روحاني يعرّض نفسه لانتقادات داخلية بعد «لعن البيت الأبيض»

ناشط إصلاحي جدد مطالبة الرئيس الإيراني بالاستقالة

الرئيس الإيراني حسن روحاني خلال اجتماع الحكومة في طهران أمس (الرئاسة الإيرانية)
الرئيس الإيراني حسن روحاني خلال اجتماع الحكومة في طهران أمس (الرئاسة الإيرانية)
TT

روحاني يعرّض نفسه لانتقادات داخلية بعد «لعن البيت الأبيض»

الرئيس الإيراني حسن روحاني خلال اجتماع الحكومة في طهران أمس (الرئاسة الإيرانية)
الرئيس الإيراني حسن روحاني خلال اجتماع الحكومة في طهران أمس (الرئاسة الإيرانية)

غداة طلب الرئيس الإيراني حسن روحاني توجيه «اللعنة» إلى البيت الأبيض، وجدت الحكومة الإيرانية نفسها معرضة لانتقادات حادة من صحف الحلفاء في التيار الإصلاحي ومن صحف المنافسين في التيار المحافظ على حد سواء.
وجدد الناشط والصحافي الإصلاحي، عباس عبدي، مطالبة الرئيس الإيراني حسن روحاني بتقديم استقالته قبل نحو 10 أشهر من نهاية ولايته الرئاسية الثانية.
ونشرت صحيفة «اعتماد» في النصف الأعلى من صفحتها الأولى، أمس، مقترحاً جديداً من عبدي، يطالب روحاني بـ«الاستقالة» بهدف الوصول إلى انفراجة وتغيير وتحسين الأوضاع الحالية في البلاد.
وقبل 10 أشهر، كان عبدي قد طالب روحاني بالاستقالة، في سياق محاولات من التيار الإصلاحي للنأي بالنفس عن نتائج تأييده حكومة روحاني، خصوصاً بعد انهيار في صفوف أنصاره، بسبب الاستياء الشعبي من مواقف قادة التيار عقب «احتجاجات البنزين» في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وقبل ذلك في احتجاجات ديسمبر (كانون الأول) 2017.
وبدأ عبدي مقاله الذي أثار تفاعلاً واسعاً في الأوساط الإيرانية، أمس، بالإشارة إلى انتقادات طالته من المحافظين، لدى توجيهه دعوات مماثلة لروحاني قبل 10 أشهر.
وانتقد عبدي «التناقضات السياسية» بين التيارين المؤيد والمعارض لحكومة روحاني، قبل أن يشبه علاقة الرئيس الإيراني بالمحافظين بعد سيطرتهم على تشكيلة البرلمان الحالي في انتخابات فبراير (شباط) الماضي، بـ«العظم في الحنجرة، الذي لا يمكنهم ابتلاعه، وفي حال ابتلاعه لا يمكنهم هضمه، ولا يمكنهم إخراجه من الفم». وقال: «لهذا السبب يقولون إنهم يتحملون روحاني، لكن هذا الأمر يعود إلى أنهم مجبرون على ذلك وليس خياراً».
وقال الناشط السياسي إن «البرلمان لا يملك الإذن أو القدرة على مساءلة روحاني»، محذراً بأن «استمرار الشرخ السياسي الحالي سيؤدي إلى ضياع الفرص السياسية لتقليل المشكلات الحالية»، وأضاف: «خلال الشهور العشرة، لم تقلّ المشكلات فحسب؛ بل ازدادت سوءاً».
وقلل الناشط من أهمية ما يتداول من معلومات عن مفاوضات تجري سراً بين ممثلين عن الولايات المتحدة وإيران.
ولكن توقع عودة البلدين إلى طاولة المفاوضات، عاجلاً أم آجلاً، وبذلك، أشار إلى حاجة بلاده إلى «إدارة سياسي» في حال وقوع حدث ما في الانتخابات الأميركية، متوقعاً ألا تحال هذه الإدارة إلى روحاني وفريقه، في ظل الأوضاع الحالية.
وبعد وصول المحافظين إلى البرلمان، اقترب الرئيس الإيراني حسن روحاني من المساءلة في يوليو (تموز) الماضي، لكن «المرشد» الإيراني علي خامنئي أعرب عن تأييده استمرار الحكومة الحالية حتى يومها الأخير، وهو ما أدى إلى سحب مشروع المساءلة من قبل النواب.
وجاء مقال الناشط الإصلاحي غداة كلمة للرئيس الإيراني حسن روحاني طلب فيها من مواطنيه توجيه اللعنات إلى البيت الأبيض بسبب المشكلات الحالية.
وقبل ذلك بأسبوع تفاخر روحاني بـ«هزيمة» الولايات المتحدة، وقال إن بلاده حولت استراتيجية «الضغط الأقصى» الأميركية إلى «العزلة القصوى» للإدارة الأميركية.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب حول إمكانية توقيع اتفاق مع إيران: «إنهم ينتظرون الانتخابات، لأن بلدهم على وشك الانهيار. انخفض الناتج المحلي إلى 24 في المائة».
وقال روحاني لاحقاً: «يا سيد أميركا، اقتصادنا لم ينخفض إلى 25 في المائة؛ إنما انخفاضه هو 0.6 في المائة».
وتخطى سعر الدولار خلال اليومين الماضيين حاجز 290 ألف ريال، مسجلاً رقماً قياسياً منذ تدهور أسعار العملة الإيرانية الذي سبق إعلان ترمب إعادة العقوبات الأميركية في مايو (أيار) 2018.
وتعليقاً على تصريح روحاني، قالت صحيفة «وطن أمروز» المحافظة في عنوانها الرئيسي، أمس: «اللعنة على واشنطن دي سي... لكن المذنب أنت».
وكانت الصحيفة وجهت 3 ملاحظات إلى روحاني؛ في الأولى عدّت أن «العداء مع أميركا قضية صحيحة، لكن يجب أن تكون في موضع المساءلة بسبب أداء حكومتك في 7 سنوات وتأثيرها على الاقتصاد الذي يفوق العقوبات الأميركية».
وفي الملاحظة الثانية، وجهت لوماً إلى روحاني بسبب «الاعتماد على الغرب وربط معيشة الناس بقرارات البيت الأبيض وتجاهل القدرات الداخلية»، وعدّت ذلك «الدافع الأساسي إلى تشجيع الأميركان على مضاعفة القيود».
وفي ثالثة الملاحظات، ذكرت أن تصريحات مسؤولين حول مسؤولية العقوبات عن الوضع الاقتصادي الحالي «توجه رسالة إلى واشنطن مفادها بأن الحلول الداخلية مفقودة وبأن الضغوط مثمرة».



خامنئي لصناع القرار الإيراني: لا تستمعوا لمطالب أميركا والصهاينة

صورة نشرها موقع خامنئي من لقائه مع ممثلين من أهل قم اليوم
صورة نشرها موقع خامنئي من لقائه مع ممثلين من أهل قم اليوم
TT

خامنئي لصناع القرار الإيراني: لا تستمعوا لمطالب أميركا والصهاينة

صورة نشرها موقع خامنئي من لقائه مع ممثلين من أهل قم اليوم
صورة نشرها موقع خامنئي من لقائه مع ممثلين من أهل قم اليوم

أغلق المرشد الإيراني علي خامنئي الباب أمام المحادثات المباشرة مع الولايات المتحدة، بعدما أرسلت حكومة الرئيس مسعود بزشكيان إشارات إلى إمكانية إنهاء القطيعة مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب الذي يتولى مهامه لولاية ثانية في البيت الأبيض.

ودعا خامنئي، الأربعاء، المسؤولين وصناع القرار في بلاده «ألا يأخذوا طلبات ومواقف أميركا والصهاينة بعين الاعتبار؛ لأنهم أعداء للشعب والجمهورية الإسلامية ويتمنون تدميرها».

وحذر من أنه «إذا استمع المسؤولون في بلادنا في أي مرحلة من مراحل اتخاذ القرار حول القضايا المختلفة إلى التوقعات غير المبررة من الأميركيين، أي مراعاة مصالحهم، فإنهم يكونون قد هددوا ديمقراطية البلاد وجمهوريتها».

والأسبوع الماضي، قال علي عبد العلي زاده، كبير مستشاري الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، إن «مجموعة الحكم وصلت إلى قناعة بضرورة التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة».

وأثارت عودة ترمب للبيت الأبيض تساؤلات حول كيفية تعامله مع طهران، خصوصاً الملف النووي الإيراني، مع بلوغ طهران مستويات متقدمة من تخصيب اليورانيوم القريب من مستوى إنتاج الأسلحة.

وقد بعثت إدارة ترمب المقبلة وطهران برسائل متباينة حول ما إذا كانتا ستسعيان إلى المواجهة أو نوع من التفاهم الدبلوماسي بعد تولي ترمب مهامه في 20 يناير (كانون الثاني)، أم لا.

ومن غير الواضح ما إذا كان سيدعم المحادثات التي أجرتها إدارة جو بايدن مع إيران لإعادة إحياء الاتفاق النووي، أم لا؛ إذ تعهد بدلاً من ذلك باتباع نهج أكثر ميلاً للمواجهة والتحالف بشكل أوثق مع إسرائيل، العدو اللدود لإيران، التي كانت تعارض الاتفاق.

ووصف خامنئي العقوبات التي أعاد فرضها ترمب في 2018 بـ«السياسات الخاطئة وغير المجدية»، لافتاً إلى أن «هدفها هو إجبار الاقتصاد الإيراني على الركوع، ولكن الشعب الإيراني حقق أكبر تقدم في مجالات العلم والتكنولوجيا خلال فترة العقوبات، وظهر الشباب الإيرانيون الجاهزون للعمل في مجالات متنوعة».

وأضاف: «بالطبع، تسببت العقوبات في أضرار للبلاد، ولكنها لم تتمكن من تحقيق أهدافها، وإن شاء الله سيأتي يوم يحاسبهم فيه الشعب الإيراني على هذه الأضرار».

وقال إن «أحد مطالب الاستكبار، بمن في ذلك مسؤولو الجمهورية الإسلامية، هو مراعاة مصالحهم واعتباراتهم في تصميم القضايا المختلفة».

ومن شأن هذه التصريحات أن تزيد ضغوط المحافظين ووسائل إعلامهم على الرئيس مسعود بزشكيان المدعوم من الإصلاحيين.

لكن خامنئي عبر عن ارتياحه لـ«المواقف الصريحة والحاسمة والشجاعة، لرئيس الجمهورية (مسعود بزشكيان) ضد الكيان الصهيوني ودعم أميركا لجرائمه»، وقال إن «هذه المواقف أسعدت قلوب الشعب».

وقال خامنئي في بداية كلامه إنه موجه إلى «أولئك الذين يرتعبون من سياسات أميركا»، وذلك في خطاب سنوي تقليدي له أمام ممثلين من أهل قم، المعقل الأول لرجال الدين في البلاد، بمناسبة ذكرى مظاهرات دموية شهدتها المدينة قبل الإطاحة بنظام الشاه في 1979.

وأردف في السياق نفسه: «الذين يخافون من سياسات أميركا لا ينبغي أن يكونوا خائفين... على مدار عقود بعد الثورة، ارتكب الأميركيون أخطاء في حساباتهم فيما يتعلق بقضايا إيران، ويجب على الخائفين أن يعيروا اهتماماً كافياً لنقطة الضعف الأساسية والمستمرة في النظام الأميركي».

وقال خامنئي: «بعض الأشخاص يقولون: لماذا تتفاوضون وتتواصلون مع الأوروبيين ولا ترغبون في التواصل والتفاوض مع أميركا؟ أميركا كانت قد امتلكت هذا المكان، لكن تم انتزاعه من قبضتها؛ لذا فإن حقدها على البلاد والثورة هو حقد عميق! ولن تتخلى عنه بسهولة».

وأضاف: «أميركا فشلت في إيران، وهي تسعى لتعويض هذا الفشل».

وطالب خامنئي بالتركيز على العمل الإعلامي والدعائي لمواجهة الولايات المتحدة. وقال: «اليوم، فهم الأميركيون جيداً أنه لا يمكنهم تحقيق أهدافهم باستخدام الأدوات العسكرية فقط»، وأشار إلى «زيادة الأميركيين للبرمجيات الدعائية».

وأشار خامنئي إلى الحرب في غزة، وكذلك اغتيال أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، وقال: «انظروا إلى ما حدث في غزة، قتلوا هذا العدد الكبير من الناس؛ دبابات، مدافع، قنابل، رشاشات، طائرات مسيرة. قتلوا جميع العناصر، لكنهم لم يتمكنوا من القضاء على الحركة... وقاموا بتدمير العديد من العناصر، لكنهم لم يتمكنوا من تدمير (حزب الله)، ولن يستطيعوا ذلك. لذا يجب عليهم العمل عبر الوسائل الإعلامية الناعمة، يجب عليهم القيام بالدعاية».

وقال: «هذه نقطة مهمة لنا، نحن الشعب الإيراني. العمل الإعلامي الناعم هو اختلاق الأكاذيب لخلق فجوة بين الواقع وتصورات الرأي العام. أنتم تتقدمون بقوة لكنهم يروّجون أنكم تضعفون...هم يضعفون لكنهم يروجون أنهم يصبحون أقوى. أنتم تصبحون غير قابلين للتهديد، وهم يقولون إنهم سيقضون عليكم بالتهديدات. هذه هي الدعاية. وهناك من يتأثرون بها».

وقال: «اليوم، العمل الأساسي والمهم للأجهزة الإعلامية لدينا، للأجهزة الثقافية، للدعاية، لوزارة الثقافة والإعلام، لإذاعتنا وتلفزيوننا، ولنشطائنا في الفضاء الإلكتروني، هو أن يمزقوا وَهْم قوة العدو، أن يكسروا هذا الوهم، وألا يسمحوا لدعاية العدو بالتأثير على الرأي العام».

وكان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قد أدلى بتصريحات مماثلة عن أهمية الإعلام، وذلك خلال مؤتمر لـ«الحرس الثوري»، الثلاثاء.

وقال عراقجي: «إلى جانب الميدان (الأنشطة الإقليمية لـ«الحرس الثوري») والدبلوماسية، يوجد محور ثالث يسمى الإعلام».