مقتل 2565 فلسطينيا منذ بدء الأزمة السورية.. وغالبية الفصائل تنأى بنفسها عن الصراع

نازحو الداخل موزعون على 6 مخيمات آمنة... و«اليرموك» تحت سيطرة المعارضة وحصار النظام

مخيم اليرموك دمشق
مخيم اليرموك دمشق
TT

مقتل 2565 فلسطينيا منذ بدء الأزمة السورية.. وغالبية الفصائل تنأى بنفسها عن الصراع

مخيم اليرموك دمشق
مخيم اليرموك دمشق

في تهجيرهم الثاني، يعيش الفلسطينيون تحت وطأة الحرب السورية معاناة إنسانية واجتماعية لا تختلف كثيرا بين من فضل مغادرة سوريا أو النزوح إلى منطقة أخرى داخلها. وفي حين تشير الأرقام الرسمية الفلسطينية إلى سقوط ما بين 1200 و1300 قتيل، ومثل هذا العدد تقريبا من المفقودين، توثق إحصاءات (مجموعة العمل لأجل فلسطيني سوريا) مقتل 2565 فلسطينيا منذ بدء الأزمة السورية.
وقد أدى الخلاف السوري - السوري إلى تهجير نحو نصف مليون فلسطيني كانوا موزعين على 13 مخيما في مختلف المناطق. وبينما لا تزال المباحثات جارية حول إنجاز «اتفاق تسوية» في مخيم اليرموك المحاصر، يبدي الفلسطينيون تخوفهم من تأزم الوضع الأمني والإنساني.
ومنذ سنتين يقع «مخيم اليرموك» تحت سيطرة المعارضة السورية، بينها فصائل إسلامية متشددة، بينما يمنع النظام دخول المساعدات إلى العائلات فيه وتتولى المهمة بشكل أساسي فصائل فلسطينية.
وقد عمد النظام إلى محاصرة المخيم وإحكام الخناق على مختلف مداخله واستهدافه بمختلف أنواع الأسلحة، ومنها البراميل المتفجرة، التي أدت في بعض الأحيان إلى وقوع مجازر، فيما لم تنجح كل المحاولات السياسية في إبعاد «اليرموك» بشكل خاص، والمخيمات الفلسطينية بشكل عام، عن تداعيات الأزمة السورية. ويترافق الحصار مع قطع كامل للكهرباء والمياه والاتصالات، بالإضافة لنقص حاد في المحروقات والغذاء والدواء، كما تدور اشتباكات يومية على محاور المخيم مع قصف بالهاون والرشاشات الثقيلة وبالطيران الحربي.
ويعتبر مخيم اليرموك في دمشق، الذي أنشئ عام 1957، أكبر تجمع للفلسطينيين في سوريا، ويقدر عدد سكانه حاليا بنحو 360 ألف نسمة، ويوجد في المخيم 4 مستشفيات، وأكبر عدد من المدارس التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
ويشير مدير الدائرة السياسية لحركة فتح في دمشق، أنور عبد الهادي، إلى أنه لا يزال يعيش في مخيم اليرموك نحو 15 ألف فلسطينيا بعدما هرب منه نحو 175 ألفا، ويشير في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن وضع الفلسطينيين إنسانيا خارج المخيم أسوأ من داخله، حيث نستطيع قدر الإمكان إدخال المساعدات رغم الحصار المفروض عليه، مشيرا إلى أن فلسطينيي مخيم «خان الشيح» جنوب دمشق، يعيشون بدورهم مأساة إنسانية.
ولفت عبد الهادي إلى أن الوضع لا يختلف كثيرا في مخيمات الفلسطينيين الأخرى الموجودة في درعا وحندرات بحلب، والسبينة والست زينب بدمشق، إضافة إلى ما يعرف بـ«تجمع الحسنية» في دمشق، حيث بات معظم سكانها من اللاجئين داخل سوريا وفي البلاد المجاورة، كما أن قسما منهم نزح إلى المخيمات الأخرى التي تعتبر أنها تعيش استقرارا، والموجودة في حمص وحماه واللاذقية وجرمانا وخان زنون ورمدان.
وفي ما يتعلق بـ«مخيم اليرموك»، قال عبد الهادي إن المجموعات الإسلامية المتشددة، لا سيما «جبهة النصرة»، تفرض تطبيق الشريعة الإسلامية، وقد عمدت قبل نحو 15 يوما إلى إعدام 6 أشخاص بتهمة الكفر.
وأشار إلى أن 30 جولة من المفاوضات خلال سنتين مع الأطراف الأخرى، لم تنجح في التوصل إلى حل وخروجهم من المخيم، رغم كل التقديمات التي عرضناها عليهم، مؤكدا أن القرار الفلسطيني هو بالبقاء على الحياد وعدم الزج بالفلسطينيين في الحرب السورية، وأن 99 في المائة من الفلسطينيين ملتزمون بهذا القرار، متهما في الوقت نفسه فصائل فلسطينية أخرى بإقحام بعض الشباب الفلسطيني في هذه الحرب.
وشهد الأسبوع الماضي اغتيال أمين سر حركة فتح في مخيم اليرموك أبو أحمد طروية، أحد الموكلين من قبل الحركة بمتابعة ملف المصالحة داخل المخيم.
في المقابل، ينفي ياسر علي، مسؤول ملف اللاجئين في حركة حماس بلبنان، مشاركة الحركة في أي نشاط عسكري في سوريا، مؤكدا في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن حماس رفضت وترفض حصار المخيم، موضحا أن بعض الفلسطينيين حملوا السلاح بقرار فردي، ورفض قبول أي معلومات تشير إلى دعم حماس للمقاتلين.
ومنذ بدء الأزمة السورية، وُزع معظم الفلسطينيين في سوريا بين النزوح الداخلي والنزوح الخارجي، بحيث هرب إلى لبنان نحو 42 ألف فلسطيني، وإلى أوروبا 28 ألفا، وإلى مصر 11 ألفا، والجزائر 10500 لاجئ، وتركيا نحو 4 آلاف لاجئ، والأردن 14 ألفا، وفق عبد الهادي.
ويشير ياسر علي، إلى أن عدد الفلسطينيين الهاربين من سوريا إلى لبنان، وصل إلى 44 ألفا، موزعين بشكل أساسي في المخيمات الفلسطينية في بيروت وصيدا جنوب لبنان. ولفت إلى أنهم يعيشون حالة إنسانية صعبة في ظل عدم حصولهم على حقوق اللاجئين التي تمنحها الحكومة اللبنانية للسوريين في لبنان والذين يتلقون المساعدات من مفوضية شؤون اللاجئين، موضحا أن مهمة متابعة الفلسطينيين اللاجئين من سوريا والاهتمام بوضعهم موكلة إلى «الأونروا» والفصائل الفلسطينية، مضيفا أن معظم الهاربين منهم إلى لبنان والموجودين بطريقة غير شرعية، ينتظرون الفرصة المناسبة للمغادرة إلى أي بلد آخر.
يذكر أن معظم اللاجئين الفلسطينيين الذين فروا إلى سوريا في عام 1948 هم من الأجزاء الشمالية من فلسطين، وتحديدا من مدن صفد وحيفا ويافا، بالإضافة إلى عدد من الفلسطينيين الذين فروا من هضبة الجولان بعد احتلالها من قبل إسرائيل عام 1967، والآلاف الذين فروا من الحرب اللبنانية عام 1982.
ونفى عبد الهادي أي طرح أخيرا حول عودة اللاجئين الفلسطينيين من سوريا الى غزة، انطلاقا من ما سبق أن حصل قبل سنتين عندما طرح الرئيس الفلسطيني محمود عباس امكانية عودة فلسطينيين «اليرموك» على أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون، وجاءه الردّ على لسان نتانياهو، «من يعود عليه التخلي عن حق العودة». وأكّد «سياستنا هي التثبت في المخيمات، كقضية رمزية لنا، الى حين العودة الى فلسطين».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.