سيرة شاعر فلسطيني في المنافي والمخيمات

سليم النفار يستعيد مشاهدها المأساوية في «ذاكرة ضيقة على الفرح»

سيرة شاعر فلسطيني في المنافي والمخيمات
TT

سيرة شاعر فلسطيني في المنافي والمخيمات

سيرة شاعر فلسطيني في المنافي والمخيمات

يكشف الشاعر الفلسطيني سليم النفار - وهو يحكي سيرته الذاتية - عن حجم المعاناة التي لقيها الأطفال الفلسطينيون وهم يتنقلون من منفى لآخر بين البلدان العربية، والآثار النفسية السيئة التي عانوا منها، وهم يشاهدون المذابح التي ارتكبها الإسرائيليون ضد مخيماتهم في لبنان. ويتذكر النفار - خلال فصول كتابه «ذاكرة ضيقة على الفرح» - منفاه الأول إلى الأردن، يوم اقتاده جده من مخيم الشاطئ، بمدينة يافا، كان عمره وقتها لا يتجاوز خمس سنوات، وكان ذلك أول عهده بالمنافي يوم مغادرة يافا «المدينة» التي ولد فيها، كان عام 1968.
سار النفار باكياً بصحبة أمه وأخيه الصغير ليعبروا الجسر الفاصل بين الأراضي الفلسطينية والأردن، وهناك كان ينتظر أبوه في الناحية الأخرى التي تم إبعاده إليها من قبل السلطات الإسرائيلية، ليبدأ رحلة طويلة من التهجير والتنقل من بلد إلى آخر ومن مخيم لآخر.
وفي الكتاب الذي صدر حديثاً عن «مكتبة كل شيء» الفلسطينية، ويتكون من اثنتين وأربعين قطعة سردية، يحكي النفار عن علاقته بأمه، وجده الذي لم يفارق غزة بعد طرده من يافا، وعن يوم استشهاد أبيه عام 1973. ويرسم بلغة شفيفة صورة لخالته الكبرى «شهدية» التي لم تلجأ مع بقية العائلة من يافا إلى غزة، واختارت لبنان ومنه إلى سوريا. ويتذكر علاقاته العاطفية التي لم تكتمل، وبداية رحلته مع الشعر، ويكتب عن حرب أكتوبر (تشرين الأول)، وأرتال الدبابات المغربية والعراقية التي كانت تتحرك على الطريق متُجهة إلى العاصمة دمشق، وكان معه كثيرٌ من الأولاد والشباب والرجال والنساء، يخرجون إلى ذلك الطريق يلقون بتحياتهم إلى الجنود العرب الذين يثيرون الفخر آنذاك بالنفوس، فقد تغيرت بالانتصار الذي تحقق الصورة النمطية عن حروب العرب الحديثة منذ نكبة فلسطين.
- ابتسامة وجبروت نظام
وعن استقبال السوريين للفلسطينيين في بلادهم، يشير النفار إلى الابتسامة التي لقيهم بها جنود الحدود بعد وصولهم من الأراضي الأردنية في أعقاب أحداث سبتمبر (أيلول) 1970. فقد بدل الترحيب خوفهم أمناً؛ لكن هذا الأمن الذي كانوا يستشعرونه بين الناس كان يبدده الخوف من تقارير رجال السلطة السورية. كان الجميع من أبناء المخيمات حريصاً في الأماكن العامة على اختيار كلماته حتى لا يقع تحت طائلة عصا النظام، ويغيب في سجونه. كان النفار وزملاؤه من الشباب في مخيم الرمل يعقدون جلساتهم في غرفة منزله الداخلية بعيداً عن العيون، وبرعاية والدته التي كانت تراقب الطريق من بعيد حتى لا يقع لهم ما لا يحمد عقباه.
ويتحدث النفار عن حركة «الإخوان المسلمين»، ومحاولاتهم أواخر السبعينات الزج بالفلسطينيين في أتون صراعاتهم مع النظام السوري.
- العودة إلى غزة
وفي الفصول الأخيرة من كتابه يتحدث النفار عن رحلة العودة إلى غزة، والتي كانت بمقتضى اتفاق أوسلو. ويحكي أنه في الأيام الأخيرة من عام 1993، وقبيل مغادرته مقر عمله بمدينة اللاذقية، جاءته الإشارة بضرورة التوجه إلى دمشق لترتيب الرحيل إلى غزة. يومها عاد إلى بيته وأخبر والدته بالأمر، غير أن أموراً أخرى لم تكن في البال عكرت صفو أحلامه، وكادت تهدد حلم عودته إلى غزة. كان يجب عليه أن يذهب إلى مقر الأمن بمنطقة العدوي، وهو شبه مختص بالفلسطينيين الذين يريدون السفر. كان يجب أن يذهب من يريد الرحيل إلى هناك لأخذ موافقة، ومن دونها لا تمنحه وزارة الداخلية تأشيرة الخروج. حين وصل إلى هناك وقدم الصور اللازمة للأوراق، جاء من يخبره أنه ممنوع من السفر، وأنه ذاهب للحكم الذاتي عند عرفات، وفي أعقاب حوار مع الموظف قال له: «أنا ذاهب للعمل في ليبيا. تركني الموظف وعاد، وقال أنت ذاهب إلى شرطة الحكم الذاتي، ورمى أوراقي على الطاولة التي أمامي».
ولسليم النفار 10 مؤلفات تراوحت بين الدواوين الشعرية والرواية والسيرة الذاتية، صدرت في القدس وغزة ورام الله وحيفا والأردن والقاهرة.



حملة فرنسية بآلاف التوقيعات لإنقاذ أقوى منارة في أوروبا

رُفِع الصوت من أجلها (موقع المنارة)
رُفِع الصوت من أجلها (موقع المنارة)
TT

حملة فرنسية بآلاف التوقيعات لإنقاذ أقوى منارة في أوروبا

رُفِع الصوت من أجلها (موقع المنارة)
رُفِع الصوت من أجلها (موقع المنارة)

يتداول روّاد مواقع التواصل نداء يُطالب الحكومة الفرنسية بالتراجع عن قرارها برفع الحماية عن منارة (فنار) «كرياك» بغرب البلاد، وخفض أنوارها. وجمع النداء، بعد ساعات من نشره، أكثر من 10 آلاف توقيع لمواطنين من مختلف الأعمار والفئات يريدون الحفاظ على إشعاع المنارة الأقوى في أوروبا.

وتمنع الحماية التي تمنحها الدولة للمَرافق التاريخية وذات القيمة المعنوية، هدمها أو تحويرها أو التصرف بها، بوصفها تراثاً قومياً.

تقع المنارة التي تُعدُّ تحفة معمارية ورمزاً من رموز المنطقة، في جزيرة ويسان التابعة لمحافظة بريتاني. يعود تشييدها إلى عام 1863 بارتفاع 47 متراً. وهي مزوَّدة بمصباحَيْن متراكبَيْن من الزجاج السميك، من تصميم الفيزيائي أوغستان فريسنيل الذي استبدل بهذا النوع من الإضاءة المرايا العاكسة التي كانت تستخدم في المنارات. ويرسل المصباحان إشارة ضوئية مؤلَّفة من 8 إشعاعات بمدى يصل إلى نحو 60 كيلومتراً. لكن قراراً رسمياً صدر بتحويل المنارة إلى الإنارة الصناعية الأقل إشعاعاً للتخلُّص من مادة الزئبق التي تشكّل خطراً على الصحة. ويمكن الصعود إلى قمّتها عبر درج يُعدُّ تحفة فنّية. كما يضمُّ المبنى متحفاً وحيداً من نوعه في العالم يجمع مصابيح المنارات القديمة، يزوره آلاف السياح كل عام.

درجها تحفة (موقع المنارة)

وسخر أهالي الجزيرة من هذه الحجَّة ومن محاولات تقليل قوة المنارة التي يمكن التحكُّم بإنارتها عن بُعد. ونظراً إلى فرادة مصباحَيْها الزجاجيَيْن، فقد نُقلا للعرض في المعرض الكوني الذي أُقيم في نيويورك عام 1939.في هذا السياق، قالت متحدّثة باسم جمعية محلّية إنّ العبث بالمنارة يُشكّل نوعاً من الاستهانة بأهالي المنطقة والتنكُّر لسمعتهم بوصفهم بحَّارة يُضرَب بهم المثل عبر العصور. كما لفتت النظر إلى المخاطر التي يتسبَّب فيها تقليل قوة الإنارة في جزيرة تعبرها 54 ألف باخرة سنوياً، أي 150 باخرة في اليوم، بينها 8 على الأقل تنقل مواد خطرة، إذ يمرُّ عبرها 700 ألف طن من النفط يومياً.