ملف موظفي غزة المتقاعدين يعود للواجهة

TT

ملف موظفي غزة المتقاعدين يعود للواجهة

عاد ملف موظفي السلطة الفلسطينية في قطاع غزة إلى الواجهة بعد تحويل السلطة نحو 7000 موظف إلى التقاعد المالي؛ ما آثار الكثير من الجدل والانتقادات.
ونفذت وزارة المالية تقاعداً مبكراً (مالياً) على الموظفين المذكورين في الراتب الأخير الذي تم صرفه أمس «طبقاً لقانون التقاعد العام والقرار بقانون رقم 17 لسنة 2017»، ومعظمهم من موظفي وزارات التعليم، والصحة، والنقل والمواصلات، والتنمية الاجتماعية، والمالية.
وجددت الجبهة الشعبية، وهي فصيل منضوٍ تحت إطار منظمة التحرير، دعوتها للسلطة الفلسطينية والحكومة بضرورة وقف ما أسمته «كافة أشكال التمييز بين موظفي القطاع العام، ووقف جميع الإجراءات التي اُتخذت بحق موظفي قطاع غزة».
وقالت الجبهة في بيان «من غير المعقول استمرار هذه الإجراءات في الوقت الذي يعيش شعبنا في القطاع أزمة إنسانية ومعيشية هي الأسوأ على الإطلاق، خصوصاً بعد انتشار جائحة كورونا».
واعتبرت الجبهة «أن الإنهاء الفوري لسياسات التمييز التي تمت ممارستها بحق قطاع غزة هي مطلب وطني وشعبي عاجل، ولا يجب أن تبقى معلقة؛ فهي إجراءات غير قانونية وجاءت في سياق الإجراءات الانتقامية وسياسة العقاب الجماعي بحق أهالي القطاع».
كما نددت الجبهة بتصريحات وزير التنمية الاجتماعية أحمد مجدلاني على إحدى الإذاعات المحلية، التي قال فيها، إن موظفي غزة يتقاضون رواتب منذ 13 عاماً وهم لا يعملون، ولا يمكن مقارنتهم بالموظفين العاملين على رأس عملهم في الضفة الغربية، مضيفاً أنه لا يجوز إعطاء موظفي غزة بدل مواصلات وعلاوة إشرافية وهو لا يعمل. وقالت الجبهة الشعبية، إن هذه التصريحات تعزز من الانقسام وحالة الإحباط والشعور بالظلم والقهر من المواطن الفلسطيني في غزة. وأضافت «من حق الموظفين في غزة أن يحصلوا على كامل حقوقهم من علاوات ومكافآت، وأن يتم حل مشكلة موظفي تفريغات 2005 وتعويضهم، وإعادة رواتب الموظفين وأهالي الشهداء التي تم قطعها، فضلاً عن تقديم المساعدات المالية العاجلة للفئات المهمشة الفقيرة في القطاع، والعمال الذين تضرروا في فترة جائحة كورونا». وأضافت «ليس من المنطق ولا الشجاعة أن يتحمل موظفو القطاع وأطفالهم نتائج الانقسام».
وأكد مجدلاني، وهو أيضاً عضو لجنة تنفيذية «أن المقطوعة رواتبهم يعود إلى أسباب عدة، إما يكون غير موجود داخل الوطن ومسافراً منذ سنوات دون سبب أو لطلب لجوء في دولة أوروبية، أو لازدواجية الراتب، أو لعدم التزامه بالشرعية الفلسطينية».
وأبدى مجدلاني استعداده لحل مشكلة المقطوعة رواتبه بالتواصل معه وإرسال بياناتهم، الاسم ورقم الهوية والرقم المالي.
وأثارت تصريحات مجدلاني الغضب والسخط في صفوف موظفي القطاع.
ووجه القيادي الفتحاوي من قطاع غزة إبراهيم أبو النجا رسالة للحكومة في رام الله بعنوان «ما هكذا تورد الإبل»، وطلب أبو النجا توضيحاً لتصريح مجدلاني، معتبراً أن فيه إهانة كبيرة جداً.
كما وصف أشرف مسلم، رئيس نقابة العاملين في الخدمات التعليمية، نائب أمين سر المكتب المركزي للعمال في المحافظات الجنوبية، بأن تصريحات مجدلاني، بشأن موظفي القطاع العام بغزة، تجاوزت كل الخطوط الحمر، وتكرس بشكل رسمي منهجية التمييز الجغرافي. في حين استنكر حيدر القدرة، مفوض المكاتب الحركية في الهيئة القيادية تصريحات مجدلاني، بحق موظفي السلطة بقطاع غزة.
وانضم إلى المنتقدين اللواء توفيق الطيراوي، عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» الذي أكد على ضرورة الحفاظ على رواتب ومستحقات موظفي غزة، في إطار الحفاظ على الكرامة الاجتماعية والعيش الكريم لأهلنا في القطاع والذين يعانون الأمرّين؛ وذلك لتمكينهم من الحياة الكريمة بأدنى مقوماتها في ظرف ملتبس وغير طبيعي على الإطلاق.
وفي غزة احتشد أطباء وكوادر صحية في وقفات احتجاجية داخل المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية بغزة رفضاً للتقاعد المالي، رافعين يافطات تندد باستمرار سياسة التقليصات المالية بحق الموظفين الحكوميين في غزة.
ومن جهته، طالب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان الحكومة الفلسطينية، بالوفاء بالتزاماتها القانونية، وتحمل مسؤولياتها، والتراجع عن الإجراءات العقابية، التي فرضتها على قطاع غزة في شهر مارس (آذار) 2017؛ بذريعة الانقسام السياسي والجغرافي، حيث لم يعد أي مبرر لاستمرار هذه العقوبات.
ودعا المركز الحكومة الفلسطينية للتراجع عن قرار التقاعد المبكر، ووقف العمل بنظام التقاعد المالي، والاستقطاعات على رواتب موظفي الخدمة العسكرية والخدمة المدنية، والتي تصل إلى نحو 50 في المائة، وهي الإجراءات التي تتعارض مع قانون الخدمة المدنية رقم (4) المعدل لسنة 2005، وقانون الخدمة في قوى الأمن الفلسطيني رقم (8) لسنة 2005، ومع أحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والذي أصبحت دولة فلسطين طرفاً فيه منذ عام 2014.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».