خلاف عقاري في منطقة جبيل يأخذ طابعاً طائفياً

استقواء بصور نصر الله ورايات «حزب الله»

TT

خلاف عقاري في منطقة جبيل يأخذ طابعاً طائفياً

عاد النزاع العقاري في بلدة لاسا الواقعة (في جرود قضاء جبيل) بين سكانها الشيعة، والبطريركية المارونية، على خلفية قيام شخصين من سكان القرية بتركيز بيت جاهز في عقار تملكه المطرانية وضعت عليه رايات «حزب الله» وصور أمينه العام حسن نصر الله، ما دفع تكتل «الجمهورية القوية» (يضم نواب «القوات اللبنانية») إلى مطالبة «القوى الأمنية بإزالة المخالفة متحدثين عن استقواء بفائض القوة».
وتقع بلدة لاسا ضمن محيط أغلب سكانه مسيحيون، وللمطرانية المارونية فيها أملاك منذ سنوات طويلة، ويدور حولها نزاع مع أهالي القرية تعود جذوره إلى أيام السلطنة العثمانية، ومن ثمّ ترسّخ أيام الانتداب الفرنسي، إذ يعترض أهالي المنطقة على المسح الذي بدأه الفرنسيون، بحجة أنّ الانتداب أعطى أرجحية لجهة معينة على أساس طائفي، بينما تعتبر المطرانية أنّ المسح كان عادلاً.
ويقول الوزير السابق مروان شربل، الذي عمل على موضوع مسح الأراضي في البلدة، خلال توليه وزارة الداخلية، إنّه خلال عام 2013 «توصّل إلى حلّ جانب أساسي من المشكلة، التي كانت تتعلّق ببناء منازل على أراض معترف رسمياً أنها تابعة للمطرانية، ووافقت المطرانية حينها على عدم هدم هذه البيوت المخالفة، التي كان عددها بحدود الـ65 منزلاً».
ويوضح شربل، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنّه تمّ الاتفاق، وبموافقة أحزاب المنطقة («حزب الله» و«حركة أمل») وأهالي البلدة والمطرانية، على تحويل أمر الأراضي المختلف عليها إلى القضاء، ليكون له الكلمة الفاصلة، إلّا أنّ المسح الذي كان بدأه توقّف، ولم يتابعه وزراء الداخلية من بعده، فعادت الخلافات من جديد.
ولا يستبعد شربل أنّ يكون «للمناكفات السياسية والتصريحات المستفزة دور في تكرار هذه المشاكل»، ويؤكد على ضرورة حسم موضوع المسح وحلّ المشكلة من جذورها حتى لا تأخذ طابعاً طائفياً.
وفي تفاصيل النزاع الجديد، قامت المطرانية بالادعاء أمام النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان، وحصلت على إشارة قضائية بإزالة البيت، إلا أن المدعى عليهما، وحسب ما أفاد وكيل النيابة البطريركية المارونية في منطقة جونيه أندريه باسيل، رفضا الامتثال للإشارات القضائية.
وقال باسيل، في بيان، إن «الجهة المعتدية ومجموعة من أهالي البلدة ومشايخها قاموا بقطع الطريق التي تربط جرد كسروان وجبيل، ومنعوا القوى الأمنية من دخول البلدة. لكن بعد تدخل الجيش أعيد فتح الطريق، وأُعطيت مهلة إلى نهار الاثنين لإزالة المخالفة».
كان الوكيل القانوني للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى المحامي ضياء الدين زيبارة، اعتبر أن «النزاع العقاري في لاسا عمره من عمر لبنان، تحديداً منذ عام 1939، حيث باشرت البطريركية المارونية مسح أملاك الأهالي على اسم أبرشية جونية المارونية خلافاً للقانون والواقع، فتقدم الأهالي باعتراضاتهم في حينه، ولم تكتمل مفاعيل المسح الاختياري وفقاً للأصول القانونية».
وأشار المجلس إلى الاتفاق الذي حصل عام 2013 برعاية وزير الداخلية آنذاك، «والذي قضى بالمباشرة بالمسح الإجباري على أساس وضع اليد، وليس على أساس المسح الاختياري الباطل»، معتبراً أنّ الأبرشية «نكلت بالاتفاق، ومؤخراً عمدت النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان إلى استغلال السلطة، وإعطاء تدابير تقضي بإزالة منازل، في مخالفة فاضحة للقانون».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».