ترمب يستأنف حملته الانتخابية من فلوريدا مؤكدا أنه «محصن... وقوي للغاية»

بعد 11 يوما من الغياب بسبب إصابته بـ«كوفيد - 19» استأنف الرئيس دونالد ترمب مرشح الحزب الجمهوري، حملته الانتخابية، بشكل مكثف، من ولاية فلوريدا، مؤكدا لأنصاره أنه «محصن... وقوي للغاية» قبل ثلاثة أسابيع من المواجهة الرئاسية مع جو بايدن.
وكانت أولى محطاته هي ولاية فلوريدا مساء الاثنين ثم ولاية بنسلفانيا مساء الثلاثاء، وينطلق يوم الأربعاء إلى ولاية أيوا ثم ولاية نورث كارولاينا يوم الخميس في محاولة لتغيير ديناميكيات السباق الانتخابي. وكان التجمع في فلوريدا هو الأول من بين ستة تجمعات انتخابية جمهورية مقررة هذا الأسبوع.
بينما يحاول المرشح الديمقراطي جو بايدن الحفاظ على ما حققه خلال الفترة الماضية من جذب لأصوات الناخبين وتصدر استطلاعات الرأي. ويزور بايدن ولاية فلوريدا مساء الثلاثاء بعد زيارته لولاية أوهايو مساء الاثنين، مركزا على جذب أصوات كبار السن والأميركيين السود في إطار تركيز الحملات على الولايات المتأرجحة.
وأثار ترمب حماسة أنصاره حيث احتشد نحو سبعة آلاف شخص في مطار أورلاندو سانفورد الدولي بولاية فلوريدا. وبدا ترمب غير منزعج من نصائح خبراء الصحة العامة حول الفيروس، حيث قال للجمهور في خطابه الذي استمر 65 دقيقة «يقولون إنني محصن. أشعر بقوة كبيرة، سأقبل الجميع في هذا الجمهور، وسأقبل الرجال والنساء الجميلات»، وهو ما أثار انتقادات واعتبره المحللون نهجا يضر ترمب، بإصراره على التمسك بالتقليل من شأن الوباء الذي وصفه في السابق بأنه قاتل ومميت. وكرر ترمب خلال التجمع هجومه على منافسه جو بايدن، مشيرا إلى أن (بايدن) سيقود إلى «سيطرة اشتراكية على الرعاية الصحية». كما انتقد ترمب منافسه بتهربه من الأسئلة حول ما إذا كان سيزيد عدد القضاة في المحكمة العليا. وقال لمؤيديه ومناصريه في فلوريدا: «إذا قمتم بالتصويت لي، فسوف يرتفع الرخاء، وتعود الحياة الطبيعية، وهذا ما نريده، نريد حياة طبيعية».
وأضاف محذرا الجمهور «سينهي بايدن التعافي ويؤخر اللقاح ويطيل أمد الوباء ويدمر اقتصاد فلوريدا بإغلاق شديد القسوة وغير علمي». ووصف ترمب منافسه بايدن «بأنه ضد الله، إنه ضد السلاح، إنه ضد الطاقة». وحذر ترمب من تزوير الانتخابات وقلل من نتائج استطلاعات الرأي موضحا أنها مزورة. وألقى باللوم كالعادة على الصين في انتشار الوباء، مؤكدا على نجاح إدارته في إنقاذ أرواح الملايين من هذا الوباء وقال: «لقد أنقذنا ملايين الأرواح، عندما ظهر هذا الوباء لأول مرة، وقمنا بعمل جيد بعد أن توقعوا أن يموت 2.2 مليون شخص». وأضاف «هي غلطة الصين. لقد سمحت بحدوث هذا. لقد سمحت لهذا الفيروس بالهروب منها».
وأشار مسؤولو حملة ترمب إلى أن الرئيس سيسافر كل يوم تقريبا خلال الفترة المتبقية حتى إجراء الانتخابات في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني). ويسعى المرشح الجمهوري إلى تكثيف حملته كفرصة أخيرة لتعزيز حظوظه في معركة إعادة انتخابه في حين تشير استطلاعات الرأي إلى تراجع حظوظه بقوة مقابل منافسه الديمقراطي جو بايدن خاصة في الولايات المتأرجحة مثل بنسلفانيا وفلوريدا.
وقد بدأ ترمب جدول سفره بزيارة فلوريدا وهي ولاية يكاد يكون من المؤكد أنه لا يمكن الفوز بالانتخابات من دون هذه الولاية المهمة التي تمتك 29 صوتا في المجمع الانتخابي. وقد فاز ترمب بأصوات فلوريدا في انتخابات 2016 بفارق 1.2 نقطة مئوية على منافسته هيلاري كلينتون مما ساعده على الوصول إلى البيت الأبيض.
في المقابل، توجه المرشح الديمقراطي جو بايدن إلى ولاية أوهايو مساء الاثنين للمرة الثانية خلال عدة أسابيع، وهي ولاية فاز بها ترمب بفارق 8 في المائة في انتخابات 2016 ضد منافسته هيلاري كلينتون، وتملك ولاية أوهايو 18 صوتا في المجمع الانتخابي.
وألقى بايدن خطابا في مدينة توليدو وفي مدينة سنسسناتي ركز فيها على أهمية التصويت في الانتخابات واتهم الجمهوريين بالنفاق أثناء سعيهم لتصوير الديمقراطيين على أنهم مناهضون للدين المسيحي، خلال جلسات المحكمة العليا لترشيح إيمي كوني باريت. ويخطط بايدن لتوسيع خريطة ساحة المعركة وإبقاء ترمب في موقف دفاعي في ولاية أوهايو التي يُعتقد أنها بعيدة عن متناول الديمقراطيين بعد هامش فوز ترمب الواسع هناك قبل أربع سنوات.
وفي مدينة توليدو خاطب بايدن عمال السيارات في شركة جنرال موتورز، وتحدث نائب الرئيس السابق ومن حوله 30 سيارة وشاحنة أميركية الصنع في إشارة إلى مساندته ودعمه للصناعة الأميركية ولطبقة ذوي الياقات الزرقاء، حيث أشاد بالنقابات، وأكد أنه يمثل قيم الطبقة العاملة ملقيا اللوم على منافسه الجمهوري ترمب الذي وصفه بأنه مهتم فقط بإثارة إعجاب الجمهور. وقال بايدن: «أنا لا أقيس الناس بحجم حسابهم المصرفي، أنا وأنت نقيس الناس من خلال قوة شخصيتهم وصدقهم وشجاعتهم».
ويركز بايدن في رسالته الانتخابية على أن الأزمات الاجتماعية والصحية والبيئية والسياسية هي تهديد لاستقرار الولايات المتحدة مثل ما واجهته في السابق من حرب أهلية وكساد اقتصادي كبير. وقد كثفت حملة بايدن من الإعلانات التلفزيونية في ولاية أوهايو وفي الإعلانات الإذاعية في المقاطعات الشرقية والجنوبية بالولاية وهي المقاطعات الصناعية التي فاز بها ترمب في انتخابات 2016.
ويأمل مسؤولو حملة بايدن أن تاريخه في مساندة صناعة السيارات وتأييد حقوق العمال من ذوي الياقات الزرقاء، وأصوله من أسرة من الطبقة المتوسطة ستساعد على الترويج له وتعزيز حظوظه في السباق في أوهايو.
وقد أظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة «نيويورك تايمز» أوائل أكتوبر (تشرين الأول) أن بايدن يحظى بتأييد 45 في المائة في ولاية أوهايو مقابل ترمب الذي يحظى بتأييد بنسبة 44 في المائة. وتعد كل من فلوريدا وبنسلفانيا من الولايات المهمة في حصد أصواتها في المجمع الانتخابي للفوز بالانتخابات، وقد أظهر استطلاع للرأي أجرته «رويترز» يوم الاثنين، أن بايدن يتقدم بفارق 7 نقاط مئوية على ترمب في ولاية بنسلفانيا، حيث قال غالبية الناخبين في الاستطلاع إن بايدن سيقوم بعمل أفضل في التعامل مع الوباء.
ودون الفوز بأصوات فلوريدا لن يكون لترمب عمليا طريق للفوز بإعادة انتخابه. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن بايدن يتفوق على ترمب في فلوريدا بنسبة 3.7 في المائة وهو ما يشكل مأزقا لترمب، ولذا أرسل نائبه مايك بنس إلى فلوريدا في عطلة نهاية الأسبوع كما أرسل أبناءه دونالد جونيور وإريك ترمب إلى فلوريدا للترويج لحملته. وتعد ولاية بنسلفانيا أيضا من الولايات الحاسمة للفوز بالانتخابات وتملك 20 صوتا في المجمع الانتخابي، ولا بد من الفوز بها للحصول على الرقم السحري وهو 270 صوتا للفوز في الانتخابات.
ويقول الخبراء إنه مع بقاء 20 يوما على إجراء الانتخابات، فإن الوقت كاف لمفاجآت أخرى خلال الأيام الباقية من شهر أكتوبر المعروف بمفاجآته قبل الانتخابات.
ويتوقع الديمقراطيون والجمهوريون أن هناك معركة تنتظرهم في بنسلفانيا مع احتمالات نزاعات حول الاقتراع والتصويت بالبريد في تلك الولاية (التي تسمح لأول مرة بالتصويت عبر البريد وباستخدام آلات فرز أصوات جديدة) وتوقعات بدعاوى قضائية لانتخابات متنازع عليها تشابه ما حدث من دراما في نتائج تصويت فلوريدا بين آل جور وجورج بوش في انتخابات عام 2000.
ويواجه ترمب تحديا كبيرا، حيث يشعر مسؤولو حملته أن التحديات الصحية وإصابة ترمب بفيروس «كورونا» قد قللت من حماس مؤيديه وكتلته الانتخابية الصلبة، خاصة بعد أن شهدت بعض الولايات ارتفاعا في الإصابات بـ«كورونا» مرة أخرى. ونشر ترمب على حسابه في «تويتر» أنه محصن ضد «كوفيد - 19» ولا يمكنه نقله إلى أشخاص آخرين مما دفع إدارة «تويتر» إلى وضع علامة على تغريدة ترمب تشير إلى أنها معلومات خاطئة.
وعند مغادرته قاعدة أندروز العسكرية القريبة من واشنطن، لم يكن الرئيس يضع كمامة، خلافا لجميع عناصر الجهاز السري المكلفين أمنه والمساعدين المحيطين به، وفق سيناريو مدروس لإظهاره في موقع القوة.
وبعيد إقلاع الطائرة الرئاسية، أعلن طبيب البيت الأبيض شون كونلي أن ترمب خضع لفحوص أظهرت نتائج سلبية تؤكد أنه لم يعد يحمل الفيروس «لعدة أيام متتالية» باستخدام فحص سريع. غير أن فحص «أبوت» هذا لا يعطي نتائج دقيقة مثل الفحوص الشائعة الاستخدام.
وقد حظي ترمب بكثير من التعاطف عند إصابته بالفيروس، ولكن ظهوره في شرفة البيت الأبيض يوم السبت الماضي، مؤكدا أنه تعافى من الفيروس، بينما تظهر ضمادات طبية على يديه (على الأرجح أنها من حقنة وريدية) أثار القلق مرة أخرى.