وليد توفيق: لا أحب غناء «ما في صباح الخير يا بيروت» كثيراً

قال لـ«الشرق الأوسط» إن انفجار المرفأ بدد آمال اللبنانيين

توفيق في أثناء متابعته وصول المساعدات إلى لبنان (صفحة توفيق على «فيسبوك»)  -  الفنان اللبناني وليد توفيق (صفحة توفيق على «فيسبوك»)
توفيق في أثناء متابعته وصول المساعدات إلى لبنان (صفحة توفيق على «فيسبوك») - الفنان اللبناني وليد توفيق (صفحة توفيق على «فيسبوك»)
TT

وليد توفيق: لا أحب غناء «ما في صباح الخير يا بيروت» كثيراً

توفيق في أثناء متابعته وصول المساعدات إلى لبنان (صفحة توفيق على «فيسبوك»)  -  الفنان اللبناني وليد توفيق (صفحة توفيق على «فيسبوك»)
توفيق في أثناء متابعته وصول المساعدات إلى لبنان (صفحة توفيق على «فيسبوك») - الفنان اللبناني وليد توفيق (صفحة توفيق على «فيسبوك»)

قال الفنان اللبناني وليد توفيق إن أغنيته الوطنية الجديدة «ما في صباح الخير يا بيروت» التي أطلقها خلال الأيام الماضية عقب انفجار مرفأ بيروت، جاءت بمحض الصدفة بسبب حزنه الشديد على ما حدث في «عروس المدن العربية» بيروت، وأكد في حواره مع «الشرق الأوسط» أنه ما زال مؤمناً بالقومية العربية.
تحدث وليد عن أغنيته الجديدة «ما في صباح الخير يا بيروت»، قائلاً: «هذا العمل لم يكن مخططاً له مطلقاً، حيث إنني كنت جالساً في المنزل أعزف على عودي، وقمت بتصفح هاتفي فوجدت كلمات نشرها الشاعر اللبناني الكبير نزار فرنسيس، فما كان مني إلا أن قمت بتلحينها بطريقة الموال من دون أي آلات موسيقية أخرى، وأرسلتها لنزار فأُعجب بها بشدة وطلب مني نشرها عبر صفحتي، لكن رغم حبي للأغنية فإنني يصعب عليَّ أن أشدو بهذه الأغنية كثيراً، وأدعو الله أن تعود البسمة والسعادة مجدداً على لبنان ويعود شعبه من جديد للحياة، ونعود ونشدو بأغنية (صباح الخير يا بيروت).
ويعلق على الأحدث السياسية في لبنان قائلاً: «أنا عشت ويلات الحرب، وكنت أرى غارات الطيران، ولكن لم أرَ مثل ما حدث من قبل في مرفأ بيروت، ما حدث يجب ألا يمر مرور الكرام، الجرح كبير في صدور كل اللبنانيين، فوفاة أكثر من مائتي شخص وإصابة ما يقرب من 5 آلاف مواطن أمر ليس هيناً، لا بد أن يُحاسَب كل من تسبب في ذلك الأمر، بل يتم إعدامه، فما حدث تسبب في ضياع الأمل لدى كل لبناني، وهو أمر يجعل الإنسان غير قادر على الاستمتاع بالحياة».
وعن «حملة محبي وليد توفيق» التي وفّرت أطناناً من المساعدات لمنكوبي المرفأ، قال: «منذ زمن قديم وأنا معجب للغاية بدور الفنان المصري في خدمة ومساعدة بلده في أثناء الحرب، ومجهوداتهم في توفير الدعم لبلدهم مثل ما فعلت أم كلثوم والفنان عبد الحليم حافظ خلال الفترة من 1967 إلى 1973، ولذلك عقب انفجار مرفأ بيروت، طلبت من أصدقائي رجال الأعمال والسياسيين بمختلف الدول العربية أن يساعدوا منكوبي الحادث، وبالفعل نجحنا في إرسال 3 طائرات محمّلة بمواد غذائية وملابس وصلت إلى 35 طناً، وأتمنى من كل فنان لبناني لديه علاقات وصداقات بمختلف الدول العربية دعم ومساعدة بلده، لأن هذا دورنا الحقيقي في خدمة بلدنا».
وأعرب توفيق عن سعادته بمواقف الدول العربية تجاه لبنان، قائلاً: «تربيت على القومية العربية، ومبادئ الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، وأؤمن بأن العرب لا بد أن يكون بعضهم إلى جانب بعض، كما أشكر كل الفنانين العرب الذين حاولوا شد أزر اللبنانيين وفي مقدمتهم الفنان الكبير هاني شاكر.
ورفض توفيق ما تعرض الفنان حسين الجسمي من انتقادات وسخرية بسبب أغنيته «بحبك يا لبنان»، قائلاً: «الجسمي وش الخير دائماً، وأنا أقول له ارمِ وراء ظهرك، فأنت جبل لا يهزك ريح، كما أن الشجرة المثمرة هي التي يتم النيل منها دوماً».
وعن لحنه الجديد المقرر طرحه خلال الأيام المقبلة بصوت الفنان هاني شاكر بعنوان «كيف بتنسى»، قال: «فكرة الأغنية جاءت بمحض الصدفة، فهي من كلمات الإعلامية اللبنانية نادين الأسعد، وكتبتها لي، وفي إحدى زياراتي للقاهرة، حاولت مقابلة صديقي هاني شاكر، وهاتفته لكنّي وجدته في بيروت من أجل تصوير حلقات برنامج (ذا فويس سينور)، وطلب مني أن أنتظر عودته لكي نقدم عملاً يجمعنا معاً، فأرسلت له أغنية (كيف بتنسى)، فأُعجب بها للغاية، واقترح فور عودته أن نعمل عليها، وبالفعل قمنا بتسجيلها، وقام شاكر بتصويرها بطريقة الفيديو كليب ولكن تعطل طرحها بسبب جائحة (فيروس كورونا)».
مشيراً إلى أن شاكر لم يجد صعوبة في الغناء باللهجة اللبنانية: «شاكر فنان كبير، وأنا تشرفت بالعمل معه، وحين يستمع الجمهور للأغنية سيرى هاني شاكر وهو يشدو بلهجة أهل طرابلس وليس لهجة بيروت».
وعن أعماله الجديدة، يقول: «هناك أغنية ستجمعني بالفنان التونسي صابر الرباعي من ألحاني بعنوان (انت واحشني)، بالإضافة إلى إعادة توزيع عدد من أغنياتي القديمة مثلما فعلت من قبل».
ويؤكد توفيق أنه لا يحب أغاني المهرجانات المنتشرة في مصر وبعض الدول العربية حالياً، ويقول: «أتذكر دائماً مقولة صديقي الراحل بليغ حمدي وقت انتشار مصطلح الأغنية الشبابية في بداية ثمانينات القرن الماضي، عندما ظهرت بعض الأغنيات السيئة بمصر والوطن العربي (اتركهم يغنون بدلاً من اتجاههم لفعل أشياء سيئة)، لذلك أنا أعتقد أن الثورات والأزمات السياسية تفرز أموراً وأشياء غير منطقية، وأعتقد أن نوعية المهرجانات الغنائية هي نتاج تلك الأزمات السياسية والانتشار الفج لمواقع التواصل الاجتماعي».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».