نقل «كوفيد ـ 19» بالهباء الجوي... تقليل رسمي من الخطورة رغم الأدلة

جهاز بجامعة ماريلاند الأميركية أثبت توسع الإصابة

جهاز اختبار دور الهباء الجوي في نقل «كورونا» (جامعة ماريلاند)
جهاز اختبار دور الهباء الجوي في نقل «كورونا» (جامعة ماريلاند)
TT

نقل «كوفيد ـ 19» بالهباء الجوي... تقليل رسمي من الخطورة رغم الأدلة

جهاز اختبار دور الهباء الجوي في نقل «كورونا» (جامعة ماريلاند)
جهاز اختبار دور الهباء الجوي في نقل «كورونا» (جامعة ماريلاند)

في مختبر بجامعة ماريلاند الأميركية، يتناوب الأشخاص المصابون بفيروس «كورونا» الجديد على الجلوس على كرسي ووضع وجوههم في نهاية مخروطية الشكل لجهاز يسمى «Gesundheit II»، حيث يرددون الحروف الأبجدية ويغنون أو يجلسون بهدوء لمدة نصف ساعة، وفي بعض الأحيان يسعلون.
يمتص الجزء المخروطي من الجهاز كل ما يخرج من أفواههم وأنوفهم، ليجري العلماء اختبارات تساعد على دراسة سؤال مهم؛ وهو: كيف ينتقل الفيروس المسبب لمرض (كوفيد - 19) من شخص إلى آخر؟
وكشفت النتائج وفق تقرير نشرته أول من أمس وكالة «أسوشيتد برس»، أن الفيروس ينتقل عبر جزيئات سائلة صغيرة يرشها شخص مصاب.
ويطرد الناس الجزيئات أثناء السعال والعطس والغناء والصراخ والتحدث وحتى التنفس، لكن القطرات تأتي في مجموعة واسعة من الأحجام، ويحاول العلماء تحديد مدى خطورة الأنواع المختلفة.
وتؤثر الإجابة على ما يجب علينا جميعاً فعله لتجنب الإصابة بالمرض، فعلى سبيل المثال ترى بعض السلطات الصحية أنه يكفي نصف مسافة التباعد الاجتماعي الموصى بها عالمياً (6 أقدام)، استنادا إلى فكرة أن الجسيمات الأكبر هي الناقل الأساسي للفيروس، وتسقط على الأرض قبل أن تتمكن من التحرك لمسافات بعيدة جداً، فهي مثل القطرات في رذاذ من منظف زجاج، ويمكن أن تصيب شخصاً ما عن طريق الهبوط على أنفه أو فمه أو عينيه، أو ربما استنشاقه.
لكن جهاز Gesundheit II» كشف عن خطورة جزيئات أصغر، وهي تلك التي تنتشر مثل دخان السجائر، ويتم حملها بواسطة خيوط الهواء وحتى التيارات الهوائية الصاعدة التي يسببها دفء أجسامنا، ويمكن أن تبقى في الهواء لدقائق وساعات، وتنتشر في جميع أنحاء الغرفة وتتراكم إذا كانت التهوية سيئة.
بالنسبة لهذه الجسيمات، التي تسمى الهباء الجوي فإن «6 أقدام ليست مسافة سحرية»، كما تقول لينسي مار، الباحثة البارزة في جامعة فرجينيا التقنية، وتؤكد أنه «لا يزال من المهم الابتعاد عن الآخرين، لأن الهباء الجوي يتركز أكثر بالقرب من المصدر ويشكل خطراً أكبر من مسافة قريبة».
وركزت وكالات الصحة العامة بشكل عام على الجسيمات الأكبر لفيروس «كورونا»، ودفع ذلك أكثر من 200 عالم آخر إلى نشر نداء في يوليو (تموز) الماضي للانتباه إلى المخاطر المحتملة من الهباء الجوي.
وقالت «منظمة الصحة العالمية»، التي رفضت لفترة طويلة وجود خطر من الهباء الجوي إلا في حالة بعض الإجراءات الطبية، إن انتقال فيروس «كورونا» لا يمكن استبعاده في حالات العدوى داخل الأماكن المغلقة المزدحمة وسيئة التهوية.
ولفتت هذه المشكلة الانتباه مؤخراً عندما نشرت «المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها بيانات على موقعها الإلكتروني ثم حذفتها، والتي سلطت الضوء على فكرة انتشار الفيروس عبر الهباء الجوي، وقالت الوكالة إن النشر كان خطأ، وإن البيانات كانت مجرد مسودة للتغييرات المقترحة على توصياتها.
وقال الدكتور غاي بتلر، نائب مدير مركز السيطرة على الأمراض للأمراض المعدية، إن «الوكالة لا تزال تعتقد أن القطرات الأكبر والأثقل التي تأتي من السعال أو العطس هي الوسيلة الأساسية للانتقال».
وفي الشهر الماضي، قال بتلر في اجتماع علمي إن الأبحاث الحالية تشير إلى أن نشر الهباء الجوي لفيروس «كورونا» أمر ممكن، لكن لا يبدو أنه الطريقة الرئيسية للإصابة بالعدوى. وأضاف أن «المزيد من البحث قد يغير هذا الاستنتاج، وحث العلماء على دراسة المواقف التي تجعل العدوى عبر الهباء الجوي أكثر احتمالا وما هي الخطوات المعقولة التي قد تمنعها».
ومن جانبها تعتقد الباحثة لينسي مار أن العدوى بواسطة الهباء الجوي «تحدث أكثر بكثير مما كان الناس على استعداد في البداية لتخيله».
وفي مطعم مزدحم وسيئ التهوية في الصين في يناير (كانون الثاني)، تبين أن الفيروس انتشر إلى خمسة أشخاص على طاولتين متجاورتين في نمط يشير إلى انتشار الهباء الجوي بواسطة مكيف الهواء، وفي يناير أيضاً، أصاب راكب على متن حافلة صينية، على ما يبدو، 23 آخرين تناثر العديد منهم حول السيارة.
ويقول الدكتور بتلر، نائب مدير مركز السيطرة على الأمراض للأمراض المعدية، إن مثل هذه الأحداث تثير القلق بشأن انتشار الهباء الجوي لكنها لا تثبت حدوثه.
ويرفض الدكتور دونالد ميلتون من كلية الصحة العامة بجامعة ميريلاند الأميركية ما ذهب إليه بتلر، ويقول ميلتون الذي يضم معمله جهاز «Gesundheit II»، إن التجارب تشير إلى أهمية الوجود في بيئة تهوية جيدة تجنبا لخطر الهباء الجوي. ويقول: «6 أقدام (فاصلة) جيدة جداً إذا كان الجميع يرتدون أقنعة، ولا يبقى أحد في اتجاه الريح من شخص مصاب لفترة طويلة جداً».
ولا يبدو أن هناك إجابة حاسمة على هذه القضية، لأن الأمر نفسه حدث مع وباء الإنفلونزا الإسبانية عام 1917 ويقول الدكتور محمد صديق، أستاذ الفيروسات بجامعة الزقازيق (شمال شرقي القاهرة): «العالم يدرس الإنفلونزا منذ مائة وعامين (102)، ولا يزال لا يعرف دور الهباء الجوي». ويضيف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «سواء تم الحسم أم لا، فإن الأفضل هو أخذ الإجراءات الوقائية، مثل ارتداء القناع والاستمرار في غسل الأيدي وتجنب الازدحام، والابتعاد عن الغرف سيئة التهوية، وفتح النوافذ والأبواب».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

تدعو لـ«محاسبة الأسد»... «مجموعة السبع» مستعدة لدعم الانتقال السياسي في سوريا

موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
TT

تدعو لـ«محاسبة الأسد»... «مجموعة السبع» مستعدة لدعم الانتقال السياسي في سوريا

موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)

أعلن قادة مجموعة الدول السبع الكبرى في بيان، الخميس، إنهم على استعداد لدعم عملية انتقالية في إطار يؤدي إلى حكم موثوق وشامل وغير طائفي في سوريا، وفقاً لوكالة «رويترز».

وذكرت مجموعة السبع أن الانتقال السياسي بعد نهاية الحكم الاستبدادي، الذي دام 24 عاماً لبشار الأسد، يجب أن يضمن «احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان العالمية، بما في ذلك حقوق المرأة، وحماية جميع السوريين، بمن في ذلك الأقليات الدينية والعرقية، والشفافية والمساءلة».

وطالبت المجموعة أيضاً بضرورة «محاسبة نظام الأسد».

وأضاف البيان: «ستعمل مجموعة السبع مع أي حكومة سورية مستقبلية تلتزم بهذه المعايير، وتكون نتاج هذه العملية، وتدعمها بشكل كامل».

كما دعا القادة «كل الأطراف» إلى «الحفاظ على سلامة أراضي سوريا، ووحدتها الوطنية، واحترام استقلالها وسيادتها».