نقله وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو إلى الرئيس العراقي برهم صالح.
- هدنة سياسية
الهدنة التي أعلنتها الفصائل المسلحة أعادت، على ما يبدو، تنظيم العلاقة بين بغداد والتحالف الدولي، بما في ذلك التكتيك الخاص بمحاربة الإرهاب أو حماية البعثات الأجنبية.
اللواء تحسين الخفاجي، الناطق الرسمي باسم قيادة العمليات المشتركة، كان أعلن أخيراً أن «هنالك تغييراً في الخطط الأمنية لملاحقة المجاميع الإرهابية». وأضاف في بيان صحافي، أن «التحالف الدولي ملتزم بالانسحاب وفق جدولٍ زمني، ولديه التزامات تجاهنا بالتدريب ومكافحة الإرهاب». وأوضح الخفاجي، أن «قيادة العمليات عملت على تغيير عمليات تكتيكها للقطعات وانتقالها وتحركاتها، فضلاً عن تكثيف الجهد الاستخباري، لملاحقة المجاميع الإرهابية، وحماية البعثات الدبلوماسية». وشدد على «عدم السماح لأن يكون العراق بمفرده، بمعزل عن دول العالم، ولن يكون ساحة للتصفيات، أو ساحة للاعتداء على البعثات». ثم أشار إلى أن «هناك جدولاً زمنياً للتحالف الدولي يلزمهم بتسليم الكثير من المواقع، وهذا ما حصل. إذ سلمت الكثير من الأماكن والمعسكرات، فضلاً عن انسحاب الكثير من الخبراء والمقاتلين قبل المدة المقررة، بسبب جائحة (كوفيد – 19)».
حول ما إذا كانت جدولة الانسحاب من قبل التحالف الدولي تتوقف على طبيعة الهدنة التي أعلنتها الفصائل المسلحة، أكد اللواء الركن المتقاعد عماد علو، المستشار في المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب، لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه المسألة التي تتعلق بجدولة انسحاب التحالف الدولي جاءت بعد البيان الذي أصدرته اللجنة التنسيقية للمقاومة الإسلامية. وهي لجنة تمثل الفصائل التي ادعت مسؤوليتها عن القصف على السفارة الأميركية والبعثات الأجنبية والمنطقة الخضراء، والذي هددت بموجبه باستمرار عمليات القصف في حال عدم وجود جدية في عملية الانسحاب عبر جدول زمني متفق عليه مع الحكومة العراقية».
وأضاف اللواء الركن علو، أن «هناك على ما يبدو هدنة في ضوء جهد سياسي بذل خلال الفترة الماضية، من قبل بعثة الأمم المتحدة في العراق وعدد من السياسيين، في التحرك على الأطراف ذات العلاقة، سواء كان السفراء الأجانب أم رئيس أركان هيئة الحشد الشعبي (أبو فدك)، فضلاً عن زيارة مرتقبة لممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت إلى طهران».
- مصلحة استراتيجية
ورداً على سؤال بشأن استمرار التنسيق بين العراق والتحالف الدولي، يقول اللواء الركن علو، إن «من المصلحة الاستراتيجية استمرار هذا التنسيق في هذه المرحلة والمستقبل المنظور، سواءً كان على المستوى السياسي والعسكري والأمني من أجل مواجهة التحديات التي لا يزال يمثلها الإرهاب... بالإضافة إلى حاجة القوات المسلحة العراقية إلى التسليح والتجهيز، لا سيما أن القوات العراقية تحولت إلى العقيدة العسكرية الغربية بعدما كان تسليحها يستند إلى العقيدة الشرقية».
أما الدكتور حسين علاوي، أستاذ الأمن الوطني، فيقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «الاستهداف مستمر؛ لأن هنالك تحولات كبيرة تجري في جسد انتقال الدولة من النشوء إلى الاستقرار، وأن تكون حكومة تكميلية تلتزم بالمنهاج الوزاري وتعمل على خلق مناخ التعافي من جائحة (كوفيد – 19) وانهيار الاقتصاد نتيجة انخفاض أسعار النفط والتفهم الكبير للشارع العراقي لنهج الحكومة وحجم المشاكل، بالإضافة إلى رؤية الإسناد العميقة لبرنامج الانتقال نحو الدولة المستقرة المدنية».
وتابع أن «الدعم الذي حظي به الكاظمي من قبل المرجعية الدينية العليا في إدارة الدولة والسير في برنامج الحكومة، لن يروق للجماعات المسلحة الخاصة والقوى السياسية التي تراقب انتقال السلطة للمجتمع، حيث يكون المواطن العراقي فاعلاً في المعادلة السياسية بعد تغييب طويل».
وأوضح علاوي، أن «انتقال العراق نحو الدولة لن يعطي المجال للتشويش والفوضى التي نزف العراق نتيجتها شباباً وفرصاً اقتصادية كبيرة»، مبيناً أن «الكاظمي يسير بخطى جيدة. والدليل على ذلك عمليات التحرر الإداري في الاختيار، رغم أن القوى السياسية اتهمت الحكومة بشتى الاتهامات، بحيث جعلت الشارع يستغرب ما تقوم به هذه القوى، حيث إنها تحول دون استكمال كيان الحكومة الإداري والوظيفي في الهيئات المستقلة والدرجات الخاصة التي كانت تدار بالوكالة». ثم أشار إلى «أننا نحتاج الآن إلى حوار سياسي معمق للسلاح خارج الدولة؛ لأنه سلاح قد خرج حتى عن قواعد العمل الذي يهدف إليه، سواء بمزاحمة عمل حكومة الكاظمي أو التأثير في قناعات الدول الصديقة للعراق للخروج منه... وهي تعمل وفقاً لاتفاقيات حكومية أبرمتها الحكومات السابقة وتعمل حكومة الكاظمي على تنظيمها في ضوء السيادة العراقية والمصالح الوطنية العليا». وأكد أنه «من دون حوار عراقي - عراقي لن تنتهي عمليات استهداف المنطقة الخضراء أو المواقع السيادية والقواعد العسكرية العراقية؛ لأن فيها رسائل سياسية مرتبطة بالصراع الأميركي - الإيراني الذي يسعى الكاظمي إلى إبعاد العراق عنه، لا سيما، بعد جدولة الوجود الاستشاري الأميركي خلال مباحثات الحوار الاستراتيجي الأول والثاني هذا العام مع الولايات المتحدة ضمن اتفاقية الإطار الاستراتيجي».
- حروب المفتوحة
وحقاً، بعد نحو خمسة أشهر على تسلمه مقاليد منصبه رئيساً للوزراء يجد مصطفى الكاظمي نفسه دائماً في مواجهة مفتوحة مع الكثير من القوى والكتل السياسية التي تريد منه تنفيذ ما وعد به من برنامج حكومي وإصلاحات شريطة ألا يتحرش بها.
الوعود التي حظي بها لدعمه من قبل القوى المتنفذة بدأت تتبخر شيئاً فشيئاً، لا سيما على صعيد الملفات الكبرى مثل حصر السلاح بيد الدولة أو مكافحة الفساد. فعلى صعيد مواجهة السلاح الموصوف بالمنفلت بالعراق، خاض الكاظمي معركة مبكرة بعد فترة قصيرة من توليه منصبه، لكنها لم تكن متكافئة بسبب عدم وقوف القوى التي كان يراهن عليها في تطبيق القانون معه. وبينما بدا أنه أجل معركته مع جماعات السلاح المنفلت، بمن في ذلك الفصائل المسلحة، فإن التطورات اللاحقة نقلت معركة السلاح، بصورة مباشرة، بين الفصائل المسلحة من جهة والولايات المتحدة الأميركية من جهة أخرى. إذ هددت الأخيرة بغلق سفارتها في بغداد في حال لم تتمكن الحكومة العراقية من حماية البعثات الدبلوماسية.
قبل اندلاع هذه المعركة المفتوحة، التي انتهت إلى هدنة مشروطة، فإن الكاظمي قام بزيارتين لكل من إيران والولايات المتحدة بدا أنه في حاجة إليهما في مواجهة الرافضين النفوذ الإيراني من جهة، والمؤيدين النفوذ الأميركي وبالعكس. وأهم ما في الزيارتين أنه حظي بدعم من كل من طهران وواشنطن، وهو ما قد يكون انعكس لاحقاً على الهدنة بين واشنطن والفصائل. وهي هدنة صبّت في مصلحة الكاظمي، وخصوصاً، أن إيران - طبقاً لكل المعلومات والاستنتاجات - كانت قد دخلت على خط إقناع تلك الفصائل بالكف عن استهداف السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء ببغداد.
وبين مساعي الكاظمي لتطويق أزمة السلاح خارج إطار الدولة، والمضي في المباحثات مع واشنطن لجهة جدولة انسحاب القوات الأميركية من العراق، فإنه يسعى إلى حسم أهم فقرة في برنامجه الحكومي... ألا وهي الانتخابات المبكرة. ومع نجاح الكاظمي في نقل معركة الانتخابات إلى داخل القوى السياسية، التي لا تزال عاجزة عن حسم القانون الانتخابي، فإنه فتح معركة أخرى مع القوى نفسها، وهي محاربة الفساد والبدء بإجراءات عملية على هذا الصعيد هي الأولى من نوعها بعد عام 2003.
- ورقة بيضاء على قماشة سوداء
مع أن معركة الانتخابات ما زالت مستمرة بشأن الدوائر المتعددة والتصويت الفردي، ومع استمرار معركة الفساد - حيث يقبع خلف القضبان عدد كبير من المسؤولين، وينتظر صدور قوائم أخرى - قدم الكاظمي ما أسماه «الورقة البيضاء للإصلاح الاقتصادي» في البلاد.
خلال الأشهر الماضية عانت الحكومة العراقية أزمة حادة على صعيد العجز عن دفع مرتبات الموظفين في العراق البالغ عددهم أكثر من 6 ملايين موظف ومتقاعد. وكان السبب المعلن انخفاض أسعار النفط، واعتماد العراق على النفط مورداً رئيسياً من موارد الدخل القومي. ومع أن هذا الخلل لا تتحمله حكومة الكاظمي، بل يعود إلى سنوات ما بعد عام 2003، حيث تتحمله كل الحكومات الماضية التي تشكلت بعد سقوط نظام صدام حسين، فإن الكاظمي قدم ورقة إصلاحية فاجأت الطبقة السياسية العراقية. وحقاً تباينت آراء هذه الطبقة من الورقة التي أسماها وزير المالية العراقي علي عبد الأمير علاوي «الورقة البيضاء»... التي بدت أنها تواجه قماشة سوداء من المشاكل والأزمات والمُناكفات.
«ورقة» الكاظمي تضمنت إصلاحات، بعضها جوهرية للواقع الاقتصادي للبلاد في ظل تفشي الفساد في كل مرافق الدولة ومؤسساتها. وهو ما أدى إلى ارتفاع أصوات هنا وهناك بشأن مدى إمكانية تحقيق مثل هذه الإصلاحات في غضون سنة ونصف السنة من عمر الحكومة، أو مدى صلاحيتها في التنفيذ بينما هي حكومة انتقالية مهمتها محصورة بالإعداد للانتخابات وإعادة هيبة الدولة. لكن واقع الحال يشير إلى أن الطبقة السياسية، التي بات همّها الوحيد المحافظة على مكاسبها وأوزانها السياسية والانتخابية، هي التي تعرقل حتى الآن قانون الانتخابات تحت مبررات شتى. وهي نفسها التي تضع العراقيل أمام الحكومة بهدف منع إعادة هيبة الدولة.
الكاظمي أثناء حديثه عن ورقته الإصلاحية أكد أن حكومته تواجه «ضغوطاً وعراقيل»، واعتبر «الورقة البيضاء بداية الإصلاح الاقتصادي». وفي هذا السياق، يقول عضو البرلمان عبد الله الخربيط، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المطلوب عمله من قبل الكاظمي كثير جداً في حال أراد تحقيق الإصلاح الحقيقي في البلاد. والبداية يجب أن تكون في الشركات العامة التي يجب أن تصفى تماماً؛ لأن مصانعها الـ400 كلها فاشلة، والشركات العامة كلها خسرانة. والرابح منها يربح بابتزاز الناس أو باستخدام الإعفاءات التي تتمتع بها الشركات الحكومية التي لا تدفع ضرائب... بينما تأخذ هي ضريبة من المواطن فتعد نفسها رابحة، في حين أن الأمر ليس كذلك».
وأضاف الخربيط، أن «الأهم بالنسبة للكاظمي هو التخلص من الهيكل الإداري الفاشل. إذ ينبغي تحطيمه أولاً لكي يتحقق الإصلاح المطلوب». ثم استطرد مبيناً، أن «تغيير الهيكل لا الأشخاص هو ما يجب عمله». وأشار إلى أن «الدستور العراقي ينص على أن العراق يعتمد اقتصاد السوق؛ بينما العقلية التي تتحكم هي العقلية الاشتراكية التي أثبتت فشلها».
بين هذا وذاك، لا يلوح في الأفق على الأقل في المدى المنظور أن الطبقة السياسية العراقية الحالية قادرة على أن تنتقل بالعراق إلى مرحلة جديدة بسبب عمق مشاكلها وأزماتها والخلافات البينية بين أطرافها. أضف إلى ذلك الصراع المحتدم بينها وبين الشارع، لا سيما، مع انتظار - بعد نحو عشرة أيام - تجدد المظاهرات الجماهيرية الكبرى بعد مرور سنة على اندلاعها في الخامس والعشرين من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2019. وبسبب عجز الطبقة السياسية عن حسم ملف الانتخابات الذي تراهن عليه الجماهير المنتفضة، فإن باب المفاجآت سيظل مفتوحاً على كل الاحتمالات، بما فيها بدء مواجهة قد تكون واسعة النطاق بين جماعة الحراك الشعبي وبين بعض القوى والأحزاب السياسية في البلاد.


مقالات ذات صلة

هواجس متفاوتة لدول «حوض المحيطين الهندي والهادئ» إزاء عودة ترمب

حصاد الأسبوع من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)

هواجس متفاوتة لدول «حوض المحيطين الهندي والهادئ» إزاء عودة ترمب

يأتي فوز دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية وعودته الوشيكة إلى البيت الأبيض يوم يناير (كانون الثاني) 2025 نقطة تحوّل مهمة وسط اضطرابات غير عادية في

براكريتي غوبتا (نيودلهي)
حصاد الأسبوع دوما بوكو

دوما بوكو... رئيس بوتسوانا «العنيد» يواجه تحديات «البطالة والتمرد»

لا يختلف متابعو ملفات انتقال السلطة في أفريقيا، على أن العناد مفتاح سحري لشخصية المحامي والحقوقي اليساري دوما بوكو (54 سنة)، الذي أصبح رئيساً لبوتسوانا،

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
حصاد الأسبوع بوتسوانا... «ماسة أفريقيا» الباحثة عن استعادة بريقها

بوتسوانا... «ماسة أفريقيا» الباحثة عن استعادة بريقها

خطفت بوتسوانا (بتشوانالاند سابقاً) أنظار العالم منذ أشهر باكتشاف ثاني أكبر ماسة في العالم، بيد أن أنظار المراقبين تخاطفت الإعجاب مبكراً بتلك الدولة الأفريقية

«الشرق الأوسط» ( القاهرة)
حصاد الأسبوع الرئيس التونسي قيس سعيّد (رويترز)

الإعتبارات العسكرية والأمنية تتصدر المشهد في تونس

ضاعف الرئيس التونسي قيس سعيّد فور أداء اليمين بمناسبة انتخابه لعهدة ثانية، الاهتمام بالملفات الأمنية والعسكرية الداخلية والخارجية والتحذير من «المخاطر

كمال بن يونس (تونس)
حصاد الأسبوع جنود فرنسيون  في مالي (سلاح الجو الأميركي)

إضاءة على تراجع تأثير سياسة فرنسا الخارجية

بعد عقود من الحضور القوي للدبلوماسية الفرنسية في العالم، ورؤية استراتيجية وُصفت «بالتميز» و«الانفرادية»، بدأ الحديث عن تراجع في النفوذ

أنيسة مخالدي (باريس)

شيغيرو إيشيبا... رئيس وزراء اليابان الجديد يعدّ العدة لتجاوز الهزيمة الانتخابية الأخيرة

إيشيبا
إيشيبا
TT

شيغيرو إيشيبا... رئيس وزراء اليابان الجديد يعدّ العدة لتجاوز الهزيمة الانتخابية الأخيرة

إيشيبا
إيشيبا

الأحداث المتلاحقة والمتسارعة في اليابان شرعت أخيراً الأبواب على كل الاحتمالات، ولا سيما في أعقاب حدوث الهزيمة الانتخابية التي كانت مرتقبة للحزب الديمقراطي الحر الحاكم. هذه الهزيمة جاءت إثر تبديل «استباقي» في زعامة الحزب المحافظ - المهيمن على السلطة في اليابان معظم الفترة منذ الخمسينات - في أعقاب قرار رئيس الحكومة السابق فوميو كيشيدا الاستقالة (حزبياً ومن ثم حكومياً) في أعقاب التراجع الكبير في شعبية الحزب، وتولّي غريمه الحزبي الأبرز شيغيرو إيشيبا المنصبَين. ومن ثم، دعا إيشيبا بنهاية سبتمبر (أيلول) الماضي إلى إجراء انتخابات عامة عاجلة ومبكّرة يوم 27 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عن إجراء انتخابات عاجلة، انتهت بفقدان الائتلاف الحاكم المكوّن من الديمقراطيين الأحرار وحليفه حزب «كوميتو» الغالبية البرلمانية.

ألحق الناخبون اليابانيون الأحد الماضي هزيمة مؤلمة بالحزب الديمقراطي الحر، الذي هيمن مع استثناءات قليلة على حكم البلاد منذ عام 1955، وكانت هزيمته الأخيرة الأولى له التي تفقده الغالبية المطلقة في مجلس النواب منذ 15 سنة. وهنا، يتفق المراقبون على أن الحزب المحافظ والكبير النفوذ إنما حصد نقمة الشارع وغضبه بسبب التضخم المتصاعد والتباطؤ الاقتصادي وضعف قيمة العملة الوطنية «الين»، ناهيك من الفضائح المالية التي تورّطت بها قيادات حزبية، وصلات بعض الأعضاء بـ«كنيسة التوحيد» (الحركة المونية). وهكذا أخفق الحزب مع حليفه الصغير في جمع ما هو أكثر من 215 مقعداً من أصل 465 في حين كانت الغالبية المطلقة تحتاج إلى 233 مقعداً.

نكسة مبكرة للزعيم الجديد

هذه الهزيمة المريرة شكّلت أيضاً نكسة كبرى ومبكرة لزعيم الحزب ورئيس الوزراء الجديد شيغيرو إيشيبا، الذي أخفق رهانه بامتصاص النقمة الشعبية وترسيخ موقعه عبر الانتخابات المبكّرة.

وحقاً، أعلن إيشيبا في أول تعليق له على النتيجة نقلته شبكة «سي إن إن» الأميركية، أن الناخبين «أصدروا حكماً قاسياً» بحق حزبه الذي عليه أن «يأخذه بجدية وامتثال». لكنه أردف أنه لا يعتزم التنحي من رئاسة الحكومة، موضحاً «بالنسبة لي، فإنني سأعود إلى نقطة البداية، وأسعى للدفع قدماً بتغييرات داخل هيكل الحزب، وتغييرات أخرى أعمق لمواجهة الوضع السياسي». وفي حين ذكر إيشيبا أنه ليس لدى الحزب أي فكرة جاهزة لتحالف جديد فإن كل سياسات الحزب ستكون مطروحة على بساط البحث.

بطاقة هوية

وُلد شيغيرو إيشيبا يوم 4 فبراير (شباط) 1957 لعائلة سياسية مرموقة، مثله في ذلك الكثير من ساسة الحزب الديمقراطي الحر. إذ إن والده جيرو إيشيبا كان محافظاً لإقليم توتوري، الريفي القليل السكان بجنوب غرب اليابان، بين عامي 1958 و1974، قبل أن تُسند إليه حقيبة وزارة الداخلية. من الناحية الدينية، رئيس الوزراء الحالي مسيحي بروتستانتي تلقى عمادته في سن الـ18 في توتوري، كما أن جد أمّه قسٌّ من روّاد المسيحية في اليابان.

تلقّى شيغيرو دراسته الجامعية وتخرّج مجازاً بالحقوق في جامعة كييو، إحدى أعرق جامعات اليابان الخاصة، ومقرها العاصمة طوكيو، وفيها التقى زوجته المستقبلية يوشيكو ناكامورا، وهما اليوم والدان لابنتين.

وبعد التخرّج توظّف في مصرف «ميتسوي»، قبل أن يسير على خُطى والده فيدخل ميدان السياسة بتشجيع من صديق والده ورئيس الوزراء الأسبق كاكوي تاناكا (1972 - 1974).

وبالفعل، انتُخب وهو في سن التاسعة والعشرين، عام 1986، نائباً عن الديمقراطيين الأحرار في البرلمان (مجلس النواب) عن دائرة توتوري الموسّعة حتى عام 1996، ثم عن دائرة توتوري الأولى منذ ذلك الحين وحتى اليوم. وعُرف عنه طوال هذه الفترة اهتمامه ودرايته بملفّي الزراعة والسياسة الدفاعية. وحقاً، خدم لفترة نائباً برلمانياً لوزير الزراعة في حكومة كييتشي ميازاوا.

مسيرة سياسية مثيرة

في واقع الأمر، لم تخلُ مسيرة شيغيرو إيشيبا السياسية من الإثارة؛ إذ تخللها ليس فقط الترّقي في سلّم المناصب باتجاه القمّة، بل شهدت أيضاً مواقف اعتراضية واستقلالية وضعته غير مرة في مسار تصادمي مع حزبه وحزب والده.

في عام 1993، خرج من صفوف حزبه الديمقراطي الحر ليلتحق بحزب «تجديد اليابان» الذي أسسته قيادات منشقة عن الحزب بقيادة تسوتومو هاتا (رئيس الوزراء عام 1994) وإيتشيرو أوزاوا (وزير داخلية سابق) حتى عام 1994. ثم انتقل إلى حزب «الحدود الجديدة» الذي أُسس نتيجة اندماج «تجديد اليابان» مع قوى أخرى، وفيه مكث بين 1994 و1996، وبعدها ظل نائباً مستقلاً إلى أن عاد إلى صفوف الديمقراطيين الأحرار ويستأنف ضمن إطار الحزب الكبير ترقّيه السياسي السريع ضمن قياداته.

في أعقاب العودة عام 1997، تبوّأ إيشيبا عدداً من المسؤوليات، بدأت بمنصب المدير العام لوكالة الدفاع – أي حقيبة وزير الدفاع منذ أواخر 2007 –. ولقد شغل إيشيبا منصب وزير الدفاع بين عامي 2007 و2008 في حكومتي جونيتشيرو كويزومي وياسوو فوكودا، ثم عُيّن وزيراً للزراعة والغابات والثروة السمكية في حكومة تارو آسو بين 2008 و2009. وكذلك، تولّى أيضاً منصب الأمين العام للحزب الديمقراطي الحر بين 2012 و2014.

مع الأخذ في الاعتبار هذه الخلفية، كان طبيعياً أن يدفع طموح إيشيبا الشخصي هذا السياسي الجريء إلى التوق لخوض التنافس على زعامة الحزب، وبالتالي، رئاسة الحكومة.

بالمناسبة، جرّب شيغيرو إيشيبا حظه في الزعامة مرّات عدة. وكانت المرة الأولى التي يرشح نفسه فيها عام 2008 إلا أنه في تلك المنافسة احتل المرتبة الخامسة بين المتنافسين. بعدها رشح نفسه عامي 2012 و2018، وفي المرتين كان غريمه رئيس الوزراء الأسبق الراحل شينزو آبي... «وريث» اثنتين من السلالات السياسية اليابانية البارزة، والزعيم الذي شغل منصب رئاسة الحكومة لأطول فترة في تاريخ المنصب.

ثم في أعقاب استقالة آبي (الذي اغتيل عام 2022) لأسباب صحية عام 2020، رشّح إيشيبا نفسه، إلا أنه خسر هذه المرة وجاء ثالثاً، وذهبت الزعامة ورئاسة الحكومة ليوشيهيدي سوغا. وفي العام التالي، بعدما أحجم إيشيبا عن خوض المنافسة، فاز الزعيم ورئيس الحكومة السابق السابق فوميو كيشيدا. بيد أن الأخير قرّر في أغسطس (آب) أنه لن يسعى إلى التجديد الموعد المقرر في سبتمبر (أيلول). وهكذا، بات لا بد من الدعوة إلى إجراء انتخابات الزعامة الأخيرة التي فاز بها إيشيبا، متغلباً بفارق بسيط وفي الدورة الثانية على منافسته الوزيرة اليمينية المتشدّدة ساني تاكاييشي، التي كانت تصدرت دور التصويت الأولى. وهكذا، صار زعيماً للحزب الديمقراطي الحر ومرشحه لرئاسة الحكومة الرسمي، وعلى الأثر، اختاره مجلس النواب رئيساً للوزراء في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) المنصرم.

أفكاره ومواقفه

على الرغم من طول بقاء إيشيبا في قلب الحلبة السياسية، فإن طبيعته الاستقلالية، عقّدت أمام المحللين وضعه في خانة واضحة. فهو تارة يوصف بأنه وسطي ليبرالي، تارة أخرى يوصف بـ«الإصلاحي»، وفي أحيان كثيرة يُعرّف بأنه يميني محافظ، بل متشدد. ومما لا شك فيه، أن طبيعة تركيبة الحزب الديمقراطي الحرّ، القائمة على أجنحة تسمح بتعدّد الولاءات الشخصية وتوارثها داخل أروقة تلك الأجنحة، وهذا من دون أن ننسى أن بداية الحزب نفسه جاءت من اندماج حزبين محافظين هما الحزب الحر (الليبرالي) والحزب الديمقراطي الياباني عام 1955.

على المستوى الاجتماعي، أبدى إيشيبا مواقف متحررة في عدد من القضايا بما في ذلك تأييده شخصياً زواج المثليين، كما أنه من مؤيدي ترك الخيار لكل من الزوجين بالاحتفاظ بالاسم الأصلي قبل الزواج. أما على الصعيد الاقتصادي، وتأثراً بكونه ممثلاً لمنطقة ريفية قليلة السكان، فإنه أبدى ولا يزال اهتماماً كبيراً بالتناقص السكاني وضرورة الاهتمام بالاقتصاد الريفي؛ ما يعني العمل على تقليص الفوارق بين الحواضر الغنية والأرياف الفقيرة.

لم تخلُ مسيرة إيشيبا السياسية من الإثارة... إذ اتخذ مواقف اعتراضية واستقلالية

وضعته أكثر من مرة في مسار تصادمي مع حزبه

السياسة الدولية

في ميدان العلاقات الخارجية والسياسة الدولية، تُعرف عن إيشيبا مواقفه المتشددة المتوافقة مع أفكار التيار المحافظ داخل الحزب الحاكم، وبالأخص إزاء التصدي لخطر نظام كوريا الشمالية وقضية تايوان، حيث يقف بقوة بجانب نظامها الديمقراطي في وجه التهديد الصيني.

وفيما يتعلق بالعلاقات مع الولايات المتحدة، حليف اليابان الأكبر، رأى رئيس الوزراء الحالي قبل أشهر أن سبب إحجام واشنطن عن الدفاع هو أن أوكرانيا ليست عضواً في حلف دفاع مشترك مثل حلف شمال الأطلسي (ناتو). واستطراداً، في ربط الوضع الأوكراني بحالة تايوان، يعتبر إيشيبا أن تأسيس حلف أمني آسيوي خطوة ضرورية لردع أي هجوم صيني على تايوان، لا سيما في «التراجع النسبي» في القوة الأميركية.

وفي التصور الذي عبَّر عنه إيشيبا بـ«ناتو» آسيوي يواجه تهديدات روسيا والصين وكوريا الشمالية، يجب أن يضم الحلف العتيد دولاً غربية وشرقية منها فرنسا، وبريطانيا وألمانيا، وكذلك الهند، والفلبين، وكوريا الجنوبية، وأستراليا وكندا.

من جهة ثانية، تطرّق إيشيبا خلال الحملة الانتخابية إلى التحالف الأميركي - الياباني، الذي وصفه بأنه «غير متوازٍ» ويحتاج بالتالي إلى إعادة ضبط وتوازن. وكان في أول مكالمة هاتفية له بعد ترؤسه الحكومة اليابانية مع الرئيس الأميركي جو بايدن، أعرب عن رغبته في «تعزيز الحلف» من دون أن يعرض أي تفاصيل محددة بهذا الشأن، ومن دون التطرق إلى حرصه على إجراء تغييرات في الاتفاقيات الثنائية كي يتحقق التوازن المأمول منها.

التداعيات المحتملة للنكسة الانتخابية الأخيرة

في أي حال، نكسة الحزب الديمقراطي الحر في الانتخابات العامة الأخيرة تفرض على شيغيرو إيشيبا «سيناريو» جديداً ومعقّداً... يبداً من ضمان تشكيلة حكومة موسّعة تخلف حكومته الحالية، التي لا تحظى عملياً بتفويض شعبي كافٍ. وهذا يعني الانخراط بمساومات ومفاوضات مع القوى البرلمانية تهدف إلى تذليل العقبات أمامه.

المهمة ليست سهلة حتماً، لكن خبرة الساسة اليابانيين التقليديين في التفاوض والمساومات أثبت فعالياتها في مناسبات عدة، بما فيها الفضائح وانهيار التحالفات، وكانت دائماً تثمر عقد صفقات طارئة حتى مع القوى المناوئة.

شينزو آبي (آ. ب.)

 

حقائق

رؤساء وزارات اليابان منذ نهاية الحرب العالمية الثانية

في عام 1955، أي بعد مرور عقد من الزمن على هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية، التقى حزبان سياسيان يمينيان وتفاهما على الاندماج في حزب تحوّل ما يشبه الظاهرة في الأنظمة الديمقراطية في العالم.الحزبان المقصودان هما الحزب الحر (أو الحزب الليبرالي) والحزب الديمقراطي الياباني، ولقد نتج من هذا الاندماج الحزب الديمقراطي الحر، الذي هيمن على مقدرات السياسة اليابانية منذ ذلك الحين باستثناء خمس سنوات، فقط خسر فيها السلطة لقوى معارضة أو منشقة عنها. وطوال الفترة التي تقرب من 70 سنة خرج من قادة الحزب الكبير زعماء نافذون رسخوا الاستقرار ورعوا الاستمرارية وأسهموا، بالتالي، في تحقيق «المعجزة الاقتصادية» اليابانية المبهرة.وفيما يلي، أسماء رؤساء الحكومات التي تولت السلطة منذ منتصف الخمسينات:- الأمير ناروهيكو هيغاشيكوني (من الأسرة المالكة) 1945- البارون كوجيرو شيديهارا (مستقل) 1945 – 1946- شيغيرو يوشيدا (الحزب الحر) 1946 – 1947- تيتسو كاتاياما (الحزب الاشتراكي) 1947 – 1948- هيتوشي آشيدا (الحزب الديمقراطي) 1948- شيغيرو يوشيدا (الحزب الديمقراطي الليبرالي / الحزب الحر) 1948 – 1954- إيتشيرو هاتاياما (الحزب الديمقراطي الياباني / الحزب الديمقراطي الحر) 1954 – 1956- تانزان إيشيباشي (الحزب الديمقراطي الحر) 1956 – 1957- نوبوسوكي كيشي (الحزب الديمقراطي الحر) 1957 – 1960- هاياتو إيكيدا (الحزب الديمقراطي الحر) 1960 – 1964- إيساكو ساتو (الحزب الديمقراطي الحر) 1964 – 1972- كاكوي تاناكا (الحزب الديمقراطي الحر) 1972 – 1974- تاكيو ميكي (الحزب الديمقراطي الحر) 1974 – 1976- تاكيو فوكودا (الحزب الديمقراطي الحر) 1976 – 1978- ماسايوشي أوهيرا (الحزب الديمقراطي الحر) 1978 – 1980- زينكو سوزوكي (الحزب الديمقراطي الحر) 1980 – 1982- ياسوهيرو ناكاسوني (الحزب الديمقراطي الحر) 1982 – 1987- نوبورو تاكيشيتا (الحزب الديمقراطي الحر) 1987 – 1989- سوسوكي أونو (الحزب الديمقراطي الحر) 1989- توشيكي كايفو (الحزب الديمقراطي الحر) 1989 – 1991- كيئيتشي ميازاوا (الحزب الديمقراطي الحر) 1991 – 1993- موريهيرو هوسوكاوا (الحزب الياباني الجديد) 1993 – 1994- تسوتومو هاتا (حزب «تجديد اليابان») 1994- توميئيتشي موراياما (الحزب الاشتراكي) 1994 – 1996- ريوتارو هاشيموتو (الحزب الديمقراطي الحر) 1996 – 1998- كايزو أوبوتشي (الحزب الديمقراطي الحر) 1998 – 2000- يوشيرو موري (الحزب الديمقراطي الحر) 2000 – 2001- جونيتشيرو كويزومي (الحزب الديمقراطي الحر) 2001 – 2006- شينزو آبي (الحزب الديمقراطي الحر) 2006 – 2007- ياسوو فوكودا (الحزب الديمقراطي الحر) 2007 – 2008- تارو آسو (الحزب الديمقراطي الحر) 2008 – 2009- يوكيو هاتوياما (الحزب الديمقراطي الياباني) 2009 – 2010- ناوتو كان (الحزب الديمقراطي الياباني) 2010 – 2011- يوشيهيكو نودا (الحزب الديمقراطي الياباني) 2011 – 2012- شينزو آبي (الحزب الديمقراطي الحر) 2012 – 2020- يوشيهيدي سوغا (الحزب الديمقراطي الحر) 2020 – 2021- فوميو كيشيدا (الحزب الديمقراطي الحر) 2021 – 2024- شيغيرو إيشيبا (الحزب الديمقراطي الحر) 2024.....