أين تقف الهند من محادثات السلام الأفغانية؟

حضرت المفاوضات كطرف «صامت»... لكنها غير متحفظة على «طالبان»

عبد الله عبد الله أطلع القيادة الهندية على مستجدات المحادثات مع «طالبان» وتفاصيل زيارته الأخيرة إلى باكستان (أ.ب)
عبد الله عبد الله أطلع القيادة الهندية على مستجدات المحادثات مع «طالبان» وتفاصيل زيارته الأخيرة إلى باكستان (أ.ب)
TT

أين تقف الهند من محادثات السلام الأفغانية؟

عبد الله عبد الله أطلع القيادة الهندية على مستجدات المحادثات مع «طالبان» وتفاصيل زيارته الأخيرة إلى باكستان (أ.ب)
عبد الله عبد الله أطلع القيادة الهندية على مستجدات المحادثات مع «طالبان» وتفاصيل زيارته الأخيرة إلى باكستان (أ.ب)

مع اتفاق المفاوضين الممثلين لكل من حركة «طالبان» والحكومة الأفغانية لدفع محادثات السلام الأفغانية بين الطرفين، رغم استمرار وجود اختلافات جوهرية بينهما، تشهد كل من باكستان والهند الكثير من النشاط الجيوسياسي.
وكان أشرف غني، الرئيس الأفغاني، قد وصل إلى الدوحة مطلع الأسبوع الماضي برفقة وفد رفيع المستوى؛ والتقى الرئيس بزلماي خليل زاد، المبعوث الأميركي الخاص إلى أفغانستان، وكذلك الجنرال أوستن سكوت ميلر، قائد حلف شمال الأطلسي في أفغانستان؛ لكن غني لم يتحدث مباشرة مع حركة «طالبان».
على الجانب الآخر، زار عبد الله عبد الله، رئيس المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية، دلهي، وقد أطلع القيادة الهندية على مستجدات المحادثات مع «طالبان» وتفاصيل زيارته الأخيرة إلى باكستان. والتقى السبت بناريندرا مودي، رئيس الوزراء الهندي، وسوبراهمانيام جايشانكار، وزير الخارجية الهندي، وأجيت دوفال، مستشار الأمن القومي في البلاد.
وقالت مصادر وزارة الخارجية الهندية، إن عبد الله طلب من دلهي الاستمرار في تقديم دعمها الدؤوب للسلام في أفغانستان، موضحاً أن حركة «طالبان» قد لا تكون حتى هذه اللحظة مفضلة لبعض القوى في المنطقة، إلا أن هناك حاجة إلى التعامل معها.
وأكد مودي على دعم دلهي المفاوضات من أجل الوصول إلى سلام دائم وشامل في أفغانستان. وأضافت مصادر الخارجية الهندية، أن رسالة عبد الله لدلهي هي أن تأخذ الهند مواقع خلفية في الفترة الحالية وإفساح المجال لأن تسلط الأضواء على الدور الباكستاني.
وقال المعلق جيوتي مالهوترا «تريد كابل من الهند الاستمرار في التعامل كطرف قوي صامت مثلما كانت طوال السنوات الماضية، وعدم إثارة اضطرابات في المشهد، خاصة في ظل عودة باكستان لتمثل خطراً بالنسبة إليها؛ ومواصلة تقديم مساعدات في مشروعات مثل بناء السدود والمدارس، مع الحفاظ على هدوئها على المدى القريب على الأقل. ولا يحتاج عبد الله إلى قول ذلك صراحة إلى مودي؛ فهو يفهم الأمر جيداً، كما أنه لا يحتاج إلى إخباره بأن العلاقة بين كابل ودلهي سوف تظل علاقة خاصة حتى لو كان ذلك وراء الستار».
وكان عبد الله قد زار إسلام آباد خلال الأسبوع الماضي قبل زيارته إلى الهند لمقابلة الجنرال قمر جاويد باجوا، رئيس أركان الجيش الباكستاني، وعمران خان، رئيس الوزراء، وغيرهم في ظل أجواء تصالحية مع إسلام آباد. الجدير بالذكر، أن عبد الله كان من أشد منتقدي باكستان؛ فلطالما اتهمها بدعم حركة «طالبان»، وتأجيج الحرب التي امتدت لـ19 عاماً في بلاده.
وسبقت زيارة عبد الله، زيارة زلماي خليل زاد إلى نيودلهي. وتعد هذه الزيارة هي الخامسة له منذ يناير (كانون الثاني) 2019. وقد خاض مناقشات مع وزير الخارجية الهندي، ومستشار الأمن القومي الهندي، بشأن محادثات السلام الأخيرة مع «طالبان» في الدوحة. وكان دور الهند منذ بداية عملية السلام الأفغانية هامشياً، حيث امتنعت عن الانخراط في أي محادثات مباشرة مع حركة «طالبان». مع ذلك، تشير التطورات الأخيرة إلى تحول استراتيجية الهند الخاصة بالتعامل مع حركة «طالبان»، حيث تواجد جايشانكار، وزير الشؤون الخارجية الهندي، خلال الجلسة الافتتاحية للمحادثات الأفغانية في الدوحة في سبتمبر (أيلول) الماضي. وقال جايشنكار، إن عملية السلام ينبغي أن تكون أفغانية بشكل خالص، مؤكداً على ضرورة احترام «السيادة الوطنية لأفغانستان ووحدة أراضيها». ودعا كل من عبد الله وخليل زاد الهند إلى إقامة حوار سياسي مع «طالبان»، وتم تعزيز تلك الدعوة بإشارة من «طالبان» تعبر عن رغبتها في إقامة علاقة مثمرة مع الهند.

هل تمثل الهند عقبة في طريق السلام الأفغاني؟

يقول جايانت براساد، دبلوماسي متقاعد عمل سفيراً للهند لدى أفغانستان «تمثل مشاركة وزير الخارجية الهندي في الجلسة الافتتاحية للمفاوضات الأفغانية تعبيراً واضحاً عن الموقف الهندي تجاه حركة (طالبان). ولا يعني ذلك تقارب الهند مع حركة (طالبان)، بل يشير إلى أنه ليس لديها أي تحفظات بشأن التعامل مع حركة (طالبان) في حال كان ذلك هو موقف الحكومة الأفغانية. وقد أزالت الهند بحضورها المحادثات الغموض الذي كان يحيط بسياستها في السابق. الهند مستعدة للتعامل مع أي طرف يلتزم بإرساء وتحقيق السلام والاستقرار في أفغانستان. وقد مثلت دعوة الهند للمشاركة في المحادثات اعترافاً بأن للهند مصالح كبيرة في أفغانستان».
وذكر هارش بانت، مدير الأبحاث في مؤسسة «أوبسيرفر ريسرش فاونديشين»، «رغم عدم وجود قناة تواصل مباشرة بين الهند وحركة (طالبان)، تشير تأكيدات نيودلهي على أولولياتها في أفغانستان إلى أن علاقتها مع حركة (طالبان) تتحول وتتطور بعيداً عن المعارضة الصريحة لها خلال حقبة التسعينات. وعلى الجانب الآخر، من غير المرجح أن تكون حركة (طالبان) شريكاً قوياً للهند، لكنها ترسل إشارات تفيد بأنها هي الأخرى غير معترضة على التعاون مع الهند»، فمنذ بضعة أشهر نفت حركة «طالبان» وكذّبت تقارير إعلامية تشير إلى تعاونها مع جماعات مسلحة ناشطة في إقليم كشمير، مصرحة بأنها لا تسعى إلى التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة أخرى. «يمثل ذلك تقارباً من نيودلهي ويمنح الدولة فرصة لتأمين مقعد لها على طاولة المفاوضات رفيعة المستوى»، بحسب المحلل بانت. كما قامت «طالبان» أخيراً بإطلاق سراح سبعة مواطنين هنود كانت قد اعتقلتهم الحركة عام 2018.
ويدعو الكثيرون في كل من الهند وأفغانستان إلى الانخراط في حوار مباشر مع «طالبان»، حيث صرح حميد كرزاي، الرئيس الأفغاني السابق، في لقاءات إعلامية مؤخراً بأنه على الهند التحاور بشكل مباشر مع «طالبان». وقال «تعد الهند صديقاً تاريخياً لأفغانستان. ويحق لها التواصل مع الأطراف السياسية الأفغانية كافة، والانفتاح على كل الآراء والجماعات السياسية في البلاد. لهذا السبب سيكون اتصال الهند بـ(طالبان) لصالحها؛ كذلك سيكون من المهم للغاية بالنسبة للهند الانخراط في عملية السلام ودعمها. لذا؛ يعد تواجد الهند أمراً ضرورياً ومرحباً به».

لماذا تحتاج الهند إلى التواصل مع «طالبان»؟

لقد كانت الهند متشككة مؤخراً حيال العرض المفاجئ بالشراكة مع حركة «طالبان» في أفغانستان، الذي قدمه قلب الدين حكمتيار، الزعيم السياسي للمسلحين. وأوضح فيناي كاورا، الأستاذ في شؤون الشرطة والأمن والعدالة الجنائية بجامعة سردار باتيل، قائلاً «إنه أمر يثير قلق الهند؛ لأن حكمتيار شارك الشهر الماضي في ندوة عبر الإنترنت عن كشمير، وحذر خلالها الهند بقوله إن عليها (تعلم الدرس من التمرد المسلح الأفغاني). كذلك تحدث حكمتيار مؤخراً عن الموقف المشترك للصين وباكستان تجاه أفغانستان، مشيراً إلى دعمهما لعملية السلام واعتبارها ضرورية لتحقيق مصالحهما الإقليمية، خاصة إذا أسفرت عن تراجع الوجود الهندي في أفغانستان». وأضاف كاورا قائلاً «سوف يعزز ذلك سلطة ونفوذ الصين وباكستان في كابل. وسوف تبذل باكستان قصارى جهدها من أجل ضمان تراجع الوجود والنفوذ الهندي في أفغانستان في ظل نظام تسيطر عليه حركة (طالبان)، وسوف تقدِم الصين على دعم مثل هذا المشروع».
وذكر راجا موهان، محلل الشؤون الاستراتيجية، مؤخراً «ربما يكون للصين دور كبير ومهم في أفغانستان في المستقبل، وذلك بالاشتراك مع باكستان، وسوف يمثل هذا مبعث قلق للهند». سيمثل استمرار الهند في تفادي الانجذاب نحو القوى المحركة للسياسة الأفغانية مخاطرة بالنسبة لها.
كذلك صرح راكيش سود، الدبلوماسي المخضرم والمبعوث السابق إلى أفغانستان، لموقع «ذا برينت» الإخباري قائلاً «يتواصل العالم بأسره مع حركة (طالبان)، وإذا لم نفعل ذلك، فكيف سيتسنى لنا الانخراط في الحوار الأفغاني - الأفغاني»؟



التحقيق مع مدعي «الجنائية الدولية» بعد مزاعم عن «سوء سلوك جنسي»

المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)
المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)
TT

التحقيق مع مدعي «الجنائية الدولية» بعد مزاعم عن «سوء سلوك جنسي»

المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)
المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)

تم اختيار مراقب من الأمم المتحدة لقيادة تحقيق خارجي في مزاعم سوء سلوك جنسي ضد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، وفقا لما علمته وكالة أسوشيتد برس أمس الثلاثاء.

ومن المرجح أن يثير هذا القرار مخاوف تتعلق بتضارب المصالح نظرا لعمل زوجة المدعي العام السابق في الهيئة الرقابية.

وقدم خان تحديثات حول التحقيقات الحساسة سياسيا التي تجريها المحكمة في جرائم حرب وفظائع في أوكرانيا وغزة وفنزويلا، وغيرها من مناطق النزاع خلال اجتماع المؤسسة السنوي هذا الأسبوع في لاهاي بهولندا. لكن الاتهامات ضد خان خيمت على اجتماع الدول الأعضاء الـ124 في المحكمة الجنائية الدولية.

فقد كشف تحقيق لوكالة أسوشيتد برس في أكتوبر (تشرين الأول) أنه بينما كان خان يعد أمر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو، كان يواجه في الوقت ذاته اتهامات داخلية بمحاولة الضغط على إحدى مساعداته لإقامة علاقة جنسية معها، واتهامات بأنه تحرش بها ضد إرادتها على مدار عدة أشهر.

وفي اجتماع هذا الأسبوع، قالت بايفي كاوكرانتا، الدبلوماسية الفنلندية التي تترأس حاليا الهيئة الرقابية للمحكمة الجنائية الدولية، للمندوبين إنها استقرت على اختيار مكتب الأمم المتحدة لخدمات الرقابة الداخلية، حسبما أفاد دبلوماسيان لوكالة أسوشيتد برس طلبا عدم الكشف عن هويتهما لمناقشة المحادثات المغلقة.

وأعربت منظمتان حقوقيتان مرموقتان الشهر الماضي عن قلقهما بشأن احتمال اختيار الأمم المتحدة لهذا التحقيق بسبب عمل زوجة خان، وهي محامية بارزة في حقوق الإنسان، في الوكالة في كينيا بين عامي 2019 و2020 للتحقيق في

حالات التحرش الجنسي. وقال الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان ومبادرات النساء من أجل العدالة القائمة على النوع، في بيان مشترك إنه يجب أن يتم تعليق عمل خان أثناء إجراء التحقيق، ودعتا إلى «التدقيق الشامل في الجهة أو الهيئة المختارة للتحقيق لضمان عدم تضارب المصالح وامتلاكها الخبرة المثبتة».

وأضافت المنظمتان أن «العلاقة الوثيقة» بين خان والوكالة التابعة للأمم المتحدة تتطلب مزيدا من التدقيق. وقالت المنظمتان: «نوصي بشدة بضمان معالجة هذه المخاوف بشكل علني وشفاف قبل تكليف مكتب الرقابة الداخلية التابع للأمم المتحدة بالتحقيق».