أطراف إيزيدية وعربية غير راضية عن «اتفاق سنجار»

مصادر ترى أن الصراعات المحلية والإقليمية يمكن أن تقوضه

TT

أطراف إيزيدية وعربية غير راضية عن «اتفاق سنجار»

رغم ترحيب كل من الأمم المتحدة وواشنطن باتفاق «سنجار» الموقع بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان أول من أمس، وإضفاء الصفة «التاريخية» عليه من قبل الأطراف الراعية والموقعة عليه، فإن ذلك لا يظهر بالضرورة الصورة الكاملة لمشهد الصراعات المحلية والإقليمية في تلك البقعة المعقدة من بلاد النهرين.
ولعل المواقف المعارضة التي صدرت عن اتجاهات عربية وإيزيدية وحشدية غير قليلة تؤكد بما لا يقبل اللبس أن الطريق إلى حل الالتباس وتضارب المصالح المحلية والإقليمية القائمة في قضاء سنجار ليست سالكة بالطريقة التي تروج لها أطراف الاتفاق، وفي مقدمتهم الحكومة الاتحادية وحكومة أربيل وحلفاؤها من الإيزيديين وغيرهم والأمم المتحدة وواشنطن، فيما ترى الأطراف المعترضة، ومنهم طيف واسع من الإيزيديين المستقلين وجماعات الحشد وعرب الموصل، إلى جانب الجماعات المرتبطة بحزب العمال الكردستاني التركي، أن الطريق ما زال طويلاً لحل معضلة «سنجار».
ويرى الباحث الإيزيدي خلدون سالم إلياس أن «الأمور معقدة تماماً، رغم ما يقال عن الاتفاق. نعم، فيه أشياء إيجابية، خاصة تلك المتعلقة بالبحث عن الإيزيديات المختطفات، وإعادة النازحين، وإعمار البنى التحتية، لكن متى سيتم ذلك إن افترضنا حسن النية؟ لا أحد يعلم».
وبقدر ما يتعلق الأمر بالإيزيديين الذي يمثلون النسبة الأكبر من السكان في سنجار، وقد تعرضوا للقتل والسبي والتهجير على يد عناصر «داعش» بعد احتلالهم للقضاء في يونيو (حزيران) 2014، يقول إلياس لـ«الشرق الأوسط» إن «الموقف الإيزيدي غير موحد للأسف، لذلك لم يكن للإيزيديين في سنجار أي تمثيل في لجنة الاتفاق والتوقيع؛ أستطيع القول إن غالبية الإيزيديين من المستقلين غير راضين عن الاتفاق، فيما تدعمه الجماعات المرتبطة بالحزب الديمقراطي الكردستاني».
ومع ذلك، والكلام لإلياس: «أعتقد أن أكبر معضلة ستواجه نجاح الاتفاق هي قضية تعيين القائم مقام، وقد اختير خدر رشو، وهو عضو بالحزب الديمقراطي الكردستاني، وأيضاً عودة قوات البيشمركة إلى سنجار بالطريقة التي تروج لها أربيل؛ لا أظن أن أهالي سنجار سيقبلون بذلك، وغالبيتهم يطالب بإدارة محلية مستقلة غير خاضعة لأي جهة».
وعن الأسباب الأخرى التي قد تعرقل فرص نجاح الاتفاق، يقول إن «ما يتردد عن النفوذ الذي تتمتع به بعض جماعات (الحشد) الموالية لإيران، والرافضة للاتفاق، صحيح. وهذه إحدى أكبر المشكلات، كذلك لدينا الجهات المقربة من حزب العمال الكردستاني، الرافضة هي الأخرى للاتفاق، فضلاً عن بعض الأطراف العربية غير المؤيدة أيضاً». ويعتقد إلياس أن «تقاطع المصالح المحلية والإقليمية في سنجار يمثل أس المعضلة، وربما يقوض فرص النجاح».
بدوره، اشتكي أمير الإيزيديين في العراق والعالم، نايف بن داود (ينقسم الإيزيديون على أميرين: نايف بن داود وحازم تحسين بيك)، أمس، من أن الحكومة المركزية وحكومة إقليم كردستان «همشتا» الإيزيديين، وأعطت سنجار للبيشمركة. وقال بن داود في تصريحات صحافية إن «الاتفاق بين بغداد وأربيل على إعادة البيشمركة إلى سنجار مرفوض، ولم يشهد وجود أي طرف يمثل الإيزيديين». وأضاف أن «بغداد همشت الإيزيديين الذين قاتلوا (داعش)، وأعطت سنجار للبيشمركة؛ إن أهالي سنجار لا يقبلون أن يمثلهم أي طرف من الخارج، وأي اتفاق بخصوص مصيرهم يجب أن يكون بعلمهم، وفي وجودهم».
وتتحدث بعض الأوساط الإيزيدية عن عدم قبول الإيزيدية نادية مراد، الفائزة بجائزة نوبل للسلام، بالاتفاق هي الأخرى.
والعرب في محافظة نينوى يشكون بدورهم من قصة «التهميش» التي مارستها الحكومتين الاتحادية والإقليمية ضدهم في اتفاق سنجار. وفي هذا الاتجاه، أعرب النائب عن محافظة نينوى، أحمد الجربا، عن احتجاجه لعدم إشراك المكون العربي في اتفاق سنجار، ودعا إلى عرضه على البرلمان.
وقال الجربا، في مؤتمر صحافي عقده داخل البرلمان، بمشاركة عدد من نواب المحافظة، أمس، إنه «في الوقت الذي ندعم فيه أي خطوة لإعادة الوضع الطبيعي لقضاء سنجار ضمن محافظة نينوى، وفرض القانون فيه، وإبعاد أي قوات غير اتحادية، استغربنا يوم أمس من عدم إشراك أي نائب عربي من قضاء سنجار، علماً بأن نسبة العرب في القضاء لا تقل عن 45 في المائة من التعداد السكاني للقضاء، كما قلقنا من بنود الاتفاق الغامض الذي لا نعلم عنه شيء، ولا على أي شيء تم الاتفاق».
وأضاف: «كما أننا نرفض رفضاً قاطعاً عودة البيشمركة، أو الحشد بمختلف تصنيفاته، واختصار مسك الأرض في قضاء سنجار على الجيش العراقي، وعلى القوات الأمنية الاتحادية الأخرى حصراً».
ورغم التأكيدات المتواصلة التي تقدمها الحكومة الاتحادية حول إدارة الملف الأمني، وارتباطه بالقوات الاتحادية، فإن ذلك لم يقلل المخاوف لدى كثيرين من بقاء فصائل «الحشد الشعبي» و«البيشمركة» الكردية، وبعض القوات التابعة لحزب العمال التركي، والتحكم في مفاصل القضاء الأمنية. وعادت قيادة العمليات المشتركة، أمس، لتؤكد أن وزارة الداخلية هي المسؤولة عن الملف الأمني في سنجار. وقال الناطق باسم قيادة العمليات المشتركة، اللواء تحسين الخفاجي، لوكالة الأنباء العراقية إن «الاتفاق بشأن إدارة قضاء سنجار نصَّ على أن تتولى الشرطة الاتحادية التابعة لوزارة الداخلية حصراً مسؤولية الأمن في داخل القضاء».
وأضاف الخفاجي أن «الاتفاق نصَّ أيضاً على صلاحيات الحكومة الاتحادية، بالتنسيق مع حكومة الإقليم، عن طريق التنسيق فيما بينهم فيما يخص الجانبين الأمني والخدمي اللذين سيكونان من مسؤولية لجنة مشتركة تقوم بانتخاب شخص من داخل القضاء يقوم بإدارته».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.