كشفت مصادر قصر الإليزيه في باريس أمس، أن الرئيس إيمانويل ماكرون سيتصل هاتفياً بنظيره التركي رجب طيب إردوغان، قبل القمة الأوروبية التي كان من المقرر أن تنعقد في بروكسل غداً وبعد غد (تأجلت حتى الأول والثاني من أكتوبر (تشرين الأول) للتباحث معه بشأن المواضيع الخلافية بين الطرفين وعلى رأسها حالياً التصعيد التركي - اليوناني في مياه شرق المتوسط والوضع في ليبيا.
ويشكل هذا الاتصال ثاني بادرة من ماكرون لخفض التصعيد المتواصل بينه وبين إردوغان منذ نهاية العام الماضي بعد التغريدة باللغة التركية التي نشرها الرئيس الفرنسي يوم الجمعة الماضي وضمنها «دعوة لحوار مسؤول وبحُسن نية» بين أنقرة والاتحاد الأوروبي حول المواضيع الخلافية.
ويُفهم مما قالته المصادر الرئاسية الفرنسية أمس، أن القادة الأوروبيين متجهون لترطيب العلاقة مع تركيا، ما يعني أن مسألة فرض عقوبات اقتصادية وتجارية عليها بسبب انتهاكها للمياه القبرصية واليونانية عن طريق التنقيب عن الغاز فيها قد طويت في الوقت الحاضر. وأكثر من ذلك، فإن باريس تخلت عملياً عن دعم المطالبة القبرصية بقبول فرض عقوبات على بيلاروسيا مقابل فرض عقوبات على أنقرة بقولها إنه «يتعين معالجة كل موضوع على حدة». وفي عرضها للقمة ولمجرياتها، شددت المصادر الرئاسية على أن المهم اليوم توضيح ما تريده أنقرة وما يريده الاتحاد الأوروبي منها في حوار «صريح، متشدد ومتطلب» من أجل «تجنب المخاطر» المترتبة على سياسات إردوغان. إلا أنها في الوقت عينه، لفتت إلى «ضرورة التضامن مع قبرص التي تواجه الضغوط التركية» وترى سفن أنقرة في مياهها أو على مشارفها، كما تتدفق إليها الهجرات من قبرص «التركية».
وجاء الإعلان عن الاتفاق بين المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال من جهة والرئيس التركي من جهة أخرى، أمس، بشأن القبول ببدء «محادثات تمهيدية» بين أنقرة وأثينا حول خلافاتهما في مياه المتوسط الشرقي، ليبين أن الرئيس التركي لعب بورقة المهادنة لثني الاتحاد الأوروبي عن فرض عقوبات على بلده. وبرز ذلك من خلال تنظيم أربعة لقاءات «تقنية» في مقر الحلف الأطلسي بين وفدين عسكريين، تركي ويوناني، بحضور أطلسي لـ«خفض التصعيد» وتجنب الاشتباكات بين الطرفين. ويندرج في السياق عينه سحب سفينة المسح الجيولوجي «أوروتش رئيس» من المياه اليونانية. وأعربت المصادر الرئاسية عن دعمها للوساطة التي تقوم بها المستشارة ميركل ولكنها في الوقت عينه شددت على «حاجة الاتحاد الأوروبي إلى تأكيد مصالحه السيادية والحيوية وأن يبرز الاهتمام بمحيطه الإقليمي والمتوسطي» بما في ذلك ليبيا. والخلاصة أنه يتعين بدايةً «تحديد ما نريده من تركيا وبعدها يمكن أن نحدد الوسائل» لبلوغ الأهداف.
حتى اليوم، كان ماكرون رافع راية التشدد مع أنقرة. بيد أنه من الواضح أن الخط الذي تدفع به باريس إلى الأمام لم يلقَ التجاوب الكافي لغياب الإرادة السياسية الأوروبية من جهة ولوقوف برلين على المقلب المقابل لرغبة ميركل في تلافي التصعيد مع أنقرة وتفلت ملف الهجرات من جديد. من هنا، الاستدارة الفرنسية التي قد تكون مؤقتة ومرهونة بما سيصدر عن إردوغان في الأسابيع والأشهر القادمة.
{خفض تصعيد} بين ماكرون وإردوغان
{خفض تصعيد} بين ماكرون وإردوغان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة