معارضون يتهمون النظام بـ«تصفية قادة التسوية الروسية» جنوب سوريا

تشييع أدهم أكراد ورفاقه في درعا

مقاتلون ومدنيون يشيعون قادة معارضين في درعا أمس (أخبار درعا)
مقاتلون ومدنيون يشيعون قادة معارضين في درعا أمس (أخبار درعا)
TT

معارضون يتهمون النظام بـ«تصفية قادة التسوية الروسية» جنوب سوريا

مقاتلون ومدنيون يشيعون قادة معارضين في درعا أمس (أخبار درعا)
مقاتلون ومدنيون يشيعون قادة معارضين في درعا أمس (أخبار درعا)

شارك نحو ثلاثة آلاف شخص في تشييع قادة فصائل معارضة، بينهم القيادي البارز أدهم أكراد في درعا أمس، وسط اتهامات لقوات النظام السوري بالوقوف وراء العملية التي وقعت مساء أول وطالت قادة وقّعوا تسويات مع روسيا في منتصف 2018، ضمنت عودة قوات النظام إلى جنوب البلاد.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس بخروج نحو 3000 مواطن بتشييع القيادات والمقاتلين السابقين في صفوف الفصائل بمدينة درعا البلد «هتفوا خلال التشييع بشعارات تطالب بإسقاط النظام السوري، محمّلين مسؤولية عملية الاغتيال التي وقعت (اول) أمس للنظام السوري وأجهزته الأمنية».
وأضاف «لا يزال مجهول هوية المسلحين الذين استهدفوا قيادات ومقاتلين سابقين ضمن الفصائل في محافظة درعا، حيث كان مسلحون مجهولون استهدفوا بوابل من الرصاص سيارة على أوتوستراد دمشق - درعا الدولي، عند مفرق تبنه قرب مدينة ازرع، ثم قاموا بحرق السيارة، وأدت العملية إلى مقتل القيادي البارز أدهم أكراد، قتل برفقة 4 أشخاص، اثنان منهم من القيادات السابقة للفصائل في درعا، وذلك بعد استهداف سيارة كانت تقلهم من قبل مجهولين عند مفرق تبنة قرب مدينة ازرع».
يذكر أن أدهم يعد من أبرز قيادات الفصائل السابقة في درعا، وهو قائد «فوج المدفعية» لدى غرفة عمليات «البنيان المرصوص» واشتهر سابقاً بمقولة «تسقط موسكو ولا تسقط درعا»، إلا أنه عمد إلى مصالحة النظام بعد سيطرة الأخيرة عليها، وتعد عملية قتله هي أبرز عملية اغتيال شهدتها درعا منذ سيطرة النظام السوري عليها.
ووفقاً لإحصائيات «المرصد»، فقد بلغت أعداد الهجمات ومحاولات الاغتيال في درعا بأشكال وأساليب عدة عبر تفجير عبوات وألغام وآليات مفخخة وإطلاق نار نفذتها خلايا مسلحة خلال الفترة الممتدة من يونيو (حزيران) 2019 حتى يومنا هذا 714 هجمة واغتيالاً، في حين وصل عدد الذين قُتلوا إثر تلك المحاولات خلال الفترة ذاتها إلى 474، بينهم 23 من الميليشيات السورية التابعة لـ«حزب الله» اللبناني والقوات الإيرانية، و22 مما يُعرف بـ«الفيلق الخامس» التابع لروسيا.
وقال «المرصد»، إن «الصراع الروسي - الإيراني يتصاعد على قدم وساق في عموم الجنوب السوري، وفي محافظة درعا بشكل خاص، حيث تواصل روسيا محاولتها لتقوية نفوذ (الفيلق الخامس) المدعوم من قبلها، في إطار سعيها لفض الشراكة مع الإيرانيين وكسب السيطرة المطلقة على درعا. بدورها، إيران تواصل عمليات التجنيد لصالحها مقابل السخاء المادي واللعب على الوتر الديني والمذهبي عبر استمرار عمليات (التشيُّع)، وبلغ تعداد المتطوعين في صفوف الإيرانيين والميليشيات الموالية لها في الجنوب السوري أكثر من 7900، فضلاً عن الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد شقيق رأس النظام السوري، والتي تعرف بولائها لإيران وهي رأس الحرب في الصراع مع (الفيلق الخامس) الذي أنشأته روسيا، بينما النظام السوري يكتفي بدور اللاعب الثانوي؛ فهو مسيطر بشكل صوري فقط».
وكتب موقع «تجمع أحرار حوران» أمس «أثارت عملية الاغتيال التي تعرّض لها قادة درعا، يوم الأربعاء ومن أبرزهم القيادي السابق في الجيش الحر أدهم أكراد الملقب (أبو قصي صواريخ) الكثير من التساؤلات حول كيفية حدوثها ومن يقف خلفها». وقال «حصلت عملية الاغتيال، مساء الأربعاء، على الأوتوستراد الدولي «دمشق - درعا» قرب مفرق قرية تبنة الواقعة شمال درعا والقريبة من مدينة الصنمين، وذلك أثناء عودة المغدورين من دمشق، بعد الانتهاء من اجتماع فيها مع مسؤولين في نظام الأسد لمطالبتهم بالإفراج عن المعتقلين وتسليم جثامين قتلى معركة تحرير الكتيبة المهجورة لأهلهم، التي حدثت في عام 2016». وتابع «طاردت مركبة مغلقة سيارة أكراد ومن برفقته وحاولت إيقافهم، لكن حصلت مقاومة من قبل المغدورين قبل أن تنحرف بهم السيارة عن الطريق مع وصول سيارة أخرى بداخلها مجموعة مسلحين قاموا بإطلاق النار على القادة بالأسلحة الرشاشة حتى أجهزوا عليهم ومن ثم أحرقوا بهم سيارتهم».
وتابع الموقع «بقي أكراد وحده على قيد الحياة إلى حين وصول المسعفين إلى مكان الحادثة وأسعفوه منفرداً إلى مستشفى ازرع الوطني، وهناك فارق الحياة، وهو ما دارت حوله الشكوك والاتهامات بأن النظام المسؤول عن تصفيته ذلك أن إحدى السيارات تعود لجهاز أمني».
كان أكراد اتهم قبل ثلاثة أسابيع خلال وقفة احتجاجية نظمها أهالي درعا البلد «الأجهزة الأمنية بالوقوف خلف عمليات الاغتيال والخطف والفلتان الأمني الحاصل في المحافظة»، مطالباً بـ«خروج الجيش من مدينة درعا»، ومتهماً النظام وحليفته روسيا بـ«الإخلال بالاتفاقات واستمرار المضايقات بحق أبناء درعا».
وأشار «تجمع حوران» إلى أن هذه المرة الأولى التي يخرج فيها أكراد من محافظة درعا منذ إجراء التسوية في يوليو (تموز) 2018.
وتعدّ هذه العملية واحدة من أكبر عمليات الاستهداف لقادة سابقين في «الجيش الحر» في محافظة درعا، سبقها حادثة استهداف قادة في اللجان المركزية مع عناصرهم في ريف درعا الغربي، في 27 مايو (أيار) الماضي، وأسفر حينها عن إصابة القيادي السابق أبو مرشد البردان من مدينة طفس وإصابة اثنين آخرين معه ومقتل ثلاثة من مرافقيه.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.