مواجهات الحديدة تدخل يومها الخامس وسط «انزعاج أممي» ودعوة للتهدئة

الجيش اليمني يستعيد زمام المبادرة جنوب مأرب وغربها

أحد رجال القبائل في مأرب على خط المواجهة مع الحوثيين (رويترز)
أحد رجال القبائل في مأرب على خط المواجهة مع الحوثيين (رويترز)
TT

مواجهات الحديدة تدخل يومها الخامس وسط «انزعاج أممي» ودعوة للتهدئة

أحد رجال القبائل في مأرب على خط المواجهة مع الحوثيين (رويترز)
أحد رجال القبائل في مأرب على خط المواجهة مع الحوثيين (رويترز)

دخلت المواجهات التي أشعلتها الميليشيات الحوثية في الساحل الغربي لليمن، حيث مدينة الحديدة وريفها الجنوبي، يومها الخامس وسط «انزعاج» أممي ودعوات إلى وقف التصعيد الذي بدأته الجماعة الانقلابية في أكثر من جبهة، في حين أعلنت مصادر عسكرية أن قوات الجيش المسنودة برجال القبائل استعادت زمام المبادرة وتمكنت من السيطرة على مواقع عدة بعد أن دحرت منها الميليشيات الحوثية جنوب مأرب وغربها.
ومع تصاعد القتال بين الجماعة الحوثية والقوات اليمنية المشتركة في الساحل الغربي، عبّرت البعثة الأممية لدعم اتفاق الحديدة (أونمها) في بيان مقتضب عن «انزعاجها الشديد»، ودعت إلى وقف التصعيد «لتجنب دوامة العنف التي ستؤدي إلى مزيد من المعاناة الإنسانية والخسائر في الأرواح والدمار». وحضت البعثة على «الوقف الفوري لإطلاق النار والعودة إلى الآليات المشتركة التي تم إنشاؤها على مدى العامين الماضيين؛ حتى لا يتم تعريض السكان وإيصال المساعدات الإنسانية للخطر».
إلى ذلك، أفاد الإعلام العسكري للقوات المشتركة بأن الميليشيات الحوثية ارتكبت الثلاثاء 105 خروق للهدنة الأممية في مناطق متفرقة جنوب محافظة الحديدة في أقل من 8 ساعات انتقاماً لخسائرها التي تكبدتها أمس على أيدي القوات المشتركة.
وطاولت الخروق الحوثية مديرية حيس، وبلدة الجبلية التابعة لمديرية التحيتا، ومركز مدينة التحيتا، وعدداً من القرى السكنية في مديرية الدريهمي، ومنطقة الكيلو 16، ومدينة الصالح شرق مدينة الحديدة، ومنطقة الجاح بمديرية بيت الفقيه.
وتنوعت هذه الخروق التي تسببت في اندلاع المواجهات لليوم الخامس، بحسب الإعلام العسكري، بين عمليات استهداف وقصف مكثفة على القرى والأحياء السكنية، ومزارع المواطنين، والطرق العامة والفرعية بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة، وبالقذائف المدفعية الثقيلة، وبين محاولات لاختراق الخطوط الأمامية وتنفيذ هجمات على مواقع القوات المشتركة شرق مركز التحيتا.
وأكدت المصادر، أن الجماعة الانقلابية «تلقت ضربة موجعة» بتدمير مرابض مدفعيتها على أيدي القوات المشتركة وبسقوط عشرات القتلى والجرحى في صفوفها بمدينة الحديدة، بالتزامن مع خسائرها في مديرية التحيتا صباح أمس. وأوضح الإعلام العسكري للقوات المشتركة، أن الميليشيات شنّت هجوماً واسعاً شرق مركز التحيتا، وأن القوات المشتركة تصدت للهجوم وخاضت مع عناصر الميليشيات اشتباكات عنيفة بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة؛ ما أسفر عن مقتل 12 حوثياً وفرار بقية المجموعة المهاجمة.
وقالت المصادر، إن القوات المشتركة رصدت تعزيزات مسلحة تابعة لميليشيات الحوثي استقدمتها من مناطق سيطرتها ودفعت بها نحو مديرية حيس الواقعة جنوب الحديدة، وتضم التعزيزات عربات عسكرية وآليات تحمل عتاداً وأسلحة ثقيلة ومتوسطة. وتتهم القوات الحكومية الجماعة الحوثية بأنها تسعى إلى نسف الهدنة الأممية الهشة المبرمة بموجب اتفاق استوكهولم أواخر 2018، من خلال آلاف الخروق التي ارتكبتها طيلة عامين، خصوصاً بعد أن فشلت خطة الميليشيات في الزحف نحو مأرب في الأسابيع الماضية.
وتهدف الجماعة في أكثر محاولاتها إلى فك الحصار عن المئات من عناصرها المحاصرين في مركز مديرية الدريهمي التي تسيطر القوات المشتركة على أغلب مناطقها الواقعة جنوب مدينة الحديدة.
وفي سياق ميداني متصل، قالت مصادر عسكرية في محافظة مأرب لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات الجيش ورجال القبائل استطاعوا، الثلاثاء، إحراز تقدم واسع جنوب المحافظة بعد أيام من قلب الطاولة على الهجمات الحوثية باتجاه مديرية الجوبة. وأكدت أن قوات الجيش ومسلحي القبائل سيطروا على جبل الظلمان وبدأوا التقدم في وادي طلحة بمديرية رحبة المجاورة كما سيطروا على مواقع مطلة على سوق منطقة نجد المجمعة.
وتأتي هذه التطورات غداة قيام قوات الجيش اليمني المسنودة بطيران تحالف دعم الشرعية بشن هجوم تمكنت خلاله من تحرير مواقع جديدة في جبهة ماهلية جنوب محافظة مأرب نفسها. وذكرت المصادر العسكرية الرسمية، أن قوات الجيش والمقاومة القبلية شنت هجوماً من محاور عدّة تمكنت على أثره من تحرير مواقع ومرتفعات استراتيجية في منطقة رحبة ومناطق أخرى جنوب مأرب، في حين أسفرت المواجهات عن سقوط عشرات القتلى والجرحى في صفوف الميليشيات الحوثية إلى جانب خسائر أخرى في المعدات القتالية.
وقال الناطق باسم القوات المسلحة اليمنية، العميد عبده مجلي، في بيان سابق، إن «صفوف الميليشيات تشهد تقهقراً وانهياراً إثر تحول قوات الجيش الوطني من المعركة الدفاعية إلى المعركة الهجومية، على امتداد الجبهات القتالية في محافظات مأرب وصنعاء والجوف». وأوضح أن «جبهات المخدرة وصرواح والماهلية ورحبة في محافظة مأرب تشهد عمليات هجومية واسعة وتقدمات كبيرة، للسيطرة على الأرض أمام فرار الميليشيا الحوثية المتمردة، التي تلقت استهدافاً مباشراً واستنزافاً مستمراً، من خلال استراتيجيات الكمائن والالتفاف والتطويق».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.