صناعة النقل الجوي تدخل في صراع وتنافس لاجتذاب الركاب

المسافرون يحلمون بتخفيض أسعار التذاكر.. وبمزيد من المساحات بين المقاعد

تنافس بين الطائرات منخفضة التكلفة والتقليدية
تنافس بين الطائرات منخفضة التكلفة والتقليدية
TT

صناعة النقل الجوي تدخل في صراع وتنافس لاجتذاب الركاب

تنافس بين الطائرات منخفضة التكلفة والتقليدية
تنافس بين الطائرات منخفضة التكلفة والتقليدية

قد يحلم بعض المسافرين في موسم العطلات بقضاء أعياد الميلاد وسط تساقط الثلوج، غير أن كثيرا من المسافرين الذين يحتشدون في مطارات العالم هذا الشهر من المرجح أن يحلموا بتخفيض أسعار تذاكر الطائرات، وبمزيد من المساحات بين المقاعد داخل الطائرة حتى يكون بوسعهم مد سيقانهم، والاستمتاع بمزيد من وسائل الراحة.
وفيما يلي نظرة على ما قد يصبح أمرا واقعا، وما سيظل نوعا من الخيال بالنسبة لزبائن الرحلات الجوية في عام 2015 وما بعده.

* أسعار البترول وأسعار التذاكر
انخفضت أسعار النفط الخام إلى حد كبير هذا العام، وهذا تطور جيد بالنسبة لشركات الخطوط الجوية التي من المتوقع أن تنخفض فاتورة وقود طائراتها، كما أنه تطور حسن بالنسبة للمسافرين جوا الذين يأملون أن تجري ترجمته إلى تخفيض في أسعار التذاكر. ويتوقع الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) أن ينخفض متوسط أسعار تذاكر الطائرات في حالة رحلات العودة بنسبة 2.‏5 في المائة في العام المقبل.
ويقول رينيه شتاينهاوس خبير الطيران بشركة الاستشارات «إيه تي كيرني» ومقرها برلين إنه «مع ذلك لن تكون الرابطة بين أسعار التذاكر وأسعار البترول موجودة في جميع الخطوط».
كما تعد المنافسة والعرض والطلب من بين العوامل المهمة التي توضع في الاعتبار. وتتوقع وكالة الرحلات الجوية «إيكسبيديا» الأميركية أن تظل أسعار التذاكر كما هي أو ربما ترتفع بدرجة طفيفة في الكثير من الأسواق الآسيوية، مع تباطؤ النمو في صناعة النقل الجوي، مثلما هو الحال في هونغ كونغ، أو بسبب تراجع الطلب على الطائرات ذات التكلفة المنخفضة مثل سنغافورة.
الخط المتداخل بين الطائرات منخفضة التكلفة والطائرات التقليدية. لا تزال الرحلات الجوية التقليدية تريد أن تميز نفسها بعيدا عن الرحلات المنافسة ذات التكلفة المنخفضة التي تبدو أنيقة، غير أن الطرفين يقتربان من أن يكونا متماثلين وفقا لما يقوله المحللون في صناعة الطيران.
وعلى سبيل المثال تعرض شركة «دلتا» الأميركية للطيران 5 فئات من أسعار التذاكر وذلك اعتبارا من مارس (آذار) المقبل، وتتراوح الفئات ما بين درجة «دلتا رقم واحد» الفاخرة إلى الدرجة السياحية الأساسية، وهي درجة لا يسمح فيها للمسافرين بتغيير تذاكرهم أو حجز المقاعد. وكتب بريت سيندر المستشار في شؤون السفر والذي يدير مدونة «كرانكي فلاير» الخاصة بالرحلات الجوية يقول: «إن هذه التذاكر الخاصة بشركة دلتا مصممة بطريقة تكفل في النهاية أن تستشيط شريحة من المسافرين التي تشتريها غضبا».
وأوضح في مدونته أنه ليست جميع مواقع الحجز الإلكتروني تلتزم الشفافية فيما يتعلق بمعنى أن تكون مسافرا على الدرجة «السياحية الأساسية». غير أن التشابه بين الرحلات الجوية منخفضة التكلفة وتلك التي تعرف بالتقليدية يمكن أن تكون له جوانبه الإيجابية أيضا.
فطائرات الرحلات ذات التكلفة المنخفضة مثل شركة «ريان إير» الآيرلندية أصبحت تبتعد عن المناطق الريفية والمطارات الثانوية، وتحاول بشكل متزايد أن تنظم رحلات إلى المدن الكبرى لجذب الركاب من رجال الأعمال.
ومن المتوقع أن تستفيد شريحة رجال الأعمال، وكذلك المسافرون لتمضية العطلات، والذين يحرصون على رخص الأسعار، من الأوضاع الجديدة، حيث تدخل صناعة النقل الجوي برمتها في صراع وتنافس لاجتذابهم. ويقول شتاينهاوس إن «تذاكر الطائرات ستنخفض على المدى القصير بسبب تزايد المنافسة».

* الرحلات الطويلة بتكلفة منخفضة
على مدى الأعوام الماضية حاولت الكثير من شركات الطيران ذات التكلفة المنخفضة أن تدخل في مجال الرحلات الجوية طويلة المدى ولكنها فشلت في ذلك، غير أن بعض هذه الشركات تحاول مرة أخرى أن تكسب موطئ قدم لها في هذه السوق.
وبدأت شركة «إير شاتل» النرويجية تعرض رحلات عبر الأطلسي، كما تعتزم شركة «يوروينجز» وهي فرع منخفض التكلفة من شركة لوفتهانزا الألمانية، أن تبدأ رحلاتها إلى ولاية فلوريدا، بالإضافة إلى منطقة المحيط الهندي وجنوب أفريقيا في أواخر عام 2015.
ورغم أن شركة «إير آسيا إكس» الماليزية منخفضة التكلفة تخلت عن الرحلات عبر القارات، فإنها تأمل استئنافها بعد أن تقدمت بطلب لشراء 55 طائرة من طراز إيرباص في ديسمبر (كانون الأول) الحالي. وقالت رئيسة الشركة تان سري رفيده عزيز: «إننا نمضي بخطوات طيبة على طريق تحقيق حلم أن نصبح مركزا للرحلات الطويلة من دون توقف، وأن نتيح أوسع شبكة للطيران في آسيا وفيما وراءها».

* الحلم بمسافة لمد الأرجل
وكل اتجاه حميد له جانبه السيئ، وحالة الرحلات الجوية الطويلة ذات التكلفة المنخفضة تعني تكديس مزيد من المقاعد داخل الطائرة للحفاظ على تكلفة التشغيل منخفضة. وتساءل موقع «كريكي» الإخباري الإلكتروني الأسترالي قائلا حول المقاعد التي ستوضع على متن طائرات الإيرباص التي تعتزم شركة «إير آسيا إكس» شراءها مستقبلا قائلا: «بغض النظر عن كفاءة نظام خفض التكلفة، فهل ستتناسب قواعدنا مع حجم المقاعد الضيق؟».
وقد تستخدم الطائرات مقاعد جديدة أكثر رشاقة تحتل مساحة أقل، غير أن وضع مزيد من المقاعد لا يعني بالضرورة تقليص المساحة المخصصة لمد الأرجل، إن ذلك يعني حقا أن السفر جوا لن يوفر مزيدا من الراحة للجمهور الواسع من الركاب، إلا إذا اختاروا الركوب في الدرجة الأولى. وبدأ الركاب الذين لا يستطيعون دفع ثمن مثل هذه الرفاهية في البحث عن مخترعات مبتكرة لتقليل معاناتهم أثناء السفر بالطائرة.
ومن بين هذه الابتكارات جهاز يعرف باسم «واقي الركبة» وقد صمم لمنع المقعد الذي أمام الراكب من الانحناء إلى الخلف، غير أن هذا الاختراع أدى إلى حدوث مشاجرات بين الركاب، أدت ذات مرة خلال العام الحالي إلى اضطرار إحدى الطائرات إلى الهبوط في مطار خارج إطار رحلتها في الولايات المتحدة، مما دفع الكثير من شركات الطيران الأميركية إلــى حظره على طائراتها، ثم ظهر ابتكار آخر باسم «سوريجامي» وهو جهاز غير ضار مصمم لفصل مساند الأذرع بمقاعد الطائرة ومنع النزاع حول المساحة التي تستند عليها أذرع الركـــاب، وسيفتح بـــاب حجز هذا المنتج القـــابل للـطي فـــي أوائل 2015.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».