مخاوف من تأجيل الانتخابات الفرعية في لبنان إلى ما بعد «الرئاسية»

TT

مخاوف من تأجيل الانتخابات الفرعية في لبنان إلى ما بعد «الرئاسية»

أيام قليلة وتنتهي المهلة المحددة دستورياً لإجراء الانتخابات الفرعية بعد استقالة 8 نواب في البرلمان اللبناني خلال شهر أغسطس (آب) الماضي إثر انفجار بيروت، لكن هذه الانتخابات التي كان يفترض أن تتم الدعوة إليها قبل شهر لن تجري لأسباب ترتبط بالظروف الراهنة التي يمر بها لبنان وانتشار وباء «كورونا»، حسبما اتفق عليه رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، مع تأجيلها إلى ما بعد 1 يناير (كانون الثاني) المقبل، حسبما أعلن الشهر الماضي.
وكان نواب «الكتائب» الثلاثة سامي ونديم الجميل وإلياس حنكش، والنائبان في «اللقاء الديمقراطي» مروان حمادة وهنري حلو، والنائب في «تكتل لبنان القوي» نعمة أفرام، ورئيس «حركة الاستقلال» النائب ميشال معوض، والنائبة بولا يعقوبيان، قد قدموا استقالاتهم من البرلمان اعتراضاً على السلطة وأدائها، مطالبين بإجراء انتخابات نيابية مبكرة، وهو ما لا يبدو أنه سيجد طريقه إلى التنفيذ.
وبين من يرى بعض الأسباب الموجبة لقرار التأجيل الصادر عن عون ودياب، رغم عدم الثقة بالسلطة وقراراتها، هناك من يعدّ أن السلطة وجدت ذرائع، حسبما يقول النائب المستقيل إلياس حنكش في حديث لـ«الشرق الأوسط»، الذي أبدى خشيته من «التخطيط لتأجيل الانتخابات العادية عام 2022 وعدم اقتصار الأمر على الانتخابات الفرعية، كي يبقوا على المجلس النيابي الحالي لينتخب رئيس الجمهورية المقبل بعدما سحب الشعب اللبناني الوكالة منهم وبات المزاج الشعبي مختلفاً تماماً عما أنتجته الانتخابات النيابية الأخيرة وفق قانون فصّلوه أيضاً على قياسهم». ويلفت حنكش إلى أن «المشكلة مع هذه السلطة أن المؤقت قد يصبح دائماً، وبالتالي قد يؤدي التأجيل إلى عدم إجراء الانتخابات في بداية العام وفق ما سبق أن أعلنوا».
ومن الناحية الدستورية، يشرح الخبير الدستوري صلاح حنين، لـ«الشرق الأوسط»، الخطوات المطلوبة لإجراء الانتخابات منذ قبول استقالة النائب أو النواب المستقيلين، علماً بأن الموافقة على استقالة النواب الثمانية تمّت في جلسة البرلمان في 13 أغسطس (آب) الماضي وتنتهي بالتالي مهلة إجراء الانتخابات في 13 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي. ويقول حنين: «تنص المادة (41) من الدستور على أنه (إذا خلا مقعد في المجلس، فيجب الشروع في انتخاب الخلف خلال شهرين، أما إذا خلا المقعد في المجلس قبل انتهاء عهد نيابته بأقل من 6 أشهر فلا يعمد إلى انتخاب خلف».
‏‎وتدعى الهيئات الناخبة بمرسوم ينشر في الجريدة الرسمية قبل 30 يوماً على الأقل من موعد الانتخابات لملء المقعد الشاغر على مستوى الدائرة الصغرى وفقاً لنظام الاقتراع الأكثري، أما إذا تخطى الشغور المقعدين في الدائرة الانتخابية الكبرى، فاعتمد نظام الاقتراع النسبي.
لكن ومع انتهاء مهلة إجراء الانتخابات التي لم تتم الدعوة لإجرائها، يقول حنين: «رغم عدم الثقة بهذه السلطة وقراراتها، فإن الأسباب التي وضعت مع قرار التأجيل هذه المرّة قد تكون موجبة في ظل انتشار وباء (كورونا) وازدياد الأعداد بشكل كبير في لبنان في الأسابيع الأخيرة وعدم ضمان التقيد بالإجراءات اللازمة خلال إجراء الانتخابات»، آملاً أن «يتم إجراؤها في الوقت الذي حدد في بداية العام المقبل».
في المقابل، يؤكد الخبير الدستوري الوزير السابق زياد بارود أن إنجاز الانتخابات النيابية الفرعية واجب وليس مجرد خيار، وذلك طبقاً للمادة «41» من قانون الانتخاب.
وقال في حديث لـ«مجلة الأمن العام» إنه لم يقتنع «بحجة الحكومة القائلة بأنها أجلت الانتخابات الفرعية بذريعة حال الطوارئ التي أقرت بعد انفجار المرفأ»، مذكراً بأن «حال الطوارئ هذه محصورة في بيروت ولا تطبق في سائر الدوائر»، لافتاً إلى أن «الحكومة استعملت كل الوسائل لتبعد عنها هذه الكأس».
وأوضح بارود أن وزير الداخلية محمد فهمي أرسل إلى الوزارات المعنية كتباً حول الانتخابات الفرعية، «وجاءت الردود لافتة؛ حيث إن وزارة الصحة لم تدع إلى إرجاء الانتخابات، بل إلى اتخاذ التدابير الكفيلة بحماية الناس». وأشار إلى أن «وزارة التربية ذكّرت من جهتها بأن المدارس التي ستستخدم في بيروت الأولى (الأشرفية الرميل، والصيفي، والمدور) متضررة جراء الانفجار. إلا إنها لم تطالب بعدم إجراء الانتخابات». وإذ أيد إجراء هذا الاستحقاق في ظل حكومة تصريف أعمال، فقد حذر من تأجيله إلى موعد الانتخابات العامة في سنة 2022، واصفاً هذا الإجراء بـ«الخطير، على اعتبار أنه يجب إجراء الانتخابات الفرعية ولو كانت على مقعد واحد، فكم بالحري عندما تشغر 8 مقاعد».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.