«الطوق والإسورة» تستعيد موروث الحزن والمواويل بصعيد مصر

المسرحية فازت بجوائز محلية ودولية عدة وتعرض مجدداً بالإسكندرية

مشهد من المسرحية (الشرق الأوسط)  -  المسرحية من إنتاج فرقة الطليعة (الشرق الأوسط)
مشهد من المسرحية (الشرق الأوسط) - المسرحية من إنتاج فرقة الطليعة (الشرق الأوسط)
TT

«الطوق والإسورة» تستعيد موروث الحزن والمواويل بصعيد مصر

مشهد من المسرحية (الشرق الأوسط)  -  المسرحية من إنتاج فرقة الطليعة (الشرق الأوسط)
مشهد من المسرحية (الشرق الأوسط) - المسرحية من إنتاج فرقة الطليعة (الشرق الأوسط)

يمتلك جنوب مصر سحراً خاصاً تصعب مقاومته، فالطبيعة فاتنة واللهجة «الصعيدية» تأسر المستمع، لكن مسرحية «الطوق والإسورة» تقدم الوجه الآخر لمجتمع الصعيد الذي لا تراه في معظم الأحيان العين السياحية العابرة... وجهُ يتعلق بإرث قديم من الحزن والمواويل ورثاء الموتى عبر «العدودة»، أي أغاني الرثاء والبكائيات، فضلاً عن تعلق البسطاء بالخرافات وتصديق كل ما يقوله الدجالون والمشعوذون، لا سيما في المجتمعات القروية البسيطة، حيث يتراجع الوعي والتعليم وتقل الخدمات العامة.
المسرحية التي تم عرضها في شهر أغسطس (آب) الماضي، على المسرح المكشوف بدار الأوبرا المصرية على مدار 3 ليالٍ، من المقرر عرضها مرة أخرى على مسرح مركز «إبداع» بالإسكندرية (شمال مصر) في 12 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، بحسب مخرج المسرحية، ناصر عبد المنعم، الذي يضيف أن أسرة مؤلف المسرحية و«أديب الجنوب» الراحل يحيى الطاهر عبد الله أطلقت جائزة باسمه، وتم فتح باب تلقي الأعمال حالياً، على أن تسلم جوائز المسابقة في شهر أبريل (نيسان) المقبل في ذكرى ميلاده.
وتروي المسرحية حكاية امرأة صعيدية تحمل اسماً غاية في الدلالة هو «حزينة»، يغيب عنها ابنها «مصطفى» للعمل في السودان، أما زوجها «بشاري» فهو شبه مشلول بعدما نال منه المرض. يتقدم شخص بسيط يعمل «حداداً» للزواج من ابنتها «فهيمة»، لكن ضيق ذات اليد يحول دون إتمام الزيجة، يتفاقم المرض لدى «بشاري» فيتوفى ويتدخل أحد كبراء القرية ويدعى «الشيخ فاضل» لتزويج فهيمة، تظن الأم أن زواج ابنتها سيخفف العبء الملقى على عاتقها ولكنها تفاجئ بأن المسؤوليات الملقاة عليها تتفاقم فابنتها لا تنجب وزوجها يهددها بالطلاق. تلجأ «حزينة» للخرافات والمشعوذين وتستسلم لوصفات دجال يسمى «الشيخ العليمي»، على أمل أن تنجب ابنتها، وبالفعل يتحقق الإنجاب ولكن عبر علاقة محرمة، تموت «فهيمة» فتطلق أمها على الحفيدة اسم «فرحانة» لعلها تكون بداية الفرح والسرور في عائلة منذورة للحزن والخرافات والدموع.
مسرحية «الطوق والإسورة» من إنتاج فرقة مسرح الطّليعة، ومأخوذة عن رواية بنفس الاسم لـ«أديب الجنوب» الراحل يحيى الطاهر عبد الله، كما تم تحويل نفس النص إلى فيلم سينمائي بنفس الاسم من دون تغيير الاسم الأصلي 1986 إخراج خيري بشارة، بطولة عزت العلايلي وشيريهان وفردوس عبد الحميد. وبينما يعود «مصطفى» إلى عائلته في النص الروائي لينقذ ما يمكن إنقاذه، اختار د. سامح مهران الذي أعد الرواية للعرض المسرحي ألا يعود الابن الشاب ليظل حلماً بعيد المنال لا يظهر إلا في مشهد عابر في بداية العرض وهو يتحكم بأخته رغم أنها تكبره كما يظهر مرة أخرى ضمن الهلاوس التي انتابت الأخت وهي طريحة الفراش نتيجة إصابتها بحمى حادة.
أجاد مخرج العرض ناصر عبد المنعم التلاعب بالضوء الخافت والظلال الكثيفة لتجسيد حالة الحزن وأجواء الخرافة والأوهام التي تحلق فوق الرؤوس، فضلاً عن التحكم في أداء الممثلين فاطمة محمد علي، ومحمود الزيات، ومارتينا عادل، وأحمد طارق، وأشرف شكري، لتكون لهجتهم قريبة من لهجة أهالي الصعيد، وخصوصاً قرية «الكرنك» بمدينة الأقصر، حيث تجري أحداث العمل فتكتمل المصداقية.
ويقول ناصر عبد المنعم، لـ«الشرق الأوسط»: «إن العرض يعتمد على تقنية تجريبية تتمثل في كسر الحاجز بين الجمهور والممثلين، فخشبة المسرح عبارة عن مستطيل والمتفرجون يجلسون أرضاً على حافته لا يفصلهم شيء عن الحدث»، مشيراً إلى أن الهدف من وراء هذه الفكرة هو تحفيز المتفرج على أن يتورط أكثر فأكثر في العمل ويشعر أنه جزء فاعل منه. كما حرص مخرج العرض على إبراز ثنائية القرية في مواجهة «معابد الكرنك» الفرعونية، حيث يتحرك الممثلون بين هاتين النقطتين اللتين تمثلان مفارقة حضارية كبرى، فالمعبد يرمز إلى شموخ الأجداد باعتباره واحداً من عجائب قدماء المصريين، بينما القرية تموج بالعادات والتقاليد البالية، بحسب عبد المنعم.
عرض «الطوق والإسورة» تم تقديمه للمرة الأولى عام 1996 بمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في دورته الثامنة، وحصل آنذاك على جائزة أفضل إخراج في المسابقة الرسمية، كما حصل على جائزة أفضل مسرحية عربية في «أيام الشارقة المسرحية» بالإمارات عام 2019. كما فاز بجائزة أفضل عرض متكامل في «الدورة 21 لأيام قرطاج المسرحية» في تونس قبيل نهاية العام الماضي.


مقالات ذات صلة

انطلاق مسابقة «المسرح المدرسي» بالسعودية... وترقب النتائج في نوفمبر

يوميات الشرق جوائز بقيمة 3 ملايين ريال سعودي تنتظر الفائزين في مسابقة «المسرح المدرسي» (موقع هيئة المسرح والفنون الأدائية)

انطلاق مسابقة «المسرح المدرسي» بالسعودية... وترقب النتائج في نوفمبر

انطلقت مسابقة «مبادرة المسرح المدرسي» التي تشارك فيها ألف مسرحية قصيرة من إعداد الطلاب والطالبات من جميع المدارس التابعة لإدارات التعليم على مستوى السعودية بعد…

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق التمرين على تقديم عروض يتواصل (مسرح شغل بيت)

«مسرح شغل بيت» يحتفل بـ8 سنوات على ولادته

تُعدّ الاحتفالية حصاد 8 سنوات من العمل والاجتهاد، خلالها قدّم «مسرح شغل بيت» نحو 40 عملاً توزّعت على أيام تلك السنوات عروضاً شهرية استمرت طوال أزمات لبنان.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق توقيع اتفاق شراكة بين هيئة المسرح وجمعية المسرح السعوديتين على هامش المؤتمر (جمعية المسرح)

جمعية المسرح السعودية تطلق 8 مشاريع لتعزيز عطاء المبدعين

أطلقت جمعية المسرح والفنون الأدائية في السعودية 8 مشاريع لتعزيز أدوارها في القطاع بوصفها رابطة مهنية للممارسين في مختلف الفنون المسرحية والأدائية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق مهرجان الخليج للمسرح ينطلق من الرياض في دورته الـ14 (حساب المهرجان على منصة إكس)

«المسرح الخليجي" يستأنف مسيرته من الرياض بعد غياب 10 سنوات

أطلق مهرجان المسرح الخليجي أعماله، في مدينة الرياض، التي تحتضنه للمرة الأولى منذ عام 1988 من خلال دورته الـ14.

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق المصنع يشهد النسخة العصرية من مأساة ماكبث (مهرجان المسرح التجريبي)

«ماكبث المصنع»... صرخة مسرحية للتحذير من الذكاء الاصطناعي

في رائعة وليام شكسبير الشهيرة «ماكبث»، تجسد الساحرات الثلاث فكرة الشر؛ حين يهمسن للقائد العسكري لورد ماكبث بأنه سيكون الملك القادم على عرش أسكوتلندا.

رشا أحمد (القاهرة)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».