معارضة تونسية تطالب بتفويض صلاحيات البرلمان إلى رئيس الحكومة

اتهام حركة «النهضة» بتعريض حياة النواب للخطر

جانب من الاحتجاجات الرافضة لمشروع «قانون زجر الاعتداءات على رجال الأمن» وسط العاصمة التونسية (إ.ب.أ)
جانب من الاحتجاجات الرافضة لمشروع «قانون زجر الاعتداءات على رجال الأمن» وسط العاصمة التونسية (إ.ب.أ)
TT

معارضة تونسية تطالب بتفويض صلاحيات البرلمان إلى رئيس الحكومة

جانب من الاحتجاجات الرافضة لمشروع «قانون زجر الاعتداءات على رجال الأمن» وسط العاصمة التونسية (إ.ب.أ)
جانب من الاحتجاجات الرافضة لمشروع «قانون زجر الاعتداءات على رجال الأمن» وسط العاصمة التونسية (إ.ب.أ)

دعت سامية عبو، القيادية في حزب «التيار الديمقراطي» المعارض، إلى تفويض صلاحيات البرلمان التونسي التشريعية بصفة مؤقتة لرئيس الحكومة هشام المشيشي، وذلك بهدف التصديق على مشروعات القوانين المتأخرة، وعدم تعطيل عمل الحكومة في حال استمرار الزيادة المرتفعة لعدد المصابين بوباء «كورونا» في صفوف نواب البرلمان؛ معتبرة أن عدم اتباع جلهم للإجراءات الاحتياطية عرَّض بقية النواب للعدوى، وهو ما عطل حضورهم لجلسات البرلمان، وأدى إلى ضعف عمليات التصويت.
وكان ماهر العوادي، الطبيب الرئيسي للبرلمان، قد أكد إصابة ستة نواب بفيروس «كورونا»، ومباشرة بعد ذلك خضع كافة نواب الحزب «الدستوري الحر» (17 نائباً)، وبعض نواب حركة «النهضة» (إسلامية)، ونواب حزب «قلب تونس»، و25 موظفاً في البرلمان، للحجر الصحي، وهو ما جعل حضور النواب لأشغال البرلمان ضعيفاً، ولا يمكِّن من تحقيق النصاب القانوني؛ خصوصاً عند التصويت على القوانين التي تتطلب موافقة 109 نواب يمثلون الأغلبية المطلقة.
وفي ظل هذا الوضع الجديد، يرى مراقبون أن البرلمان التونسي بات يواجه ثلاثة خيارات أساسية: أولها مواصلة عمله بشكل عادي، وتحمل ما سيترتب على ذلك من انتشار العدوى تحت قبة البرلمان، بينما يتمثل الخيار الثاني في تفويض إصدار المراسيم إلى رئيس الحكومة؛ خصوصاً ما يتعلق بالملفات المستعجلة التي لا يمكنها الانتظار. أما الخيار الثالث فهو تعطيل كلي لأنشطة البرلمان، وإحالة إدارة شؤون الدولة إلى السلطة التنفيذية، ممثلة في رئيس الدولة ورئيس الحكومة بصفة مؤقتة، إلى حين شفاء نواب البرلمان وعودة النشاط إلى سالف عهده.
وعلى الرغم من الطابع الاستثنائي لهذه العملية، فقد تبادل ممثلو الأحزاب الداعمة للحكومة، وأحزاب المعارضة، التهم بمحاولة عرقلة نشاط البرلمان؛ حيث اتُّهمت الأحزاب الداعية لتعليق كافة الأنشطة، ومن بينها حزب «التيار الديمقراطي»، وحركة «الشعب» (معارضة)، بـ«محاولة شل البرلمان خدمة لرئيس الجمهورية»، في حين اتُّهمت الأحزاب الداعمة للحكومة، ومن بينها حركة «النهضة»، بتعريض حياة النواب للخطر.
على صعيد غير متصل، جددت عدة منظمات حقوقية تونسية، ومن بينها «الرابطة التونسية لحقوق الإنسان»، و«عمادة المحامين»، و«مرصد الحقوق والحريات بتونس» (مرصد حقوقي مستقل) رفضها القطعي والمبدئي لمشروع «قانون زجر الاعتداءات على قوات الأمن»، واعتبرته «غير دستوري، ويندرج ضمن تكريس سياسة الإفلات من العقاب، على اعتبار أن القوات المسلحة تملك ترسانة من التشريعات والقوانين التي تحميها أثناء عملها».
وفي هذا الشأن، قال أنور أولاد علي، رئيس «مرصد الحقوق والحريات بتونس»، إن الاعتداءات والتهديدات بلغت ذروتها، وازدادت وتيرتها تجاه الناشطين الحقوقيين والسياسيين، والمدونين والصحافيين التونسيين، مثلما حصل مع الصحافي أمين قارة، والصحافية وصال الكسراوي، والحقوقية مريم البربري، وغيرهم ممن عبروا عن استنكارهم لتجاوزات بعض رجال الأمن، أو عبروا عن رفضهم لتمرير قانون زجر الاعتداءات على الأمنيين الذي يسعون لتمريره من أجل الإفلات من المحاسبة والعقاب، على حد قوله.
في سياق متصل، أحيلت صباح أمس الصحافية والناشطة الحقوقية مريم البربري على النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بمدينة صفاقس (وسط شرق) بتهمة «الإساءة للغير عبر شبكات التواصل الاجتماعي»، وذلك على خلفية تعليقها على صفحتها على فيديو وثق «اعتداءً أمنياً» من قبل قوات الأمن على أحد المحتجين في مدينة نابل، وأظهر بعض رجال الأمن وهم يكيلون له سيلاً من الشتائم. وتم تأجيل المحاكمة إلى يوم 14 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».