البريطانية زاغاري راتكليف تتهم الحرس الثوري بمضايقتها في مقر إقامتها الجبرية

نازانين زغاري راتكليف خلال وجودها في منزل والديها بطهران (رويترز)
نازانين زغاري راتكليف خلال وجودها في منزل والديها بطهران (رويترز)
TT

البريطانية زاغاري راتكليف تتهم الحرس الثوري بمضايقتها في مقر إقامتها الجبرية

نازانين زغاري راتكليف خلال وجودها في منزل والديها بطهران (رويترز)
نازانين زغاري راتكليف خلال وجودها في منزل والديها بطهران (رويترز)

زعمت البريطانية الإيرانية نازانين زاغاري راتكليف، المحتجَزة في طهران منذ 2016 أنها تتعرض للمضايقة من ضباط الحرس الثوري في أثناء وجودها في منزل والديها في طهران، حيث تم وضعها قيد الإقامة الجبرية في انتظار موعد محاكمتها الثانية.
وأُوقفت زاغاري راتكليف، العاملة في مؤسسة «تومسون رويترز»، الفرع الإنساني لوكالة الأنباء الكندية - البريطانية، في أبريل (نيسان) 2016 فيما كانت تغادر إيران بصحبة طفلتها البالغة آنذاك 22 شهراً بعد زيارة لعائلتها.
وحُكم عليها بالسجن خمس سنوات لإدانتها بمحاولة قلب النظام الإيراني، وهو ما تنفيه. وسُمح لها في الربيع بالخروج من سجن «إيوين» في طهران مؤقتاً بسبب فيروس «كورونا» المستجد، وتم وضعها قيد الإقامة الجبرية في منزل عائلتها.
وحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية، فقد أرسلت زاغاري شكوى إلى مكتب الادعاء في طهران، قالت فيه إن ضباط الحرس الثوري حضروا إلى منزل والديها صباح أمس (الثلاثاء)، واتهموها زوراً بكسر السوار الإلكتروني الذي قاموا بتركيبه في يديها لمراقبتها عندما أُطلق سراحها مؤقتاً من السجن في مارس (آذار) الماضي.
وأشارت زاغاري إلى أن الضباط هددوها بإعادتها إلى المحاكم الثورية.
وأرسلت زاغاري شكواها أيضاً إلى وزارة الخارجية البريطانية بشكل غير مباشر.
وجاء في الشكوى أن الحادث وقع قبل الساعة السابعة صباحاً بقليل عندما اتصل شخص لم يذكر اسمه بهاتف عائلتها الأرضي واتهمها بكسر السوار مصرّاً على ذهاب ضابط إلى منزلها للتحقق.
ورفضت عائلة زاغاري السماح بمجيء الشخص إلى منزلهم، إلا أنه جاء رغماً عنهم، وأشارت العائلة إلى أنها تعرفت عليه، مؤكدة أنه أحد ضباط الحرس الثوري الإيراني الذين أخذوها مؤخراً إلى المحكمة لمواجهة مجموعة ثانية من التهم قبل أسبوعين.
وأوضحت زاغاري أن الحرس الثوري الإيراني ليس لديه سلطة مراقبة تحركاتها كسجينة موضوعة قيد الإقامة الجبرية.
وقال زوج زاغاري، ريتشارد راتكليف، في 24 أغسطس (آب) الماضي، إن زوجته تخشى محاكمة جديدة بعد انتهاء فترة سجنها البالغة خمس سنوات في عام 2021.
وأثار العديد من المنافذ الإعلامية في إيران وبريطانيا إمكان وجود صلة بين اعتقال زاغاري راتكليف وغيرها ممن يحملون جنسية مزدوجة ونزاع حول دَين بريطاني قديم بقيمة 400 مليون جنيه إسترليني (443 مليون يورو) مستحق لإيران على صلة بصفقة أسلحة.
ولطالما أنكرت كل من لندن وطهران رسمياً أي صلة بين قضية زاغاري راتكليف، وهذا الدَّين الذي يعود إلى عقد لبيع دبابات حصلت لندن بموجبه على مبلغ مقدماً، ولكن لم تفِ به بسبب الثورة عام 1979. ومنذ ذلك الحين جُمدت الأموال في حساب بالمملكة المتحدة.
من جهته، قال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، اليوم (الأربعاء)، إن إعادة زاغاري إلى السجن في إيران الآن ستكون أمراً غير مقبول.
وأضاف خلال حديث مع شبكة «سكاي نيوز» أن بريطانيا لا تزال تخوض عملية سداد دينها لإيران، مؤكداً أنها عملية «ليست متصلة وإنما تتم بالتوازي» مع القضية.



فرنسا متأرجحة نحو التغييرات السورية... إقدام أم تروٍّ؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
TT

فرنسا متأرجحة نحو التغييرات السورية... إقدام أم تروٍّ؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)

لا تشذ فرنسا في مقاربتها للملف السوري عن غيرها من الدول الأوروبية وغير الأوروبية وتتأرجح مواقفها بين الرغبة في الإقدام على الدخول بتفاصيله، والتروي بانتظار أن يتضح المشهد السوري وما تريده السلطة الجديدة وعلى رأسها «هيئة تحرير الشام» بقيادة أحمد الشرع (المكنى سابقاً أبو محمد الجولاني).

كذلك تريد باريس تنسيق مواقفها وخطواتها مع شريكاتها في الاتحاد الأوروبي رغم أن الدول المعنية ليست كلها منخرطة في الملف السوري بمقدار انخراط باريس أو برلين أو مدريد، وأفادت الخارجية الفرنسية بأن الملف السوري سيكون موضع مناقشات بين وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يوم الاثنين المقبل.

ما تقوله المصادر الفرنسية، يُبين أن باريس، كغيرها من العواصم، «فوجئت» بسرعة انهيار النظام الذي تصفه بأنه «نظام قاتل» مسؤول عن وفاة 400 ألف شخص وكل يوم يمر يكشف عن المزيد من «فظاعاته»، فضلاً عن أنه أساء دوماً للمصالح الفرنسية خصوصاً في لبنان، ولم يحارب الإرهاب بل «شجعه» كما دفع ملايين السوريين إلى الخارج.

وتعدّ فرنسا أن سقوط نظام بشار الأسد شكل «مفاجأة»؛ إلا أنه شكل «بارقة أمل» للسوريين في الداخل والخارج، ولكنها مُكَبّلة بعدد كبير من التحديات والمخاطر؛ منها الخوف من «تمزق» سوريا، وأن تمر بالمراحل التي مر بها العراق وليبيا سابقاً، وأن تشتعل فيها حرب طائفية ونزاعات مناطقية وتنشط مجموعات «إسلاموية وجهادية»، وتدخلات خارجية، وأن تنتقل العدوى إلى لبنان كما حصل في السنوات 2015 و2016.

ملاحظات باريسية

وإزاء مفردات خطاب «معتدلة» تصدر عن أحمد الشرع والهيئة التي يرأسها وعلى ضوء صورة الحكومة الانتقالية التي رأت النور برئاسة محمد البشير، تتوقف باريس عند عدة ملاحظات: الأولى، اعتبار أن ما جرى «يفتح صفحة جديدة»، وأن الهيئة المذكورة لم ترتكب تجاوزات كبرى واعتمدت حتى اليوم خطاباً «معتدلاً» ووفرت ضمانات «كلامية»؛ إلا أن ما يهم فرنسا، بالدرجة الأولى، «الأفعال وليست الأقوال».

وما تريده باريس عميلة انتقال سلمي للسلطة وأن تضم جميع المكونات وأن تحترم الحقوق الأساسية للمواطنين والأديان والطوائف، وأحد معاييرها أيضاً احترام وضع النساء وحقوقهن، كذلك، فإن باريس ستعمل لأجل هذه الأهداف مع الشركاء العرب وأيضاً مع تركيا وإسرائيل.

بيد أن فرنسا لا تريد لا الإسراع ولا التسرع، وإن كانت تتأهب لإرسال مبعوث إلى سوريا يرجح أن يكون الدبلوماسي جان فرنسوا غيوم، لكنها تستبعد الاعتراف السريع بالسلطات الجديدة.

وأكدت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان صادر عنها الخميس أن باريس ترى أنه «من السابق لأوانه في هذه المرحلة مناقشة رفع العقوبات المفروضة» على سوريا.

وكان وزير الخارجية المستقيل، جان نويل بارو، قد أجرى محادثات مع بدر جاموس، رئيس لجنة المفوضات السورية ومع ممثلين عن المجتمع المدني.

وقال بيان رسمي إن بارو ومحدثيه «عبروا عن الالتزام بتحقيق انتقال سياسي سلمي يشمل الجميع ويتماشى مع القرار 2254 الصادر عن الأمم المتحدة، يحمي المدنيين والحقوق الأساسية والأقليات».

كذلك أشار إلى «الاتفاق على أهمية الحفاظ على مؤسسات الدولة واحترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها»، فضلاً عن «الإعراب عن قلقهم إزاء مخاطر التشرذم وانعدام الاستقرار والتطرّف والإرهاب، وضرورة استنفار الطاقات السورية والدولية من أجل تحاشيها».

اللاجئون

أما بالنسبة لملف عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، فإن باريس تقول إنها ليست من يقول لهؤلاء بالعودة أو بالامتناع عنها. إلا أنها بالمقابل تعدّ الشروط الضرورية لعودتهم مثل الأمن والعودة الكريمة «ليست متوافرة» رغم سقوط النظام القديم وقيام نظام جديد.

وتتوافق المواقف الفرنسية مع تلك التي صدرت عن مجموعة السبع، الخميس، التي أبدت الاستعداد لدعم عملية انتقالية في إطار يؤدي إلى حكم موثوق وشامل وغير طائفي في سوريا، مذكرة بأن العملية الانتقالية يجب أن تتسم بـ«احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان العالمية، بما في ذلك حقوق المرأة، وحماية جميع السوريين، بمن في ذلك الأقليات الدينية والعرقية، والشفافية والمساءلة».

لاجئون سوريون في تركيا يسيرون نحو المعبر الحدودي بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد (د.ب.أ)

وضمن هذه الشروط، فإن مجموعة السبع ستعمل مع أي حكومة سورية مستقبلية تلتزم بهذه المعايير وتكون نتاج هذه العملية وتدعمها بشكل كامل.

وبينما تقضم إسرائيل أراضي سورية، وتدفع تركيا بالقوات التي ترعاها في الشمال الشرقي إلى مهاجمة مواقع «قسد»، فإن مجموعة السبع دعت «الأطراف كافة» إلى الحفاظ على سلامة أراضي سوريا ووحدتها الوطنية واحترام استقلالها وسيادتها.

ومن جانب آخر، وفي الكلمة التي ألقتها بعد ظهر الخميس بمناسبة «القمة الاقتصادية الخامسة لفرنسا والدول العربية» التي التأمت في باريس، عدّت آن غريو، مديرة إدارة الشرق الأوسط والمغرب العربي في الخارجية الفرنسية، أن الوضع اليوم في المنطقة «بالغ التعقيد» في قراءتها للتطورات الأخيرة في سوريا وللوضع في الشرق الأوسط، وأن المنطقة «تشهد تحركات تكتونية» (أي شبيهة بالزلازل).

وتعتقد غريو أن هناك «حقيقتين» يتعين التوقف عندهما بشأن سوريا: الأولى عنوانها «انعدام اليقين»، والعجز عن توقع التبعات المترتبة على هذه التطورات ليس فقط في المنطقة ولكن أيضاً في الجوار الأوروبي، إذ إن المنطقة «تسير في أرض مجهولة» وتشهد تغيرات جيوسياسية رئيسية.

و«الحقيقة» الثانية عنوانها السرعة الاستثنائية التي تحصل فيها هذه التغيرات، مشيرة إلى أنه في عام واحد حصلت حرب غزة وحرب لبنان والحرب بين إسرائيل وإيران وانهيار النظام السوري، وهي تطورات غير مسبوقة، لا في أهميتها وتبعاتها ولا في زمنيتها.