رئيس البرلمان العربي: ندعم دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية

السُّلمي قال لـ «الشرق الأوسط» إن التدخلات الإيرانية والتركية تهدد الأمن والاستقرار

مشعل بن فهم السُّلمي
مشعل بن فهم السُّلمي
TT

رئيس البرلمان العربي: ندعم دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية

مشعل بن فهم السُّلمي
مشعل بن فهم السُّلمي

في ختام 4 سنوات أمضاها الدكتور مشعل بن فهم السُّلمي رئيساً لـ«البرلمان العربي»، تحدث إلى «الشرق الأوسط» عن حصاد فترتي عمله وأبرز الملفات التي تمكنت المؤسسة من إنجازها والقضايا الأخرى التي لا تزال بحاجة إلى مواصلة العمل لتحقيقها، والحديث عن فلسطين كان له جانب مهم ومركزي في عمل «البرلمان العربي».
يرى السلمي، أن «البرلمان العربي حقق خلال الفصل التشريعي الثاني الذي بدأ في أكتوبر (تشرين الأول) 2016 وانتهى في سبتمبر (أيلول)، نقلة نوعية في مسيرته، من خلال تبني برامج نوعية تستهدف الارتقاء بطبيعة عمل البرلمان العربي وترسيخ دوره على المستويين الإقليمي والدولي»، مدللاً على ذلك بـ«إعداد واعتماد خطط عمل برلمانية لدعم القضايا العربية الكبرى، والتصدي للأطماع والتهديدات الموجهة للعالم العربي، واعتماد عدد من الوثائق والاستراتيجيات المجابهة لأطماع دول إقليمية مثل تركيا وإيران وتدخلها في الشؤون الداخلية للدول العربية».
ومن بين أبزر «المنجزات» التي يراها السلمي كان قرار «إنشاء لجنة فلسطين برئاسة رئيس البرلمان العربي، التي تولت إصدار تقرير سنوي يوثق الانتهاكات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة بالعربية والإنجليزية والفرنسية، وإرساله إلى البرلمانات الوطنية والإقليمية والمنظمات والهيئات الدولية، فضلاً عن إعداد خطة عمل لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب».
الحديث عن فلسطين كان له جانب مهم ومركزي في عمل «البرلمان العربي»، وفق السُلمي، الذي أكد أن «القضية الفلسطينية مركزية ومحورية منذ تأسيس (البرلمان العربي)»، مضيفاً «نؤمن أن المنطقة لن تنعم بالأمن والاستقرار إلا بحل القضية الفلسطينية وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على التراب الفلسطيني الوطني بناءً على قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية لعام 2002. ويعتبر (البرلمان العربي)، أن مبادرة السلام العربية هي الحل الأفضل والأمثل بل الأساس لحل القضية الفلسطينية».
وإذا كان الحديث عن مقررات الشرعية الدولية بشأن فلسطين يمثل ما يمكن اعتباره ثابتاً تؤكد عليه الحكومات العربية المختلفة، فإن البرلمان سعى، بحكم إلى ما يقول عنه السلمي، إنه تجسيد الإرادة الشعبية في التعاطي مع قضايا حقوق الإنسان وكفالة التمتع بالحقوق وحمايتها خاصة حقوق اللاجئين الفلسطينيين، إذ تبنى البرلمان مقترحاً بإعداد تقرير سنوي يتضمن واقع حقوق الإنسان في الوطن العربي من مختلف الجوانب، كما أصدر قرارات، منها مشروع رؤية بشأن المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتصدي للوضع اللاإنساني والقوانين التعسفية ضد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، فضلاً عن حشد الدعم والتأييد لتمكين وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، من الاستمرار في تقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين وفق تكليفها الأممي.
وبشأن موقف «البرلمان العربي» من دعم القاهرة والخرطوم في مفاوضات «سد النهضة» الإثيوبي، قال السُّلمي، إنه تابع عن كثبٍ قضية (سد النهضة) باعتبارها من أهم قضايا الأمن المائي والقومي العربي، وأعلن البرلمان عن التضامن الكامل مع مصر والسودان، في مطالبهما المشروعة لحماية أمنهما المائي والحفاظ على حقوقهما القانونية والتاريخية وحصصهما الثابتة من مياه نهر النيل، «ودعونا وزير الخارجية المصري سامح شكري لجلسة البرلمان العربي وإلقاء كلمة أمام أعضاء البرلمان العربي عن آخر مستجدات القضية».
وبشأن استراتيجيات البرلمان العربي المتعلقة بتركيا وإيران، قال السلمي إن «البرلمان العربي وضع في مقدمة أولوياته التصدي للتدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للدول العربية من خلال النظام الإيراني، والأطماع الاستعمارية التوسعية للنظام التركي؛ لذا أقر البرلمان العربي، في 24 يونيو (حزيران) الماضي، استراتيجية عربية موحدة للتعامل مع إيران، وأخرى بشأن تركيا، وهما اللتان تضمنتا عدة بنود، من أبرزها الدعوة إلى النظر في إيقاف التبادل التجاري والمشروعات المشتركة بين الدول العربية، وكل من إيران وتركيا لحين التخلي عن سياساتهما وأعمالهما العدائية التي تهدد السلم والأمن والاستقرار في المنطقة العربية، وتفعيل مجلس الدفاع العربي المشترك، وسيتم مراجعة وتحديث الاستراتيجيتين كل خمس سنوات بما يتناسب مع المتغيرات في البيئة السياسية والأمنية، والتهديدات التي تواجه أيا من الدول العربية».
ولا ينكر السُّلمي في حديثه وجود صعوبات مالية أمام البرلمان العربي، لكنه يوضح أنه منذ تسلم رئاسته في أواخر عام 2016 «شرعت في وضع خطة لمعالجة الأمر، تضمنت تعظيم موارد وإيرادات البرلمان العربي وترشيد النفقات مع الاستثمار الأمثل والآمن لاحتياطات البرلمان العربي، وتمكنا من إلغاء عقد إيجار مبنى الأمانة العامة للبرلمان العربي، وذلك عبر الطلب من الحكومة المصرية في استضافة المبنى، واستجابت مشكورة لذلك، وفيما يخص نفقات رئيس البرلمان العربي، فقد تحملت المملكة العربية السعودية بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، قيمة تذاكر سفرنا في جميع المهمات التي شاركت بها، بالإضافة إلى تحملنا على حسابنا الخاص لكامل بند النثريات».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.