انطلاق جلسات المصادقة على مقعد المحكمة العليا

القاضية باريت خلال جلسة المساءلة في مجلس الشيوخ التي انطلقت معها شرارات المواجهة المباشرة بين الجمهوريين والديمقراطيين (أ.ف.ب)
القاضية باريت خلال جلسة المساءلة في مجلس الشيوخ التي انطلقت معها شرارات المواجهة المباشرة بين الجمهوريين والديمقراطيين (أ.ف.ب)
TT

انطلاق جلسات المصادقة على مقعد المحكمة العليا

القاضية باريت خلال جلسة المساءلة في مجلس الشيوخ التي انطلقت معها شرارات المواجهة المباشرة بين الجمهوريين والديمقراطيين (أ.ف.ب)
القاضية باريت خلال جلسة المساءلة في مجلس الشيوخ التي انطلقت معها شرارات المواجهة المباشرة بين الجمهوريين والديمقراطيين (أ.ف.ب)

انطلقت جلسات المصادقة على مرشحة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لمقعد قاضية في المحكمة العليا إيمي كوني باريت في مجلس الشيوخ، وانطلقت معها شرارات المواجهة المباشرة بين الجمهوريين والديمقراطيين على ملف مثير للجدل قبل ٣ أسابيع فقط من الانتخابات الرئاسية.
باريت التي جلست بهدوء على الطاولة المخصصة للشهود في قاعة الجلسة، واجهت المشرعين الذين تسلح البعض منهم بكمامات وهم في مقاعدهم، فيما تابع عدد آخر الجلسة عبر الإنترنت اعتراضا على غياب إجراءات السلامة لمواجهة فيروس «كورونا» في قاعة الجلسة، بحسب قولهم. أبرز هؤلاء كامالا هاريس نائبة المرشح الديمقراطي جو بايدن. هاريس وهي عضو في اللجنة، تابعت وقائع اليوم الأول من الجلسات الماراثونية من مكتبها. وقد أضاف موقف هاريس بحد نفسه المزيد من الدراما على وقائع الجلسة، فالديمقراطيون انتقدوا الجمهوريين بسبب المضي قدماً بالمصادقة على باريت في موسم انتخابي محتدم، ودعوهم إلى الانتظار إلى ما بعد الانتخابات، الأمر الذي رفضه الجمهوريون جذرياً. أبرز هؤلاء السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام الذي يترأس اللجنة. غراهام رفض الاتهامات الديمقراطية معتبراً أن «مجلس الشيوخ يؤدي واجباته الدستورية» وحذّر غراهام من أن أسبوع المصادقة سيسلّط الضوء على الخلافات العميقة في مجلس الشيوخ، لكنه أكد على نيته بالتصويت على المصادقة في ٢٢ من الشهر الجاري، ليمهد الطريق أمام تصويت المجلس على المصادقة قبل الانتخابات الرئاسية. وتحدثت كبيرة الديمقراطيين دايان فاينستاين بلهجة قاسية، وألقت نظرة قاتمة على موضوع المصادقة، فحذرت من أن الرعاية الصحية، المعروفة بأوباما كير والتي يتمتع بها الأميركيون على المحك في حال تسلمت باريت مقعدها على المحكمة. وقالت فاينستاين إن القاضية الليبرالية السابقة روث بايدر غينزبرغ تركت فراغاً كبيراً سيكون من الصعب ملؤه، في انتقاد مباشر لباريت التي عينها الرئيس الأميركي لمقعد غيبزرغ الشاغر بعد وفاتها. ودافع الجمهوريون بشراسة عن باريت، مؤكدين أنها لن تنحاز لصالح أي جهة ضد أخرى في أحكامها، وذلك بعد اتهامات الديمقراطيين لها بأنها ستدفع باتجاه إلغاء القانون الذي يحمي حقوق المرأة في الإجهاض بسبب مواقفها المحافظة.
وانضمت باريت إلى الجمهوريين في الدفاع عن مواقفها، مؤكدة أن توجهاتها الشخصية لن تؤثر على الأحكام التي ستصدرها في حال المصادقة عليها. فقالت في خطابها الافتتاحي التي ألقت به وجلس وراءها أولادها السبعة وأفراد عائلتها: «للمحاكم مسؤولية تطبيق القانون وهو أمر مهم في مجتمعنا الحر. لكن المحاكم غير مصممة لحل كل مشكلة وكل خطأ في حياتنا. إن القرارات المتعلقة بالسياسة يجب أن يتخذها السياسيون الذين انتخبهم الشعب. وعلى الشعب ألا يتوقع أن تقوم المحاكم بهذا الدور ويجب على المحاكم ألا تحاول تأدية هذا الدور».
لكن هذه التأكيدات لن تخفف من غضب الديمقراطيين. السيناتور الديمقراطي المخضرم باتريك لايهي قال: «يرى الرئيس ترمب والجمهوريون في ذلك فرصة ترجيح كفة المحكمة وتحويل محاكمنا المستقلة إلى ذراع يمينية متطرفة للحزب الجمهوري».
ورغم هذه الانتقادات المتكررة، ومحاولة الديمقراطيين التحذير من المصادقة على باريت، فإنهم يعلمون جيداً أن جهودهم لعرقلة المصادقة ستبوء بالفشل، فالجمهوريون يتمتعون بأغلبية ٥٣ صوتاً من أصل ١٠٠ في مجلس الشيوخ، والمصادقة تتطلب الأغلبية البسيطة، أي ٥١ صوتاً. هذا يعني أن معارضة الجمهوريتين سوزان كولينز وليزا مرسكوفسكي لتعيين باريت لن تتمكن من عرقلة المصادقة. وبهذا ترجح كفة المحكمة عددياً لصالح المحافظين، إذ تصبح المقاعد التي يتمتعون بها ٦ مقاعد مقابل ٣ فقط لليبراليين. وبحسب تقرير تحليلي لصحيفة «واشنطن بوست» فإن المحكمة العليا ستصبح أكثر محكمة محافظة منذ عام ١٩٥٠ في حال حصلت المصادقة. وستكون باريت القاضية الثالثة الأكثر «محافظة» بعد القاضيين كلارنس توماس وصامويل أليتو.
مما لا شك فيه أنه وإضافة إلى موضوع ميولها المحافظة، فإن انتقاد الديمقراطيين الشرس لتعيين باريت يعود بشكل أساسي إلى صغر سنها. فتعيينات المحكمة العليا هي لمدى الحياة، وباريت تبلغ من السن ٤٨ عاماً ما يجعلها القاضية الأصغر سناً في المحكمة.
وصغر السن تكتيك اعتمده الرئيس الأميركي عن قصد، فهو سبق وأن عيّن القاضي نيل غورسوتش البالغ من العمر ٥٣ عاماً في الحكمة إضافة إلى القاضي تيد كفناه البالغ من العمر ٥٥ عاما ليصبحا من القضاة الأصغر سناً في المحكمة المؤلفة من ٩ قضاة. ولا يزال أمام باريت ثلاثة أيام طويلة من المساءلات والمناوشات. وإضافة إلى ملفات الإجهاض والرعاية الصحية، سلطت الجلسات الضوء على ملف «كورونا» ففي ظل إصابة اثنين من أعضاء اللجنة الجمهوريين بالفيروس وعزل جمهوريين اثنين لنفسهما بسبب تعرضهما لـ(كوفيد - ١٩) استغل الديمقراطيون الفرصة لتسليط الضوء على ما وصفوه بـإخفاقات الإدارة في مواجهة الفيروس.
كما أنها المرة الأولى في تاريخ هذه الجلسات التي لا يسمح فيها للأميركيين بالوجود في قاعة اللجنة. فالكونغرس لا يزال مغلقاً أمام الزوار بسبب تفشي فيروس «كورونا»، لهذا فقد اقتصرت التجمعات المحتجة على تعيين باريت على مظاهرات صغيرة خارج مبنى الجلسة.
يأتي هذا فيما أظهرت استطلاعات الرأي أن غالبية الناخبين يدعمون تأجيل النظر في شغر مقعد غينزبرغ إلى ما بعد الانتخابات. ويظهر الاستطلاع الذي أجرته شبكة إيه بي سي بالتعاون مع صحيفة «واشنطن بوست» أن ٥٢ في المائة من الناخبين يعتبرون أن على الفائز في الانتخابات الأميركية تعيين بديل لغيزنبرغ، وأن على مجلس الشيوخ تأجيل التصويت على المصادقة إلى العام المقبل، موعد تسلم الكونغرس الجديد لولايته الجديدة. فيما دعم ٤٤ في المائة من الناخبين تعيين باريت والتصويت عليها قبل الانتخابات بحسب الاستطلاع نفسه.



كيف غيّر وصول ترمب لسدة الرئاسة بأميركا العالم؟

TT

كيف غيّر وصول ترمب لسدة الرئاسة بأميركا العالم؟

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال الجلسة العامة لقمة حلف شمال الأطلسي شمال شرقي لندن يوم 4 ديسمبر 2019 (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال الجلسة العامة لقمة حلف شمال الأطلسي شمال شرقي لندن يوم 4 ديسمبر 2019 (أ.ف.ب)

يؤدي الرئيس المنتخب دونالد ترمب، اليوم (الاثنين)، اليمين الدستورية بصفته الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة. أما التأثير العالمي لولايته الثانية فقد بدأ يُشعر به بالفعل قبل انطلاق العهد الجديد. فمن القدس إلى كييف إلى لندن إلى أوتاوا، غيّر فوز ترمب الانتخابي وتوقع أجندة ترمب الجديدة حسابات زعماء العالم، حسبما أفادت شبكة «بي بي سي» البريطانية.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال إلقائهما كلمة مشتركة بالبيت الأبيض في واشنطن بالولايات المتحدة يوم 28 يناير 2020 (رويترز)

اتفاق وقف النار في غزة

لقد أحدث دونالد ترمب تأثيراً على الشرق الأوسط حتى قبل أن يجلس في المكتب البيضاوي لبدء ولايته الثانية بصفته رئيساً. قطع الطريق على تكتيكات المماطلة التي استخدمها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بالتحالف مع شركائه في الائتلاف القومي المتطرف، لتجنب قبول اتفاق وقف إطلاق النار الذي وضعه سلف ترمب جو بايدن على طاولة المفاوضات في مايو (أيار) الماضي. ويبدأ ترمب ولايته الثانية مدعياً الفضل، مع مبرر معقول، في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وفق «بي بي سي».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر خلال لقاء في الأمم المتحدة في نيويورك يوم 25 سبتمبر 2024 (رويترز)

قلق الحكومة البريطانية

ترمب وفريقه مختلفان هذه المرة، وأكثر استعداداً، وربما بأجندة أكثر عدوانية، لكن سعادة ترمب بإبقاء العالم في حيرة واضحة. فهذا الغموض المصاحب لترمب هو ما تجده المؤسسة السياسية البريطانية صادماً للغاية.

حصلت سلسلة من الاجتماعات السرية «للحكومة المصغرة» البريطانية، حيث حاول رئيس الوزراء كير ستارمر، والمستشارة راشيل ريفز، ووزير الخارجية ديفيد لامي، ووزير الأعمال جوناثان رينولدز «التخطيط لما قد يحدث»، وفقاً لأحد المصادر.

قال أحد المطلعين إنه لم يكن هناك الكثير من التحضير لسيناريوهات محددة متعددة للتعامل مع ترمب؛ لأن «محاولة تخمين الخطوات التالية لترمب ستجعلك مجنوناً». لكن مصدراً آخر يقول إنه تم إعداد أوراق مختلفة لتقديمها إلى مجلس الوزراء الموسع.

قال المصدر إن التركيز كان على «البحث عن الفرص» بدلاً من الذعر بشأن ما إذا كان ترمب سيتابع العمل المرتبط ببعض تصريحاته الأكثر غرابة، مثل ضم كندا.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعقدان اجتماعاً ثنائياً في قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان يوم 28 يونيو 2019 (رويترز)

صفقة محتملة

في الميدان الأوكراني، يواصل الروس التقدم ببطء، وستمارس رئاسة ترمب الضغط من أجل التوصل إلى اتفاق بين روسيا وأوكرانيا. وهناك حقيقة صعبة أخرى هنا: إذا حدث ذلك، فمن غير المرجح أن يكون بشروط أوكرانيا، حسب «بي بي سي».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (حينها مرشحاً رئاسياً) يصعد إلى المنصة لإلقاء كلمة حول التعليم أثناء عقده تجمعاً انتخابياً مع أنصاره في دافنبورت بولاية أيوا بالولايات المتحدة يوم 13 مارس 2023 (رويترز)

سقوط ترودو في كندا

يأتي عدم الاستقرار السياسي في أوتاوا في الوقت الذي تواجه فيه كندا عدداً من التحديات، وليس أقلها تعهد ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على السلع الكندية.

حتى وقت قريب، بدا جاستن ترودو عازماً على التمسك برئاسته للوزراء، مشيراً إلى رغبته في مواجهة بيير بواليفير - نقيضه الآيديولوجي - في استطلاعات الرأي. لكن الاستقالة المفاجئة لنائبة ترودو الرئيسية، وزيرة المالية السابقة كريستيا فريلاند، في منتصف ديسمبر (كانون الأول) - عندما استشهدت بفشل ترودو الملحوظ في عدم أخذ تهديدات ترمب على محمل الجد - أثبتت أنها القشة الأخيرة التي دفعت ترودو للاستقالة. فقد بدأ أعضاء حزب ترودو أنفسهم في التوضيح علناً بأنهم لم يعودوا يدعمون زعامته. وبهذا، سقطت آخر قطعة دومينو. أعلن ترودو استقالته من منصب رئيس الوزراء في وقت سابق من هذا الشهر.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال لقائه الرئيس الصيني شي جينبينغ في قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان يوم 29 يونيو 2019 (رويترز)

تهديد الصين بالرسوم الجمركية

أعلنت بكين، الجمعة، أن اقتصاد الصين انتعش في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي، مما سمح للحكومة بتحقيق هدفها للنمو بنسبة 5 في المائة في عام 2024.

لكن العام الماضي هو واحد من السنوات التي سجلت أبطأ معدلات النمو منذ عقود، حيث يكافح ثاني أكبر اقتصاد في العالم للتخلص من أزمة العقارات المطولة والديون الحكومية المحلية المرتفعة والبطالة بين الشباب.

قال رئيس مكتب الإحصاء في البلاد إن الإنجازات الاقتصادية التي حققتها الصين في عام 2024 كانت «صعبة المنال»، بعد أن أطلقت الحكومة سلسلة من تدابير التحفيز في أواخر العام الماضي.

وفي حين أنه نادراً ما فشلت بكين في تحقيق أهدافها المتعلقة بالنمو في الماضي، يلوح في الأفق تهديد جديد على الاقتصاد الصيني، وهو تهديد الرئيس المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية على سلع صينية بقيمة 500 مليار دولار.