محامو الجزائر يضربون احتجاجاً على «تسيير القضاء بالأوامر»

رفعوا شعارات الحراك الشعبي خلال مظاهرة

محامو الجزائر يضربون احتجاجاً على تسيير القضاء بـ «الأوامر»
محامو الجزائر يضربون احتجاجاً على تسيير القضاء بـ «الأوامر»
TT

محامو الجزائر يضربون احتجاجاً على «تسيير القضاء بالأوامر»

محامو الجزائر يضربون احتجاجاً على تسيير القضاء بـ «الأوامر»
محامو الجزائر يضربون احتجاجاً على تسيير القضاء بـ «الأوامر»

رفع عشرات المحامين الجزائريين، خلال مظاهرة أمس أمام مدخل محكمة الاستئناف بالعاصمة، شعارات تقول «دولة مدنية ماشي (ليست) عسكرية» و«الشعب يريد قضاء مستقلا»، وذلك تعبيرا عن احتجاج حاد على «إهانة» رئيس نقابتهم عبد المجيد سليني، الذي أغمي عليه داخل المحكمة، إثر ملاسنة حادة مع قاض خلال محاكمة رجل أعمال بارز.
وتجمَع المحتجون فوق سلالم محكمة الاستئناف، مؤكدين تقيدهم بقرار اتخذته «منظمة محامي ناحية الجزائر العاصمة»، يوم الجمعة الماضي، يرتبط بتعليق المرافعات في المحاكم الست بالعاصمة لمدة أسبوع. ولقي الإضراب دعما من عدد كبير من المحامين في بقية الولايات، حيث توقف نشاط المحاكم نهائيا.
ودامت المظاهرة ساعات طويلة، صاح المحتجون خلالها مطالبين بـ«احترام حق الجزائريين في الدفاع»، وانتقدوا «القضاة الخاضعين للأوامر الصادرة إليهم عن طريق الهاتف»، في إشارة ضمنا، إلى أحكام قاسية بالسجن، بحق نشطاء الحراك ومناضلين سياسيين وصحافيين، يعتبرون خصوما للسلطة السياسية، وأبرزهم الصحافي مراقب «مراسلون بلا حدود»، خالد درارني الذي حكم عليه بالسجن النافذ لعامين، بسبب نشاطه الإعلامي في إطار تغطية الحراك الشعبي المتوقف منذ قرابة أشهر، بسبب أزمة كورونا.
كما رفع المحتجون شعارات، تداولها الآلاف خلال مظاهرات الحراك طوال عام 2019. منها «لا زلنا لا زلنا ثوَار» و«بركات بركات (ضقنا ذرعا) بقضاء التعليمات»، و«نريد دولة مدنية لا عسكرية»، وهو شعار مزعج كثيرا لمؤسسة الجيش، كان سببا في سجن عدد كبير من النشطاء العام الماضي، اتهموا بـ«إضعاف معنويات الجيش». ويعكس هذا الشعار، في نظر الكثيرين، «سطوة العسكر على المدنيين في السلطة».
ويعود سبب الاحتجاج، إلى رفض قاض بمحكمة الاستئناف طلب سليني تأجيل محاكمة رجل الأعمال المعروف مراد عولمي، الذي رافع لصالحه الخميس الماضي. واحتج المحامي بحدَة على رئيس جلسة المحاكمة، الذي أمر رجال الشرطة بطرده فوقع سليني مغشيا عليه ونقل إلى المستشفى، بحسب رواية محامين. وتعد الحادثة، حسب المحامين الغاضبين، «بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس»، على أساس أن الدفاع حسبهم، «يواجه منذ سنوات طويلة قضاة غير مستقلين» بشأن الأحكام والقرارات التي ينطقون بها، وبخاصة عندما يتعلق الأمر بمحاكمة سياسيين.
ويوجد في السجن، منذ قرابة 30 عاما، أكثر من 100 ناشط إسلامي دانهم القضاء مطلع تسعينيات القرن الماضي بأحكام ثقيلة، بسبب انتمائهم إلى «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المحظورة. ويقول محاموهم إنهم مساجين سياسيون «عاقبتهم السلطة بسبب مواقفهم السياسية»، وأغلبهم اتهم بالإرهاب على إثر تدخل الجيش لمنع «جبهة الإنقاذ» من الوصول إلى البرلمان، بعد فوز حققته في انتخابات نهاية 1991 الشهيرة.
من جهته، كتب رئيس نقابة القضاة يسعد مبروك، بحسابه بمواقع التواصل الاجتماعي، بخصوص الحادثة، فقال إن نقيب محامي العاصمة، عبد المجيد سليني، طلب مساء الخميس الماضي، تأجيل محاكمة رجل الأعمال ليوم السبت «بسبب التعب وضمانا لمحاكمة عادلة وهو ما تم رفضه من محكمة الاستئناف، التي قررت مواصلة المرافعات مما أثار غضب النقيب الذي بدأ بالصراخ وغادر القاعة رفقة بعض المحامين. وفي البهو تصادم مع عون مؤسسة وقاية موظف بالسجن واتهمه بأنه يتجسس عليه. وعند عودته للقاعة ركل الباب بعنف مخاطبا رئيس الجلسة بقوله: ترغبون في مواصلة الجلسة... سيكون ذلك على جثتي. حينها خاطبه الرئيس بأنه محام وعليه التقيد بواجب احترام المحكمة، والحفاظ على حسن سير الجلسة وإلا فإن الرئيس سيكون مضطرا لتطبيق القانون لفرض ما يجب أن يكون».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».