هل السعودية على عتبة موجة «كورونا» الثانية؟

اليامي لـ {الشرق الأوسط}: الفيروسات التنفسية تنشط في فصل الشتاء... والتباعد يساعد في انخفاضها

الكمامة إلزامية في السعودية وهي من أسس الوقاية حتى اليوم (الشرق الأوسط)
الكمامة إلزامية في السعودية وهي من أسس الوقاية حتى اليوم (الشرق الأوسط)
TT

هل السعودية على عتبة موجة «كورونا» الثانية؟

الكمامة إلزامية في السعودية وهي من أسس الوقاية حتى اليوم (الشرق الأوسط)
الكمامة إلزامية في السعودية وهي من أسس الوقاية حتى اليوم (الشرق الأوسط)

تتردد أنباء «الموجة الثانية» عالمياً، وهو ما يطرح تساؤلات في كثير من الدول، ومنها السعودية، ودول الخليج، عما إذا كانت قريبة أو يتربص بها مجدداً فيروس «كورونا» المستجد، مع عودة الحياة الكاملة لطبيعتها، ومع تراجع أعداد الإصابات اليومية، على غرار ما حدث في كثير من الدول، بعد عودتها للحياة وفتح الحدود والمطارات والنشاطات التجارية وإتاحة التجمعات البشرية.
وبعد أسابيع قليلة من انخفاض الإصابات في بعض الدول، عادت لتسجل موجة ثانية أشد فتكاً من الأولى؛ حيث يرجح المختصون أن أسبابها تتمحور حول عدم الالتزام بالإجراءات الاحترازية، وليس تحوراً في الفيروس.
اليوم، إحصاءات «كورونا» في السعودية تسجل أدنى مستوياتها منذ أشهر، وتحديداً منذ الأسابيع الأولى للفيروس في البلاد، في أوائل أبريل (نيسان) الماضي؛ حيث كان الانخفاض بأعداد الإصابات في بداية يوليو (تموز) الماضي، بعد أن سجلت أعلى مستوياتها في منتصف يونيو (حزيران)، وصاحب هذا الانخفاض بأعداد الإصابات تخفيف للقيود عن بعض المناشط، مثل فتح الحدود لحالات مستثناة أو السماح بأداء العمرة وفق احترازات مشددة، وغيرها.
ولكن على الجانب الآخر، لا يزال كثير من المناشط معلقة، مع استمرار بعض القطاعات بالعمل والتعليم «عن بعد»، إضافة إلى بعض الجهات الحكومية أو الشركات التي فضّلت استمرار العمل «عن بعد» لنسبة من موظفيها، كإجراء احترازي لمنع أي تفشيات.
وتأتي هذه الإجراءات الاحترازية في سياق «العودة بحذر» التي بدأت بها السعودية عودتها للحياة في يونيو الماضي، وهو ما وضعته السعودية منذ الإعلان الأول عن عودة بعض مناشط الحياة، لتؤكد خلاله على أهمية الاستمرار بالإجراءات الاحترازية لجميع فئات المجتمع، وعدم التساهل في التعامل مع الفيروس.
يقول الدكتور سامي اليامي، البروفسور المساعد في أمراض الباطنة والصدرية والتليف الرئوي، إنه كان من المتوقع سابقاً انخفاض أعداد الحالات، لكن لا يزال يُخشى تفشي الوباء مع نهاية فصل الخريف وبداية فصل الشتاء، وهو موسم انتشار الفيروسات التنفسية وسهولة انتقالها، مشيراً إلى أهمية الاستعداد لاحتمالية حدوث موجة أخرى قد تحدث مع بداية فصل الشتاء، والتي تتزامن مع فتح الرحلات الدولية، والعودة إلى المدارس، الأمر الذي قد يفاقم الأمر.
ودعا الدكتور اليامي في حديث مع «الشرق الأوسط»، إلى عدم الاستعجال في العودة إلى المدارس قبل نهاية فصل الشتاء، مع استمرار التزام الجميع بالإجراءات الوقائية، مشيراً إلى وجود انخفاض ملحوظ في انتشار الفيروسات التنفسية الأخرى، مثل الرشح والزكام، بسبب التباعد والإجراءات الاحترازية.
وأشار اليامي إلى أن وزارة الصحة ومركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث تستعدان لإجراء أبحاث متقدمة على لقاحات أثبتت نجاحها في الأدوار المبدئية، متوقعاً بداية تجربة اللقاح على شريحة واسعة من المجتمع خلال الشهرين القادمين.
وفي سياق متصل، أكد الدكتور محمد العبد العالي، المتحدث باسم وزارة الصحة، في حديث سابق، أن السعودية وضعت منهج «العودة بحذر» للتأكيد على أهمية اتباع الإجراءات الوقائية، مشيراً إلى أن الأسباب التي أدت إلى تسجيل موجات ثانية في بعض الدول هي التراخي وعدم الالتزام بالإجراءات الاحترازية، وأكد أنه لم يسجل تحورات للفيروس عالمياً.
ومنهج العودة بحذر، يتضح من خلال قرارات عودة بعض المناشط في السعودية، التي تأتي بفرض اشتراطات جديدة للتقليل من نسب المخاطرة، مثل وضع شروط إلزامية في بعض المرافق، وإلزام الجميع بارتداء الكمامة، وتفعيل التطبيقات الإلكترونية للمساعدة في إدارة عشرات الآلاف من الطلبات افتراضياً، لمنع التجمعات البشرية، وتقليل التعاملات الورقية.
ومن ذلك، تفعيل تطبيق «اعتمرنا» لاستقبال طلبات راغبي العمرة والزيارة في مكة المكرمة والمدينة المنورة لمنح تصاريح قاصدي الحرمين وفق ضوابط مشددة عبر عدة مراحل، إضافة إلى تطبيق «توكلنا»، وغيره كثير من التطبيقات.
ورغم حدوث بعض التجمعات البشرية الأسبوع الماضي، فإن وزارة الصحة عبّرت عن قلقها من ذلك، ودعت إلى استمرار الالتزام بالإجراءات الاحترازية، وهو ما يؤكد على دور المجتمع في الوقاية من موجة ثانية للفيروس؛ حيث ارتبطت مؤشرات الموجات الثانية للفيروس في كثير من الدول بالتساهل وعدم التقيد بالإجراءات الوقائية.



السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
TT

السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)

أكدت الرياض ولندن، الخميس، ضرورة خفض التصعيد الإقليمي، والالتزام بالمعايير الدولية، وميثاق الأمم المتحدة، وذلك في بيان مشترك عقب زيارة كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني للسعودية هذا الأسبوع، التي جاءت انطلاقاً من أواصر علاقتهما المميزة.

وذكر البيان أن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، وستارمر أكدا خلال جلسة مباحثات رسمية على أهمية الدور الذي يقوم به مجلس الشراكة الاستراتيجية في تعزيز التعاون بين البلدين، واستعرضا التقدم الكبير المحرز في تطوير العلاقات الثنائية وتنويعها.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز الشراكة الاقتصادية بينهما، والتزامهما برفع حجم التجارة البينية إلى 37.5 مليار دولار بحلول عام 2030، وزيادة الاستثمار في صناعات الغد، بما يحقق النمو المستدام. كما اتفقا على برنامج طموح للتعاون يهدف لتعزيز الازدهار المتبادل، والأمن المشترك، ومعالجة التحديات العالمية.

وأشادا بنمو الاستثمارات المتبادلة، ونوّها بالاستثمارات السعودية الكبيرة في المملكة المتحدة خلال عام 2024، ومنها لصندوق الاستثمارات العامة، مثل «سيلفريدجز» و«مطار هيثرو»، والاستثمار الإضافي في نادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم، ما يعزز العلاقات المتنامية بين شمال شرقي إنجلترا والسعودية.

ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء البريطاني خلال جلسة مباحثات رسمية في الرياض (واس)

وبينما تعدّ المملكة المتحدة من أكبر المستثمرين الأجانب في السعودية، نوّه الجانبان بإعلان الهيئة البريطانية لتمويل الصادرات عن خططها لزيادة حجم تعرضها السوقي إلى 6 مليارات دولار أميركي، وذلك في ضوء نجاح التمويل (المتوافق مع الشريعة الإسلامية) بقيمة تبلغ نحو 700 مليون دولار للاستثمار بمشروع القدية (غرب الرياض).

وأعربا عن تطلعهما إلى تطوير شراكات استراتيجية طويلة الأمد تخدم المصالح المتبادلة، والمساهمة في النمو الاقتصادي المستدام. ورحّبا بالتقدم الكبير المحرز بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون الخليجي والمملكة المتحدة.

وأشادا بالتعاون القائم بين البلدين في قطاع الطاقة، وأكدا أهمية تعزيزه بمجالات الكهرباء، والطاقة المتجددة، والهيدروجين النظيف وتطبيقاته، والتكنولوجيا النظيفة، وابتكارات الطاقة والاستدامة. واتفقا على العمل المشترك لإنشاء تحالف الهيدروجين النظيف بين جامعاتهما بقيادة جامعتي «الملك فهد للبترول والمعادن»، و«نيوكاسل».

وأكدا أهمية تعزيز موثوقية سلاسل التوريد العالمية، وتحديداً مع إطلاق السعودية مبادرة لتأمين الإمدادات، وخاصة بمجالات الطاقة المتجددة، وإنتاج الهيدروجين، والمعادن الخضراء، والبتروكيماويات المتخصصة، وإعادة تدوير النفايات، والمركبات الكهربائية.

جانب من جلسة المباحثات بين الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر (واس)

كما رحّبا بإطلاق السعودية 5 مناطق اقتصادية خاصة تستهدف الصناعات والقطاعات الاستراتيجية، وتوفر للشركات البريطانية فرصة الاستفادة من مزايا وحوافز على جميع مستويات سلاسل التوريد.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في قطاع الخدمات المالية، ومجال تطوير قطاعات التعدين المستدامة، وتنويع إمدادات المعادن النادرة المستخدمة في التقنيات النظيفة. وأعربت بريطانيا عن دعمها وعزمها المشاركة على مستوى رفيع في «منتدى مستقبل المعادن السعودي» خلال شهر يناير (كانون الثاني) 2025.

كما أكدا على مركزية الاتفاقية الأممية الإطارية بشأن تغير المناخ، واتفاقية باريس، ونوّها بنتائج مؤتمر الأطراف «كوب 29»، وأهمية العمل لتحقيق نتيجة طموحة ومتوازنة في «كوب 30» عام 2025. ورحّبت بريطانيا بطموحات الرياض وقيادتها عبر مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، ورئاستها لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16».

وأعربت بريطانيا أيضاً عن دعمها جهود السعودية في مجالات البيئة والتغير المناخي من خلال تنفيذ نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي أطلقته الرياض، وأقرّه قادة مجموعة العشرين، مؤكدة دعمها القوي لـ«رؤية 2030»، والتزامها بالفرص التي تتيحها في إطار الشراكة بين البلدين.

ولي العهد السعودي يصافح رئيس الوزراء البريطاني لدى وصوله إلى قصر اليمامة (واس)

ورحّب البلدان بتزايد عدد الزوار بينهما، وعبّرا عن تطلعهما إلى زيادة هذه الأعداد بشكل أكبر خاصة في ظل زيادة الربط الجوي بينهما، وتسهيل متطلبات الحصول على التأشيرة من الجانبين.

واتفقا على أهمية تعزيز التعاون في مختلف القطاعات الثقافية، بما في ذلك من خلال إطلاق برنامج تنفيذي جديد لتعزيز مشاركة بريطانيا في تطوير محافظة العُلا (شمال غربي السعودية)، كما رحّبا بالاتفاق على إطلاق شراكة بين الهيئة الملكية للعلا والمجلس الثقافي البريطاني تزامناً مع احتفال الأخير بمرور 90 عاماً على تأسيسه.

وأشادا بنتائج تعاونهما الاستراتيجي في مجالات التعليم والتعليم العالي والتدريب. ورحّبا بالخطط الاستراتيجية لزيادة عدد المدارس البريطانية في السعودية إلى 10 مدارس بحلول عام 2030، وافتتاح فروع للجامعات البريطانية في السعودية، كما عبّرا عن التزامهما بمواصلة التباحث حول زيادة التعاون في مجالات الاحتياجات التعليمية الخاصة، والتدريب التقني والمهني.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال الرعاية الصحية، ومواجهة تحديات الصحة العالمية. ونوّها بالمناقشات الجارية بين الجامعات البريطانية والشركاء السعوديين المحتملين لإنشاء كلية لتدريب الممرضين بالسعودية. كما اتفقا على أهمية الاستفادة من فرصهما لزيادة التعاون بمجالات السلامة الغذائية، والمنتجات الزراعية.

ولي العهد السعودي يستقبل رئيس الوزراء البريطاني (واس)

واتفق الجانبان على تعزيز التعاون في الأنشطة والبرامج الرياضية، وأشادا بالمشروع المشترك بين الجامعات السعودية والبريطانية لدعم تطوير القيادات النسائية المستقبلية بمجال الرياضة، والشراكة المتنامية بمجال الرياضات الإلكترونية.

وأشادا بمستوى تعاونهما بمجال الدفاع والأمن على مرّ العقود الماضية، وأكدا التزامهما بشراكة دفاعية استراتيجية طموحة ومستقبلية، بما يسهم في تطويرها لتركز على الصناعة وتطوير القدرات، وزيادة التشغيل البيني، والتعاون بشأن التهديدات المشتركة بما يسهم في تحقيق الأمن والازدهار في البلدين.

واتفقا على توسيع التعاون في مجالات النشاط السيبراني والكهرومغناطيسي، والأسلحة المتقدمة، والقوات البرية، والطائرات العمودية، والطائرات المقاتلة. كذلك تعزيزه أمنياً حيال الموضوعات المشتركة، بما فيها مكافحة الإرهاب والتطرف.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال العمل الإنساني والإغاثي، وشدّدا على ضرورة مواصلة التعاون في المحافل والمنظمات الدولية لمعالجة التحديات الاقتصادية العالمية، والتزامهما بتوحيد الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وعقد حوار استراتيجي سعودي - بريطاني سنوياً بشأن المساعدات والتنمية الدولية، واتفقا على التمويل المشترك لمشاريع في هذا الإطار بقيمة 100 مليون دولار.

الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر قبيل جلسة المباحثات في قصر اليمامة (واس)

وحول تطورات غزة، أكد الجانبان ضرورة إنهاء الصراع، وإطلاق سراح الرهائن فوراً وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، مشددين على الحاجة الملحة لقيام إسرائيل بحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية لإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب الفلسطيني، وتمكين المنظمات الدولية والإنسانية من القيام بعملها.

وبحثا كيفية العمل بينهما لتنفيذ حلّ الدولتين بما يحقق إحلال السلام الدائم للفلسطينيين والإسرائيليين. وأعربت بريطانيا عن تطلعها إلى انعقاد المؤتمر الدولي الرفيع المستوى بشأن الحل السلمي، الذي سترأسه السعودية وفرنسا في يونيو (حزيران) 2025.

وفي الشأن السوري، رحّب الجانبان بأي خطوات إيجابية لضمان سلامة الشعب السوري، ووقف إراقة الدماء، والمحافظة على مؤسسات الدولة ومقدراتها. وطالبا المجتمع الدولي بالوقوف بجانب الشعب، ومساعدته في تجاوز معاناته المستمرة منذ سنوات طويلة، مؤكدين أنه حان الوقت ليحظى بمستقبل مشرق يسوده الأمن والاستقرار والازدهار.

وفيما يخص لبنان، أكدا أهمية المحافظة على اتفاق وقف إطلاق النار، والتوصل لتسوية سياسية وفقاً للقرار 1701. كما اتفقا على ضرورة تجاوزه لأزمته السياسية، وانتخاب رئيس قادر على القيام بالإصلاحات الاقتصادية اللازمة.

ولي العهد السعودي يصافح الوفد المرافق لرئيس الوزراء البريطاني (واس)

وبشأن اليمن، أكد الجانبان دعمهما الكامل لمجلس القيادة الرئاسي، وأهمية دعم الجهود الأممية والإقليمية للتوصل لحلٍ سياسيٍ شاملٍ للأزمة اليمنية، وضمان أمن البحر الأحمر لتحقيق استقرار الاقتصاد العالمي.

وحول الأوضاع السودانية، أكدا أهمية البناء على «إعلان جدة» بشأن الالتزام بحماية المدنيين في السودان عبر مواصلة الحوار لتحقيق وقف كامل لإطلاق النار، وحل الأزمة، ورفع المعاناة عن شعبه، والمحافظة على وحدة البلاد، وسيادتها، ومؤسساتها الوطنية.

ورحّب الجانبان باستمرار التواصل بين البلدين بشأن الحرب في أوكرانيا، مؤكدين أهمية بذل كل الجهود الممكنة لتحقيق السلام العادل والمستدام الذي يحترم السيادة والسلامة الإقليمية بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة.

جانب من مراسم الاستقبال الرسمية لرئيس الوزراء البريطاني في قصر اليمامة بالرياض (واس)