الأجهزة الأمنية تسعى إلى تحديد الهوية الحقيقية لمرتكب هجوم باريس

وزير العدل الفرنسي: تندرج في خانة «العمليات بخسة الثمن»

استنفار أمني عقب هجوم الطعن في العاصمة باريس يوم الجمعة الماضية (إ.ب.أ)
استنفار أمني عقب هجوم الطعن في العاصمة باريس يوم الجمعة الماضية (إ.ب.أ)
TT

الأجهزة الأمنية تسعى إلى تحديد الهوية الحقيقية لمرتكب هجوم باريس

استنفار أمني عقب هجوم الطعن في العاصمة باريس يوم الجمعة الماضية (إ.ب.أ)
استنفار أمني عقب هجوم الطعن في العاصمة باريس يوم الجمعة الماضية (إ.ب.أ)

لعل أفضل توصيف للهجوم الإرهابي الذي قام به مواطن باكستاني في قلب العاصمة الفرنسية قبل 4 أيام جاء على لسان وزير العدل المحامي اللامع أريك دوبون - موريتي الذي عد أنه يندرج في خانة «العمليات الإرهابية بخسة الثمن»، بمعنى أنه لا يستدعي كثيراً من التخطيط والتنظيم، وأنه حصل بساطور، وهو سلاح بدائي يباع في كل المخازن الكبرى، وقد قام به فرد واحد، وليس من فعل مجموعة منظمة.
وبعد 4 أيام من الاستجوابات التي أخضع لها الجاني، فإن الأجهزة الأمنية المكلفة بالتحقيق بأمر من النيابة العامة المتخصصة في المسائل الإرهابية لم تتوصل بعد للعثور على أدلة تبين أن الأخير قام بعمله الإرهابي بطلب من جهات خارجية (داعش، القاعدة،... إلخ»، على غرار غالبية العمليات الإرهابية التي حصلت في فرنسا منذ بداية عام 2015، وأوقعت 260 قتيلاً، وآلاف الجرحى. وما حصل أن الجاني الذي تبنى مسؤولية عمليته اعترف سريعاً بأنه كان يستهدف مجلة «شارلي إيبدو» الساخرة التي أعادت نشر الصور الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد بمناسبة المحاكمة التي انطلقت بداية الشهر المنتهي للضالعين الأحياء في الهجوم الأول على المجلة المذكورة في 2015 الذي أوقع 12 قتيلاً، وقضى على قسم كبير من كوادرها ومحرريها ورساميها.
والسؤال الأول الذي يشغل اليوم المحققين هو التأكد من هوية هذا الشاب، ومن عمره: هل هو «حسن» البالغ من العمر 18 عاماً، كما يقول، وقد وصل إلى فرنسا قاصراً قبل 3 أعوام، وحظي برعاية اجتماعية كاملة حتى فترة قصيرة، أم هو زاهر حسن محمود المولود في مقاطعة البنجاب، في باكستان، قبل 25 عاماً، وفق صورة لبطاقة هوية عثر عليها في أحد هواتفه النقالة؟ وهل قدم هذا الرجل نفسه على أنه قاصر لتسهيل قبوله، وللحصول على الرعاية التي ينشدها، وهو ما يفعله المئات من المهاجرين واللاجئين الذين يرمون بطاقات الهوية، ويدعون أنهم قاصرون ومن غير أهل؟
الثابت أن هذا الفرد، أكان حسن أو زاهر حسن محمود، لم يكن معروفاً لدى الأجهزة الأمنية على أنه إسلاموي متشدد، واسماه المفترضان لا يظهران على لوائح الأفراد المتطرفين أو على لائحة الأشخاص الذين يشكلون تهديداً أمنياً. والحالة الوحيدة التي أوقفته فيها الشرطة قديمة زمنياً، وسببها العثور على مخرز كان يحمله في جيبه. لذا، فإن التحقيق الذي يستنطق 5 من الأشخاص الذين أوقفوا في هذه القضية، وكلهم باكستانيون، وبينهم شقيقه الأصغر، يسعى لمعرفة ما إذا كان الجاني قد استفاد من مساعدة هؤلاء، والدور الذي قد يكونون لعبوه أو كانوا على علم بخططه. وقد أمر القضاء بتمديد فترة توقيفهم احتياطياً لاستكمال التحقيق.
وتبدو الأجهزة الأمنية مقتنعة تماماً بالطبيعة الإرهابية لهذه العملية التي أوقعت جريحين كانا يدخنان سيجارة في الشارع الذي تقع فيه المكاتب السابقة لمجلة «شارلي إيبدو». ويتضح أن الجاني لم يكن على علم بأن المكاتب نقلت منذ عام 2015 إلى مكان سري، وبالتالي فإنه عد أن الضحيتين ينتميان إلى «شارلي إيبدو»، بينما هما يعملان في وكالة صحافية اسمها «ليني بروميير»، متخصصة في إنتاج الريبورتاجات الوثائقية.
وبحسب مصادر الشرطة، فإنهما خرجا من حالة الخطر، بعد أن أجريت لهما العمليات الجراحية اللازمة. ومما عثر عليه المحققون الذين داهموا مقرين كان يبيت فيهما الجاني شريط فيديو مسجل مدته دقيقتان، يظهر فيه الجاني بثياب باكستانية تقليدية مصلياً أحياناً، باكياً أحياناً أخرى، وهو يندد بإعادة نشر الصور الكاريكاتورية. ومما جاء على لسانه حرفياً: «اليوم، الجمعة 25 سبتمبر (أيلول)، سوف أتدبر أمرهم»، في إشارة إلى محرري «شارلي إيبدو». وفي الفيديو نفسه الذي لا يتضمن ولاء لتنظيم إرهابي، يؤكد الجاني أنه من أتباع الملا إلياس قدري، مرشد جماعة «دعوة إسلامي» الباكستانية. وتعول الأجهزة الأمنية على تحليل ما توافر لديها من أجهزة هاتف مصادرة وأدلة مادية لإلقاء كامل الضوء على خلفيات العملية ودوافعها التي أعادت إلى الأذهان في فرنسا أن الإرهاب ما زال موجوداً.
وككل مرة تحصل فيها عملية من هذا النوع، تتكاثر ردود الفعل السياسية، وتتحول إلى مادة للجدل، ومدعاة لاتهام الحكومة بالسذاجة، والعجز عن محاربة الإرهاب الإسلاموي. وقال المسؤول عن التنسيق بين الأجهزة الاستخبارية كافة الوزير السابق لوران نونيز إنه «يتعين اتخاذ مزيد من الإجراءات لتضييق الخناق، وتحسين القدرات على استباق الأعمال من هذا النوع». أما وزير الداخلية جيرالد دارمانان، فقد عد أول من أمس، لدى زيارته لمعبد يهودي في مدينة بولوني بيانكور الواقعة على مدخل باريس الغربي، أن فرنسا «في حالة حرب ضد الإرهاب الإسلاموي... وربما قمنا بشكل جماعي بتناسي ذلك إلى حد ما»، مضيفاً أن الأجهزة الأمنية عطلت 32 هجوماً إرهابياً في السنوات الثلاث المنقضية. وبحسب ما قاله، فإن هذه الأعمال تستهدف بالدرجة الأولى المصالح اليهودية، وإن 774 موقعاً يهودياً تخضع للحماية الأمنية.
ولا شك أن هذه المسألة ستبقى مادة للجدل في الأيام المقبلة، خصوصاً أنه من المفترض أن يكشف الرئيس إيمانويل ماكرون، في كلمة يلقيها في الثاني من الشهر المقبل، عن خططه لمحاربة ما يسميه «الانفصاليات» التي تهدد المجتمع الفرنسي، وعلى رأسها «الانفصالية الإسلاموية»، والمقصود بـ«الانفصالية»، وفق ما شرحه في مناسبات سابقة، مساعي مجموعات عرقية أو مذهبية ودينية أو سياسية لفرض قواعد السلوك والقيم الخاصة بها على حساب قيم وأساليب الحياة السائدة في إطار الجمهورية الفرنسية. وبحسب الرؤية الحكومية، فإن هذه «الانفصالية» تظهر في عدد من المناطق، خصوصاً في ضواحي المدن الكبرى، حيث حضور الدولة وأجهزتها ضعيف.


مقالات ذات صلة

إسبانيا: السجن لأعضاء خلية «إرهابية» خططت لاستهداف مصالح روسية

العالم إسبانيا: السجن لأعضاء خلية «إرهابية» خططت لاستهداف مصالح روسية

إسبانيا: السجن لأعضاء خلية «إرهابية» خططت لاستهداف مصالح روسية

قضت محكمة إسبانية، الجمعة، بالسجن 10 سنوات على زعيم خلية «إرهابية» نشطت في برشلونة، و8 سنوات على 3 آخرين بتهمة التخطيط لهجمات ضد أهداف روسية في المدينة، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». وذكرت «المحكمة الوطنية» في مدريد، في بيان، أنها أدانت «4 أعضاء في خلية إرهابية متطرفة مقرُّها برشلونة، حدّدوا أهدافاً روسية لتنفيذ هجمات ضدَّها في عاصمة كاتالونيا بشمال شرقي إسبانيا. وأضافت المحكمة، المسؤولة خصيصاً عن قضايا «الإرهاب»، أنها برّأت شخصين آخرين. وجاء، في البيان، أن زعيم الخلية «بدأ تحديد الأهداف المحتملة، ولا سيما المصالح الروسية في عاصمة كاتالونيا، وأنه كان في انتظار الحصول على موادّ حربية». وأوض

«الشرق الأوسط» (مدريد)
العالم اعتقال سوري بتهمة التخطيط لهجمات في ألمانيا

اعتقال سوري بتهمة التخطيط لهجمات في ألمانيا

أعلنت السلطات الألمانية، الثلاثاء، القبض على سوري، 28 عاماً، في هامبورغ للاشتباه في تخطيطه شن هجوم ارهابي. وأعلن المكتب الاتحادي للشرطة الجنائية، والمكتب الإقليمي للشرطة الجنائية في ولاية هامبورغ، ومكتب المدعي العام في الولاية أنه يُشتبه أيضاً في أن شقيق المتهم الذي يصغره بأربع سنوات، ويعيش في مدينة كمبتن ساعده في التخطيط. ووفق البيانات، فقد خطط الشقيقان لشن هجوم على أهداف مدنية بحزام ناسف قاما بصنعه.

«الشرق الأوسط» (هامبورغ)
العالم هولندا تُدين أربع نساء أعادتهن من سوريا بتهمة الإرهاب

هولندا تُدين أربع نساء أعادتهن من سوريا بتهمة الإرهاب

حكمت محكمة هولندية، اليوم (الخميس)، على أربع نساء، أعادتهنّ الحكومة العام الماضي من مخيّم للاجئين في سوريا، بالسجن لفترات تصل إلى ثلاث سنوات بعد إدانتهنّ بتهم تتعلق بالإرهاب. وفي فبراير (شباط) 2022 وصلت خمس نساء و11 طفلاً إلى هولندا، بعدما أعادتهنّ الحكومة من مخيّم «الروج» في شمال شرقي سوريا حيث تُحتجز عائلات مقاتلين. وبُعيد عودتهنّ، مثلت النساء الخمس أمام محكمة في روتردام، وفقاً لما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية، حيث وجّهت إليهن تهمة الانضمام إلى مقاتلين في تنظيم «داعش» في ذروة الحرب في سوريا، والتخطيط لأعمال إرهابية. وقالت محكمة روتردام، في بيان اليوم (الخميس)، إنّ النساء الخمس «قصدن ساحات ل

«الشرق الأوسط» (لاهاي)
العالم قتيلان بإطلاق نار في هامبورغ

قتيلان بإطلاق نار في هامبورغ

أفادت صحيفة «بيلد» الألمانية بسقوط قتيلين عقب إطلاق نار بمدينة هامبورغ اليوم (الأحد). وأوضحت الصحيفة أنه تم استدعاء الشرطة قبيل منتصف الليل، وهرعت سياراتها إلى موقع الحادث. ولم ترد مزيد من التفاصيل عن هوية مطلق النار ودوافعه.

«الشرق الأوسط» (برلين)
العالم الادعاء الألماني يحرّك دعوى ضد شابين بتهمة التخطيط لشن هجوم باسم «داعش»

الادعاء الألماني يحرّك دعوى ضد شابين بتهمة التخطيط لشن هجوم باسم «داعش»

أعلن الادعاء العام الألماني في مدينة كارلسروه، اليوم (الخميس)، تحريك دعوى قضائية ضد شابين إسلاميين بتهمة الإعداد لشن هجوم في ألمانيا باسم تنظيم «داعش». وأوضح الادعاء أنه من المنتظر أن تجري وقائع المحاكمة في المحكمة العليا في هامبورغ وفقاً لقانون الأحداث. وتم القبض على المتهمَين بشكل منفصل في سبتمبر (أيلول) الماضي وأودعا منذ ذلك الحين الحبس الاحتياطي. ويُعْتَقَد أن أحد المتهمين، وهو كوسوفي - ألماني، كان ينوي القيام بهجوم بنفسه، وسأل لهذا الغرض عن سبل صنع عبوة ناسفة عن طريق عضو في فرع التنظيم بأفغانستان. وحسب المحققين، فإن المتهم تخوف بعد ذلك من احتمال إفشال خططه ومن ثم عزم بدلاً من ذلك على مهاج

«الشرق الأوسط» (كارلسروه)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.