«الغذاء العالمي» ينتقد الحوثيين ويحذر من مجاعة

أكد الحاجة إلى تمويل عاجل للأشهر الستة المقبلة بنحو 500 مليون دولار

يمنيون قرب مركز توزيع أغذية خيرية في حجة (إ.ب.أ)
يمنيون قرب مركز توزيع أغذية خيرية في حجة (إ.ب.أ)
TT

«الغذاء العالمي» ينتقد الحوثيين ويحذر من مجاعة

يمنيون قرب مركز توزيع أغذية خيرية في حجة (إ.ب.أ)
يمنيون قرب مركز توزيع أغذية خيرية في حجة (إ.ب.أ)

انتقد برنامج الغذاء العالمي عدم تفعيل آلية التحقق بالبصمة للمستحقين، في المناطق الخاضعة لسلطة الحوثيين حتى الآن، رغم التوصل إلى تفاهمات معهم قبل نحو 6 أشهر، وهو ما سيؤثر على ضمان تقديم ووصول المساعدات النقدية إلى الأسر المستحقة، محذرا من مجاعة تحدق بكثير المحتاجين في اليمن.
ووصف البرنامج التابع للأمم المتحدة اليمن من أكثر بيئات العمل تعقيداً في العالم، حيث تقوض التحديات أنشطة الاستجابة الإنسانية، مبيناً أن شاحنات الأغذية التابعة للبرنامج تتعرض يومياً للتأخير نتيجة للبيروقراطية. لافتاً إلى أنه «لم يتم حتى الآن تسجيل شخص واحد في النظام البيومتري للحصول على المساعدات الغذائية في المناطق الخاضعة لسلطات صنعاء».
وقال مصدر أممي لـ«الشرق الأوسط» إن «برنامج الأغذية العالمي طالب الحوثيين مراراً بتفعيل نظام البصمة، إلا أن شيئا لم يحدث حتى الآن». وهو «ما يؤثر على أحقية وصول المساعدات لمستحقيها» على حد قوله.
وكانت «أسوشييتد برس» كشفت في تقرير سابق عن قيام الحوثيين بإخضاع حق الوصول إلى المناطق الخاضعة لسيطرتهم لمجموعة من الشروط رفضتها وكالات الإغاثة، لأنها تمنح الحوثيين نفوذاً أكبر على من يتلقى المساعدات، كما أظهرت الوثائق والمقابلات.
وحذر برنامج الغذاء العالمي في بيان من أن اليمن يعيش نقطة تحول فاصلة حيث يتسبب النزاع والمشكلات الاقتصادية في دفع البلاد نحو حافة المجاعة ويهدد بتقويض المكاسب التي تحققت من خلال العمل الإنساني خلال السنوات القليلة الماضية.
وقال ديفيد بيزلي، المدير التنفيذي للبرنامج: «إن أزمة اليمن أزمة من صنع الإنسان وحلها بيد الإنسان أيضاً، وكل ما نحتاج إليه هو إتاحة الوصول والتنقل داخل البلاد والتمويل والتوصل للسلام، فقد نجحنا خلال عام 2018 في إنقاذ اليمن من السقوط، ويمكننا فعل ذلك مرة أخرى، إذا توفر لدينا التمويل وإمكانية الوصول».
وأضاف «يجب أن يتوقف كل هذا إذا أراد المجتمع الإنساني إنقاذ الشعب اليمني من المجاعة، ونحن بحاجة أيضاً إلى أن يواصل المجتمع الدولي تمويل العمليات الإنسانية بسخاء مثلما كان يفعل على مدار السنوات الماضية حتى نتمكن من مساعدة اليمن على تجاوز الأزمة».
وبحسب البرنامج فإن الأوضاع في اليمن قد تدهورت إلى أسوأ مما كانت عليه في عام 2018؛ حيث يعاني أكثر من 20 مليون شخص في اليمن من انعدام الأمن الغذائي، ويحتاج 13 مليون شخص إلى مساعدات غذائية من «برنامج الغذاء» لتلبية احتياجاتهم اليومية، ويتعرض 3 ملايين شخص آخرين لخطر تفشي الجوع مع انتشار جائحة كورونا في جميع أنحاء اليمن دون رادع.
وأفاد البرنامج بأن متطلبات التمويل العاجلة للأشهر الستة القادمة تبلغ أكثر من 500 مليون دولار أميركي - مع الحاجة إلى 150 مليون دولار حتى نهاية العام وحده. محذراً من إجراء المزيد من التخفيضات على المساعدات الغذائية في الربع الأخير إذا لم يحصل البرنامج على تمويل إضافي.
وخلال الأشهر الستة الماضية، حصلت الأسر في المناطق الخاضعة للحوثيين على المساعدات الغذائية كل شهرين حيث حاول «الغذاء العالمي» زيادة موارده المحدودة وتجنب الانقطاع الكامل للمساعدات، لكن ذلك تسبب في جعل الحياة أكثر صعوبة بالنسبة للملايين: ففي غضون 3 أشهر زادت نسبة الأشخاص الذين يعانون من عدم كفاية الاستهلاك الغذائي في هذه المناطق من 28 إلى 43 في المائة، وذلك وفقاً لبيانات برنامج الأغذية العالمي.
وأشار البرنامج إلى أن الخلاف السياسي حول واردات الوقود إلى ميناء الحديدة أدى إلى نقص حاد في الوقود، وقد أثر ذلك على توصيل المواد الغذائية وكذلك الدعم الإنساني للمستشفيات ومحطات معالجة المياه، كما أكد أن إغلاق مطار صنعاء أدى إلى قطع سبيل الانتقال الوحيد لعمال الإغاثة داخل اليمن وخارجه.
وتابع: «في عام 2020. ناشد برنامج الأغذية العالمي الجهات المانحة بتقديم 2.5 مليار دولار للاستفادة من مكاسب الأمن الغذائي التي تحققت خلال عام 2019. وقد تم توفير نصف هذا المبلغ تقريباً لاستجابة برنامج الأغذية العالمي هذا العام، بما في ذلك مساهمة بقيمة 138 مليون دولار أميركي قدمتها مؤخراً المملكة العربية السعودية».
وأكد «الغذاء العالمي» أن أكبر خمس جهات مانحة لعملياته في اليمن في عام 2020 هي: الولايات المتحدة (272 مليون دولار)، السعودية (138 مليون دولار)، ألمانيا (103 ملايين دولار)، الاتحاد الأوروبي (53 مليون دولار)، المملكة المتحدة (40 مليون دولار).


مقالات ذات صلة

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 في وقفة تحدٍ لتحالف الازدهار (غيتي)

تحالف حقوقي يكشف عن وسائل الحوثيين لاستقطاب القاصرين

يكشف تحالف حقوقي يمني من خلال قصة طفل تم تجنيده وقتل في المعارك، عن وسائل الجماعة الحوثية لاستدراج الأطفال للتجنيد، بالتزامن مع إنشائها معسكراً جديداً بالحديدة.

وضاح الجليل (عدن)
شؤون إقليمية أرشيفية لبقايا صاروخ بالستي قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق من اليمن وسقط بالقرب من مستوطنة تسور هداسا (إعلام إسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي في ساعة مبكرة من صباح اليوم (السبت)، إن الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعترضت صاروخاً أطلق من اليمن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج جانب من مؤتمر صحافي عقده «فريق تقييم الحوادث المشترك» في الرياض الأربعاء (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يفنّد عدداً من الادعاءات ضد التحالف

استعرض الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن عدداً من الادعاءات الموجهة ضد التحالف، وفنّد الحالات، كلٌّ على حدة، مع مرفقات إحداثية وصور.

غازي الحارثي (الرياض)

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.