عون يرجئ الاستشارات أسبوعاً «لمعالجة الوضع المسيحي»

أغلبية سنّية أيدت الحريري... و«القوات» و«التيار» رفضا تسميته

TT

عون يرجئ الاستشارات أسبوعاً «لمعالجة الوضع المسيحي»

قرر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مساء أمس تأجيل الاستشارات النيابية الملزمة التي كانت مقررة اليوم إلى يوم الخميس المقبل 22 الشهر الحالي، على أن تكون مواعيد الكتل بالتوقيت نفسه، وذكرت رئاسة الجمهورية أن التأجيل تم بناء على طلب بعض الكتل النيابية لبروز صعوبات تستوجب العمل على حلها.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن عون اتصل بالرئيسين نبيه بري وسعد الحريري قبل إعلان القرار، مبررا ذلك بضرورة معالجة الوضع المسيحي في ضوء رفض «القوات» و«التيار الوطني الحر» تسمية الحريري.
غير أن بري والحريري أبلغاه رفضهما التأجيل، وقالت مصادر بري إنه يرفض التأجيل ولو ليوم واحد.
وكانت الاتصالات خلال اليومين الماضيين أفضت إلى «جو إيجابي» لمصلحة تكليف رئيس الحكومة السابق سعد الحريري بتشكيل الحكومة الجديدة، إذ حصل على شبه إجماع سني كما وافق على تأييده المسيحيون المستقلون وتيار «المردة» وكتلة «الحزب التقدمي الاشتراكي»، وحركة «أمل»، غير أنه لم يحصل على دعم «التيار الوطني الحر» أو «القوات اللبنانية».
وكان «حزب الله» من المطالبين بتأجيل الاستشارات، فيما قالت مصادر مطلعة إن الرئيس ميشال عون لم يكن بوارد التأجيل. وتحدثت معلومات لـ«الشرق الأوسط» أن «حزب الله» أخذ على عون أنه حدد موعد الاستشارات دون العودة له، وهو سعى لتأجيلها بعد الخلاف مع عون على خلفية الوفد المفاوض، ودخل رئيس الحكومة المستقيل حسان دياب على الخط وتردد أن ذلك بإيعاز من الحزب، في وقت لم يسأل دياب عن صلاحياته يوم تراجع عن موقفه بخصوص معمل سلعاتا كما تراجع عن موقفه من التعيينات.
وعلى ضفة «الحزب التقدمي الاشتراكي»، أفضت الجهود التي بذلت أمس إلى تبريد الأجواء بين الحريري ورئيس الحزب وليد جنبلاط بعد التشنج الذي تلا المقابلة التلفزيونية للأخير، حيث حصل اتصال بين النائب وائل أبو فاعور ومستشار الحريري غطاس خوري، أعقبه اتصال مطول بين أبو فاعور والحريري ساهم في تنقية الأجواء بين الطرفين. وبعد اجتماع «كتلة اللقاء الديمقراطي»، بادر الحريري إلى الاتصال بوليد جنبلاط، وأثمر الاتصال أجواء إيجابية.
وقالت مصادر «المستقبل» لـ«الشرق الأوسط» إن الحريري لم يضع شروطاً على تكليفه، وهو مرشح طبيعي، داعية إلى انتظار الإعلان عن موقفه ليُبنى على الشيء مقتضاه. وأوضحت أن الحريري دعا إلى التعاون بين الجميع «لنقل البلد من التأزم إلى الانفراج»، قائلة إن «المفروض تضافر كل الجهود وتشابك الأيدي للاستفادة من الفرصة الأخيرة لإنقاذ البلد باعتماد المبادرة الفرنسية»، مشيرة إلى أن «الجميع يقول إنه مع المبادرة لكن المطلوب خطوات عملية»، مؤكدة أن المبادرة «هي الإطار للبيان الوزاري».
وتشير المباحثات التي سبقت الاستشارات النيابية أن الحكومة ستأتي في مرحلة انتقالية لتنفذ الخطوات الإصلاحية لإنقاذ البلاد من التدهور خلال ستة أشهر، وتتجنب الخوض في المواضيع السياسية وتأجيلها مثل البحث في الاستراتيجية الدفاعية والسلاح وغيرها من المواضيع الخلافية. لذلك، يطلب الحريري من الجميع تسهيلات متبادلة لتنفيذ هذه الخطوات، بحسب ما تقول مصادر «المستقبل»، مشددة على أن الحريري «لم يتخذ قراره بعد بانتظار الاجتماع واتخاذ موقف واضح» من فرضية تكليفه رئاسة الحكومة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم