«مجتمع السلم» يطلق «لا» ضد استفتاء الدستور الجزائري

TT

«مجتمع السلم» يطلق «لا» ضد استفتاء الدستور الجزائري

بينما أعلنت «حركة مجتمع السلم» الإسلامية الجزائرية بدء حملة للدعوة إلى التصويت بـ«لا» على الدستور الجديد، الذي سيعرض على الاستفتاء في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، صرَح رئيس هيئة تنظيم الانتخابات محمد شرفي بأن حملة الترويج للمشاركة في الاستفتاء ستنطلق في السابع من الشهر المقبل.
وأكد عبد الرزاق مقري رئيس «مجتمع السلم»، أمس، خلال مؤتمر صحافي بالعاصمة أن حزبه «لا يريد خوض حرب مع أي كان، وسيستعمل الوسائل السلمية المتاحة لديه لشرح موقفه من الدستور»، بخصوص إقناع الناخبين برفض التعديلات الدستورية، التي قال عنها إنها «لا تراعي هوية وقيم الشعب الجزائري، ولا تستجيب لمطلب التغيير الذي أراده الحراك الشعبي». ولمّح مقري إلى أن «حملة التصويت بـلا» على الدستور ستعتمد بشكل أساسي على وسائط التواصل الاجتماعي، وتواصل مناضلي الحزب مع الناخبين في الميدان، «طالما أن وسائل الإعلام الحكومية والخاصة أيضاً، لن تكون متاحة لأصحاب الموقف غير الإيجابي من الدستور»، حسبه. مبرزاً أنه «يتفهم الضغط الشديد الذي تواجهه وسائل الإعلام من طرف السلطة، ولذلك فنحن لا نلومها».
ووصف مقري دستور الرئيس عبد المجيد تبون بأنه «غير توافقي، بدءاً بطبيعة اللجنة التي صاغته، والتي كانت من تيار واحد (علماني)، زيادة على أن الكثير من المواد التي يتضمنها فرضها تيار معروف»، وذكر منها قضية الهوية بوضع اللغة العربية في نفس الدرجة مع اللغة الأمازيغية، وحديث الدستور عن إبعاد المدرسة عن الآيديولوجيات، التي يرى مقري أنها «معادية للقيم الإسلامية المتجذرة في المجتمع الجزائري». مشيراً إلى أن الدستور «وضع لمسات علمانية على مؤسسة المسجد، فهو يمنع الإمام من الخوض في الشأن العام كالخيارات المالية التي تتجه إليها الحكومة، والتي يمكن أن تتسم بالربا».
كما أظهر مقري اعتراضاً على «الصلاحيات المضخمة» للرئيس في الدستور، «وهي موروثة من عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة»، وذكر منها كونه رئيس «المجلس الأعلى للقضاء»، وأنه هو من يعيّن رؤساء هيئة محاربة الفساد، وكل آليات الرقابة على المال العام، كما أنه هو أيضاً من يعين رئيس «المحكمة الدستورية»، التي استحدثها التعديل الدستوري، زيادة على رئيس «السلطة الوطنية المستقلة لتنظيم الانتخابات».
وبحسب مقري فإن الجزائر «أخفقت في تحقيق التوافق بين أبنائها بمناسبة الدستور الجديد، فقد تمنّينا ألا نضيّع الفرصة مجدداً بأن نضع دستوراً لكل الجزائريين، لأننا لا نريد العداوة ولا الصراع، لكن للأسف... النظام السياسي أراد غير هذا». وفي السياق نفسه، ذكر رئيس «لجنة الانتخابات» محمد شرفي للإذاعة الحكومية، أمس، أن التجمعات الشعبية خلال الحملة الانتخابية للدستور «لن تكون بالنظر إلى الظرف الصحي الذي تمر به البلاد»؛ في إشارة إلى أزمة كورونا التي عرفت تراجعا من حيث عدد الوفيات والإصابات مقارنة بالأشهر الماضية. وتحدث شرفي عن «خصوصية» الاستفتاء، الذي لا يكتسي، حسبه، منافسة بين مترشحين وأحزاب، داعياً إلى «تركيز الحملة على جانب تحسيس الناخب للقيام بواجب المواطنة، وشرح مضمون مشروع الدستور».
ويبدي رافضو الدستور خوفاً من منعهم من خوض حملة ميدانية لشرح مبررات موقفهم. ودأبت الحكومة خلال المواعيد الانتخابية على الحيلولة دون تمكين مقاطعي الاستحقاقات من الترويج لآرائهم، وبلغ الأمر حدَ اعتقال بعضهم في «تشريعيات» 2017.
وأكد شرفي أن 160 ألف شخص، تابعون للهيئة التي يرأسها، سيشرفون على تأطير عملية التصويت. وتحصي وزارة الداخلية 55 ألف مكتب اقتراع في كامل مناطق البلاد.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.