الأمم المتحدة تدفع باتجاه «مصالحة ليبية» في «اجتماع تونس»

تخوفات ليبية من محاولات تركيا إفسادها

TT

الأمم المتحدة تدفع باتجاه «مصالحة ليبية» في «اجتماع تونس»

في حين تتهيأ ليبيا لعملية مصالحة وطنية شاملة، على أمل التوصل إلى اتفاق سياسي، وتترقب نتائج المحادثات الدستورية بين وفدي مجلسي النواب و«الدولة» في القاهرة، بانتظار تدشين بعثة الأمم المتحدة ملتقى الحوار السياسي الجامع في تونس، اعترض قادة عسكريون في قوات حكومة «الوفاق»، التي يترأسها فائز السراج، على أي حوار يشارك فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني».
وعبرت مصادر مقربة من حفتر لـ«الشرق الأوسط» عن مخاوفها بشأن ما وصفته بمؤشرات ودلائل على «احتمال تدخل تركيا لإفساد عملية المصالحة» التي ترعاها البعثة الأممية، في ظل استمرار التعاون العسكري بين أنقرة وحكومة «الوفاق».
وسارع رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، الذي تلقى دعم مجلس قبيلة زوية لمبادرته لإنهاء الأزمة الليبية إلى نفي ما أشيع عن سفره إلى تركيا، وعدها «أخباراً كاذبة غير صحيحة».
وكانت وزارة الدفاع التركية قد أعلنت، في بيان مقتضب عبر موقع «تويتر» أمس، أنها تواصل تدريب القوات المسلحة التابعة لحكومة الوفاق الوطني الليبي، في نطاق اتفاقية التدريب والتعاون والاستشارات العسكرية التي أبرمها السراج العام الماضي مع تركيا. ونشرت صوراً لعناصر عسكرية تركية وليبية، على ما يبدو، من داخل قاعدة الوطية الجوية التي سيطرت عليها قوات «الوفاق» بعد انسحاب «الجيش الوطني» منها قبل بضعة شهور.
وأبلغ قادة قوات حكومة «الوفاق» رئيسها السراج، في اجتماع مطول غير معلن دام نحو 6 ساعات، بالعاصمة طرابلس، رفضهم الحاسم لأي حوار سياسي يتيح الفرصة أمام حفتر وقواته. ونقلت وسائل إعلام محلية موالية للحكومة عن مصادر مطلعة أن القادة العسكريين لعملية «بركان الغضب» التي تشنها قوات «الوفاق» أكدوا للسراج أيضاً في هذا الاجتماع الذي حضره آمر المنطقة الغربية، ورئيس الأركان ووزير الدفاع، وآمر غرفة عمليات سرت والجفرة، اعتراضهم على ما وصفوه بـ«تهميشهم وتجاهلهم» في مسارات بوزنيقة بالمغرب، في إشارة إلى المحادثات التي جرت الأسبوع الماضي بين وفدى مجلسي النواب والدولة.
وبعدما طالبوا بضرورة تكليف الكفاءات في التشكيل الوزاري، وتفويض عدة شخصيات لمتابعة ملف الجرحى، تحفظ هؤلاء القادة على أداء المجلس الرئاسي لحكومة السراج، سياسياً وخدمياً.
وكان السراج قد اطلع خلال اجتماع استثنائي لحكومته على نتائج محادثاته الخارجية، والمواقف الإقليمية والدولية تجاه الأزمة الليبية، مشيراً إلى تكليف وزارتي الخارجية والعدل ببحث ومتابعة موضوع العلاقات مع بعض الدول، في ظل ما يستجد من تطورات. لكن فتحي باشاغا، وزير الداخلية بحكومة «الوفاق»، عد في المقابل أن البيئة جاهزة الآن في ليبيا لإعلان اتفاق سياسي يجمع كل الليبيين، وقال في بيان، عقب اجتماعه أمس في طرابلس مع رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا خوسيه أنطونيو، إن نتائج ومخرجات اللقاءات الخارجية بين الفرقاء «خير دليل على ذلك، وهي فترة تاريخية لليبيا»، مبرزاً أن الليبيين «يتطلعون إلى قيادة سياسية واحدة تخرج بالبلاد إلى بر الأمان، بعيداً عن أي جهوية أو مناطقية»، وأعرب عن تطلع بلاده لدعم دول الاتحاد الأوروبي لها في المجالات كافة، خاصة الخدمية منها.
ومن جهته، أعرب السفير الأوروبي عن أمله في عودة زمام الأمور لليبيين، دون أي تدخل خارجي، وأكد أن ليبيا بلد أمن وساحة عمل للجنسيات العربية والأجنبية كافة.
وفي غضون ذلك، بدأت بعثة للأمم المتحدة في ليبيا توجيه دعوات لمختلف الأطراف الليبية التي ستشارك في ملتقى الحوار الذي ستستضيفه تونس الشهر المقبل، حيث قال أعضاء منشقون عن مجلس النواب وموالون لحكومة «الوفاق» في طرابلس إنهم تلقوا دعوة للمشاركة.
وكانت ستيفاني ويليامز، الرئيسة المؤقتة للبعثة الأممية، قد ناقشت مساء أول من أمس مع الرئيس التونسي قيس سعيد التحضيرات الخاصة بعقد هذا الملتقى، وسير المشاورات المتعددة التي تقوم بها البعثة في هذا الإطار. وبحسب بيان للبعثة، فقد عبّر سعيّد عن ترحيب تونس باستضافة الملتقى، فيما أعربت ويليامز عن شكر وتقدير المنظمة الدولية لدعم تونس المستمر لجهود البعثة من أجل التوصل إلى حل سياسي ليبي - ليبي شامل، يكفل السلام والاستقرار في ليبيا والمنطقة.
وأكدت ستيفاني، عقب الاجتماع، أن الحوار المرتقب في تونس سيكون مفتوحاً فقط أمام القياديين الذين يفكرون أولاً «ببلدهم»، وليس هدفهم الحصول على مناصب حكومية، وقالت بهذا الخصوص: «نأمل أن نرى أشخاصاً لم يأتوا إلى هنا من أجل خدمة مستقبلهم السياسي، بل من أجل بلدهم... وشرط المشاركة في هذا الحوار هو التخلي عن المطالبة بتولي مناصب حكومية عليا»، وذلك رداً على سؤال بشأن مشاركة السراج والمشير حفتر في الحوار.
ونقلت عنها وكالة الصحافة الفرنسية قولها، خلال مؤتمر صحافي: «يشمل ذلك المجلس الرئاسي ورئاسة الوزراء والوزارات، ومختلف المناصب السيادية... وهدف الاجتماع هو التوصل لإجراء انتخابات وطنية».



هل تعتزم مصر المطالبة بتسليمها أحمد المنصور؟

المصري المقبوض عليه في سوريا أحمد المنصور (إكس)
المصري المقبوض عليه في سوريا أحمد المنصور (إكس)
TT

هل تعتزم مصر المطالبة بتسليمها أحمد المنصور؟

المصري المقبوض عليه في سوريا أحمد المنصور (إكس)
المصري المقبوض عليه في سوريا أحمد المنصور (إكس)

قال مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن هناك أمر ضبط وإحضار صادراً من السلطات القضائية بمصر ضد المصري أحمد المنصور الذي أطلق تهديدات لبلاده من سوريا، وأفادت الأنباء بالقبض عليه من جانب السلطات الأمنية بدمشق.

ونقلت وكالة «رويترز» للأنباء عن مصدر بوزارة الداخلية السورية، الأربعاء، أن السلطات الحاكمة الجديدة في سوريا ألقت القبض على المنصور عقب بثه تسجيلات هدد وأساء فيها للسلطات المصرية، ودعا لاحتجاجات.

وكان المنصور أثار جدلاً واسعاً بعد ظهوره في مقطع فيديو مصور وخلفه علم مصر القديم قبل ثورة «23 يوليو»، وبجواره شخصان ملثمان، معلناً تأسيس حركة مسلحة باسم «ثوار 25 يناير»، وهدد بإسقاط النظام المصري بقوة السلاح أسوة بما حدث في سوريا.

دعوة أحمد المنصور قوبلت بالرفض حتى من معارضين مصريين، الذين وصفوها بأنها تسيء لسلمية ثورة 25 يناير 2011.

ومن خلال بحث قامت به «الشرق الأوسط»، لم تتوصل لأحكام قضائية مسجلة ضد أحمد المنصور سواء بتهم إرهابية أو جنائية. فيما أوضح المصدر المصري المطلع أن سلطات التحقيق أصدرت أمر ضبط وإحضار للمنصور بتهمة الانضمام لجماعات إرهابية مسلحة والتحريض على قلب نظام الحكم بقوة السلاح وتهديد الأمن القومي المصري، ويجري تجهيز ملف لطلب تسلمه من السلطات في سوريا.

وبحسب المصدر فليس شرطاً وجود أحكام قضائية لطلب تسليم المنصور من سوريا، بل يكفي وجود قرارات بضبطه للتحقيق معه خاصة حينما يتعلق الأمر باتهامات جنائية وليست سياسية.

وفي تقدير البرلماني المصري مصطفى بكري، الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط»، فإن «السلطات السورية لن تسلم أحمد المنصور لمصر، هي فقط ألقت القبض عليه لمنعه من الإساءة للسلطات في مصر لأنها لا تريد صداماً مع القاهرة».

إلا أن الإعلامي والناشط السوري المقرب من الإدارة الجديدة بدمشق عبد الكريم العمر قال لـ«الشرق الأوسط» إن «السلطات السورية الحالية لديها حرص على عدم تحويل سوريا الجديدة كمنطلق تهديد لأي دولة، كما أنها حريصة على العلاقة مع مصر».

وأشار إلى «أنه لا يعلم ما إذا كانت هناك نية لدى الإدارة في سوريا لتسليم المنصور لمصر من عدمه، ولكن المؤكد أنها حريصة على التقارب مع القاهرة».

وبحسب تقارير إعلامية محلية فإن المنصور من مواليد محافظة الإسكندرية، لكنه يتحدر من محافظة سوهاج، وانضم إلى «حركة حازمون»، التي أسسها القيادي السلفي المسجون تنفيذاً لأحكام قضائية حازم صلاح أبو إسماعيل.

كما شارك أحمد المنصور في اعتصامي «رابعة» و«النهضة» لأنصار الرئيس «الإخواني» الراحل محمد مرسي عام 2013، وعقب سقوط «حكم الإخوان» فر من مصر وانضم إلى «جيش الفتح» و«هيئة تحرير الشام» في سوريا، وبعد سقوط نظام بشار الأسد بدأ في بث مقاطع فيديو يهاجم فيها الدولة المصرية.