تونس: حزب محسوب على الرئيس يعقد اجتماعه التأسيسي

اقترح مراجعة النظام السياسي لدعم صلاحيات الرئاسة

TT

تونس: حزب محسوب على الرئيس يعقد اجتماعه التأسيسي

طرح حزب «الشعب يريد» المحسوب على الرئيس التونسي قيس سعيد، خلال اجتماعه التأسيسي، مجموعة من المحاور التي سترتكز عليها أنشطته بانتظار عقد مؤتمره التأسيسي نهاية السنة، أبرزها «مراجعة النظام السياسي في اتجاه دعم صلاحيات رئيس الجمهورية»، إضافة إلى ملفات معتادة بينها «مقاومة البطالة والفساد والتهرب الضريبي، ودعم التنمية المحلية والتنظيم الإداري والحكم المحلي».
وكان «الشعب يريد» قد حصل على رخصة العمل السياسي في 29 يونيو (حزيران) الماضي، وهو حزب يروّج له أنصاره بأنه «الحزب المقرب من رئيس الجمهورية... والمروّج لأطروحاته السياسية». واعتمد سعيد شعار «الشعب يريد» في الحملة الانتخابية التي أدت إلى فوزه بمنصب الرئيس بأكثر من 70 في المائة من أصوات الناخبين. لكنه افتقر إلى دعم أي حزب سياسي، ما طرح عقبات في طريق ممارسة صلاحياته، أهمها ضغط الأحزاب الممثلة في البرلمان على رئيس الحكومة المكلف من قبله، ومحاولة الحد من صلاحيات الرئيس من خلال الحديث عن خلافات سياسية عميقة مع كل من رئيس الحكومة هشام المشيشي ورئيس البرلمان راشد الغنوشي.
ويرى مراقبون أن الرئيس التونسي لم يحسم علاقته بهذا الحزب السياسي الجديد، وقد يسعى في حال نجاحه إلى الاستفادة من دعمه، والتنصل منه في حال فشله في الدخول إلى المشهد السياسي.
وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي التونسي ناجي العباسي لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقة بين رأسي السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية لم تكن في أفضل حالاتها نتيجة محاولات توسيع الصلاحيات التي قادها كل من رئيس البرلمان ورئيس الجمهورية، وقد يكون لهذا الحزب السياسي دور في تعديل تلك العلاقة، خصوصاً إذا ما نجح في ضم نواب من البرلمان وشكل كتلة لها وزنها».
وأشار إلى تشكيل «حركة النهضة» تحالفاً برلمانياً مع حزب «قلب تونس» و«ائتلاف الكرامة»، وهو داعم لرئيس الحكومة الذي اختاره الرئيس، ما طرح تساؤلات عدة حول طبيعة العلاقة التي تربط بين السلطات ومدى احترام كل طرف للصلاحيات التي مكنه منها الدستور.
من جهة أخرى، قالت المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب في تقريرها لشهر سبتمبر (أيلول) الماضي، إنها وثقت حالات انتهاكات متفاوتة الدرجة لحقوق الإنسان داخل أماكن الاحتجاز، مؤكدة أن «ظاهرة الإفلات من العقاب ما زالت متواصلة وذلك بموجب حفظ ملفات قضائية رغم أن وقائع العنف أو التعذيب فيها ثابتة وموثقة».
وأوضحت أن «القرارات القضائية بخصوص هذه الانتهاكات تصدر بعد سنوات طويلة من حصول الجريمة، وهو ما يتناقض مع التزام تونس بالفصل 12 من اتفاقية مناهضة التعذيب الذي ينص على ضرورة إجراء تحقيق سريع ونزيه». وأكدت أن «بعض النزلاء في السجون ما زالوا يشتكون من تعرضهم إلى انتهاكات داخلها، وما يخلفه ذلك من آثار صحية ونفسية لا يتم التكفل بها، ولا تتم محاسبة مرتكبيها».
كما دعت إلى إصلاح منظومة العفو الخاص التي لا تزال مقتصرة على الحالات الصحية الحرجة، وذلك حتى لا يبقى في السجن أشخاص تدهور وضعهم الصحي بصفة متواصلة. واعتبرت أن تصريحات رئيس الجمهورية بخصوص عقوبة الإعدام «أثارت ردود فعل مستنكرة من قبل منظمات حقوق الإنسان التونسية والدولية، باعتبارها تتجاهل التزامات تونس الدولية في إيقاف تنفيذ العقوبة المذكورة منذ 1992، وتتناقض مع الاتجاه العام الدولي في تعليق العمل بهذه العقوبة والاتجاه نحو إلغائها».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».