مرض أدبي اسمه الجوائز

مرض أدبي اسمه الجوائز
TT
20

مرض أدبي اسمه الجوائز

مرض أدبي اسمه الجوائز

كلما أعلن عن الفائز بجائزة نوبل، ارتفع الصراخ العربي، الذي قلما نسمعه في أي مكان من العالم، وكأن ظلماً عظيماً قد ألحق بنا. إننا نتوهم أن هناك أسماء عربية معينة مرشحة للجائزة، وتبقى في حالة ترقب قصوى، بل حالة حمى. وحين لا يتحقق هذا الوهم تتضاعف خيبتنا كل عام، وتنهال اتهاماتنا على الأكاديمية السويدية التي تناصب العداء لكل ما هو عربي. وكأننا، من حيث لا ندري، نريد اعترافاً بنا وبأدبنا، نابعاً من شعور يفضح نفسه، رغم كل قناع: شعور بالدونية لا ينتهي إلا باعتراف الآخر بنا. وربما لهذا السبب، تزدحم السير الذاتية لكتابنا بـ«ترجماتهم» إلى اللغات «العالمية» التي لا تعد، سعياً لاكتسب لقب «الكاتب العالمي»، وهو لقب لا يوجد في كل لغات الأرض، إلا في اللغة العربية. كم من كتابنا، إذا استثنينا نجيب محفوظ، قد ترجمت أعماله فعلاً إلى اللغات الأخرى، وخاصة الإنجليزية التي تعتمد عليها لجنة نوبل في خياراتها، ما عدا رواية أو اثنتين، وقصائد متفرقة هنا وهناك؟
جائزة نوبل، هي مثل أي جائزة أخرى، رغم صيتها المجلّل. صحيح، أنها قد تمثل نوعاً من الاعتراف بأهمية كاتب ما، ولكن ليس دائماً. فلقد منحت عبر تاريخها الطويل لكتاب سيئين، وهم كثر، كما تقول لويس غليك نفسها في الحوار المنشور معها في هذه الصفحة.
فالأكاديمية السويدية تبقى في النهاية مثل أي لجنة تحكيم أخرى، محكومة بذوق وتقديرات أعضائها، وثقافاتهم أيضاً. أحكامها ليست «أحكام قيمة»، وأعضاؤها ليسوا «آلهة الأولمب». ولو تغير أعضاؤها سنوياً، بل إن تستمر عضويتهم مدى الحياة، لتغيرت قوائم جوائزها إلى حدٍ كبير. ونحن نذكر أن الجائزة، التي تأسست عام 1910. لم تمنح لكاتب مثل ليو تولستوي، الذي ما زالت البشرية كلها، في الشرق والغرب، تواصل قراءته، بينما منحت آنذاك لكتاب انطفأوا مع الزمن ولم يعد أحد يقرأ لهم، أو حتى يذكرهم مثل رينه سولي برودوم وثيودور مومسن وبيور نسيتارنه بيورنسون وآخرين.
والحبل على الجرار. فلم يفز بها العملاق بورخيس، وهي لا تهمه أساساً. ولم تذهب، مثلاً، لشاعر عملاق مثل راينر ماريا ريلكه، ولا إلى روائي مثل جيمس جويس، الذي ما يزال منذ بداية القرن العشرين ولحد الآن مالئ الدنيا وشاغل الناس. كما لم تمنح مثلاً لأزرا باوند، عراب الشعر الحديث، وأستاذ تي. إس. إليوت، كما نالها عام 1995 شاعر مثل شيموس هيني، بسبب القضية الآيرلندية أساساً، وهو بكل المقاييس لا يرقى لمستوى معاصره تيد هيوز، ومعلمه أيضاً.
كم كانت حيية لويز غويك، حين لمحت أنها تشعر بالحرج لمنح الجائزة لـ«شاعرة بيضاء»، في زمن التمييز العنصري المتصاعد في بلدها، ولعل في ذهنها كانت الشاعرة الأميركية السوداء ريتا دوف، التي تتخطاها الجائزة منذ أعوام طويلة.
الكتّاب، كما كتبنا مرة، ليسوا خيولاً في حلبة سباق، أيهم يفوز فيه فهو الأفضل، وليست هناك منافسة، كما قال إليوت مرة، في مملكة الإبداع.
سألوا مرة الشاعر الفرنسي لويس أراغون في أواخر حياته، وهو من هو، لماذا لم يمنحوك جائزة نوبل لحد الآن، فأجاب ببساطة: لأن شعري لم يترجم إلى الإنجليزية!
خذوا الأمر ببساطة. لا تستحق الجوائز كل هذا النواح، حتى لو كانت جائزة نوبل!
ما يستحق البكاء عليه حقاً في الغرف المعتمة هو: الإبداع.
هذا ما يفعله كل المبدعين الحقيقيين عبر التاريخ سواء أفازوا بنوبل أم لا.



الأوبرا المصرية تستعيد أعمال سيد مكاوي في ذكرى رحيله

الأوبرا المصرية تحتفي بسيد مكاوي (دار الأوبرا المصرية)
الأوبرا المصرية تحتفي بسيد مكاوي (دار الأوبرا المصرية)
TT
20

الأوبرا المصرية تستعيد أعمال سيد مكاوي في ذكرى رحيله

الأوبرا المصرية تحتفي بسيد مكاوي (دار الأوبرا المصرية)
الأوبرا المصرية تحتفي بسيد مكاوي (دار الأوبرا المصرية)

احتفلت الأوبرا المصرية بذكرى رحيل الموسيقار سيد مكاوي من خلال تقديم روائع ألحانه لكبار المطربين في حفل، مساء الخميس، بالتزامن مع فعاليات أقامها صندوق التنمية الثقافية بالقاهرة الفاطمية احتفاء بالموسيقار الراحل وبالشاعر صلاح جاهين.

فعلى المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية قدمت فرقة الموسيقى العربية للتراث بقيادة المايسترو الدكتور محمد الموجي، عدداً من ألحان الموسيقار الراحل سيد مكاوى، التى تحمل طابعاً مميزاً يمزج الأصالة بالحداثة، من بينها أغاني «أوقاتي بتحلو»، و«شعورى ناحيتك»، و«مصر دايماً مصر»، و«الصهبجية»، و«أنا هنا يا ابن الحلال»، و«وحياتك يا حبيبي»، و«قال إيه بيسألوني»، و«اسأل مرة عليا»، و«حلوين من يومنا»، و«الأرض بتتكلم عربي»، إلى جانب نخبة من الألحان التى جمعت بصمات عدد من كبار الموسيقيين، وفق بيان للأوبرا المصرية.

فيما نظم صندوق التنمية الثقافية، فعالية بعنوان «ليلة الوفاء: في ذكرى رحيل صلاح جاهين وسيد مكاوي»، في قصر الأمير طاز بالقاهرة التاريخية، تكريماً لمسيرة اثنين من أبرز رموز الفن والثقافة في مصر، وتضمنت افتتاح معرض كاريكاتير، بالتعاون مع الجمعية المصرية للكاريكاتير، يضم لوحات تجسّد ملامح من سيرة مكاوي وجاهين، وتعكس تأثيرهما العميق في الوجدان المصري، وتعيد تقديمهما برؤية فنية معاصرة.

وشارك في الفعالية المعماري حمدي السطوحي، رئيس قطاع صندوق التنمية الثقافية، بتقديم عرض تفاعلي بعنوان «رباعيات معمارية»، بمشاركة المخرجة والممثلة عبير لطفي، في تجربة فنية تتداخل فيها عناصر الشعر والصورة مع المعمار، مستوحاة من الرباعيات الشهيرة لصلاح جاهين وأعماله مع الفنان سيد مكاوي.

ويتضمن البرنامج عرضاً فنياً لنتاج ورشة «لحن وكلمة»، التي أُقيمت بإشراف الدكتور علاء فتحي والشاعر سامح محجوب بالتعاون مع الشاعر جمال فتحي والموسيقار خالد عبد الغفار، بتقديم أعمال فنية مستوحاة من تراث جاهين ومكاوي، وتُعيد تقديمهم من منظور إبداعي معاصر.

جانب من احتفالية احتفاء بسيد مكاوي وصلاح جاهين بقصر الأمير طاز (الشرق الأوسط)
جانب من احتفالية احتفاء بسيد مكاوي وصلاح جاهين بقصر الأمير طاز (الشرق الأوسط)

ويقول الشاعر جمال فتحي: «الاحتفالية في قصر الأمير طاز انطلقت من فكرة الاحتفاء بسيد مكاوي وصلاح جاهين، وقدمنا أوبريت من كتابتي بعنوان (شارع البخت) نتاج ورشة عمل بين بيت الشعر العربي وبيت الغناء العربي، وقدمنا في البداية تحية للرمزين الكبيرين وذكرنا عملهما الخالد (الليلة الكبيرة)».

وأضاف فتحي لـ«الشرق الأوسط»: «قدمنا خلال الاحتفالية فكرة مختلفة للاحتفاء بالموسيقار سيد مكاوي والشاعر صلاح جاهين، لنؤكد على امتداد إبداعهما عبر الأجيال التالية»، وأوضح أن «سيد مكاوي يمثل بصمة خاصة في عالم الموسيقى والغناء، فقد أخد الطابع الموسيقي التعبيري لدى سيد درويش مع الطابع الطربي لدى زكريا أحمد وجمع بين السمتين في بصمة خاصة تميز أعماله التي اشتهر بها مع أم كلثوم، أو فؤاد حداد في (المسحراتي) أو أعماله في الإذاعة، كل ذلك ترك بصمة في الوجدان وفي الموسيقى المصرية».

وبالتزامن؛ نظم مركز إبداع بيت السحيمي بشارع المعز، عرضاً فنياً بعنوان «رباعيات من زمن فات» لفرقة «ومضة» لعروض خيال الظل والأراجوز، سلطت الضوء على مسيرة (جاهين ومكاوي) الفنية والشخصية، وقدمت نماذج مختارة من أعمالهما الخالدة التي لا تزال تُشكّل علامة فارقة في تاريخ الشعر والغناء والموسيقى المصرية.