أربعة إيرانيين بينهم دبلوماسي متهمون أمام القضاء البلجيكي بتدبير محاولة إرهابية

خططوا لتفجير اجتماع لـ«مجاهدي خلق» حضره 25 ألفاً من ضمنهم شخصيات عالمية والخطة وضعت في طهران

أسد الله أسدي
أسد الله أسدي
TT

أربعة إيرانيين بينهم دبلوماسي متهمون أمام القضاء البلجيكي بتدبير محاولة إرهابية

أسد الله أسدي
أسد الله أسدي

من المنتظر أن تنطلق نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، في مدينة أنفرس البلجيكية، محاكمة المجموعة الإيرانية المتهمة بالمحاولة الإرهابية التي كانت تستهدف اجتماعاً كبيراً للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (مجاهدي خلق)، الذي ترأسته مريم رجوي، نهاية يونيو (حزيران) عام 2018 في مدينة فيلبانت الواقعة شمال باريس، على مقربة من مطار رواسي - شارل ديغول الدولي. ووفق تقارير استخبارية فرنسية وأوروبية، فإن القنبلة شديدة الانفجار التي كان من المخطط لها أن توضع داخل أو قريباً من مكان التجمع الذي ضم ما لا يقل عن 25 ألف شخص بينهم شخصيات عالمية معروفة، كان يمكن أن يثير تفجيرها الرعب ويفضي إلى مقتل المئات، إن بسبب الانفجار أو بسبب التدافع والهلع.
من بين المتهمين الأربعة الذين سيمثلون أمام المحكمة الفيدرالية في أنفرس، تبرز شخصية أسد الله أسدي، وهو دبلوماسي إيراني معتمد في سفارة إيران في فيينا، وقد قبض عليه في ألمانيا بعد عدة أيام من المحاولة الإرهابية، حيث ادعى أنه كان يمضي عطلة. وأسدي، وفق التحقيقات التي قامت بها الأجهزة الاستخبارية للدول الأوروبية الثلاث المعنية مباشرة بالمحاولة (بلجيكا، وفرنسا، وألمانيا)، التي تعاونت في هذه القضية، فإن مهمة أسدي لم تكن أبداً دبلوماسية، إذ إنه كان يعمل لصالح المخابرات الإيرانية وكانت تتركز على ملاحقة المعارضين والمنشقين الإيرانيين في جنوب أوروبا. وبحسب هذه التقارير، فإن السفارة الإيرانية في فيينا كانت تعد مركزاً رئيسياً لهذه المهمة.
إذا ثبتت التهم على الإيرانيين الأربعة، فإن العقوبة ستكون السجن المؤبد. وبين التحقيق، وفق تصريحات جاك راس، رئيس جهاز المخابرات البلجيكية، في 20 فبراير (شباط) الماضي، أن «الخطة الإرهابية لم تكن بمبادرة (شخصية) من أسد الله أسدي، بل تم تصورها في إيران وبدفع منها». وبحسب التقارير المتوافرة، فإن التحقيق الذي قامت به المخابرات البلجيكية يتطابق تماماً مع التحقيق القضائي الذي سيفضي إلى المحاكمة نهاية الشهر المقبل.
كان مقرراً، وفق ما تكشف عن الخطة، أن تنفجر القنبلة المصنوعة من مادة «تـي آي تي بي» شديدة الانفجار التي اكتشفتها الشرطة البلجيكية مع صاعقها في سيارة مواطنين إيرانيين؛ هما رجل وزوجته، وهي تزن 500 غرام خلال انعقاد مؤتمر المعارضة الإيرانية. وبحسب المعلومات المتوافرة، فإن هذه القنبلة التي تنفجر عن بعد، بالغة التعقيد ويتطلب تحضيرها مهارات خاصة. واللافت أن تعطيل العملية تم صباح 30 يونيو (حزيران)، أي قبل ساعات قليلة من موعد التفجير. ووفق مكتب الادعاء في مدينة بامبيرغ الألمانية، في مقاطعة بافاريا، فإن أسدي مسؤول كبير في المخابرات الإيرانية، وهو من سلم القنبلة إلى الزوج الإيراني أمير سعدوني وزوجته نسيمة ناعمي في مطعم بيتزا، في عاصمة دوقية لوكسمبورغ.
وقد قبض على أسدي في ألمانيا، قريباً من الحدود النمساوية، لدى محاولته العودة إلى النمسا، حيث يتمتع بالحصانة الدبلوماسية. وقد طالبت إيران التي نفت أساساً المحاولة الإرهابية بإخلاء سبيله، بحجة تمتعه بالحصانة المذكورة. وكان الرد الألماني أنه قد قبض عليه في بلد غير البلد المعتمد لديه وخارج مهماته الدبلوماسية، وعمدت برلين لاحقاً إلى تسليمه إلى السلطات البلجيكية. كذلك فعلت فرنسا بتسليمها مواطناً إيرانياً من بين ثلاثة أشخاص قبضت عليهم إلى السلطات نفسها، والأربعة هم الذين سيمثلون أمام المحكمة.
يبلغ أسدي من العمر 49 عاماً، وسبق له أن عمل في العراق بين عامي 2003 و2008، ونقل إلى فيينا في عام 2014. وبحسب جهاز أمن الدولة البلجيكي، فإن أسدي تابع لـ«المكتب 312»، ولجهاز المخابرات في وزارة الاستعلام والأمن التي يصنفها الاتحاد الأوروبي من بين المنظمات الإرهابية وفق لائحته الخاصة. وخلال تدريباته العسكرية، درب أسدي على فبركة المتفجرات وتركزت مهمته في فيينا على جمع المعلومات عن المعارضين بالتعاون مع وزارة الخارجية الإيرانية.
وفيما خص محاولة الاعتداء على تجمع «مجاهدي خلق»، فإن التحقيق بيّن أن أسدي حضر له خلال عام كامل، إذ ثبت مجيئه إلى مدينة أوفير سيور واز الواقعة شمال باريس التي كان يتخذها «مجاهدو خلق» مقراً لهم في أوروبا، وكذلك في مقر المعارضة في فيلبانت وفي الفنادق القريبة التي تنزل فيها عادة كبار الشخصيات.
ومن الذين حضروا تجمع 30 يونيو (حزيران) 2018؛ رودي جولياني، رئيس بلدية نيويورك السابق ومحامي ومستشار الرئيس دونالد ترمب، ونيوت غينغريش، رئيس مجلس النواب الأميركي الجمهوري السابق، وإيف بونيه، مدير المخابرات الفرنسية السابق، ونواب في البرلمان الأوروبي ومسؤولون سابقون من بريطانيا وفرنسا وبلجيكا وغيرهم كثيرون... وأظهر التحقيق أن أسدي تلقى مبالغ مالية كبيرة وقام بعدة سفريات إلى إيران، واجتمع مع الزوجين الإيرانيين في مدن عديدة آخرها في لوكسمبورغ.
وفي تقرير لها نشر أمس، أشارت صحيفة «لوموند» الفرنسية المستقلة، إلى أن أسدي رفض التعاون مع التحقيق البلجيكي، لا بل إنه ذهب إلى تهديد بلجيكا بأفدح العواقب في حال الحكم عليه. وهدد أسدي المحققين البلجيكيين بالانتقام من خلال مجموعات موجودة في العراق ولبنان وسوريا واليمن، وحتى من إيران نفسها، لا بل أيضاً في بلجيكا، في حال تم الحكم عليه ورفض إخلاء سبيله. ونفى محامي أسد الله، ديميتري دي بيكو، أن يكون موكله قد وجه تهديدات. وقال لـ«رويترز»: «هذا قطعاً ليس تهديداً بالانتقام، وإذا تم فهمنا بهذه الطريقة فهذا سوء تفسير». وأضاف أن موكله «سيشرح معنى تعليقاته للمحكمة».
وبيّن التحقيق، وفق «لوموند»، أن الشرطة البلجيكية عثرت في سيارة المرسيدس العائدة للمواطنين الإيرانيين، إضافة إلى القنبلة التي تسلماها من أسدي، على 35 ألف يورو وعلى ثلاثة هواتف جوالة. ويبدو أن أمير سعدوني كشف كثيراً مما يعرفه، ومن ذلك أنه كان يعمل مع أسدي منذ عام 2007. إلا أنه سعى للتخفيف من أهمية دوره وأكد جهله بأن ما كان ينقله كان قنبلة يمكن أن توقع مئات الضحايا. أما الشخص الرابع فهو مهراد عارفاني وقد قبض عليه قريباً من موقع تجمع المعارضة الإيرانية وتم تسليمه إلى بلجيكا. ورغم نفيه معرفته بأسدي، فإن التحقيق بيّن أن الرجلين كانا على تواصل دائم، وأن مهمة عارفاني هي جمع المعلومات عن المعارضة الإيرانية.
وفي شهر أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2018، أصدرت وزارات الداخلية والخارجية والاقتصاد الفرنسية بياناً وجهت فيه صراحة اتهامات واضحة للسلطات الإيرانية بالمسؤولية عن المحاولة الإرهابية، وتحديداً وزارة المخابرات والأمن التي فرضت عليها عقوبات وعمدت إلى تجميد حساباتها وحسابات المسؤول عنها سعيد هاشمي مقدم. وسعت طهران لدى باريس لتحييد نفسها، نافية أي علاقة لها بالعملية المذكورة ووعدتها بتوفير معلومات «موضوعية» تبعد عنها الشبهات ومتهمة المعارضة الإيرانية باختلاقها. بيد أن هذه المعلومات لم تصل أبداً. ورغم ذلك، «تساهلت» باريس مع السلطات الإيرانية لسببين؛ الأول، اقتناعها بأن المؤامرة دبرتها المخابرات، وأن الحكومة والرئيس روحاني ليسا بالضرورة على اطلاع عليها. والثاني رغبتها في الحصول على إخلاء سبيل الباحثة الفرنسية - الإيرانية فريبا عادل خواه التي قبض عليها وعلى رفيق دربها رولان مارشال في يونيو (حزيران) من عام 2019، وبالتالي تلافي إغضاب طهران. ورغم ذلك، فإن الاتحاد الأوروبي أصدر بياناً باسم أعضائه الـ28 في شهر فبراير (شباط) من العام الماضي، ندد فيه بأعمال وصفها بالإرهابية وتعود مسوؤليتها لإيران، وحصلت في ألمانيا والدنمارك وهولندا وألبانيا.
وقبل ذلك، وفي أواخر 2018، أعلنت الحكومة الهولندية أن إيران تقف وراء اغتيال اثنين من المواطنين الهولنديين من أصل إيراني في هولندا في السنوات الأخيرة؛ أحدهما القيادي الأهوازي أحمد مولى، والثاني المعارض الإيراني محمد رضا صمدي كلاهي، المقرب من منظمة «مجاهدي خلق». وقد فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على قسم الشؤون الداخلية بوزارة الاستخبارات الإيرانية، وصنف كلاً من نائب وزير الاستخبارات الإيراني سعيد هاشمي مقدم، بالإضافة إلى أسد الله أسدي على قائمة العقوبات. وسيواجه الإيرانيون الأربعة تهم محاولة القتل على علاقة بتنظيم إرهابي إلى جانب تهم أخرى. وإضافة إلى الادعاء البلجيكي العام، فإن ما لا يقل عن 15 شخصاً من الذين حضروا تجمع المعارضة الإيرانية تقدموا بادعاءات شخصية. وستكون المحاكمة المرتقبة موضع متابعة واسعة بالنظر للظروف التي تتم فيها، وأحدها أنها ستحصل قبل ثلاثة أيام من الانتخابات الرئاسية الأميركية.


مقالات ذات صلة

إردوغان يوجه تحذيراً صارماً لـ«العمال الكردستاني»

شؤون إقليمية إردوغان تعهد بدفن مسلحي «العمال الكردستاني» إذا رفضوا إلقاء أسلحتهم (الرئاسة التركية)

إردوغان يوجه تحذيراً صارماً لـ«العمال الكردستاني»

بينما يواصل وفد الحوار مع زعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين عبد الله أوجلان في إطار مبادرة لإنهاء الإرهاب في تركيا، وجّه إردوغان تحذيراً صارماً لمقاتلي الحزب.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي عناصر من الفصائل الموالية لتركيا تواصل القتال مع «قسد» على محاور جنوب شرقي منبج (أ.ف.ب)

إردوغان: تركيا لم تتدخل في سوريا

تتواصل الاشتباكات بين الفصائل الموالية لتركيا و«قسد» على محاور جنوب شرقي منبج... وأكد الرئيس رجب طيب إردوغان أن بلاده ستواصل الحرب ضد الإرهاب في سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج الشراكة قائمة على تعزيز التعاون وتوسيع التنسيق حيال الوقاية ومكافحة الإرهاب والتطرف العنيف (الشرق الأوسط)

«تلغرام» و«اعتدال» يزيلان 100 مليون محتوى متطرّف

تمكن «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف» ومنصة «تلغرام»، عبر مواصلة جهودهما في مكافحة النشاط الدعائي للتنظيمات الإرهابية، من إزالة 100 مليون محتوى متطرف

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الولايات المتحدة​ يتحدث دوري كورين مساعد قائد شرطة لاس فيغاس متروبوليتان خلال مؤتمر صحافي بشأن تطورات انفجار شاحنة ليلة رأس السنة الجديدة يوم الجمعة 3 يناير 2025 في المدينة (أ.ب)

«إف بي آي»: لا صلة لـ«الإرهاب» بانفجار شاحنة «تسلا» في لاس فيغاس

أكد المحققون الفيدراليون أن العسكري الذي قضى انتحارا في شاحنة صغيرة من طراز «سايبرتراك» خارج فندق ترمب بمدينة لاس فيغاس الأميركية، كان يعاني اضطرابا

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس (الولايات المتحدة))
آسيا سائقو الشاحنات يتجمعون بجوار شاحنات إمدادات المساعدات المتوقفة على جانب الطريق في هانجو يوم 4 يناير 2025 بعد أن نصب مسلحون كميناً لقافلة مساعدات باكستانية (أ.ف.ب)

مقتل 6 أشخاص جرَّاء هجوم انتحاري جنوب غربي باكستان

لقي 6 أشخاص مصرعهم، وأصيب أكثر من أربعين بجروح، جراء هجوم انتحاري استهدف موكباً لقوات الأمن في منطقة تُربت، بإقليم بلوشستان، جنوب غربي باكستان.


قائد الجيش الإسرائيلي يأمر بالتأهب لمواجهة «هجوم إيراني محتمل»

صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لرئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، أثناء تفقد قاعدة جوية تحت الأرض 2 يناير 2025
صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لرئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، أثناء تفقد قاعدة جوية تحت الأرض 2 يناير 2025
TT

قائد الجيش الإسرائيلي يأمر بالتأهب لمواجهة «هجوم إيراني محتمل»

صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لرئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، أثناء تفقد قاعدة جوية تحت الأرض 2 يناير 2025
صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لرئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، أثناء تفقد قاعدة جوية تحت الأرض 2 يناير 2025

قرر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هيرتسي هليفي، رفع مستوى التأهب لمواجهة أي هجوم إيراني مباغت، على الرغم من أن التقديرات تشير إلى «احتمالات ضعيفة للغاية».

وأوضحت مصادر أمنية مقربة منه أن التصريحات المتداولة في واشنطن وتل أبيب بشأن تصاعد التوتر واحتمالية شن هجوم أميركي على طهران لا تعكس بالضرورة قراراً وشيكاً.

وأضافت المصادر أن الرئيس جو بايدن وفريقه للأمن القومي ناقشوا مختلف الخيارات والسيناريوهات، بما في ذلك مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، لكن الرئيس لم يتخذ حتى الآن قراراً نهائياً بهذا الشأن.

وأفادت المصادر بأن بعض القوى في الجهاز الأمني الإسرائيلي ترى أن التغيرات الاستراتيجية في الشرق الأوسط، عقب الضربات التي تلقتها إيران و«حزب الله» اللبناني و«حماس»، التي بلغت ذروتها بانهيار نظام بشار الأسد في سوريا، قد تدفع إيران لاتخاذ إجراءات انتقامية متطرفة ضد إسرائيل.

ومع ذلك، تؤكد التقديرات السائدة بين القيادات الأمنية في تل أبيب أن هذا الاحتمال لا يزال ضعيفاً للغاية. لكن، حرصاً على عدم وقوع مفاجآت، أصدر هيرتسي هليفي توجيهات باتخاذ تدابير احترازية صارمة، بما في ذلك رفع جاهزية سلاح الجو وقوات الدفاع الجوي للتعامل مع أي تطورات محتملة.

تحديات طهران

ويرى المؤيدون لاحتمالية قيام إيران بشن هجوم على إسرائيل في الوقت الراهن أن تدهور الأوضاع الداخلية في طهران يشكل دافعاً لمثل هذا التحرك. ويتجلى هذا التدهور في الانهيار الحاد لقيمة الريال الإيراني، وتصاعد الانتقادات للمسؤولين، وعودة بوادر الاحتجاجات الشعبية، بالإضافة إلى مشكلات التلوث وانقطاع التيار الكهربائي، والضغوط الأميركية المتزايدة. ومن المرجح أن تتفاقم هذه التحديات مع دخول الرئيس الجديد، دونالد ترمب، إلى البيت الأبيض، مما يضع حكام إيران أمام تحديات إضافية.

ووفقاً لما نقله موقع «واللا» العبري، فإن ترمب، المعروف بسياساته غير المتوقعة، قد يتخذ خطوات مفاجئة من شأنها خلخلة التوازنات القائمة في المنطقة. وفي السياق ذاته، تناولت صحيفة «يسرائيل هيوم» اليمينية، الأحد، هذا الموضوع، مشيرةً إلى أن هذه التحولات تصب في مصلحة إسرائيل، نظراً لدعم ترمب المطلق لها ورفضه القاطع السماح لإيران بتطوير قدراتها النووية.

في هذا السياق، أفادت مصادر أمنية في تل أبيب بوجود «قلق واضح» في إسرائيل والولايات المتحدة من احتمال أن تقدم طهران على اتخاذ «خطوة متطرفة»، رداً على الضربات التي تلقتها أو قد تتلقاها مستقبلاً، تتمثل في التوجه نحو تطوير تسلح نووي بوتيرة متسارعة. وترى تل أبيب وواشنطن أن من واجبهما التدخل بالقوة لمنع هذا السيناريو.

صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لرئيس أركان الجيش هيرتسي هليفي أثناء تفقد قاعدة جوية تحت الأرض 2 يناير 2025

خيارات العمل العسكري

وفي تقرير نشره مراسل «أكسيوس» في تل أبيب، باراك رافيد، أشار إلى أن الرئيس الأميركي جو بايدن ناقش مع مستشاريه احتمالية شن هجوم أميركي على المنشآت النووية الإيرانية. وأوضح التقرير أن هذا الخيار سيصبح وارداً في حال توافرت معلومات تفيد بأن طهران بدأت بتحقيق تقدم سريع في تطوير أسلحة نووية، وذلك قبل تسلم الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، مهامه الرسمية في البيت الأبيض في العشرين من الشهر الحالي.

وجاء في تقرير موقع «واللا» الإلكتروني، الخميس الماضي، أن مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، جيك سوليفان، عرض على بايدن «قبل بضعة أسابيع» خيارات لشن عمل عسكري أميركي ضد المنشآت النووية الإيرانية، وذلك في حال تسارع النظام في طهران نحو تطوير أسلحة نووية قبل نهاية ولاية بايدن في 20 من الشهر الحالي، وفقاً لما نقل عن ثلاثة مصادر مطلعة.

وأشار التقرير إلى أن توجيه ضربة أميركية ضد البرنامج النووي الإيراني خلال فترة يعد فيها بايدن «بطة عرجاء» سيكون بمثابة مقامرة كبرى. فمن جهة، أكد الرئيس الأميركي التزامه بمنع إيران من تطوير أسلحة نووية، لكن من جهة أخرى، فإن تنفيذ هجوم كهذا قد ينطوي على خطر نقل أزمة إقليمية أكبر في الشرق الأوسط إلى خليفته، دونالد ترمب.

وذكرت المصادر أن «بايدن وفريقه للأمن القومي ناقشوا خلال الاجتماع مختلف الخيارات والسيناريوهات، لكن الرئيس لم يتخذ قراراً نهائياً». وأضافت أن بعض مساعدي بايدن، ومن بينهم سوليفان، «يرون أن تآكل أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية والقدرات الصاروخية، إلى جانب الضعف الكبير لوكلاء إيران في المنطقة، قد يعزز فرص توجيه ضربة ناجحة ضد المنشآت النووية، مع تقليل مخاطر الانتقام الإيراني والتصعيد الإقليمي».

وقال الدبلوماسي السابق، داني زاكن، إن «ترمب، يبدو مصمماً على استعادة مكانة الولايات المتحدة كأكبر قوة عالمية. لا يبدو هذا التقدير بعيداً عن الواقع، حيث من المتوقع أن تكون ولايته هذه مختلفة تماماً عن (الولايات العادية) التي شهدتها إدارة الرؤساء الديمقراطيين ومعظم الجمهوريين، وأن التغييرات ستتم بسرعة أكبر وبعظمة أكبر من تلك التي حدثت في ولايته السابقة». وأضاف: «استناداً إلى محادثات أجريتها مع مسؤولين سابقين وآخرين في الإدارة المقبلة، ومع موظف كبير في البنتاغون، إضافة إلى مصدر سياسي إسرائيلي مطلع على الاتصالات مع كبار مسؤولي الإدارة الجديدة، تبدو الأمور أكثر من إيجابية لإسرائيل، ولديها طابع عملي للغاية».

وفيما يتعلق بإيران وإمكانية شن هجوم ضدها، قال زاكن إن هناك نيةً من الإدارة الجديدة لتوسيع وتطبيق العقوبات على صادرات النفط الإيراني إلى الصين، وهو المصدر الأساسي لتمويل النظام في طهران. ومع ذلك، من المحتمل أن يفضل ترمب خوض مفاوضات مع النظام الإيراني على أساس التهديد، بهدف التوصل إلى اتفاق يجبره على التنازل الكامل عن برنامجه النووي تقريباً.

وأضاف: «ترمب ليس من محبي الحروب، بل هو محب للصفقات الكبيرة، ومصمم على تنفيذها بسرعة». وذكر أيضاً: «ترمب يسعى لصفقة كبرى، شاملة، تقوم على أساس (صفقة القرن) من جوانب اقتصادية وأمنية. الرئيس الحالي ليس دونالد ترمب 2017، بل أصبح أكثر نضجاً بكثير، ويعرف خفايا الإدارة. على مدار سنوات إدارة بايدن، تابع عن كثب القضايا المركزية، خصوصاً القضايا الخارجية. وإذا كان قد احتاج إلى عامين في ولايته السابقة لتنفيذ التغييرات الكبرى في الشرق الأوسط، فسيتم ذلك الآن في بداية ولايته».

وحسب مصدر آخر نقلته صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن ترمب يسعى إلى اتفاق مع إيران، لكنه يعتمد على إسرائيل للضغط العسكري على طهران، بهدف تسريع تراجعها عن مطالبها السابقة والتوجه نحو اتفاق نووي يرضي جميع الأطراف.