لبنان: تعديل قانوني يفرض حضور المحامي التحقيقات مع المتهمين

TT

لبنان: تعديل قانوني يفرض حضور المحامي التحقيقات مع المتهمين

بعد سنوات من المطالبة بتعديل قانون أصول المحاكمات الجزائية، أقدم البرلمان اللبناني أول من أمس على هذه الخطوة التي يرى فيها الخبراء والمحامون إنجازاً من شأنه أن ينعكس إيجاباً على مسار العدالة؛ خصوصاً أن الفترة الماضية شهدت شكاوى كثيرة من ناشطين، منها تعرضهم للضغوط أو التعذيب خلال التحقيق الأولي.
وينص القانون الذي أقره البرلمان على تكريس حق الموقوف بالاستعانة بمحام أثناء التحقيقات الأولية إضافة إلى إلزام الأجهزة الأمنية بتوثيق التحقيق بالصوت والصورة. وتحدث نقيب المحامين ملحم خلف، عن هذه المادة، موضحاً أنها تنص على أن يتمتع المشتبه فيه أو المشكو منه، فور احتجازه لضرورات التحقيق، بحقوق عدة، هي الاتصال بأحد أفراد عائلته أو بصاحب العمل أو بمحامٍ يختاره أو بأحد معارفه، كما مقابلة محامٍ يعينه بتصريح يدون على المحضر، دون الحاجة إلى وكالة منظمة، وفقاً للأصول.
كما يحق للمتهم الاستعانة بمترجم محلَّف إذا لم يكن يحسن اللغة العربية، وتقديم طلب مباشر بعرضه على طبيب لمعاينته، وعلى الضابطة العدلية أن تبلغ المشتبه فيه، فور احتجازه، بهذه الحقوق، وأن تدون هذا الإجراء في المحضر.
وعن هذه الخطوة، يؤكد وزير العدل السابق شكيب قرطباوي، لـ«الشرق الأوسط» أن تعديل هذه المادة هو مطلب قديم جداً من قبل نقابة المحامين وبعض القضاة، لما للتحقيق الأولي من أهمية في أي قضية، إضافة إلى أن جزءاً كبيراً من التحقيقات تجريها الضابطة العدلية وليس القضاة، وبالتالي فإن وجود المحامي لا يغير الحقيقة، إنما هو لمساعدة أي متهم أو مدعى عليه للدفاع عن نفسه، ومساعدة القضاة لتبيان الحقيقة.
ولا ينفي قرطباوي أن هذا القرار من شأنه وضع حد لأي تعذيب قد يتعرض له المتهم أو المدعى عليه، ويوضح: «الحديث عن التعذيب في التحقيقات الأولية أمر قديم جداً في لبنان، ولطالما كان يحدث؛ لكن في الوقت عينه كانت تطلق أيضاً اتهامات غير صحيحة في هذا الإطار»، ويشدد قرطباوي على أن وجود المحامي هو من مصلحة كل الأطراف، المتهم كما الأجهزة الأمنية، ويساعد الجميع للوصول إلى الحقيقة والعدالة.
ويقول المحامي والناشط السياسي واصف الحركة، إن التعديل هو جزء من معركة الحريات التي يقودها الحراك الشعبي؛ خصوصاً بعد فترة تعرض خلالها كثير من الناشطين للضغط والتعذيب أثناء التحقيقات الأولية، وتحديداً بعد تحركات 17 أكتوبر (تشرين الأول) الشعبية.
ويوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «المخافر كانت تستخدم كأدوات للضغط على الناس وتعريضهم للتعذيب، وبالتالي اليوم بات وجود المحامي يعني أن المتهم حر الإرادة بعيداً عن أي ضغوط، وتعطَى للمحامي فرصة القيام بواجبه وتأدية رسالته».
وعن إمكانية الالتفاف على هذه المادة، يقول الحركة: «ما أُقر اليوم هو جزء من معركة الحريات التي نخوضها، والتي سنبقى مستمرين فيها إلى حين الوصول إلى كامل الحقوق».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.