موجة جديدة من صراع الأجنحة الحوثية على النفوذ والجبايات

المشاط يستنجد بزعيم الجماعة وقادة صعدة يسطون على التبرعات

TT

موجة جديدة من صراع الأجنحة الحوثية على النفوذ والجبايات

تصاعدت حدة الصراع بين أجنحة الجماعة الحوثية في الأسبوعين الأخيرين، بحسب ما أفادت به مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، على خلفية التنافس على النفوذ والجبايات والاستيلاء على أموال الإتاوات التي فرضتها الجماعة على السكان والتجار لدعم مجهودها الحربي.
وفي الوقت الذي وصل أمر الصراع إلى أن يستنجد رئيس مجلس حكم الانقلاب مهدي المشاط بزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي لوضع حد لتدخلات ابن عمه محمد علي الحوثي في اختصاصاته، امتد الصراع إلى محافظات أخرى، وإلى أروقة النواب غير الشرعيين الموالين للجماعة، بحسب ما ذكرته المصادر نفسها.
وكشفت المصادر بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن نشوب خلافات حادة قبل أيام بين قادة ومشرفي الجماعة في العاصمة، على خلفية إدارة وتقاسم ما سمي «قافلة 21 سبتمبر» التي جمعتها الميليشيات مؤخراً من جيوب المواطنين، وقايضتهم عبرها بمادة الغاز المنزلي، مقابل التبرع المادي لصالح القافلة.
وأشارت المصادر إلى أن النزاع الجديد بين القادة والمشرفين الحوثيين في صنعاء العاصمة كان على خلفية السعي للاستحواذ على مبلغ مالي يصل إلى أكثر من 350 مليون ريال (الدولار نحو 600 ريال)، إضافة إلى أطنان من المواد الغذائية والعينية قدرت قيمتها بـ200 مليون ريال، وهي حصيلة ما نهبته الجماعة بقوة السلاح والترهيب والترغيب طيلة الأسبوعين الفائتين تحت اسم «قافلة 21 سبتمبر».
وأجبر تصاعد الصراع -وفق المصادر- القيادي في الجماعة ابن عم زعيمها محمد علي الحوثي، المعين عضواً في مجلس حكم الانقلاب رئيس ما يسمى «اللجنة الثورية العليا»، على التدخل، وإصدار أوامره بتولي 5 مشرفين ينتمون إلى صعدة مهام إدارة وتوزيع القافلة المالية والعينية، بعيداً عن الحوثيين المنتمين لصنعاء وعمران، الأمر الذي أثار -طبقاً لمصادر- حفيظة المشرفين والقادة غير المنتمين للجماعة سلالياً.
وكشفت المصادر أن قادة الجماعة المقصيين من غنيمة «القافلة» قدموا شكوى وصفوها بـ«العاجلة» لرئيس المجلس الانقلابي مهدي المشاط الذي أحالها هو الآخر إلى مكتب زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي للنظر والبت فيها.
وفي سياق متصل، أشارت تقارير محلية بصنعاء إلى توسع حجم الخلاف مؤخراً بين قادة الصف الأول للجماعة في صنعاء، حيث وصل إلى حد تبادل الاتهامات فيما بينهم لاعتبارات أسرية من جهة، وأخرى نتيجة الهزائم المتلاحقة التي ألمت بهم في أطراف محافظة مأرب.
وتداول ناشطون قبل أيام وثيقة مرسلة من ما يعرف برئيس المجلس السياسي للحوثيين، مهدي المشاط، إلى عبد الملك الحوثي، يشكو فيه من أنه يواجه مصير سلفه صالح الصماد الذي قتل بغارة جوية بمدينة الحديدة أواخر عام 2018.
وبرر المشاط تخوفاته من تدخلات محمد علي الحوثي التي وصلت إلى التدخل المباشر باختصاصاته، والسيطرة على قرار مجلس حكم الانقلاب، داعياً زعيم الجماعة إلى حسم الخلاف.
وفي وقت سابق، ذكرت مصادر مطلعة في صنعاء أن خلاف محمد علي الحوثي والمشاط وصل إلى مجلس النواب غير الشرعي الخاضع للجماعة، عن طريق رؤية قدمها الأول فجرت الخلاف داخل المجلس.
وانتقد النواب الموالون للمشاط الرؤية التي قالوا إنها تتدخل في شؤون مجلس النواب، ودوره الرقابي، وتدل على جهل محمد علي الحوثي الذي يستغل قربه من زعيم الجماعة لتصدر أغلب القضايا في صنعاء، وكان يرأس ما يعرف بـ«اللجنة الثورية»، وتم استبعاده بعد مقتل صالح الصماد، ليحاول المشاط احتواءه باقتراح تعيينه في المجلس الانقلابي للجماعة.
إلى ذلك، أفادت مصادر في صنعاء بأن الجناح الذي يقوده محمد علي الحوثي، ويحظى أيضاً بتأييد القيادي المقرب من زعيم الجماعة المدعو أحمد حامد الملقب بـ«أبو محفوظ»، بدأ بشن حملات مناهضة لرئيس حكومة الانقلاب عبد العزيز بن حبتور.
وهدد عناصر موالون للقيادي أحمد حامد، في تغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي، باقتلاع بن حبتور من منصبه ومحاكمته شنقاً، بعد أن اتهموه بالفساد، والتغطية على فساد قادة آخرين في الجماعة، بينهم القيادي نبيل الوزير المعين وزيراً للمياه والبيئة في حكومة الانقلاب غير المعترف بها.
وفي محافظة إب (170 كلم جنوب صنعاء)، تجددت الاشتباكات قبل يومين، وسط مدينة إب، بين مسلحين تابعين للقيادي الحوثي المدعو أبو زيد الطاووس ومسلحين آخرين تابعين لمشرفي الجماعة في إب القديمة.
وعزت مصادر محلية في إب، لـ«الشرق الأوسط»، أسباب الاشتباكات إلى تقليص القيادي الحوثي الطاووس نفوذ قيادات حوثية أخرى، وقيامه بالاستحواذ على الإيرادات في المدينة كافة، ورفض تقاسمها مع غيره من مشرفي الجماعة.
وتأتي تلك الاشتباكات بعد يوم من مواجهات مماثلة دارت في شوارع مدينة إب بين فصائل حوثية مسلحة أوقعت قتيلاً، على خلفية تنفيذها حملة نهب بالإكراه بحق المواطنين تحت حماية الميليشيات.
وارتفعت على مدى الأشهر القليلة الماضية وتيرة الصراعات، وزادت معها حدة الاشتباكات بين قيادات الميليشيات في محافظة إب، وبدأت منذ مطلع العام الحالي حتى اليوم تأخذ أشكالاً عنيفة وأكثر دموية.
وكانت مصادر محلية في إب قد كشفت في وقت سابق، لـ«الشرق الأوسط»، عن اندلاع العشرات من المواجهات والاشتباكات بين عناصر وقيادات تتبع الجماعة الحوثية في إب، تعود معظم أسبابها إلى خلافات على تقاسم الأموال المنهوبة والنفوذ والسيطرة في محافظة ما تزال -بفعل الانقلاب- تشهد فوضى وانفلاتاً أمنياً غير مسبوق.


مقالات ذات صلة

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

المشرق العربي الأمم المتحدة تخطط للوصول إلى 12 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة هذا العام (إ.ب.أ)

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

كشفت بيانات أممية عن تفاقم انعدام الأمن الغذائي في 7 من المحافظات اليمنية، أغلبها تحت سيطرة الجماعة الحوثية، وسط مخاوف من تبعات توقف المساعدات الأميركية.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي الشراكات غير العادلة في أعمال الإغاثة تسبب استدامة الأزمة الإنسانية في اليمن (أ.ف.ب)

انتقادات يمنية لأداء المنظمات الإغاثية الأجنبية واتهامات بهدر الأموال

تهيمن المنظمات الدولية على صنع القرار وأعمال الإغاثة، وتحرم الشركاء المحليين من الاستقلالية والتطور، بينما تمارس منظمات أجنبية غير حكومية الاحتيال في المساعدات.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي لقاء نسوي حوثي في صنعاء حول مهام الزينبيات في شهر رمضان (إعلام حوثي)

رمضان... موسم حوثي لتكثيف أعمال التعبئة والتطييف

تستعد الجماعة الحوثية لموسم تعبئة وتطييف في شهر رمضان بفعاليات وأنشطة تلزم فيها الموظفين العموميين بالمشاركة وتستغل المساعدات الغذائية بمساهمة من سفارة إيران.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي مضامين طائفية تغلب على رسائل الشهادات العليا في جامعة صنعاء تحت سيطرة الحوثيين (إكس)

انقلابيو اليمن يعبثون بالشهادات الجامعية ويتاجرون بها

أثار حصول القيادي الحوثي مهدي المشاط على الماجستير سخرية وغضب اليمنيين بسبب العبث بالتعليم العالي، بينما تكشف مصادر عن تحول تزوير الشهادات الجامعية لنهج حوثي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي القوات اليمنية نجحت بشكل محدود في وقف تدفق المهاجرين الأفارقة (إعلام حكومي)

15 ألف مهاجر أفريقي وصلوا إلى اليمن خلال شهر

رغم الإجراءات التي اتخذتها الحكومة اليمنية للحد من الهجرة من «القرن الأفريقي»، فإن البلاد استقبلت أكثر من 15 ألف مهاجر خلال شهر يناير الماضي.

محمد ناصر (تعز)

الأردن وقطر ينددان بقرار إسرائيل وقف دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة

مساعدات تقدمها وكالة «الأونروا» خارج مركز توزيع في مخيم جباليا للاجئين في شمال قطاع غزة (رويترز)
مساعدات تقدمها وكالة «الأونروا» خارج مركز توزيع في مخيم جباليا للاجئين في شمال قطاع غزة (رويترز)
TT

الأردن وقطر ينددان بقرار إسرائيل وقف دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة

مساعدات تقدمها وكالة «الأونروا» خارج مركز توزيع في مخيم جباليا للاجئين في شمال قطاع غزة (رويترز)
مساعدات تقدمها وكالة «الأونروا» خارج مركز توزيع في مخيم جباليا للاجئين في شمال قطاع غزة (رويترز)

ندّد الأردن، اليوم (الأحد)، بقرار إسرائيل تعليق دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، معتبراً أنه «انتهاك فاضح لاتفاق وقف إطلاق النار»، يهدد «بتفجر الأوضاع مجدداً في القطاع» الفلسطيني.

ونقل بيان صادر عن وزارة الخارجية الأردنية عن الناطق باسمها، سفيان القضاة، قوله إن «قرار الحكومة الإسرائيلية يُعد انتهاكاً فاضحاً لاتفاق وقف إطلاق النار، ما يهدد بتفجر الأوضاع مجدداً في القطاع»، مشدداً على «ضرورة أن توقف إسرائيل استخدام التجويع سلاحاً ضد الفلسطينيين والأبرياء من خلال فرض الحصار عليهم، خصوصاً خلال شهر رمضان المبارك».

من جانبها، عدّت قطر التي ساهمت في جهود الوساطة لإبرام الهدنة بين إسرائيل وحركة «حماس» في غزة، أن تعليق الدولة العبرية إدخال المساعدات إلى القطاع المحاصر هو «انتهاك صارخ» للاتفاق. وندّدت وزارة الخارجية القطرية في بيان بالقرار الإسرائيلي، مؤكدة أنها «تعدّه انتهاكاً صارخاً لاتفاق الهدنة والقانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة وكافة الشرائع الدينية». وشدّدت على رفض الدوحة «القاطع استخدام الغذاء كسلاح حرب، وتجويع المدنيين»، داعية «المجتمع الدولي إلزام إسرائيل بضمان دخول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ومستدام ودون عوائق إلى كافة مناطق القطاع».

وسلمت حركة «حماس» 33 رهينة لإسرائيل خلال المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، بينما أطلقت إسرائيل سراح نحو ألفي فلسطيني وانسحبت من بعض المواقع في قطاع غزة. وكان من المقرر أن تشهد المرحلة الثانية بدء مفاوضات الإفراج عن الرهائن المتبقين، وعددهم 59، بالإضافة إلى انسحاب إسرائيل تماماً من القطاع وإنهاء الحرب، بموجب الاتفاق الأصلي الذي تم التوصل إليه في يناير (كانون الثاني). وصمد الاتفاق على مدى الأسابيع الستة الماضية، على الرغم من اتهام كل طرف للآخر بانتهاك الاتفاق. وأدّت الحرب الإسرائيلية إلى مقتل أكثر من 48 ألف فلسطيني وتشريد كل سكان القطاع تقريباً وتحويل معظمه إلى أنقاض. واندلعت الحرب في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 بعد هجوم شنّته «حماس» على إسرائيل، أسفر عن مقتل 1200، بحسب الإحصاءات الإسرائيلية.