الأمن المغربي يفكك خلية إرهابية كانت تخطط لتنفيذ هجمات

مقاتلون سابقون يكشفون تفاصيل عن «داعش» في برنامج تلفزيوني

TT

الأمن المغربي يفكك خلية إرهابية كانت تخطط لتنفيذ هجمات

تمكن أمس المكتب المركزي المغربي للأبحاث القضائية، بناءً على معلومات استخباراتية وفّرتها مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (استخبارات داخلية)، من تفكيك خلية إرهابية موالية لتنظيم «داعش» تنشط في مدينة طنجة، الواقعة شمال البلاد، تتكون من أربعة أشخاص تتراوح أعمارهم ما بين 23 و26 سنة، وذلك في إطار الجهود المتواصلة لمواجهة مخاطر التطرف العنيف وتحييد التهديدات الإرهابية التي تحدق بأمن البلد وسلامة المواطنين. وذكر بيان للمكتب المتخصص في قضايا الإرهاب، أن عناصر مجموعة التدخل السريع، التي باشرت عمليات التدخل والاقتحام بشكل متزامن في أربعة مواقع بحي «العوامة» بمدينة طنجة، اضطرت إلى إطلاق رصاصات تحذيرية بشكل احترازي مكّن من درء الخطر الإرهابي وتوقيف المشتبه فيه الرئيسي وثلاثة أعضاء في هذه الخلية الإرهابية. وأضاف المصدر ذاته، أن عمليات التفتيش والمسح التي قام بها ضباط المكتب المركزي للأبحاث القضائية وخبراء مسرح الجريمة في أماكن التدخل، أسفرت عن حجز مجموعة من الأسلحة البيضاء من مختلف الأحجام، ومعدات ودعامات إلكترونية سيتم إخضاعها للخبرات التقنية اللازمة من طرف مختبر تحليل الآثار والأدلة الرقمية. وأشار البيان إلى أنه حسب المعلومات الأولية للبحث، فإن أعضاء هذه الخلية الإرهابية الذين تعذر عليهم الالتحاق بمعسكرات تنظيم «داعش» بمنطقة الساحل جنوب الصحراء، قرروا الانخراط في مشاريع إرهابية خطيرة ووشيكة تستهدف زعزعة أمن واستقرار المغرب، وذلك عبر اعتماد أساليب إرهابية مستوحاة من العمليات التي كان يقوم بها تنظيم «داعش» في الساحة السورية - العراقية.
ومكّنت الأبحاث والتحريات المنجزة، وإجراءات المتابعة الأمنية من رصد شريط فيديو يوثق لمبايعة أمير هذه الخلية الإرهابية للأمير المزعوم الحالي لتنظيم «داعش»، فيه تأكيد بالامتثال لأوامره وتوجيهاته التي تخدم أجندة هذا التنظيم الإرهابي، كما تم تحديد المكان الذي تم فيه تسجيل هذه «البيعة» بمنطقة مدارية بضواحي حي بني مكادة بطنجة، والذي سمحت المشاهدات المكانية المنجزة فيه بمعاينة رسم حائطي يحاكي «راية تنظيم داعش».
ووفق بيان المكتب المركزي للأبحاث القضائية، فإن هذه العملية تؤكد استمرار التهديدات الإرهابية التي تتربص بأمن المملكة، وإصرار المتشبعين بالفكر التكفيري الموالي لتنظيم «داعش» على تنفيذ عمليات إرهابية تستهدف المس الخطير بسلامة الأشخاص والنظام العام. وتم، حسب البيان، الاحتفاظ بالمشتبه فيهم الموقوفين في إطار هذه الخلية الإرهابية تحت تدبير الحراسة النظرية (الاعتقال الاحتياطي) رهن إشارة البحث التمهيدي الذي يجري تحت إشراف النيابة العامة المكلفة قضايا الإرهاب؛ وذلك للكشف عن جميع مخططاتهم ومشاريعهم الإرهابية، وكذا تحديد الارتباطات والامتدادات المحتملة كافة لهذه الخلية الإرهابية.
في سياق متصل، نجح برنامج «45 دقيقة» الذي يبث على القناة التلفزيونية المغربية الأولى، في الوصول إلى عدد من المقاتلين المغاربة الذين كانوا قد انضموا إلى تنظيم «داعش» في سوريا والعراق، وإقناعهم بالحديث عن تجربتهم داخل التنظيمات الإرهابية. وتمكن البرنامج، الذي عرض الليلة قبل الماضية، من إقناع عدد من العائدين بالحديث بوجه مكشوف لأول مرة في برنامج تلفزيوني، كما تحدث مع عدد من المعتقلين في قضايا الإرهاب والتطرف. وكشف البرنامج من خلال لقاء مع عبد الحق الخيام، رئيس المكتب المركزي المغربي للأبحاث القضائية، عن خطة المغرب في مواجهة الإرهاب والتطرف، والدور الذي تلعبه الأجهزة الأمنية المختصة لوقف الضربات الإرهابية قبل الوصول إلى مرحلة التنفيذ، وصوّر البرنامج أيضاً وللمرة الأولى، جزءاً من التدريبات التي تقوم بها «الفرقة الخاصة» التابعة المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، لتعقب الإرهابيين ومداهمة الأماكن التي يختبئون فيها. وصرح عدد من السجناء السابقين والمعتقلين الحاليين، بأنهم التحقوا بـ«داعش» تأثراً بالوصلات الإعلانية التي كان يبثها التنظيم عبر الإنترنت، والوعود التي كان يقدمها لهم بالحصول على امتيازات مالية، فضلاً عن الدور الذي سيؤدونه من أجل «نصرة الإسلام» وتحقيق «العزة والكرامة» للامة، ونصرة المظلومين، إلا أنهم فوجئوا، كما صرحوا في البرنامج، بأن ما كان يروجه التنظيم عن نفسه لا علاقة له بالواقع، فبمجرد وصولهم إلى سوريا عبر تركيا، اكتشفوا أنهم أمام فصائل عدة تتقاتل فيما بينها وتكفّر بعضها بعضاً. وقالوا أيضاً إنهم صُدموا بالممارسات المنافية للدين التي تصدر عن أعضاء التنظيم من شذوذ واغتصاب للنساء والأطفال، والقتل بدم بارد؛ ما دفع كثيرين إلى اتخاذ قرار العودة إلى المغرب حتى وإن كان السجن ينتظرهم.



ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

من المنتظر أن تتغير السياسات الأميركية تجاه اليمن في ولاية ترمب المقبلة (أ.ف.ب)
من المنتظر أن تتغير السياسات الأميركية تجاه اليمن في ولاية ترمب المقبلة (أ.ف.ب)
TT

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

من المنتظر أن تتغير السياسات الأميركية تجاه اليمن في ولاية ترمب المقبلة (أ.ف.ب)
من المنتظر أن تتغير السياسات الأميركية تجاه اليمن في ولاية ترمب المقبلة (أ.ف.ب)

يترقَّب اليمنيون عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، وما ستؤول إليه السياسات الأميركية في ولايته المقبلة تجاه اليمن، وكيفية التعاطي مع أزمته وحربه المستمرتَّين منذ عقد من الزمن، ضمن تغيرات تلك السياسات نحو قضايا وأزمات الشرق الأوسط، بأمل حدوث تطورات تؤدي إلى تلافي أخطاء الإدارات السابقة.

وواجهت إدارة جو بايدن الحالية انتقادات كبيرة داخل وخارج الولايات المتحدة الأميركية؛ بسبب تعاطيها غير الحاسم مع الملف اليمني، خصوصاً بعد إقدام الجماعة الحوثية على تحويل البحر الأحمر والممرات المائية المحيطة باليمن إلى ساحة صراع، مُعرِّضةً طرقَ الملاحةِ، والتجارةَ الدوليَّتين للخطر، ومتسببةً بخسائر كبيرة للاقتصاد العالمي، ويتوقع أن تكون سياسة ترمب مغايرة.

وأعلن بايدن في مشروعه الانتخابي، ولاحقاً بعد توليه الرئاسة، أن إنهاء الحرب في اليمن إحدى أهم أولويات السياسات الأميركية في عهده، وعيّن مبعوثاً خاصاً إلى اليمن، هو السياسي تيموثي ليندركينغ، إلا أن العام الأول من ولايته شهد تصعيداً عسكرياً كبيراً من قبل الجماعة الحوثية التي حاولت الاستيلاء على مدينة مأرب، أهم معاقل الحكومة الشرعية شمال البلاد.

الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ومن المنتظر أن تأتي إدارة ترمب الجديدة بتحولٍ كبيرٍ في السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط، كما يرى بشير عبد الفتاح، الباحث في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، وهذا التحول سيحدث بناء على واقع فرضته إسرائيل خلال الأشهر الأخيرة، بعد توجيهها ضربات موجعة لأذرع إيران، بمشاركة من الولايات المتحدة نفسها، وشملت تلك الضربات مواقع الحوثيين في اليمن.

ويتوقع عبد الفتاح في حديث مع «الشرق الأوسط» أن يسعى ترمب إلى وقف العمليات العسكرية في المنطقة، لكن ليس بشروط إيران وأذرعها، بل بشروط إسرائيل، ليتم تخيير هذه الأذرع بين وقف إطلاق النار والتزامها بقواعد جديدة للتهدئة تضعها الولايات المتحدة وإسرائيل، أو أن يتم إطلاق يد الجيش الإسرائيلي للإجهاز عليها عسكرياً.

وأعلنت الجماعة الحوثية أن نتائج الانتخابات الأميركية لن تؤثر في موقفها، واتهم زعيمها عبد الملك الحوثي، ترمب بالحرص على دعم إسرائيل والتباهي بأنه فعل لها ما لم يفعله الرؤساء الأميركيون من قبله، وبإعطائها مزيداً من الأراضي العربية.

تشديد الحصار الاقتصادي

لن تكون إيران مستعدة للتضحية بأذرعها العسكرية في المنطقة إلا في حال توفر بدائل لها وفقاً لعبد الفتاح، وهو أيضاً رئيس تحرير «مجلة الديمقراطية»، وأن تتمثل هذه البدائل في إبرام صفقات مع الولايات المتحدة تُمكِّنها من التخلص من العقوبات، أو أن تتمكَّن من تطوير قدراتها النووية.

الهجمات الحوثية في البحر الأحمر عطَّلت مباحثات السلام التي ترعاها الولايات المتحدة والغرب (أ.ف.ب)

ويشير إلى أن وضع الجماعة الحوثية يختلف قليلاً عن باقي الأذرع العسكرية لإيران، وذلك لبعدها الجغرافي عن إسرائيل من جهة، ولسيطرتها على مؤسسات الدولة اليمنية، وهو ما يصعب من استهدافها المباشر وتوجيه ضربات كافية لإنهاكها من قبل إسرائيل، إلا أن السياسات الأميركية نحوها لن تختلف عن بقية الفصائل.

وتذهب الأوساط السياسية الأميركية إلى أن إدارة ترمب ستتخذ موقفاً أكثر حزماً ضد الجماعة الحوثية من سلفه بايدن، ضمن سياسة الضغط على إيران لأقصى حد، مع احتمالية استهداف قادة حوثيين من المستويات العليا.

غير أن ترمب سيركز على تشديد الحصار الاقتصادي على الجماعة الحوثية وفقاً للباحث الاقتصادي عادل السامعي، وهو الحصار الذي فرضه ترمب نفسه في ولايته السابقة، عندما وجهت إدارته بوقف مصادر التمويل التي تصل إلى مناطق سيطرة الجماعة، وحرمانها من الكثير من الإيرادات الموجهة عبر الأعمال الإنسانية.

ترجيحات أميركية ويمنية بتقليص ترمب الهجمات ضد الحوثيين والاكتفاء باغتيال قادتهم (رويترز)

ويمكن لترمب تعزيز الإجراءات الخاصة بتضييق الخناق اقتصادياً ومالياً على الجماعة الحوثية، كما يوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط»، وما يشمل ذلك من مضاعفة العقوبات التي تبنتها إدارة بايدن؛ بسبب الهجمات العدائية الحوثية في البحر الأحمر، وبينما كانت إدارة الأخير تتحجج بالأوضاع الإنسانية الصعبة في مناطق سيطرة الحوثيين لتبرير محدودية عقوباتها؛ فإن إدارة ترمب لن تبالي بذلك.

ونظراً لكون ترمب غير مستعد لخوض حروب على حساب دخل المواطن الأميركي، وفق رؤيته الدائمة؛ ويتخذ من الإجراءات الاقتصادية والعقوبات سلاحاً أكثر فاعلية في تحقيق أهدافه الاستراتيجية، فمن المنتظر أن تتضاعف هذه النوعية من العقوبات، ما سيدفع إلى تعقيد الواقع السياسي، وربما العسكري أيضاً، إذ سيؤدي ذلك إلى رفض الجماعة الحوثية تقديم أي تنازلات، إلا أنه، في المقابل سيضعفها عسكرياً.

تراجع فرص السلام

على نهج سلفه بايدن، يدّعي ترمب أنه سينهي الحروب، وإن كانت أدواته تختلف كثيراً عن أدوات الرئيس الحالي الذي فشل في تنفيذ وعوده، غير أن ما سيواجه عهده الجديد ينذر بتعقيدات كثيرة، وفي اليمن قد تكون هذه التعقيدات أكثر مما يتوقع هو أو غيره.

مخاوف يمنية من تأثير المواجهة بين ترمب والحوثيين على الأوضاع الإنسانية في البلاد (رويترز)

ويميل ترمب إلى المبالغة، وربما الادعاء، في رفع مستوى التهديدات التي تحيط ببلده ومصالحها، ومن بين تلك التهديدات، الممارسات الحوثية في البحر الأحمر. وعلى الرغم من عدم نزوعه إلى خوض الحروب والتصعيد العسكري؛ فإنه قد يركز أهداف ضربات الجيش الأميركي على القيادات الحوثية العليا فقط.

ويبدو أن الإدارة الأميركية المقبلة بقيادة ترمب، وبالاستناد إلى تجربتها في فترة حكمه السابقة، ستتبع سياسة أكثر صرامة تجاه التهديدات التي تمثلها جماعة الحوثي المسلحة في البحر الأحمر، طبقاً لرأي الكاتب والباحث السياسي محمد عبد المغني، فقياساً على مبدأ «أميركا أولاً» الذي يتبناه دائماً؛ يمكن القول إن إدارته ستعمل على تعزيز التصدي للتهديدات الاقتصادية المباشرة على المصالح الأميركية.

ومن المحتمل، برأي عبد المغني الذي أدلى به لـ«الشرق الأوسط»، أن يؤدي هذا إلى إعادة تصنيف الحوثيين «جماعةً إرهابيةً أجنبيةً»، وهو ما يخالف تصنيف إدارة بايدن لهم «جماعةً إرهابيةً عالميةً»، ليصبح التفاوض مع هذه الجماعة المسلحة أمراً غير وارد، وقد ينتج عنه تقليص دور المبعوث الأميركي إلى اليمن، أو ربما إلغاء هذه المهمة.

مقاتلون جدد جندتهم الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الأخيرة تحت مزاعم نصرة غزة (إعلام حوثي)

وأبدى سياسيون وباحثون يمنيون، استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، مخاوف شديدة من أن تؤدي سياسات ترمب المتوقعة نحو اليمن إلى مزيد من انفلات المواجهة بين الجماعة الحوثية من جهة، وإسرائيل والغرب من جهة أخرى، وما سيتبع ذلك من مفاقمة الأوضاع الإنسانية المعقدة، وإلحاق أضرار كبيرة بالبنية التحتية المنهكة؛ بسبب الانقلاب الحوثي والحرب.

وبعد إعلان فوز ترمب برئاسة الولايات المتحدة، توعدت الجماعة الحوثية باستمرارها في استهداف السفن التجارية في البحر الأحمر، بحجة ارتباطها بإسرائيل، كما أكدت مواصلة عملياتها باتجاه إسرائيل، ولوَّحت بأنها ستهاجم أي سفينة تشتبه أنها تستخدم التمويه لإخفاء ملكيتها الإسرائيلية، حسب زعمها.