هل هي تأثيرات الطبيعة أم هي استجابة منها لرغبات ملايين الباريسيين؟ هذا ما توارد إلى الأذهان مع إعلان أحد هواة الفن الفرنسيين عن ظهور علامات تشقق على منحوتة الفنان الأميركي جيف كونز الموجودة في حدائق جادة «الشانزليزيه» في باريس. ورغم محاولة بلدية باريس للتقليل من أهمية الشقوق، فإنّ عشاق العاصمة الفرنسية يأملون أن يكون الخبر مناسبة لإزاحة هذه المنحوتة من مكانها في «أجمل شارع في العالم».
تزن المنحوتة مع قاعدتها 60 طناً بارتفاع 13 متراً. وهي مصنوعة من البرونز والحديد والألمنيوم وتمثّل يداً تُمسك بباقة من الزنابق الخشبية الملونة. وكان الفنان الشهير باعتباره من رواد الفنون الحديثة قد أهداها لبلدية باريس تضامناً مع ضحايا الحادث الإرهابي الذي وقع في العاصمة الفرنسية عام 2015. وقرّرت بلدية المدينة نصب المنحوتة في «الشانزليزيه». لكن الهدية أثارت موجة من السخط والرّفض بعد نشر صور مفترضة لها، خصوصاً بعد معرفة أنّ كونز أهدى التصميم فقط، وأنّ التنفيذ الذي تبلغ تكلفته ثلاثة ملايين ونصف المليون يورو يقع على عاتق متبرعين فرنسيين.
وجاءت المفاجأة من تغريدة نشرت قبل يوم، لفرنسي من هواة الفنون التشكيلية، يُدعى غيّوم غيرادون، جاء فيها: أنّ «عمرها أقل من سنة، وقد تكلفت ملايين اليوروات، لكنّ منحوتة جيف كونز بدأت تذبل وتتشقق». وأضاف المغرد مجموعة من الصور المقربة تُظهر شقوقاً في أصابع الكف التي تحمل الباقة، معرباً عن خشيته من تصدع بعض قطع المنحوتة وسقوطها على رؤوس ملتقطي صورها. وفي غضون ساعات قلائل شاهد التغريدة 84 ألف متابع، كما حصلت على 300 تعليق. وجاءت غالبية التعليقات تنتقد المنحوتة.
من جانبها، سارعت بلدية باريس إلى نفيما جاء في التغريدة، مؤكدة أنّ عاملين فيها زاروا موقع التمثال ووجدوا أنّ الشّقوق هي من أثر فضلات الحمام. كما وعدت البلدية بـ«تنظيف الباقة خلال هذا الأسبوع أو الذي يليه».
حتى الأميركيون، لم يستقبلوا معارض مواطنهم جيف كونز بالترحاب، في بداياته. فقد اقتحم المعترضون صالة للعرض في حي مانهاتن واستخدموا بخاخات الأصباغ لتشويه منحوتاته. لكن هناك من يؤكد أنّه استخدم خبرته السابقة في التسويق واستأجر محتجين لكي يثيروا ضجة تكتب عنها الصحافة وتسهم في الترويج للمعرض. ويبدو أنّ الخطة نجحت في تحقيق الرواج للفنان الذي صنع خمس نسخ على شكل كلب منفوخ من عجائن حديثة براقة وبيعت نسخة منها في المزاد العلني بأكثر من خمسين مليون دولار. وقد اقتنى إحداها رجل أعمال فرنسي. ولجيف كونز حالياً ورشة يشتغل فيها مائة عامل، بينهم السباك والصباغ والنقاش والمصور ونافخ الزجاج وخبير الكومبيوتر. وهم يساعدونه في صنع منحوتات من الجبس والبلور والبلاستيك والمعادن غير القابلة للصدأ.
بهذه الشهرة تمكن الفنان من اقتحام قصر «فيرساي» التاريخي في باريس وإقناع إدارته بعرض نماذج من أعماله في المبنى الذي كان مقراً للملوك وحاضنة لكبار رسامي عصر النهضة. وهو المعرض الذي قوبل بالسخط، أيضاً، في حينه. أمّا «باقة الزنابق» فقد تعرضت بعد نصبها في باريس للهجوم من مجهولين قاموا بتلويها بالدهان، نظراً لإصرار البلدية، في حينه، على نصبها في موقع بارز من باريس خلافاً لرغبة عموم سكان العاصمة.
باقة زنابق جيف كونز «تذبل» في باريس
باقة زنابق جيف كونز «تذبل» في باريس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة