مشروع «إنهاء الاحتلال» المعدل للتصويت في مجلس الأمن الثلاثاء أو الأربعاء

نائب في الكونغرس يهدد بقطع المساعدات المالية عن الأمم المتحدة في حال اعترافه بالدولة الفلسطينية

مشروع «إنهاء الاحتلال» المعدل للتصويت في مجلس الأمن الثلاثاء أو الأربعاء
TT

مشروع «إنهاء الاحتلال» المعدل للتصويت في مجلس الأمن الثلاثاء أو الأربعاء

مشروع «إنهاء الاحتلال» المعدل للتصويت في مجلس الأمن الثلاثاء أو الأربعاء

في الوقت الذي أكد فيه د. صائب عريقات، رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير، أن المشروع الفلسطيني سيطرح على مجلس الأمن اليوم الاثنين، وعد السيناتور الأميركي ليندزي غراهام، عضو مجلس الشيوخ وأحد المسؤولين الكبار في الحزب الجمهوري، خلال اجتماعه برئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في القدس، أمس، ببذل كل جهد لوقف ما سماه «الخطوات العنيفة للفلسطينيين في مجلس الأمن، التي تهدف إلى فرض شروط للمفاوضات والامتناع عن المحادثات المباشرة».
وقال غراهام الذي يترأس اللجنة الفرعية للتمويل الخارجي في الكونغرس الأميركي، بأنه سيعمل على وقف التمويل الأميركي للأمم المتحدة، في حال عملت ضد المفاوضات الثنائية وقررت دفع خطوات أحادية الجانب في مجلس الأمن، مثل الاعتراف بفلسطين.
وأضاف غراهام، أن «أوباما أعلن في عام 2011 بأن الخطوات الأحادية الجانب في مجلس الأمن، ليست الحلبة الصحيحة لتحديد مصير النقاش حول الدولتين، ويجب الأخذ في الاعتبار إمكانية رد الكونغرس من خلال تعليق تمويل الأمم المتحدة». وقال، وسط اغتباط نتنياهو: «إننا لن نجلس مكتوفي الأيدي ونسمح للأمم المتحدة بالسيطرة على عملية السلام».
وكان نتنياهو قال في استقبال غراهام: «إذا كان عريقات قد قارن بين إسرائيل و(داعش). فالسلطة الفلسطينية تتعاون مع حماس وتمارس التحريض ضد إسرائيل بشكل دائم، حيث يؤدي هذا التحريض إلى اعتداءات مثلما كنا قد شهدناه قبل يوميْن، عندما تم إلقاء زجاجة حارقة باتجاه صبية.. وفي الوقت نفسه، تحاول السلطة الفلسطينية ذاتها طرح مشروع قرار على مجلس الأمن الدولي، يأتي لغرض فرض شروط علينا من شأنها المساس بأمننا. وأرجو التأكيد لك أننا سنقف حازمين رفضا لأي إملاء من هذا القبيل. هكذا كان عليه الحال دوما وهكذا سيكون عليه».
ورد غراهام قائلا: «لقد أردتُ كثيرا الوصول إلى هنا (إسرائيل) قبل التئام الكونغرس الجديد، لأؤكد لك ولسكان إسرائيل، أن الكونغرس الأميركي بحزبيْه (الجمهوري والديمقراطي)، يدعمكم أكثر من أي هيئة أخرى في (الولايات المتحدة). وقد أصبح الحزب الجمهوري يسيطر الآن، على مجلسي النواب والشيوخ، مما يؤدي إلى اختلاف الأمور عما كانت عليه، غير أن هناك عاملا واحدا سيظل ثابتا، وهو استمرار دعم ممثلي كلا الحزبيْن (لإسرائيل) في المجالات التي أشرتَ إليها».
وكان عريقات أكد، خلال حديث مع الإذاعة الفلسطينية الرسمية، أمس، أن طرح مشروع القرار الفلسطيني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، بصيغته المعدلة، على مجلس الأمن الدولي سيتم غدا (اليوم الاثنين). وقال: إن 8 تعديلات أدخلت على المشروع بهدف تسهيل تمريره، وأن المشروع أصبح جاهزا بصورة نهائية لطرحه عبر الأردن الشقيق. ولفت إلى أن التصويت على مشروع القرار سيتم غدا الثلاثاء أو بعد غد الأربعاء. وأكد عريقات أن الجهود الفلسطينية لإنجاح التصويت على مشروع القرار ستستمر حتى اللحظة الأخيرة، على أن يتم اتخاذ خطوات بديلة في حال فشل التصويت بما في ذلك الانضمام للمنظمات الدولية.
ويحتاج نجاح مشروع القرار إلى تصويت 9 دول أعضاء في مجلس الأمن الدولي، وسط معارضة أميركية وإسرائيلية له. ويطلب مشروع القرار الفلسطيني المدعوم عربيا، تحديد سقف زمني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية مع نهاية عام 2017. وقد اعتبرت إسرائيل المشروع عدوانيا. وقال يوفال شنايتس، وزير الشؤون الاستراتيجية المقرب من نتنياهو إن المصادقة على المشروع ستكون خطيرة جدا، وفي حال قبل مجلس الأمن المشروع الفلسطيني سندرس جديا حل السلطة.
وكانت فصائل فلسطينية عدة عارضت من جانبها، نص المشروع الفلسطيني. فقالت حركة حماس، في بيان لها، إنه يتضمن تنازلات خطيرة عن حقوق الشعب الفلسطيني الثابتة غير القابلة للتصرف، ويمثل تصفية للقضية الفلسطينية. ودعت حماس إلى سحب فوري للقرار باعتباره يعبر عن اجتهاد مجموعة متنفذة محدودة في منظمة التحرير، ولا يعبر عن المجموع الوطني للشعب الفلسطيني. كما عارضته كل من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديمقراطية، وكلاهما عضو في منظمة التحرير.
وأما في إسرائيل، فقد لاقى موقف الحكومة الرافض تحفظات شديدة من قوى عدة، أبرزها الأديب العالمي عاموس عوز، الذي عبر عن تشاؤمه من مستقبل إسرائيل، وقال: إنها تقف قريبا من الهاوية. ووصف عوز المجتمع الإسرائيلي بأنه «متصدع». وقال: إن «الصهيونية ليست بحال جيد. نحن نقف قريبا جدا من الهاوية. من دون حل الدولتين ستنشأ إما دولة أبرتهايد عنصرية أو دولة عربية. ولا أحسد أبناءنا وأحفادنا على أي من الحالتين».
ومن جهتها، هاجمت صحيفة «يسرائيل هيوم» المقربة من نتنياهو، الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، وقالت: «إنه (سياسي يعمل بالمقلوب). فهو لم يكتف بتقديم مشروع القرار الذي يدعو مجلس الأمن إلى إقامة دولة فلسطين من جانب واحد، وإنما يسعى إلى التصويت العاجل عليه. لماذا؟ لأنه يعمل بالمقلوب. يمكن للتركيبة الحالية لمجلس الأمن رفض الاقتراح. وبعد الأول من يناير (كانون الثاني)، ستتغير هذه التركيبة، وستكون مريحة، ظاهريا، للفلسطينيين، وستكون هناك غالبية مؤيدة لهم، الأمر الذي سيضطر الولايات المتحدة إلى استخدام الفيتو. لكن أبو مازن لا يريد إحراج الأميركيين بفرض الفيتو، ولذلك يفضل الخسارة الآن. مرة أخرى بالمقلوب».



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.