الأردن: جدل دستوري بعد التكليف الملكي للحكومة المستقيلة بتصريف الأعمال

صورة عامة للعاصمة الأردنية عمان (الشرق الأوسط)
صورة عامة للعاصمة الأردنية عمان (الشرق الأوسط)
TT

الأردن: جدل دستوري بعد التكليف الملكي للحكومة المستقيلة بتصريف الأعمال

صورة عامة للعاصمة الأردنية عمان (الشرق الأوسط)
صورة عامة للعاصمة الأردنية عمان (الشرق الأوسط)

رغم تقديم الحكومة الأردنية لاستقالتها عشية انتهاء مهلة السبعة أيام الدستورية لقرارها بحل مجلس النواب في السابع والعشرين من الشهر الماضي، تسببت المصادقة الملكية على تكليفها بتصريف الأعمال «إلى حين اختيار رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة الجديدة» في جدل دستوري واسع.
وشهدت منصات التواصل الاجتماعي جدالاً ساخناً بعيد مصادقة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني على قبول استقالة حكومة عمر الرزاز، وتكليفها بتصريف الأعمال، الأمر الذي أحدث انقساماً بالآراء بين خبراء دستوريين وقانونيين.
ففيما كتب الوزير الأسبق نوفان العجارمة على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أن تكليف الحكومة بتصريف الأعمال هو «عرف دستوري»، وسبق أن جرى تطبيقه مع عدد من الحكومات السابقة، رد الوزير الأسبق القانوني إبراهيم العموش على تصريحات العجارمة، معتبراً أن «كلمة تصريف الأعمال لم ترد في الدستور الأردني، ولا يجوز النص عليها في إرادة ملكية».
وفِي الوقت الذي يلاحق الجدل محلياً كل ما يتعلق بأعمال حكومة الرزاز خلال العامين والثلاثة أشهر مدة عملها، انتقد ساسة ونخب نص كتاب استقالة الرئيس الذي جاء فيه ادعاءات بإنجاز برنامج الحكومة بنسبة (90 في المائة)، في حين أن الرزاز استخدم لغة تكليف الرئيس الذي يخلفه ببرنامج عمل محدد، وهي صلاحيات الملك حصراً.
كان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني قد قبِل في وقت متأخر من ليلة السبت استقالة حكومة عمر الرزاز، وكلف الحكومة بالاستمرار بتصريف الأعمال إلى حين اختيار رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة الجديدة.
وبعث عبد الله الثاني رسالة إلى الرئيس الرزاز أكد فيها أنه «وبالرغم مما بذلته الحكومة من جهود في وضع الخطط والبرامج، ومساعيها في تنفيذ الأولويات، فإنه من الضرورة بمكان، أخذ العبر والاستفادة من كل الدروس والأخطاء، التي اعترضت بعض الاجتهادات في التعامل مع «كورونا».
ليرد الرزاز على الرسالة الملكية بأنّ الحكومة «عملت بكلّ جدّ وإخلاص، وأنجزت جلّ التعهدات التي التزمت بها، فكانت نسبة الإنجاز في أولويّات حكومته قرابة (90 في المائة)».
وجاءت ادعاءات الرزاز بعيد تقرير أعده مركز «راصد» (مؤسسة مجتمع مدني) أكد فيه أنه جرى إنجاز (21 في المائة) فقط من الالتزامات الحكومية، وأن (59 في المائة) من الالتزامات جاري تنفيذها، و(20 في المائة) من الالتزامات الحكومية لم تبدأ بعد.
وأمام ما اعتبره الرزاز من إنجازات لحكومته على مستوى الإصلاح الإداري، وضبط التعيينات، تحدث تقرير «راصد» عن 72 تعييناً لمناصب قيادية في عهد الرزاز، 17 منها تعييناً لمناصب قيادية خلال أزمة «كورونا»، في حين شارك 52 وزيراً في الحكومة على مدار عامين و3 أشهر عبر 5 تعديلات وزارية. وفيما رجحت مصادر مطلعة إلى «الشرق الأوسط» تكليف رئيس الحكومة الجديد خلال اليومين القادمين، تداولت أوساط سياسية قائمة أسماء لشخصيات متوقع أن يعهد إليها العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بتشكيل الحكومة إلى حين إجراء الانتخابات النيابية في العاشر من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، في وقت رجحت فيه نفس المصادر أن يكون الرئيس الجديد من خارج تشكيلة نادي رؤساء الحكومات التقليدي.
وتفصل الحكومة الجديدة عن تقدمها لطلب الثقة من مجلس النواب الجديد نحو 35 يوماً إذا جرت الانتخابات النيابية في موعدها المقرر، فيما أبدت أوساط محلية تخوفها من تأجيل موعد يوم الاقتراع بسبب ارتفاع المعدل اليومي لإصابات فيروس كورونا وارتفاع عدد الوفيات في المملكة.
وأمام ذلك لا تستطيع الهيئة المستقلة للانتخابات تأجيل يوم الاقتراع إلى أبعد من الخامس والعشرين من شهر يناير (كانون الثاني) المقبل، وهي المدة المحددة دستورياً بأربعة أشهر لغياب مجلس النواب، على أن تُعلن النتائج بشكل نهائي في السابع والعشرين من الشهر نفسه.
كان مرسوم ملكي أردني صدر الأحد الماضي قضى بحل مجلس النواب الثامن عشر، وذلك مع انتهاء مدته الدستورية، تمهيداً لإجراء الانتخابات النيابية في موعدها المقرر في العاشر من نوفمبر المقبل. بعد أن شهدت الساحة الأردنية جدلاً واسعاً خلال الأسابيع الماضية، أمام عدم حسم المواقيت الدستورية لرحيل الحكومة ومجلس النواب، بسبب تداعيات انتشار فيروس كورونا المستجد في البلاد.
وفي الوقت الذي تواصل فيه الهيئة المستقلة للانتخاب التحضير لإجراء الانتخابات، مع اقتراب موعد الترشح، عادت تصريحات لأعضاء من لجنة الأوبئة الوطنية تحذر من الزيادات المستمرة لأعداد المصابين بفيروس كورونا محلياً، بعد تسجيل نحو (8 آلاف) حالة، وارتفاع أرقام الوفيات ليقترب من حاجز المائة وفاة في البلاد، خلال الأيام العشرة الماضية فقط.
وأمام تأكيد مصدر مطلع من الهيئة المستقلة للانتخاب إلى «الشرق الأوسط» بأن الهيئة «تدرس بعناية الوضع الوبائي في البلاد، وتدرس احتمالات تأجيل موعد يوم الاقتراع ضمن المدد القانونية»، شدد المصدر على جاهزية الخطط للتعامل مع يوم الاقتراع وقائياً، بعد تعديلات شملت تعليمات الاقتراع ضمن شروط تحقق التباعد الجسدي، وعدم ازدحام داخل مراكز الاقتراع، ومضاعفة عدد مراكز وصناديق الاقتراع، في حين منعت الهيئة المرشحين من إقامة مهرجانات خطابية واستقبال أكثر من 20 شخصاً في المقار الانتخابية خلال مدة حملة الدعاية والإعلان.
وتجري الانتخابات النيابية المقبلة بالقانون الذي أقره مجلس النواب السابق مطلع عام 2016. والذي ألغى قانون الصوت الواحد الذي جرت بموجبه الانتخابات النيابية منذ عام 1993 وحتى عام 2013. ونص القانون الجديد على الترشح على القائمة النسبية المفتوحة، عن الدائرة الانتخابية التي اعتمدت حدود المحافظات حسب التقسيم الإداري، مع منح مدن الكثافة السكانية في العاصمة والزرقاء وإربد دوائر أكثر، وتحديد 15 مقعداً مخصصة للنساء، من 130 مقعداً للمجلس.
وكان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خلال لقائه برئيس الهيئة المستقلة للانتخاب والمفوضين، شدد على أن الانتخابات النيابية ستجرى في ظروف استثنائية بسبب وباء كورونا، لافتاً إلى أنه في كل مرة وبرغم الظروف المحيطة فإن بلاده تتجه نحو إجراء الانتخابات.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.