كيف ألهم بيكاسو رواد الفن التاسع؟

معرض عن تأثير لوحات الفنان الإسباني على رسامي الكاريكاتير

من معرض بيكاسو والقصص المصورة
من معرض بيكاسو والقصص المصورة
TT

كيف ألهم بيكاسو رواد الفن التاسع؟

من معرض بيكاسو والقصص المصورة
من معرض بيكاسو والقصص المصورة

وهذا معرض آخر كان مقرراً له أن يقام في ربيع العام الحالي لكن جائحة «كورونا» دفعت به إلى الخريف. وهو قد فتح أبوابه للزوار، أخيراً، في «متحف بيكاسو» في باريس ويستمر حتى أوائل العام المقبل. ولمنع التزاحم على بوابة الدخول، فإن الحجز واقتناء التذاكر يتم عبر موقع إلكتروني، كما أن ارتداء الكمامة ملزم للزوار، باستثناء الأطفال دون سن الحادية عشرة. إنه واحد من تلك المعارض التي يتنافس الآباء والأبناء على ارتيادها.
عنوان المعرض: «بيكاسو والفن التاسع». وقد كنا نعرف أن الفنون التقليدية القديمة ستة: العمارة والنحت والرسم والموسيقى والشعر والأداء التمثيلي. ثم اخترع الإنسان السينما وصارت هي الفن السابع. ولما ظهر التلفزيون صار الفن الثامن. أما المقصود بالفن التاسع فهو الرسوم المصورة.
بدأ الرسام إسباني المولد، عالمي الشهرة، تخطيطاته الأولى، أو شخبطاته، أواخر القرن التاسع عشر، حين كان دون العشرين من العمر. وهي الفترة ذاتها التي ظهرت فيها بدايات الرسوم المصورة في الولايات المتحدة الأميركية. وهو فن سرعان ما اجتذب الكبار والصغار وصارت له معارضه ومجلاته ودور نشره الخاصة به؛ فناً مستقلاً عن الرسم والتصوير. هل كان التقارب بين البدايتين مصادفة سعيدة فحسب؟
يتخذ المعرض الحالي موقعه في فندق عتيق يعود للقرن السابع عشر، وسط باريس، غير بعيد من ضفة «السين». وفيه سعى المنظمون لتتبع الآثار المتبادلة بين أشكال بيكاسو وخطوطه، وهذا الفن الأكثر حداثة بين الفنون. ويطالع الزائر عشرات الرسوم واللوحات والطوابع والتخطيطات الأصلية قبل الطباعة. والمعرض يحتل طابقين من المبنى الذي ما زال محتفظاً بأحجاره وسلالمه القديمة. في الطابق الأرضي نلمح استبطان بيكاسو حرية الخطوط في فن الرسوم المصورة القريبة من الكاريكاتير، من جهة؛ ومن جهة أخرى ما استلهمه فنانو الحكايات المصورة من سحنات وشخصيات تبدو كأنها طالعة من لوحات بيكاسو. ولا شك في أن المتفرج سيصاب بالدهشة وهو يقارن بين الاثنين. من الذي تجرأ، قبل غيره، على تغيير التقسيمات المألوفة للوجه البشري، فوضع العينين في مكان الجبهة ورفع الشفتين مكان العينين؟
من المعروف أن بيكاسو كان قد تأثر، وهو يرسم الوجوه، بالأقنعة الأفريقية، وبالسحنات في الآثار القديمة، وبوجوه المهرجين ولاعبي السيرك، كما تأثر بمواطنه الرسام غويا الذي عاش قبل ولادته ثم انتقل إلى فرنسا ومات فيها، عام 1828. لكن ما قد لا يعرفه الجمهور المعاصر هو أن بيكاسو كان مولعاً بسلاسل القصص المصورة، وقد لعبت دوراً في أعماله منذ بدايات القرن العشرين، سواء في اللوحات والمنحوتات وحتى الخزفيات. وبالتزامن مع المعرض، أصدرت مجلة «لوبوان» الباريسية عدداً خاصاً في 100 صفحة، يشير إلى أن الشاعرة صديقة الفنانين والأدباء، غرترود شتاين، كانت هي التي دلّت الرسام الإسباني الشاب على أفضل ما كان يصدر من رسوم مصورة في الولايات المتحدة. ومنها «بيم بام بوم» لمؤلفها رودولف ديركس، وهي خطوط تركت أثراً على تخطيطاته في تلك الفترة.
ونقرأ في العدد أيضاً أن بيكاسو جرّب أن يخوض ميدان الفن التاسع، وكانت له محاولات في تقديم كتب لليافعين.
كما رسم لوحات ذات أهداف سياسية؛ منها كاريكاتيرات للتنديد بديكتاتور إسبانيا الجنرال فرنكو، أو ملصقات رسمها لمؤتمرات السلام في أوروبا، أواسط القرن الماضي؛ ومنها تلك الحمامة الشهيرة التي كانت شعاراً لمؤتمر فيينا. كان بيكاسو مبدعاً يريد تجريب وسائل التعبير كافة.
هناك في المعرض رسوم غير معروفة للفنان التشكيلي الأشهر في القرن العشرين. كما يضم في طابقه العلوي نماذج كثيرة من الرسوم المصورة التي كان بيكاسو بطلاً لها.
فمع توالي السنين وذيوع شهرته، سحرت شخصيته الاستثنائية معاصريه من فناني تلك الرسوم الذين حاولوا تتبع مغامراته الفنية والعاطفية واستلهموا سيرته في حكايات مرسومة صدرت في كتب أو نشرت متسلسلة في المجلات. ونرى بين المعروضات رسوماً لمشاهير فناني الرسوم المصورة الذين تأثروا به، أمثال سبيغلمان وجان آش وريزر وميلو منارا.



مصر لإعادة إحياء «القاهرة الخديوية» واستثمارها سياحياً

ميدان التحرير بعد تطويره ضمن  القاهرة الخديوية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
ميدان التحرير بعد تطويره ضمن القاهرة الخديوية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر لإعادة إحياء «القاهرة الخديوية» واستثمارها سياحياً

ميدان التحرير بعد تطويره ضمن  القاهرة الخديوية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
ميدان التحرير بعد تطويره ضمن القاهرة الخديوية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

ضمن توجه لإعادة إحياء «القاهرة الخديوية» واستثمارها سياحياً، تدرس مصر مقترحات بإنشاء كيان مستقل لإدارة المنطقة بوصفها أحد معالم السياحة الثقافية في العاصمة المصرية، بما تملكه من بنايات تراثية ذات طرز معمارية فريدة.

المقترحات التي ناقشها الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري خلال اجتماع مع الوزارات والجهات المعنية، الاثنين، تهدف إلى إعداد رؤية متكاملة لإعادة إحياء «القاهرة الخديوية» التي تشهد أعمال تطوير واسعة، واستثمارها سياحياً. ووفق بيان لمجلس الوزراء، ناقش الاجتماع مقترحاً بتكليف أو إنشاء «كيان» مختص لإدارة المنطقة وتشغيلها.

وأكد مدبولي خلال الاجتماع أن «هناك اهتماماً كبيراً بإعادة إحياء منطقة القاهرة الخديوية، والاستغلال الأمثل لها، خصوصاً بعد انتقال الوزارات للعاصمة الإدارية الجديدة»، مشيراً إلى أن «تجارب الدول التي قامت بإحياء المناطق التاريخية عمدت إلى تكليف (كيان) مستقل لإدارة هذه المناطق، ولذا فهناك رؤية ومقترح بإنشاء كيان مستقل يختص بإدارة هذه المنطقة؛ وذلك بما يسهم في الاستغلال الأمثل لها، والحفاظ عليها»، وفق بيان لمجلس الوزراء.

خطط لترميم مباني القاهرة الخديوية وتطويرها (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وتقع القاهرة الخديوية في وسط العاصمة المصرية، ويُطلق عليها «وسط البلد»، وتمتد من منطقة الجزيرة وكوبري قصر النيل غرباً إلى منطقة الأزبكية وميدان العتبة شرقاً، وبلغت مساحتها في مخطط الخديو إسماعيل نحو 20 ألف فدان، واستغرق إعداد وتصميم وتنفيذ مشروع القاهرة الجديدة 5 سنوات، وفق المجلس الأعلى للثقافة.

وتتميّز القاهرة الخديوية بطرز معمارية فريدة ساهم فيها معماريون فرنسيون وإيطاليون وألمان ومصريون، فقد أنشأها الخديو إسماعيل عقب زيارته للمعرض العالمي في باريس عام 1867، وعلى نهج تطوير باريس على يد هاوسمان، قرّر الخديو الاستعانة بالمعماري الفرنسي نفسه لتخطيط القاهرة، وتعيين علي باشا مبارك وزيراً للأشغال العمومية للإشراف على تنفيذ المخطط العمراني للقاهرة على غرار باريس. وفق وزارة السياحة والآثار المصرية.

ويرى الخبير الآثاري، مفتش الآثار في وزارة السياحة والآثار المصرية الدكتور، أحمد عامر أن «إعادة إحياء القاهرة التاريخية وتطويرها يأتيان ضمن التوجه الحكومي للاهتمام بالسياحة الثقافية لتحقيق التوازن بين جميع أشكال المنتج السياحي، إذ إن السياحة الشاطئية هي الأكثر رواجاً»، وقال عامر لـ«الشرق الأوسط»: إن «إسناد إدارة وتشغيل المنطقة إلى (كيان) مختص أمر جيد سيساهم في استعادة القاهرة الخديوية لرونقها وشغلها مكانة متميزة على خريطة السياحة الثقافية العالمية بما تملكه من مقومات فريدة».

ووجه رئيس الحكومة المصرية بتشكيل مجموعة عمل لدرس المقترحات الخاصة بـ«القاهرة الخديوية»، محدداً فترة لا تتعدى شهراً واحداً للانتهاء من دراستها حتى يتسنى البدء في التنفيذ.

بنايات تراثية في القاهرة التاريخية وطرز معمارية فريدة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وخلال الاجتماع أكد وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية المهندس شريف الشربيني أن «الرؤية الاستراتيجية للقاهرة الخديوية تتضمن وضع إطارٍ مؤسّسي لإدارة الأصول في المنطقة»، موضحاً أن «فكرة إنشاء (كيان) مختص لتشغيلها وإدارتها تهدف إلى تحسين بيئة الاستثمار وجذب الاستثمارات السياحية».

واقترح عامر أن يجري «استثناء القاهرة الخديوية من القرارات الحكومية الخاصة بتحديد مواعيد رسمية لإغلاق المحلات والمتاجر، وكذلك استثناؤها من تطبيق خطة ترشيد استهلاك الكهرباء التي تقضي بإطفاء إنارة الشوارع في مواعيد محدّدة»، ففي رأيه أن «السياحة الثقافية لها خصوصية، وعندما يأتي السائح إلى القاهرة الخديوية فإنه يميل إلى السّهر ليلاً، خصوصاً في فصل الصيف، والتّجول والتّسوق».

وحدّدت وزارة التنمية المحلية منذ عام 2020 مواعيد لعمل المحلات والمتاجر، حيث تبدأ فتح أبوابها شتاء في السابعة صباحاً حتى العاشرة مساء، ويُمدّد الموعد في أيام الإجازات والأعياد ويومي الخميس والجمعة حتى الحادية عشرة، بينما يسمح للمطاعم والكافيهات بالعمل حتى 12 مساء، وفي فصل الصيف يكون موعد الإغلاق الرئيس الحادية عشرة مساء، كما تُطبّق الحكومة خطة لترشيد استهلاك الكهرباء تقضي بإطفاء جزئي لإنارة الشوارع.

وتتضمن مقترحات إعادة إحياء القاهرة الخديوية وضع خطط للترويج والتسويق السياحي للمنطقة، ودراسات السوق، ومعدّلات الطّلب على مختلف أشكال المنتج السياحي، وفق بيان مجلس الوزراء.

ويرى الخبير السياحي الدكتور زين الشيخ أن تسويق المنتج السياحي في القاهرة الخديوية يحتاج إلى رؤى وخطط مختلفة، وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «مصر تمتلك تميّزاً وخصوصية في السياحة الثقافية بجميع أشكالها، من متاحف وحضارة وبنايات تراثية، لذا يجب أن تكون خطط تسويق القاهرة الخديوية غير تقليدية، مباشرة مثل المشاركة في المعارض السياحية الدولية، والدعاية في الأسواق السياحية المختلفة، وغير مباشرة، مثل استخدام القوة الناعمة، عبر الأعمال الفنية، من أفلام ومسلسلات، ودعوة المؤثرين في مواقع التواصل الاجتماعي من دول العالم إلى الحضور لمصر».