قصف ليلي عنيف على قره باغ وطائرة مجهولة تستهدف منشآت دينية

بالتزامن مع جهود الوساطة... يريفان تنفي اتفاقاً للتهدئة وباكو تصر على الانسحاب الأرميني

الكنيسة الأرمينية في قره باغ التي تعرضت لقصف صاروخي نفت أذربيجان مسؤوليتها عنه (أ.ب)
الكنيسة الأرمينية في قره باغ التي تعرضت لقصف صاروخي نفت أذربيجان مسؤوليتها عنه (أ.ب)
TT

قصف ليلي عنيف على قره باغ وطائرة مجهولة تستهدف منشآت دينية

الكنيسة الأرمينية في قره باغ التي تعرضت لقصف صاروخي نفت أذربيجان مسؤوليتها عنه (أ.ب)
الكنيسة الأرمينية في قره باغ التي تعرضت لقصف صاروخي نفت أذربيجان مسؤوليتها عنه (أ.ب)

شهدت مناطق متعددة من قره باغ قصفا صاروخيا عنيفا ليلة الخميس، استبق اجتماعا في جنيف أمس، لدفع جهود التهدئة. وأكد الطرفان الأرميني والأذري شن هجمات واسعة النطاق على مدن الإقليم تركز جزء كبير منها في عاصمته ستيباناكيرت. لكن اللافت أن الضربات الصاروخية ترافقت مع استهداف طائرة من دون طيار كنيسة تاريخية في مدينة شوشي، ولم يتم تحديد هويتها فيما قالت أذربيجان إن الطائرة ليست تابعة لقواتها الجوية. وقال أرتسرون هوفهانيسيان الناطق باسم وزارة الدفاع الأرمينية، إن القوات المسلحة الأذرية شنت ليلا عدة ضربات صاروخية على مدن قره باغ. وزاد أن «ستيباناكيرت وشوشي وحدروت ومدن أخرى تعرضت لإطلاق صواريخ عدة مرات. ولدينا عشرات الجرحى». وقال الناطق صباح أمس، «ما زال القتال مستمرا حتى الآن. معارك شرسة تجري، وجيش قره باغ حقق نجاحات. وفقد العدو كمية كبيرة من المعدات، وتم توجيه ضربات قوية من جانب قره باغ في اتجاهات مختلفة من الجبهة». وأوضح أن «المعارك الضارية تدور في الاتجاه الجنوبي». مضيفا أنه «يشارك في الاشتباكات البرية المباشرة، جنود جيش دفاع قره باغ وجنود الاحتياط والمتطوعون الذين وصلوا من أرمينيا». ووفقا لوزارة الدفاع الأرمينية، تكبدت أذربيجان خسائر كبيرة خلال يوم «تصل إلى 260 - 280 جندياً وبين 60 - 80 قطعة من المعدات». في الوقت ذاته، نفت وزارة الدفاع الأرمينية أن تكون قوات تابعة لها استهدفت في عمليات قصف خط أنابيب إمدادات النفط باكو تيبليسي جيهان وأكدت الوزارة أن «يريفان لا تستهدف تدمير البنية التحتية المدنية، ولكن سيتم تدمير جميع الأهداف والنقاط العسكرية التي سيتم إطلاق النار منها على قره باغ بغض النظر عن موقعها».
وكانت أذربيجان أعلنت عن فتح تحقيق لدى المدعي العام الأذري في قضية تتعلق بقصف القوات الأرمينية لخط أنابيب النفط باعتبارها منشأة مدنية. ومع السجال حول الخط النفطي برز سجال مماثل حول استهداف منشآت ومعالم دينية وتاريخية لدى الطرفين. وأفادت وزارة الدفاع الأذرية في بيان أمس، بأن سلاحها الجوي «لم يستهدف المباني والمعالم التاريخية والثقافية وخاصة الدينية». وقالت الوزارة إن «الأضرار التي لحقت بكنيسة شوشي، لا علاقة لها بالأعمال العسكرية للجيش الأذري».
واتهمت في المقابل القوات الأرمينية بتدمير «أهداف مدنية ومبان سكنية، أثناء قصف مدينة غانجا الحدودية فضلاً عن استهداف مجمع إمام زاده، وهو نصب ديني تاريخي».
وتفجر هذا السجال بعد قيام طائرة من دون طيار بقصف الكنيسة التاريخية في مدينة شوشي، ونقلت وسائل إعلام أرمينية عن شهود في المدينة أنهم «شاهدوا الطائرة وهي تقترب إلى مسافة قبل إطلاق صاروخ موجه نحو الكنيسة». وقالت إنه «تم العثور على شظايا الصاروخ وتجري عمليات لدراستها من قبل الخبراء». سياسيا، نفت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأرمينية، آنا نغداليان، صحة تقارير أفادت بأن وزير الخارجية زهراب مناتساكانيان مستعد لعقد لقاء مع نظيره الأذري جيهون بيراموف في إطار محادثات السلام التي أطلقتها «مجموعة مينسك» في جنيف أمس.
وكان الوزير الأذري وصل إلى جنيف لعقد لقاءات مع ممثلي مجموعة مينسك، وأكدت الخارجية الأذرية أنه «يسعى إلى لقاء الرؤساء المشاركين لمجموعة مينسك الخاصة بقره باغ ضمن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا وإطلاع الجانب الآخر على موقف باكو بشأن التسوية». وفي وقت سابق من اليوم، أعلن وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، أن مفاوضات ستجرى في جنيف وموسكو بهدف إطلاق حوار بين باكو ويريفان لتسوية التصعيد العسكري القائم في قره باغ. وفي مقابل مشاركة أذربيجان في حوارات جنيف أمس، فإن الجانب الأرميني سوف يكون ممثلا في اجتماعات مماثلة تجري في موسكو الاثنين.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن الوزير الأرميني سوف يجري الاثنين محادثات مع نظيره الروسي سيرغي لافروف. وجددت الخارجية الأرمينية أمس، رفضها المشاركة في أي مفاوضات قبل وقف النار في إقليم قره باغ. ورأت أن «الموقف المبدئي ليريفان هو أنه لا يمكنك التفاوض من جهة، والإجراءات العسكرية ضد أرمينيا وآرتساخ (قره باغ) جارية من جهة أخرى».
وأضافت أن وزير الخارجية الأرميني على اتصال دائم بالرؤساء المشاركين لمجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا وممثلي الدول المشاركة في الرئاسة.
تزامن ذلك، مع نفي وزارة الدفاع الأرمينية صحة أنباء ترددت صباح أمس، عن «التوصل إلى اتفاق نهائي مع أذربيجان بشأن وقف إطلاق النار في المنطقة المتنازع عليها اعتبارا من اليوم (أمس) الخميس». في المقابل جددت باكو التأكيد على موقفها بأن أي وقف للنار في قره باغ يجب أن يرتبط بانسحاب أرميني من المنطقة.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.