روبرت دي نيرو يملأ فراغ المهنة بأعمال دون مستواه

يصيب حيناً ويخيب أحياناً

دي نيرو كما يبدو في «حرب مع الجد»
دي نيرو كما يبدو في «حرب مع الجد»
TT

روبرت دي نيرو يملأ فراغ المهنة بأعمال دون مستواه

دي نيرو كما يبدو في «حرب مع الجد»
دي نيرو كما يبدو في «حرب مع الجد»

يقف البعض منا محتاراً بالنسبة لاختيارات الممثل روبرت دي نيرو من الأفلام. بعد دوره في أحد أفضل أفلام العام الماضي، وهو «الآيرلندي» نراه حالياً في «الحرب مع الجد» للمخرج تيم هِل الذي يستطيع أي منا اعتباره أحد أسوأ سقطات الكوميديا الهوليوودية و- الأهم - أحد أسوأ سقطات الممثل دي نيرو في مهنة تزيد عن خمسين سنة.
حركة هبوط أفقية من فيلم يرصد حالات إنسانية واجتماعية وتاريخية، إلى فيلم لا يرصد شيئاً على الإطلاق بل يكتفي بحكاية واهنة تبرر عنوانه.
وهذه ليست مرّة أولى ولا هي استثناء يقع مع كل الممثلين الجيدين. في مقابل كل فيلم جيد مثّله دي نيرو من التسعينات، وصاعداً هناك خمسة أفلام لا تعني شيئاً على الإطلاق ولا تقترب من مستويات أفلامه المتميّزة.
على سبيل المثال، لا أكثر، بعد فيلم مايكل مان الجيد «حرارة»، سنة 1995 حيث لعب دوراً رئيسياً عصابة في سباق زمن مع رجال القانون (يرأسهم آل باتشينو)، قام دي نيرو ببطولة «سليبرز» الذي كان مضيعة وقت للجميع. تلا ذلك بضعة أفلام جيدة مثل «جاكي براون» لكونتن تارنتينو و«رونن» لجون فرانكنهايمر ثم دلف إلى سلسلة من الأفلام التي قدّمته إلى هواة أفلامه والمعجبين به على صورة من قرر أن يستدير لتاريخه ليؤم أعمالاً نصف مسلوقة مثل «حلل هذا» (1999) و«قابل الآباء» (2000) ثم «15 ثانية» (2001) و«شوتايم» (2002) ثم «حلل هذا» (2002) و«قابل الفوكرز» (2004) و«اختبأ وابحث» (2005) وأجزاء ثانية من بعض هذه الأعمال الكوميدية العابرة.
أسئلة حائرة

استمر هذا المنوال في النصف الثاني من العشرية الأولى فشاهدنا في أفلام ركيكة التنفيذ مثل «قتل صحيح» (2008) و«الكل جيد» (2009) و«ماشيتي» (2010). وتابع دي نيرو هذه الخلطة في السنوات العشر الأخيرة لاعباً أدواراً رئيسية في «أضواء حمراء» (2012) و«العرس الكبير» (2013) و«الجد القذر» (2016) إلخ…
ليس أن المسألة تكمن في أن أداء دي نيرو في هذه الأفلام هو المشتكى منه فقط، بل القبول بهذه الأدوار بتلك الكثافة ومع مخرجين لا يمتلكون الموهبة التي تصنع الفيلم الجيد. بالتالي لدينا أداء غير لائق لممثل ظهر سابقاً في «تاكسي درايفر» و«العراب 2» و«حرارة» و«مدنايت رَن» و«غير المرتشون» (The Untouchables) وتبوأ سريعاً مركزاً قممياً بين أترابه. ثم هي مسألة أفلام لمخرجين جيء بهم توفيراً للتكلفة أو لوعود غير منجزة مثل جون هرزفلد (15 دقيقة) ونك هام (Godsent) وجاي روتش («قابل ذا فوكرز») وغاري مكندري («كيلر إيليت») وسواهم.
هل يكون دي نيرو بحاجة ماسة للعمل فعلاً، بحيث يقبل على أي مشروع يُعرض عليه؟ هل المسألة هي أنه لا يُبالي؟ أو هي طريقة مجدية للبقاء على القمّة ومقاومة سنوات العمر التي قد تهدد مكانته عاماً بعد عام؟
بداية دي نيرو في التمثيل وردت حين كان في العشرين من عمره. ظهر، بداية من مطلع الستينات، في أفلام مغمورة، لكنها مهّدت له الطريق للوقوف على أولى عتبات الشهرة، وذلك عندما مثل لحساب المخرج الجيد برايان دي بالما فيلم ««حفلة العرس» لجانب جيل كلايبورغ في واحد من أدوارها الأولى أيضاً. ودي بالما اختاره لفيلمه التالي «هاي، موم» سنة 1970 بعدما كان المخرج والمنتج المستقل روجر كورمان وضع دينيرو بين ممثليه في فيلم الغانغسترز «الأم الدموية» لجانب شيلي ونترز وبات هينغل ودون ستراود وبروس ديرن.
من هذا الدور انطلق لدور أكثر أهمية في «العراب 2» لفرنسيس فورد كوبولا، حيث لعب شخصية فيتو كارليوني، التي كان مارلون براندو أداها في «العراب» (الأول) سنة 1971. للجزء الثاني كان لدينا اثنان يلعبان الدور نفسه: براندو في عمر متقدم ودي نيرو في شخصية كارليوني شاباً وكيف ترعرع في بروكلين كصبي عصابة، ثم بسط سلطته وقتل زعيم الحي، وكل ذلك قبل تعرّفنا عليه كبير السن وكما مثله براندو في هذين الجزأين.
نال دي نيرو عن هذا الدور أوسكاره الأول، في فئة «أفضل ممثل مساند»، لكن ما هي إلا بضع سنوات حتى نال أوسكاره الثاني، وهذه المرّة في سباق أفضل ممثل، وذلك عن دوره في فيلم لاحق لمارتن سكورسيزي هو «ثور هائج».
في تلك الفترة كان دي نيرو مثالاً حديثاً ومعاصراً للممثل المنتمي إلى «المنهج». تلك المدرسة التي أمّها مارلون براندو ورود شتايغر وكارل مالدن ومونتغمري كليفت وآخرين على الشاشة من أداءات. كان يبذل لتأمين الشكل الخارجي للدور، ويعمل حثيثاً على الربط بين ذلك الشكل وبين مكنونات شخصيته.
لفت دي نيرو كل الأنظار صوبه بعد هذه الأفلام الأولى ما جعله يرتبط سريعاً مع بعض أهم مخرجي السينما: استعان به إليا كازان في «التايكون الأخير» (1976) ولو أن الفيلم نسخة معتدلة القيمة بالنسبة لأعمال كازان الأولى، وطلبه الإيطالي برناردو برتولوتشي ممثلاً أساسياً في فيلمه «1900»، ثم عرج عليه سكورسيزي في فيلميه «نيويورك، نيويورك» (1977) و«ثور هائج» (1980). بينهما كانت لدي نيرو وقفة مهمّـة جداً عبر فيلم مايكل شيمينو «صائد الغزلان» سنة 1978.
بقي هذا الصرح المسمّـى دي نيرو شامخاً بأدواره إلى أن قرر فتح جبهة في جدار الأدوار الكوميدية، وهذه بدأت جيداً بفيلم «نحن لسنا ملائكة» (1989) ثم اتحدرت إلى سلاسل ذات كسب سريع كتلك الأفلام التي وردت أعلاه.
مال ورغبة

خلال كل ذلك كان سكورسيزي بمثابة صمّام أمان. الفرصة الأهم عند دي نيرو للعودة إلى صرح الأدوار والأفلام المبنية على الموهبة والإبداع والتميز. بعد «شوارع دنيئة» (1973) أسند سكورسيزي بطولة فيلميهما الأهم لذلك الحين، وهو «سائق التاكسي» (1976). في العام التالي أسند سكورسيزي لدي نيرو دوراً أكثر نعومة. هو عازف الساكسفون في دراما عاطفية بعنوان «نيويورك نيويورك». في العام 1980 قام دي نيرو ببطولة «الثور الهائج» لاعباً شخصية الملاكم جاك لا موتا وكان هذا رابع أفلامه تحت إدارة سكورسيزي.
سنة 1982 وقع اللقاء الخامس عبر فيلم بعنوان «ملك الكوميديا». دي نيرو هنا في ضوء جديد. إنه ليس في دور درامي كما في السابق، بل في دور كوميدي يمكن اعتباره تمهيداً لفيلمه الحالي «الكوميدي»... تبع ذلك عودة سكورسيزي - دي نيرو إلى حلفة المافيا النيويوركية في «صحبة جيدة» (Goodfellas) سنة 1990 وفي العام التالي لعب دي نيرو دوراً شريراً في «كايب فير» لجانب نك نولتي وجسيكا لانغ. ثم حدث اللقاء الثامن بينهما عبر فيلم «كازينو»، الذي تابع فيه سكورسيزي مسيرة أفلام العصابات ولو أنها تتخذ الآن لاس فيغاس مقراً لها.
يبقى السؤال المطروح حول لماذا يرضى دي نيرو ببعثرة موهبته في أفلام مثل «الحرب مع الجد» الذي حين مقارنته بأفلام سيئة أخرى أقدم عليها دي نيرو تتبدى تلك الأفلام، كما لو كانت درراً أو على الأقل أعمالاً بالغة التميّز بالمقارنة.
المال ربما سبب مهم، لكن المؤكد أيضاً هو أن الممثل وقد بلغ 77 سنة من العمر، يريد أن يبقى هناك على الشاشة. في سعيه هذا سيقبل عروضاً من سكورسيزي أو واه من المخرجين الجيدين، لكن هذه الأعمال عادة ما تأتي متباعدة، وهو لا يستطيع أن يرى نفسه جالساً في ركن في منزله بانتظار مثل تلك المشاريع المهمّة.


مقالات ذات صلة

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
TT

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)

RENDEZ‪-‬VOUS AVEC POL‪-‬POT ★★★

* إخراج: ريثي بَنه (فرنسا/ كمبوديا)

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم. ويُذكّر الفيلم أن الصحافة في تاريخها العريق، دائماً ما وجدت نفسها أمام مسؤوليات وتحديات عديدة. في هذا الفيلم الذي أخرجه ريثي بَنه عن الأحداث التي عصفت في بلاده سنة 1978 اقتباسات عن كتاب الصحافية إليزابيث بَكَر (Becker) وعن تجربتها بصفتها واحدة من 3 صحافيين دُعوا لمقابلة بُل بوت، رئيس وزراء كمبوديا وأحد قادة منظمة «الخمير الحمر» (Khmer Rouge) المتهمة بقتل ما لا يقل عن مليون و500 كمبودي خلال السبعينات. الصحافيان الآخران هما الأميركي ريتشارد دودمان، والأسكوتلندي مالكوم كالدويل.

لا يبدو أن المخرج اتّبع خُطى الكتاب كاملةً بل تدخّل بغايةِ ولوج الموضوع من جانب الحدث الذي وضع حياة الثلاثة في خطر بعدما جاءوا للتحقيق ومقابلة بُل بوت. في الواقع دفع الأميركي حياته ثمناً لخروجه عن جدول الأعمال الرسمي والتقاطه صوراً تكشف عن قتلٍ جماعي. وفي الفيلم لحظة مختصرة لكنها قاسية التأثير عندما يَلقى الصحافي حتفه غرقاً في نهر دُفع إليه.

الفرنسية إيرين جاكوب التي تؤدي شخصية الكاتبة بَكَر تُعايش بدورها الوضع بكل مأساته. تُفصل عن زميلها ولم تعد تعرف عنه شيئاً، وتمر بدورها بتجربة مخيفة لم تكن تعلم إذا ما كانت ستخرج منها حية.

في باطن هذا الفيلم الجيد على تواضع إنتاجه، تُطرح أسئلة فيما إذا كان الصحافي يستطيع أن يقبل التحوّل إلى جزءٍ من البروباغاندا. وهل هو أداة لنقل الرأي الرسمي بغياب حرية التعبير؟ وماذا لو فعل ذلك وماذا لو لم يفعل؟

هو ليس بالفيلم السّهل متابعته من دون معرفة ذلك التاريخ ودلالاته حول العلاقة بين النُّظم الفاشية والإعلام. والحرية التي لا تُمنح لصحافيين محليين هي نفسها التي لا تُمنح كذلك للأجانب ما دام عليهم نقل ما يُقال لهم فقط.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

‪THE‬ WRESTLE‪R‬ ★★

* إخراج: إقبال حسين شودهوري (بنغلاديش).

يقترب الرجل المسن موجو (ناصر أودين خان) وسط أشجار ليست بعيدة عن شاطئ البحر وينتقل من واحدة لأخرى ماداً يديه إليها كما لو كان يريد أن يدفعها بعيداً أو أن يُزيحها من مكانها. ومن ثَمّ يتركها ويركض صوب أخرى ليقوم بالفعل نفسه قبل أن يعود إليها. يبعث هذا المشهد على تكراره سخرية غير مقصودة. قد تكون طريقة قديمة لممارسة تمارين المصارعة أو التدريب الوحيد المُتاح في تلك القرية، لكن موجو جادٌ في محاولته لدفع الأشجار إلى الخلف أو تغيير مواقعها، استعداداً لملاقاة مصارع أصغر منه سنّا وأكبر حجماً في المباراة المقبلة.

«المصارع» (أبلبوكس فيلمز)

هناك كثير مما يتأمله المخرج شودهوري بطيئاً قبل تلك المباراة وما بعدها. بعضُ المشاهد لديها نسبة معقولة من الشِّعر الناتج عن تصوير الطبيعة (ماء، أشجار، حياة... إلخ) وبعضها الآخر لا يفضي إلى تقدير خاص. في نصف الساعة الأولى يعكس المخرج شغفاً ما بتصوير شخصياته من الخلف. عندما يتخلى المخرج عن هذه العادة لاحقاً، يستبدل بتلك اللقطات سلسلة من المشاهد البعيدة عن شخصياته في الغالب. هنا يتحسّن تأطير اللقطات على نحوٍ نافع ولو أن شغله على الدراما يبقى غير ذي مكانة.

يطرح الفيلم مشكلة رجلٍ لا يريد الاعتراف بالواقع ويتحدى من هو أكثر قوّة منه. يحقّق طموحه بلقاء المصارع الآخر ويخفق في التغلب عليه. في الواقع يسقط أرضاً مغشياً ومن ثمّ نراه لاحقاً في بيت العائلة قبل أن يعود إلى تلك الأشجار ليصارعها. المخرج (ثاني فيلم له) طموح، لكن أدواته التّعبيرية وإمكانياته التي تفرض نفسها على السيناريو وحجم الفيلم بأسره، محدودة.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

ONE OF THOSE DAYS WHEN HEMME DIES ★★★

* إخراج: مراد فرات أوغلو (تركيا).

قرب نهاية الفيلم يبدأ الشاب أيوب مراجعة ما مرّ به طوال اليوم. لقد انطلق غاضباً من المُشرِف على العمل عندما شتم أمّه. يعمل أيوب في حقلٍ لتجفيف الطاطم. ويعرف المخرج كيف يوظّف المكان، درامياً (سهل منبطح تحت شمس حامية وصعوبة العمل)، وجمالياً (تلك الثمار المقطوعة إلى نصفين والملقاة فوق شراشف على مد النظر).

«أحد تلك الأيام التي مات فيها هيمي» (مهرجان مراكش)

نقطة الخلاف أن أيوب يُطالب بأتعابه، لكن المُشرف على العمل لم يتقاضَ المال بعد ليدفع له، مما يؤجّج غضب أيوب فينشب شجار بينهما. يركب دراجته النارية وينطلق صوب بلدته. في منزله مسدسٌ سيتسلّح به وفي البال أن يعود لينتقم. معظم الفيلم هو رحلة على الدراجة التي تتعطل مرّتين قبل إصلاحها عند المساء. الأحداث التي تقع على الطريق وفي القرية الصغيرة تُزيّن الموضوع بشخصيات تدخل وتخرج من الحدث الرئيسي الماثل. في أحد هذه الأحداث الثانوية يُساعد أيوب رجلاً عجوزاً اشترى بطيخة ولا يستطيع حملها، فيوصله والبطيخة إلى داره. وفي مشهد آخر يستمع لتوبيخ زوج شقيقته لأنه كان عرض عليه العمل في شركته ورفض. لا يقول لنا الفيلم لماذا رفض ما ينتقص من بنية الموضوع وأسباب عزوف أيوب على تنفيذ وعده لنفسه بالانتقام.

اعتمد المخرج هذين المشهدين وسواهما لملء الوقت الممتد بين عزم أيوب على الانتقام وعزوفه عن ذلك. لكنه هذه المشاهد ضرورية رغم أن الفيلم ينتهي من دون أن يبني حجة دامغة لقرار أيوب النهائي. هذا الفيلم دراما مصوّرة جيداً ومكتوبة بدراية، رغم الهفوات المذكورة.

* عروض حالياً في مهرجان «مراكش»

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز