«كوفيد ـ 19» يسبب مشاكل في القلب والذاكرة لبعض المرضى

الأعراض تظهر أو تخبو من دون سابق إنذار

فحص «كورونا» في الهند (إ.ب.أ)
فحص «كورونا» في الهند (إ.ب.أ)
TT

«كوفيد ـ 19» يسبب مشاكل في القلب والذاكرة لبعض المرضى

فحص «كورونا» في الهند (إ.ب.أ)
فحص «كورونا» في الهند (إ.ب.أ)

يعد تساقط الشعر، والأرق المستمر، ومشاكل الذاكرة والطفح الجلدي، ومشاكل القلب والقلق المتزايد، وغيرها، من الأعراض غير المعتادة، التي يبلغ عنها بعض الأشخاص الذين تعرضوا للإصابة بمرض «كوفيد - 19» الناتج عن فيروس كورونا المستجد، حيث يصل الأمر في بعض الأحيان إلى استمرار هذه الأعراض من أسابيع لعدة أشهر.
وذكرت صحيفة «شيكاغو تريبيون» أنه من بين أصحاب تلك الحالات، مريضة تدعى جولي شاشا - فان هورن، كان قد تم نقلها إلى المستشفى في مطلع أبريل (نيسان) الماضي إثر إصابتها بمرض «كوفيد - 19»، حيث ظهر عليها وقتها بعض الأعراض الشبيهة بأعراض الإنفلونزا المصاحبة للفيروس منذ اكتشافه، وهي حمى وسعال شديد وضيق في التنفس.
ثم جاءت سلسلة من الأعراض غير العادية التي تعرضت لها جولي (51 عاما) المتحدرة من ضاحية «بريدج فيو» في جنوب غربي ولاية إلينوي الأميركية، والتي لم تكن تعاني منها قبل إصابتها بفيروس كورونا المستجد. لقد وصفت شعورها بحرقة غريبة في باطن قدميها، وكأنها تمشي على جمر. وبعد أسبوعين من خروجها من المستشفى، بدأت تلاحظ تعرضها لتشوش غريب في الذاكرة، حيث كانت - لسبب غير مفهوم - تنسى أرقام الهواتف والحقائق الروتينية البسيطة التي كانت بإمكانها من قبل تذكرها بسهولة.
ثم بدأت جولي تعاني خلال فصل الصيف من تساقط شعرها بدرجة كبيرة، حيث تقول: «كنت أعاني من أعراض مختلفة كل يوم... وكنت أتساءل، ما هذا؟».
وبينما يكافح خبراء الطب والعلماء من أجل فهم خصائص الفيروس الجديد، يقوم بعض المرضى بالإبلاغ عن مجموعة كبيرة ومتنوعة من الأعراض، التي تختلف عما تتضمنه القوائم الرسمية الصادرة عن مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، والسلطات الصحية الرئيسية الأخرى، بحسب ما ذكرته صحيفة «شيكاغو تريبيون».
وغالبا ما تبدو تلك الأعراض أنها تظهر أو تخبو دون سابق إنذار، وأحيانا ما تستمر لأشهر بعدما يكون من المفترض أن المصابين بها قد تعافوا من الفيروس. وفي فترة سابقة من تفشي الوباء، كانت معظم الجهود الطبية المبذولة تركز على إبقاء المرضى على قيد الحياة وتخفيف العبء في المستشفيات المكتظة بالمرضى. إلا أن ناتالي لامبرت، وهي أستاذة أبحاث مساعدة في كلية الطب بجامعة إنديانا، ومعنية بدراسة العواقب الصحية المرتبطة بمرض «كوفيد - 19» على المدى الطويل، قالت إن هناك حاجة متزايدة في الفترة الحالية لإجراء أبحاث بشأن الحالة الصحية على المدى الطويل بالنسبة لأولئك الذين نجوا من الفيروس، ولكن لا يبدو أنهم قد تعافوا تماما.
ويعرب كثير من المصابين بفيروس كورونا عن إحباطهم بينما يصارعون مرضا جديدا وغامضا، ليس له خريطة طريق وله تاريخ قصير للغاية. وتعتبر الإصابة بأعراض غير متوقعة، من الأسباب الشائعة لتوتر هؤلاء المرضى. وفي أثناء عملها، صُدمت لامبرت بمجموعة من المشاكل الطبية التي أبلغ عنها بعض المرضى، بالإضافة إلى عدد أجهزة الجسم المختلفة التي يبدو أنها تتأثر نتيجة إصابة الجسم بذلك المرض، بحسب ما ذكرته صحيفة «شيكاغو تريبيون».
وكتبت امرأة على صفحة «Survivor Corps» (وتعني فيلق الناجين)، وهي مجموعة على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، تضم أكثر من 100 ألف عضو: «هل عانى أي منكم من رائحة كبريت في أنفه وفي أنفاسه؟». ونشر عضو آخر على الصفحة قائلا: «أشعر بتخدر في جسمي ووجهي، أشعر منذ صباح اليوم أن 80 في المائة من جسمي مخدر تماما». ويشار إلى أن شاشا - فان هورن عضوة أيضا في صفحة «Survivor Corps»، حيث قالت إنها وجدت على الصفحة الدعم من جانب الأعضاء، بالإضافة إلى اقتراحات للعلاج.
وكان من المقرر أن تقوم ديانا بيرنت، وهي مؤسسة صفحة «Survivor Corps»، بإدارة ندوة عبر الإنترنت في الثاني من أكتوبر (تشرين الأول) مع الدكتور الشهير أنتوني فاوتشي، وهو أكبر خبراء الأمراض المعدية في البلاد، لكي تطرح عليه أسئلة بشأن الفيروس نيابة عن أعضاء المجموعة، إلا أن الندوة قد تم تأجيلها بسبب إعلان إصابة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بفيروس كورونا في اليوم نفسه الذي كان مقررا لعقد الندوة.
ويشار إلى أن فاوتشي، حذر المواطنين مرارا بشأن الآثار الصحية المحتملة على المدى الطويل لمرض «كوفيد - 19»، بحسب ما ذكرته صحيفة «شيكاغو تريبيون». وقال فاوتشي، وهو مدير المعهد الوطني الأميركي للحساسية والأمراض المعدية، إن «عددا من الأشخاص الذين تعافوا من الإصابة بالفيروس، لديهم في الواقع استمرار لأعراض - لمدة تتراوح بين أسابيع وشهور - لا يبدو أنها ناجمة عن استمرار الفيروس».
ومن جانبها، تقول شاشا - فان هورن: «أعرف كيف كنت من قبل وأعرف أنني لم أعد أنا»، مضيفة: «لقد سئمت من أن أكون على غير طبيعتي. أريد أن أعود لما كنت عليه من قبل».


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟