بري توافق مع «حزب الله» على {اتفاق الإطار} قبل إعلانه

طهران لا تمانع في مفاوضات لبنان وإسرائيل لتمرير رسالة إيجابية إلى ترمب

TT

بري توافق مع «حزب الله» على {اتفاق الإطار} قبل إعلانه

قال مصدر سياسي مطلع إنه لا مفر من اعتماد التلازم بين ترسيم الحدود البحرية والبرية، والتعامل معه على أنه يشكل الأساس للانطلاق في التفاوض بين لبنان وإسرائيل برعاية الأمم المتحدة وبوساطة أميركية، للوصول إلى تسوية لحل الخلاف في المنطقة البحرية المتنازع عليها بين البلدين. وأكد لـ«الشرق الأوسط» أنه يدعم موقف رئيس المجلس النيابي نبيه بري في هذا الخصوص، لدى إعلانه عن اتفاق الإطار لبدء التفاوض في 14 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، في مقر قيادة القوات الدولية «يونيفيل» في الناقورة.
وعزا المصدر السياسي السبب إلى الخلاف القائم بين لبنان وإسرائيل حول مساحة المنطقة البحرية المتنازع عليها، ورأى أن حل هذا النزاع لن يتحقق ما لم يتم التوافق على أن ينطلق ترسيم الحدود البحرية من الحدود البرية في رأس الناقورة؛ خصوصاً أن السبب الذي يكمن وراء تحديد المساحة البحرية يتعلق بأن لبنان يقترح أن يتم الترسيم البحري من خط الترسيم البري، في مقابل تمسك إسرائيل باعتماد خط آخر.
وكشف المصدر نفسه أن الخلاف بين لبنان وإسرائيل حول نقطة الانطلاق البرية لترسيم الحدود البحرية تسبب في النزاع القائم حول تحديد مساحة 860 كيلومتراً مربعاً التي ما زالت موضع خلاف في المنطقة البحرية التي تؤخر قيام لبنان بالتنقيب عن الغاز، وقال بأن المفاوضات لن تستند إلى الخط الذي كان قد رسمه الوسيط الأميركي فريدريك هوف، والذي سُحب من التداول لدى محاولة سفير الولايات المتحدة السابق لدى لبنان ديفيد ساترفيلد والسفير الحالي لدى تركيا التوسط لحل النزاع البحري.
ولفت إلى أن مهمة الوسيط الأميركي الجديد مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، ستنطلق من نقطة الصفر فور بدء المفاوضات غير المباشرة، وسأل: هل سيتوصل إلى إقناع البلدين بعد طول أخذ ورد في موافقتهما على الخط الذي سيرسمه والذي يُفترض أن يحمل اسمه؟ أم أنه سيضطر إلى تقطيع الوقت بانتظار إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية؟ مع أن إيران ليست في وارد الاعتراض على الوساطة الأميركية.
وأكد المصدر السياسي أن بري لم يبادر إلى إعطاء الضوء الأخضر لبدء المفاوضات بإعلانه عن المضامين السياسية لاتفاق الإطار، إلا بعد أن توافق مع حليفه «حزب الله» على الآلية التي طرحها في هذا الخصوص والتي تلقى موافقة رئيس الجمهورية ميشال عون، وقال إن عدم اعتراض حليفه أتاح له أن يقطع الطريق على من يحاول أن يزايد عليه في الساحة الشيعية، باعتبار أن التفاوض لاسترداد الثروة اللبنانية في البحر سيلقى تأييد معظم الأطراف الرئيسة، أكانت في المعارضة أو في الموالاة.
ونقل المصدر السياسي عن جهات أوروبية مواكبة للمسار الذي بلغه الاشتباك الأميركي- الإيراني قولها بأن طهران ليست في وارد الاعتراض على بدء المفاوضات، وبالتالي لن تُشهر البطاقة الحمراء في وجه اتفاق الإطار الذي أعلنه بري تمهيداً لبدء المفاوضات، وللمرة الأولى بموافقة «الثنائي الشيعي» الذي أوكل إلى رئيس المجلس رسم الخطوط السياسية العريضة لهذه المفاوضات.
ولفت نقلاً عن الجهات الأوروبية إلى أن طهران أرادت من خلال بدء المفاوضات، أن تمرر رسالة من فوق المتفاوضين إلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بأنها تُبدي حسن النية من باب رغبتها في فتح الباب أمام استئناف المفاوضات الأميركية- الإيرانية، حتى لو أعيد انتخابه رئيساً للولايات المتحدة.
واعتبر أن مفاوضات الناقورة المرتقبة قد تكون الوجه الآخر لمفاوضات تجري تحت الطاولة بين طهران وواشنطن، حتى ولو من زاوية الرغبة التي تبديها القيادة الإيرانية في تسليف ترمب موقفاً إيجابياً، بعدم اعتراضها على هذه المفاوضات لعلها تؤسس لمرحلة ما بعد الانتخابات الأميركية في حال أُعيد انتخابه؛ خصوصاً أنه تعهد بمعاودة المفاوضات بين البلدين.
أما بالنسبة إلى ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل باعتماد خطين: الأول الخط الذي رسمته اتفاقية الهدنة، والثاني الخط الأزرق الذي تم التوصل إليه بموجب القرار الدولي 1701 الذي أوقف العدوان الإسرائيلي على لبنان في يوليو (تموز) 2006، فقد علمت «الشرق الأوسط» أن ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل يبدأ من خط الهدنة في رأس الناقورة وينتهي في الجزء اللبناني من بلدة الغجر المحتلة، ولا يشمل مزارع شبعا المحتلة، باعتبار أنها مشمولة بالقرارين 242 و338 اللذين كانا قد صدرا عن مجلس الأمن الدولي لوقف الحرب السورية- الإسرائيلية وليس بالقرار 425 الذي يدعو إسرائيل للانسحاب من الأراضي اللبنانية.
وقالت مصادر لبنانية رسمية لـ«الشرق الأوسط» بأن لبنان كان قد اعترض لدى ترسيم الخط الأزرق بينه وبين إسرائيل برعاية الأمم المتحدة بعد حرب تموز 2006 الذي عُرف في حينه بخط الانسحاب، على عدم الانسحاب الكامل من أراضيه، وسجل تحفظه على وجود خروق كبيرة في 13 نقطة، وأخرى محدودة في 27 نقطة. وأكدت أن لبنان سجل تحفظه لدى الأمم المتحدة من خلال قوات «يونيفيل»، وقالت إن إسرائيل ما زالت تحتل أراضي لبنانية في المناطق المتداخلة بين البلدين، وتحديداً في 13 نقطة موجودة على خط الانسحاب، ورأت أن هناك ضرورة لإعادة ترسيم الحدود في هذه النقاط، بينما تعتبر أن لا مشكلة في إعادة ترسيم الحدود في النقاط الأخرى وعددها 27. وعزت السبب إلى أن مساحة الخروق فيها قليلة جداً، ويمكن التوصل إلى معالجتها وربما من خلال التفاهم على تبادل مساحات بأمتار محدودة بين البلدين بإشراف الأمم المتحدة، لإنهاء النزاع حول هذه النقاط المتداخلة.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».