انتقادات روسية ـ تركية للدعم الأميركي لأكراد سوريا

عشرات القتلى والجرحى بانفجار سيارة في منطقة تسيطر عليها فصائل موالية لأنقرة

TT

انتقادات روسية ـ تركية للدعم الأميركي لأكراد سوريا

تحول الموقف من أكراد شمال شرقي سوريا، إلى نقطة تبادل اتهامات بين تركيا من جهة ودول غربية من جهة ثانية، وسط تحذيرات من أنقرة وموسكو من «انفجار كردي»، في وقت قتل وجرح عشرات بتفجير سيارة في منطقة تسيطر عليها فصائل موالية لأنقرة.
وذكر بيان للرئاسة التركية أن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أبلغ الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ، خلال لقائهما في أنقرة ليل الاثنين - الثلاثاء، بأن بعض الحلفاء «يسممون» التضامن داخل الحلف بتعاونهم مع الوحدات الكردية، في إشارة إلى الدعم الأميركي لـ«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، مطالباً بأن يظهر الحلف «تضامناً ملموساً مع تركيا».
ولوح إردوغان، السبت، بأن تركيا قد تلجأ للقيام بعمليات عسكرية جديدة في شمال سوريا تستهدف ما سماه بـ«التنظيمات الإرهابية» وكل من يستهدف أمن تركيا، قائلاً إن تركيا نجحت في القضاء على «الممر الإرهابي» على حدودها وقد تذهب بنفسها في أي وقت لتطهير شمال سوريا من التنظيمات الإرهابية إذا لم يتم الالتزام بالاتفاقات المبرمة معها، في إشارة إلى مذكرتي تفاهم وقعتا بين أنقرة وكل من واشنطن وموسكو في أكتوبر (تشرين الأول) 2019 أوقفت تركيا بموجبهما عملية «نبع السلام» العسكرية التي استهدفت إبعاد الوحدات الكردية عن حدودها.
وكذلك قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن الناتو امتنع عن دعم تركيا في إدلب، مشيراً إلى أن تركيا تقدمت بطلب إلى الحلف لطلب الدعم لوقف عدوان النظام السوري وداعميه في إدلب، لكن لم تتم الاستجابة له.
وقال جاويش أوغلو، في مؤتمر صحافي مع الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ عقب مباحثاتهما في أنقرة أول من أمس: «أقولها بكل أسف إن حلفاءنا امتنعوا عن تقديم هذا الدعم لأسباب مختلفة».
واعتبر أن بعض الحلفاء في الناتو: «ينتهكون القانون الدولي بشكل صارخ بتقديمهم الدعم إلى وحدات حماية الشعب الكردية»، مضيفاً أن بلاده تنتظر من حلفائها دعماً ملموساً في الحرب على الإرهاب، وأن يمتنعوا عن دعم التنظيمات الإرهابية في حال رفضوا تقديم الدعم لبلاده. وأضاف: «لا يمكن قبول انخراط بعض الحلفاء مع التنظيمات المدرجة على لوائح الإرهاب لدينا»؛ في إشارة إلى الولايات المتحدة.
على صعيد آخر، قتل 20 شخصاً، وأصيب أكثر من 75 آخرين في انفجار عنيف هز مدينة الباب في ريف حلب الشمالي الشرقي الخاضعة لسيطرة القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها، أمس. وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، نتج الانفجار عن سيارة مفخخة انفجرت قرب «مسجد عثمان» وسط المدينة.
كما أصيب 5 أشخاص جراء انفجار لغم أثناء مرور سيارة في نهاية شارع المازوت في مدينة عفرين التي تسيطر عليها تركيا والفصائل الموالية لها في ريف حلب الشمالي.
من ناحية أخرى، قال نائب وزير الخارجية التركي ياووز سليم كيران، خلال مشاركته في اجتماع اللجنة التنفيذية لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عبر تقنية «الفيديو كونفرانس»، إن تركيا تستضيف أكبر عدد من اللاجئين السوريين في العالم، وتتصدر أجندة بلده عودتهم بشكل آمن وطوعي إلى بلدهم.
في موسكو، تزايدت لهجة التحذيرات الروسية من التحركات الأميركية في مناطق شرق الفرات، وبعدما كانت موسكو تنتقد ما وصفته «تشجيع واشنطن للنزعات الانفصالية في المنطقة بشكل يهدد وحدة وسلامة الأراضي السورية»، انتقل وزير الخارجية سيرغي لافروف إلى التنبيه من أن التحركات الأميركية قد تسفر عن «انفجار» مشكلة الأكراد في سوريا بشكل يهدد بنتائج كارثية. ولفت لافروف إلى «الولايات المتحدة قدَّمت مقترحاً لتركيا بخصوص مناطق الشمال السوري وتعمل على إقناع أنقرة بقبوله»، موضحاً أن اقتراح واشنطن يقضي بتشكيل «حكم ذاتي كردي» بصلاحيات شبه دولة في مناطق شمال شرقي سوريا الخاضعة لسيطرة ميليشيات الحماية، مضيفاً أن واشنطن تسعى لإقناع أنقرة بعدم ممانعة هذا الكيان.
واعتبر وزير الخارجية الروسي أن «الإجراءات الأميركية في شمال شرقي سوريا قد تؤدي إلى انفجار المشكلة الكردية في المنطقة»، مضيفاً أن «الدعوة إلى الانفصالية وتمريرها بشكل نشيط قد تؤدي إلى تداعيات سيئة جداً». ووفقاً للافروف فإن لدى موسكو معطيات عن مساعي الأميركيين لكسب التأييد التركي، و«في هذه الحالة هذا لا ينطبق فقط على سوريا، ولكن أيضاً على المشكلة الكردية بشكل إجمالي التي يمكن أن تنفجر».
وعكس التحذير الروسي مخاوف لدى موسكو من أنه في حال نجحت مساعي واشنطن فإن «التداعيات ستنعكس على دول المنطقة وأوروبا وكذلك على روسيا، بينما لن تتأثر به دولة بعيدة وراء المحيط»؛ في إشارة إلى الولايات المتحدة.
وكانت موسكو حذرت أكثر من مرة في الشهور الأخيرة من قيام واشنطن بتحركات «خطرة في مناطق شرق الفرات» وقالت إن واشنطن دعمت قيام هياكل بديلة وموازية لهياكل ومؤسسات الدولة السورية.
ونقلت وسائل إعلام روسية عن خبراء أن التحذيرات الروسية العديدة تمت ترجمتها لأول مرة على لسان لافروف بلغة واضحة ومحددة. وأن المخاوف الروسية تقوم من تكريس مسار تقسيم سوريا في إطار عمليات إعادة بناء النظام الإقليمي الجديد وفقا لأهواء واشنطن وفي إطار خدمة مصالحها المباشرة ومصالح إسرائيل التي تدعم هذا التوجه.
ولفت أحد الخبراء إلى أن لافروف عندما استخدم عبارة أن هذا المسار ليس مقتصرا على سوريا، قصد العراق بشكل مباشر، بعدما كانت واشنطن نجحت في وقت سابق في «تقسيم العراق عملياً»، من خلال إقامة منطقة الحكم الذاتي في شمال هذا البلد. ولفت إلى التحذير الآخر من خلال حديث لافروف، موجه إلى الجانب التركي، بضرورة عدم قبول أنقرة بالخطط الأميركية التي يمكن أن تسفر عن تداعيات داخلية خطيرة في تركيا نفسها. وبدا أن هذه الرسالة هي التي قصدها لافروف بعبارة أن التوجه الأميركي قد يقود إلى «تفجير المشكلة الكردية».



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.