مطاعم السوشي في القاهرة بلمسة مصرية

أطباق معدلة لترضي الذائقة الشرقية

TT

مطاعم السوشي في القاهرة بلمسة مصرية

خلال السنوات الأخيرة، اتبعت مطاعم السوشي في مصر أحد أهم مبادئ فنون الطهي عند اقتحام سوق جديدة، هو مبدأ «التدرج»، بهدف التقليل من مساحة الغرابة التي قد يشعر بها الزبائن عند تجربة أصناف مختلفة عن المطبخ الذي تعودوا عليه، وساهمت اللمسة المصرية الخاصة في انتشار واسع لهذه النوعية من المطاعم في العاصمة والمدن الكبرى، وحقق هذا المفهوم تقليل غرابة الصنف الجديد نجاحاً لافتاً ليس فقط في سرعة الانتشار وبناء مكانة مميزة في سوق المطاعم، وإنما نتج عنه أصناف مختلفة وجديدة من السوشي تبدو اللمسة المصرية واضحة فيها.
الانتشار الواسع لمطاعم السوشي في مصر حوّل الطبق الياباني الشهير إلى مجموعة كبيرة من الأصناف تلبي أذواقاً متنوعة.
مصطفى عبد الحميد، مدير مطعم «أما سوشي» (Ama sushi) الذي يمتلك فرعين في مصر الجديدة والتجمع الخامس (شرق القاهرة)، يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «مطاعم (السوشي)، قبل نحو 5 سنوات كانت قليلة جداً، ولا تتجاوز 5 مطاعم، الآن وصل عددها إلى أكثر من مائة مطعم، حيث ساهمت اللمسة المصرية في جذب الزبائن وإقبالهم على تجربتها».
المكون الرئيسي للسوشي، هو الأسماك، أبرزها سمك التونة والسالمون، والكاليماري والأخطبوط والجمبري والثعابين والكابوريا، وبعض أنواع السمك الأبيض (القاروس)، ويتم استيراد معظم الأسماك والخامات من الخارج، خاصةً أسماك السالمون والتونة، فهي أسماك محيطات تزن الواحدة منها أكثر من 40 كيلوغراماً على الأقل.
وتنوعت اللمسة المصرية على الطبق الياباني، في جوانب عديدة، منها استحداث طرق طهي جديدة، إذ إنه في الشكل التقليدي لطبق السوشي يجب أن تكون الأسماك نيئة، غير أنه في مصر تُطهى بعض أنواعه بـ«القلي»، في الزيت، أو في الفرن.
محمد حكيم، الشيف الرئيسي «كبير الطهاة»، بمطعم (زي سوشي) «Zi sushi» يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الطريقة التقليدية هي تناول طبق السوشي، بينما السمكة نيئة بعد تشفيتها، وتطور الأمر بإعداد أنواع منه بطريقة طهي تسمى (تاتاكي)، حيث يتم لسعه سريعاً بنار خفيفة، وفي مصر استحدثت المطاعم طرقاً متنوعة لطهيه، حيث (يُقلى) سريعاً في الزيت، أو يتم إدخاله الفرن لتلبية الأذواق المختلفة للزبائن».
ومن أبرز أنواع السوشي في المطاعم المصرية، طبق «ساشيني»، ويتكون من سمك السالمون والتونة والأخطبوط، ويمكن أن يضاف إليه بعض أنواع السمك الأبيض، ويتم تناوله نيئاً مع الصوص، وأيضاً طبق «نجيري»، وهو عبارة عن قطعة سمك سالمون أو تونة نيئة، وتحتها طبقة من الأرز، ملفوفة جميعاً بطبقة تُسمّى «حزاماً نورياً»، وهي خلطة من الطحالب والأعشاب البحرية، وطبق «أوراماكي» الذي يُعدّ من قطع أسماك متنوعة تُسمّى «سوشي ميكس» مع طبقة صغيرة من الأرز مغلفة بالطحالب والأعشاب البحرية.
وتضم قائمة أصناف السوشي بطريقة «رول فرايد»، عشرات الأصناف المتنوعة، منها: «فرايد سالمون آند شرمب»، ويتكون من جمبري وسالمون وجبنة، وهو عبارة عن «رول» يتم تقطيعه إلى قطع صغيرة عقب طهيه في الزيت، و«نيو ستايل فلادلفيا»، وهو عبارة عن «فرايد شرمب» و«سموكد سالمون» و«توبينغ»، وعليه من الخارج طبقة من السالمون غير مطهوّ، و«كريم تشيز»، وصنف يطلق عليه «مساجو»، ويُعدّ من «فرايد شرمب وتشيز» وطبقة خارجية من الكافيار، و«رول تورنادو»، وهو صنف خاص لمحبي التونة، ويتكون من «سبايسي تونة»، عليها «كريم تشيز» و«سبايسي مايونيز»، و«رول موسكو»، الذي يُعد من السالمون المغطى بالأفوكادو و«كريم تشيز»، ويتكون طبق «رول دراغون»، من سمك الثعابين مع أفوكادو والخيار وترياكي صوص.
وتشكل الأنواع المختلفة من «الصوص» مجالاً للتجديد والابتكار، إذ يحرص كل مطعم على استحداث خلطات جديدة للصوص يعتبرها من أسرار مطبخه، ومن أبرز أنواع الصوص التي يتم إضافتها إلى أطباق السوشي، «سبايسي مايونيز» و«سراتشا صوص» و«سويت شل» و«صوص ترياكي»، كما يرتبط تناول السوشي بمقبلات خاصة تقوم بدور في تطهير المعدة والقضاء على أي بكتيريا تنتج عن الأسماك النيئة، منها «الجنجر»، وهو يشبه الزنجبيل، ويتم «تخليله» ليشبه «الطرشي» المصري، ويقطع شرائح صغيرة، و«الصويا»، وتشبه الملح، ويتم تناولها منفردة أو توضع داخل الصوص، و«واسابي»، ويشبه الفجل المصري، له رائحة قوية، ويعمل كمطهر معوي قوي، ويتم «بشره»، أي تقطيعه، ويوضع على الأسماك عقب طهيها، أو يُضاف إلى الصويا.
ويخضع توصيل السوشي إلى المنازل لإجراءات خاصة تضمن عدم تعرضه للتلف.
أحمد العربي، مدير مطعم «زي سوشي» (Zi sushi)، الذي يمتلك فرعين في كل من المهندسين ومصر الجديدة، يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «توصيل السوشي إلى المنازل يكون سريعاً جداً، ويتم استخدام (حافظة) ثلجية عبارة عن علبة صغيرة جداً تحتوي على مادة تجعلها تحتفظ بالثلج لمدة طويلة، حيث تبقى العلبة لفترة في الفريزر، ثم توضع داخل حقيبة توصيل الطلبات بجانب الطعام، فتحافظ على برودته حتى لا يتعرض السمك للتلف بسبب الحرارة».


مقالات ذات صلة

«الست بلقيس» لـ«الشرق الأوسط»: أنصح بالابتعاد عن الطعام المالح

مذاقات الست بلقيس (الشرق الاوسط)

«الست بلقيس» لـ«الشرق الأوسط»: أنصح بالابتعاد عن الطعام المالح

تنشغل ربّات المنازل خلال شهر رمضان بالتحضير للمأكولات التي تزيّن مائدة الشهر الفضيل.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق تشارلز مغرم بالباذنجان بكل وصفاته

تشارلز مغرم بالباذنجان بكل وصفاته

زار الملك تشارلز، الأربعاء، الطاهي السوري عماد الأرنب في مطعمه «عماد سيريان كيتشان (Imad’s Syrian Kitchen)» الواقع في منطقة سوهو بوسط لندن قبل أيام من قدوم شهر

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات «شوكولاته بيروت» المحشوة بالبقلاوة (الشرق الأوسط)

الشيف فيليب خوري يبتكر «شوكولاته بيروت»

يقول إنه إذا رُزق يوماً بولد فسيطلق عليه اسم «سيدر (أَرز)» من شدة تعلّقه بوطنه الأم، لبنان. فالشيف الأسترالي، اللبناني الأصل، فيليب خوري متخصص بصناعة الحلوى.

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات شوربة الطماطم (فيسبوك)

الحساء... أشكال وألوان تفتح الشهية

في لبنان يعرف بطبق «الشوربة» الذي يزوّد متناوله بالدفء في فصل الشتاء. ويعتمد هذا الطبق المعروف بالعالم العربي بالحساء في شهر رمضان.

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات التمر هندي... مكون أساسي في أطباق جنوب شرقي آسيا وشرق الهند

التمر هندي... مكون أساسي في أطباق جنوب شرقي آسيا وشرق الهند

بعيداً عن تناوله بشكل منفصل عن الوجبات، أصبحت استخدامات التمر هندي كثيرة ومتنوعة، ما بين دمجه في أطباق أخرى أو الحصول عليه في شكل سلطات

نادية عبد الحليم (القاهرة)

الذرة المشوية... «تصبيرة» للفقير و«فولكلور» للغني

بائع ذرة في ميدان عبد المنعم رياض وسط القاهرة («الشرق الأوسط»)
بائع ذرة في ميدان عبد المنعم رياض وسط القاهرة («الشرق الأوسط»)
TT

الذرة المشوية... «تصبيرة» للفقير و«فولكلور» للغني

بائع ذرة في ميدان عبد المنعم رياض وسط القاهرة («الشرق الأوسط»)
بائع ذرة في ميدان عبد المنعم رياض وسط القاهرة («الشرق الأوسط»)

في مشهد لا يُنسى من فيلم «الأيدي الناعمة» لم يُقاوِم البرنس «المُفلس» شوكت حلمي، الذي جسد دوره الفنان أحمد مظهر رائحة شواء الذرة، فاقترب من عربة بائعها وعرض عليه أن يُقايضه بأحد «نياشينه» الأرستقراطية في مقابل «كوز» ذرة مشوي واحد؛ فالجميع أمام رائحة شوائها الطيبة سواء.

الرائحة أولاً؛ فلا يحتاج البائع إلى النداء على بضاعته إلا في أضيق الحدود، خصوصاً في الشتاء، عندما يستأنس المارة بتلك الرائحة الدافئة التي تفوح منها، ويتحملون بعض الانتظار في مقابل الحصول على ذرة ساخنة تدفئ الأيدي الباردة، قبل أن تؤنس المعدة بوجبة خفيفة حُلوة المذاق.

يتحلّق زبائن الذرة المشوية حول محمود إسماعيل، بائع ذرة في شارع طلعت حرب (وسط القاهرة)، يبيع «الكوز» الواحد بعشرة جنيهات، وسط توصية من الزبائن بأنه يكون حجم الذرة كبيراً، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أقوم بشواء الذرة منذ سنوات، كنت أتجوّل بعربتي بين أكثر من شارع حتى استقررت في مكاني هنا، فزبائن الذرة كثيرون، خصوصاً في الليل فالناس يشترون الذرة للتسلية أو حتى كتصبيرة؛ لأنها مشبعة».

الذرة المشوية وجبة شهية (الشرق الأوسط)

واعتاد إسماعيل إعداد الذرة بداية من نزع قشورها ومروراً بإعداد الفحم وتسخينه، وتقليب الذرة على وجوهها المختلفة حتى تنضج في النهاية، ويجب ألا تخرج نيئة أو مُحترقة، يجب أن يتم ضبط تسويتها، خصوصاً خلال أيام البرد التي تبطئ قليلاً من الفحم في مقابل فصل الصيف، و«عادة ما أقوم بتغليفها بقشورها الخضراء بعد شويها حتى تحتفظ بسخونتها لوقت أطول».

«يبلغ متوسط سعر كوز الذرة 10 جنيهات (الدولار يعادل نحو 50 جنيهاً مصرياً)، في الأحياء الشعبية وهو سعر منافس لأي وجبة خفيفة مثل السندويشات؛ ما يجعله اختياراً مثالياً لسد جوع مباغت أو حتى لقدرته على الشعور بالامتلاء لفترة معقولة»، كما تقول الدكتورة جيهان صلاح، دكتورة التغذية.

وتضيف صلاح لـ«الشرق الأوسط»: «احتواء الذرة المشوية على نسبة ألياف مرتفعة، ونشويات مُعقدة تمد الجسم بالطاقة وتجعله يشعر بالشبع لفترة أطول، علاوة على أنها غنية بالكثير من الفيتامينات، وتحديداً فيتامين (ب)، وكذلك الحديد وأوميغا3؛ لذلك فهي وجبة متكاملة سريعة، ومتوفرة، وهذا يجعلها اختياراً مُحبباً لمختلف الطبقات».

يقف محمد شاكر بعربته على قارعة أحد شوارع حي الشيخ زايد (غرب القاهرة)، لكنه أضاف إلى الذرة المشوية، صنفاً آخر وهو الذرة المسلوقة التي يُعدها في قدر أسطواني كبير، ويقدمها للزبائن مصحوبة بالملح والبهارات حسب الرغبة: «الذرة المسلوقة أصبح لها زبائنها لأنها تكون أكثر حلاوة في الطعم، لكن تظل الذرة المشوية لها شعبية أكبر لدى الكبير والصغير» كما يقول لـ«الشرق الأوسط».

ذرة مشوية على الفحم (الشرق الأوسط)

ويرتفع سعر «الذرة المشوية» نسبياً في الضواحي الراقية، حيث يصل في منطقة «التجمع» (شرق القاهرة) إلى نحو 20 و30 جنيهاً للعرنوس الواحد، وفق ما تؤكده نهال لطفي (35 عاماً) التي تقطن في هذا الحي، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «شراء أكلات سريعة وشعبية مثل الذرة المشوية يكون مرتفعاً نسبياً عنه في وسط المدينة، لكن هذا صار معتاداً في أغلب السلع التي يتم رفع تسعيرتها في هذا النطاق السكاني الذي يضم أماكن بها قدر أعلى من الرفاهية».

ووفق الدكتورة أمل عبد المقصود، مدرسة علم الاجتماع في جامعة عين شمس، فإن «هناك أنواعاً من الطعام استطاعت أن تُرسخ لنفسها ذكريات جمعية، وطقوساً اجتماعية وعائلية مثل الذرة المشوية، التي ترتبط في الذهن بذكريات التنزه على كورنيش النيل وتناول حباتها الساخنة، فهي بسبب سعرها الرخيص وانتشار باعتها في كل مكان أصبحت حلاً سريعاً للفقير، وتسلية للمقتدر، فهي من مشاهد الشارع الشهيرة، وحتى الأجانب والسائحون تبدو بالنسبة لهم طقساً مغايراً وجزءاً من ثقافة المدينة».

وترى عبد المقصود أن رفع أسعار بيع الذرة داخل الأحياء الراقية جزء من ثقافة البيع التي تعتمد على تقسيم الزبائن شرائح اجتماعية، فيتم رفع أسعار بعض المأكولات باعتبارها فلكلور، ويشترك معها في ذلك أسعار البطاطا المشوية وحمص الشام وغيرها من المأكولات الشتوية السريعة المعروفة».

ويهتم قطاع كبير من المزارعين المصرين بزراعة الذرة الذي يتم حصاده بعد مائة يوم فقط من زراعته، ورغم أنه محصول صيفي في الأساس، فإنه تتم زراعته في جميع فصول العام لضمان إمداد البائعين بالذرة المحبب للغني والفقير.

ووفق أبحاث علمية، فإن الذرة غنية بالألياف الغذائية؛ التي ارتبطت بالوقاية من الكثير من الأمراض، بما في ذلك أمراض القلب وبعض أنواع السرطان، وتعزز هذه الألياف كذلك الهضم الصحي وتحمي من مشكلات الأمعاء.