المتحف البريطاني يعيد قطعاً من خزف سمرقند

تعرض في لندن قبل إعادتها

من القطع المهربة من سمرقند (المتحف البريطاني)
من القطع المهربة من سمرقند (المتحف البريطاني)
TT

المتحف البريطاني يعيد قطعاً من خزف سمرقند

من القطع المهربة من سمرقند (المتحف البريطاني)
من القطع المهربة من سمرقند (المتحف البريطاني)

أعلن المتحف البريطاني أمس عن عزمه إعادة عدد من القطع الخزفية التي تعود لمدينة سمرقند بعد اكتشاف تزوير أوراقها. وحسب ما نقلت صحيفة «ذا غارديان» فالقطع التي تنتمي إلى مجمع تذكاري من العصور الوسطى يقع على أطراف سمرقند، كان قد جرى نقلها إلى داخل مطار هيثرو في حقيبة.
وحسب التقرير، فقد قام المهرب الذي قدم إلى بريطانيا على متن طائرة من دبي في يناير (كانون الثاني) بتزوير أوراق رسمية زعم خلالها أن تلك القطع مجرد نسخ طبق الأصل «جرى تصميمها على نحو يجعلها تبدو عتيقة». وقدم للسلطات إيصالاً يزعم من خلاله أنه اشترى قطع الآجر تلك في الشارقة في اليوم السابق لسفره مقابل 315 درهماً، ما يعادل قرابة 70 جنيهاً إسترلينياً.
وعبر البحث الاتصال بخبراء من عدد من الدول توصل المتحف إلى أن القطع أصلية، وتقدر بعشرات آلاف الجنيهات وتحمل أهمية ثقافية كبيرة للبلد الأصلي الذي تنتمي إليه: أوزبكستان.
في هذا الصدد، قال جون سيمبسون، أحد أبرز الأمناء في قسم معروضات الشرق الأوسط بالمتحف البريطاني، إن قطع الآجر تبدو مذهلة. وأضاف: «إنها جذابة للغاية... ومن السهل التعرف على سبب انجذاب العناصر الإجرامية لها».
ومثلما الحال في قضايا تهريب الآثار المشتبه بها، أجرت قوة حرس الحدود بالمملكة المتحدة اتصالاً بالمتحف البريطاني للتأكد مما إذا كانت قطع الآجر أصلية ـ وإذا كانت كذلك، فإلى أي دولة تنتمي.
وفي مايو (أيار)، استعان سيمبسون بقرابة 12 خبيراً من بلدان في الشرق الأوسط ووسط آسيا، بجانب الولايات المتحدة وروسيا.
وقال عن هذا الأمر: «الأمر الرائع حقاً في هذه القضية التعاون الذي جرى بيننا وبين هذا النطاق الواسع من المختصين في غضون فترة زمنية قصيرة للغاية وعبر مختلف جنبات العالم، رغم ظروف الوباء المسيطرة على العالم حالياً».
ونهاية الأمر، اتضح أن قطع الآجر التي زعم من تولى تهريبها «أنه جرى تصميمها على نحو يجعلها تبدو عتيقة» يعود تاريخها إلى وقت ما بين نهاية القرن الـ13 ومنتصف القرن الـ14. وأنها تنتمي إلى فترة بدأ خلالها بناء خانة في عهد جاغاطاي خان، الابن الثاني لجنكيز خان، قرابة عام 1227 واستمرت حتى عام 1363.
وتتميز قطع الآجر الأثرية بثلاثة ألوان: الأبيض والفيروزي والأزرق الكوبالت. وتحمل كل واحدة منها نقوشاً تمثل آيات قرآنية، لكن واحدة منها فقط كاملة.
من جهتهم، أكد خبراء من أوزبكستان أن القطع تنتمي إلى مجمع ضريح قثم بن العباس (المعروف باسم شاه زنده) قرب سمرقند. وأشاروا إلى أن أعمال تنقيب عن الآثار جرت بالمنطقة عام 1996 ومطلع عام 2000 وجرى بالفعل العثور على بعض قطع الآجر الملونة هناك، وما يزال بعضها مجهول المصير حتى اليوم.
من ناحيته، أوضح سيمبسون أن شاه زنده عبارة عن مجموعة مهمة من المقابر والآثار على أطراف سمرقند، وهي واحدة من مواقع التراث العالمي، ومزار سياحي شهير.
ومن المقرر عرض قطع الآجر داخل المتحف البريطاني بدءاً من ديسمبر (كانون الأول) لمدة شهرين أو ثلاثة أشهر قبل إعادتها إلى أوزبكستان.


مقالات ذات صلة

مصر: اكتشاف مصطبة طبيب ملكي يبرز تاريخ الدولة القديمة

يوميات الشرق المقبرة تضم رموزاً لطبيب القصر الملكي في الدولة القديمة (وزارة السياحة والآثار)

مصر: اكتشاف مصطبة طبيب ملكي يبرز تاريخ الدولة القديمة

أعلنت مصر، الاثنين، اكتشافاً أثرياً جديداً في منطقة سقارة (غرب القاهرة)، يتمثّل في مصطبة لطبيب ملكي بالدولة المصرية القديمة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق مدخل مقبرة بسقارة

مصر: اكتشاف مصاطب ومقابر أثرية تبوح بأسرار جديدة عن سقارة

ما زالت منطقة سقارة الأثرية تبوح بأسرارها، حيث اكتشفت البعثة الأثرية المصرية اليابانية مصاطب ومقابر ودفنات تكشف مزيداً عن تاريخ هذه المنطقة الأثرية المهمة. …

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية بالقاهرة، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها.

منى أبو النصر (القاهرة )
يوميات الشرق في هذه الصورة التي قدمتها جامعة برمنغهام اليوم 2 يناير 2025 يجري العمل على اكتشاف 5 مسارات كانت تشكل جزءاً من «طريق الديناصورات» بمحجر مزرعة ديوارز بأوكسفوردشير بإنجلترا (أ.ب)

علماء يعثرون على آثار أقدام ديناصورات في إنجلترا

اكتشف باحثون مئات من آثار أقدام الديناصورات التي يعود تاريخها إلى منتصف العصر الجوراسي في محجر بأوكسفوردشير بجنوب إنجلترا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الأثر ثلاثي الأصبع (جامعة برمنغهام)

من هنا مرَّت الديناصورات...

اكتشف عامل محاجر بريطاني أكبر موقع لآثار الديناصورات في البلاد، وذلك في محجر بمقاطعة أكسفوردشاير، جنوب شرقي إنجلترا.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مصر: اكتشاف مصطبة طبيب ملكي يبرز تاريخ الدولة القديمة

المقبرة تضم رموزاً لطبيب القصر الملكي في الدولة القديمة (وزارة السياحة والآثار)
المقبرة تضم رموزاً لطبيب القصر الملكي في الدولة القديمة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: اكتشاف مصطبة طبيب ملكي يبرز تاريخ الدولة القديمة

المقبرة تضم رموزاً لطبيب القصر الملكي في الدولة القديمة (وزارة السياحة والآثار)
المقبرة تضم رموزاً لطبيب القصر الملكي في الدولة القديمة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت مصر، الاثنين، اكتشافاً أثرياً جديداً في منطقة سقارة (غرب القاهرة)، يتمثل في مصطبة لطبيب ملكي لدى الدولة المصرية القديمة، تحتوي نقوشاً ورسوماً «زاهية» على جدرانها، بالإضافة إلى الكثير من أدوات الطقوس والمتاع الجنائزي.

ووفق بيان وزارة السياحة والآثار، كشفت البعثة الأثرية الفرنسية - السويسرية المشتركة التي تعمل في جنوب منطقة سقارة الأثرية، وتحديداً في مقابر كبار رجال الدولة القديمة، عن مصطبة من الطوب اللبن، لها باب وهمي عليه نقوش ورسومات «متميزة»، لطبيب يُدعى «تيتي نب فو»، عاش خلال عهد الملك بيبي الثاني، ويحمل مجموعة من الألقاب المتعلقة بوظائفه الرفيعة، من بينها: «كبير أطباء القصر»، و«كاهن الإلهة سركت»، و«ساحر الإلهة سركت»، أي المتخصص في اللدغات السامة من العقارب أو الثعابين وعظيم أطباء الأسنان، ومدير النباتات الطبي.

جدران المصطبة تتضمّن نقوشاً ورموزاً جنائزية بألوانها الزاهية (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ويُعد هذا الكشف إضافة مهمة إلى تاريخ المنطقة الأثرية بسقارة، ويُظهر جوانب جديدة من ثقافة الحياة اليومية في عصر الدولة القديمة من خلال النصوص والرسومات الموجودة على جدران المصطبة، وفق الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار بمصر، الدكتور محمد إسماعيل خالد.

من جانبه، أوضح رئيس البعثة، الدكتور فليب كولمبير، أن المصطبة تعرّضت للسرقة في عصور سابقة، حسب ما ترجح الدراسات الأولية، لكن الجدران ظلّت سليمة وتحمل نقوشاً محفورة ورسوماً رائعة الجمال، ونقشاً على أحد جدران المقبرة على شكل باب وهمي ملون بألوان زاهية. كما توجد مناظر للكثير من الأثاث والمتاع الجنائزي، وكذلك قائمة بأسماء القرابين، وقد طُلي سقف المقبرة باللون الأحمر تقليداً لشكل أحجار الغرانيت، وفي منتصف السقف نقش يحمل اسم وألقاب صاحب المقبرة.

رموز ورسوم لطقوس متنوعة داخل المصطبة (وزارة السياحة والآثار)

بالإضافة إلى ذلك عثرت البعثة على تابوت حجري، الجزء الداخلي منه منقوش بالكتابة الهيروغليفية يكشف اسم صاحب المقبرة.

وكانت البعثة الأثرية الفرنسية - السويسرية قد بدأت أعمال الحفائر في الجزء الخاص بمقابر موظفي الدولة، خلف المجموعة الجنائزية للملك بيبي الأول، أحد حكام الأسرة السادسة من الدولة القديمة، وتلك الخاصة بزوجاته في جنوب منطقة آثار سقارة، في عام 2022.

وكشفت البعثة قبل ذلك عن مصطبة للوزير وني، الذي اشتهر بأطول سيرة ذاتية لأحد كبار رجال الدولة القديمة، التي سُجّلت نصوصها على جدران مقبرته الثانية الموجودة في منطقة أبيدوس بسوهاج (جنوب مصر).

ويرى عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، أن هذا الاكتشاف «يكشف القيمة التاريخية والأثرية لمنطقة سقارة التي كانت مركزاً مهماً للدفن خلال عصور مصر القديمة».

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «المصطبة المكتشفة تعود إلى طبيب ملكي يحمل لقب (المشرف على الأطباء)، كان يخدم البلاط الملكي في الأسرة الخامسة (تقريباً في الفترة ما بين 2494 و2345 قبل الميلاد)، وجدران المصطبة مزينة بنقوش زاهية الألوان تجسّد مشاهد يومية وحياتية وأخرى جنائزية؛ مما يوفّر لمحة عن حياة المصريين القدماء واهتماماتهم بالموت والخلود».

ويضيف العالم المصري أن المصاطب تُعد نوعاً من المقابر الملكية والنخبوية التي ظهرت خلال بدايات عصر الأسرات الأولى، قبل ظهور الشكل الهرمي للمقابر.

المصطبة المكتشفة حديثاً في سقارة (وزارة السياحة والآثار)

وتضم النقوش داخل المصطبة صوراً للطبيب الملكي وهو يمارس مهامه الطبية، إلى جانب مناظر تعكس الحياة اليومية مثل الصيد والزراعة، ويلفت عبد البصير إلى أن «النقوش تحتفظ بجمال ألوانها المبهجة؛ مما يدل على مهارة الفنانين المصريين القدماء وتقنياتهم المتقدمة».

ويقول الدكتور حسين إن هذا الاكتشاف يعزّز فهمنا لتاريخ الدولة القديمة، ويبرز الدور المحوري الذي لعبته سقارة مركزاً دينياً وثقافياً، مؤكداً أن هذا الاكتشاف «يُسهم في جذب مزيد من الاهتمام العالمي للسياحة الثقافية في مصر، ويُعد حلقة جديدة في سلسلة الاكتشافات الأثرية التي تُعيد إحياء تاريخ مصر القديمة وتُظهر للعالم عظمة هذه الحضارة».

تجدر الإشارة إلى أن وزارة السياحة والآثار أعلنت قبل يومين اكتشاف 4 مقابر يعود تاريخها إلى أواخر عصر الأسرة الثانية وأوائل الأسرة الثالثة، في منطقة سقارة بالجيزة، وأكثر من 10 دفنات من عصر الأسرة الـ18 من الدولة الحديثة.