الفلوجة.. مدينة هرب معظم سكانها و100 ألف باقون تحت سيطرة «داعش»

التعليم متوقف.. وأغذية شحيحة بالأسواق والكهرباء قطعت منذ 5 شهور

الوضع الأمني في عموم محافظة الأنبار في حالة حرجة وهناك تحرك جدي على الأرض لفك الحصار عن  مدينة الفلوجة
الوضع الأمني في عموم محافظة الأنبار في حالة حرجة وهناك تحرك جدي على الأرض لفك الحصار عن مدينة الفلوجة
TT

الفلوجة.. مدينة هرب معظم سكانها و100 ألف باقون تحت سيطرة «داعش»

الوضع الأمني في عموم محافظة الأنبار في حالة حرجة وهناك تحرك جدي على الأرض لفك الحصار عن  مدينة الفلوجة
الوضع الأمني في عموم محافظة الأنبار في حالة حرجة وهناك تحرك جدي على الأرض لفك الحصار عن مدينة الفلوجة

الفلوجة 60 كم شمال غربي العاصمة بغداد.. وثاني أكبر مدن الأنبار من حيث السكان والنشاط الاقتصادي بعد الرمادي مركز المحافظة.
سكانها البالغ تعدادهم نحو 703 آلاف نسمة حسب إحصائية عام 2013.. لم يتبق منهم في داخلها سوى 100 ألف فقط بعد عملية نزوح كبرى شهدتها مدينة الفلوجة حيث إنها المدينة الأولى من مدن الأنبار التي وقعت تحت سيطرة مسلحي داعش قبل نحو أكثر من 7 أشهر.
«الشرق الأوسط» تنقل روايات أهالي المدينة الذين لا يزالون بالداخل في المدينة التي شهدت عمليات عسكرية واقتتالا مستمرا ما بين القوات الحكومية العراقية ومسلحي تنظيم داعش إضافة إلى القصف الجوي والمدفعي على أطراف المدينة وداخلها.
يقول عبد الرحمن 49 عاما وهو موظف حكومي يعمل في بلدية الفلوجة.. الأحياء السكنية في أطراف المدينة دمرت بالكامل كنت أسكن في الحي العسكري شرق المدينة وقبل نحو 6 أشهر نزح كل سكان الحي إلى خارج وداخل المدينة بعد بدء انتشار مسلحي داعش فيها وبدء العمليات العسكرية والقصف الجوي والمدفعي من قبل القوات الحكومية التي تبعد عن الحي قرابة 250 مترا فقط.
انتقلت مع عائلتي إلى داخل المدينة حيث تمركز في بادئ الأمر معظم نازحي المناطق الساخنة هاربين من القصف العشوائي من قبل المدفعية والقصف بالبراميل المتفجرة التي دمرت أحياء سكنية بالكامل.
والآن ليس الحال بالأفضل فالقصف اليومي مستمر ومعاناتنا تزداد بعد انعدام الخدمات بالكامل.. التيار الكهربائي انقطع عن مدينة الفلوجة بأكملها منذ 5 أشهر مضت ولحد الآن مع انعدام تام لمياه الشرب وتعطيل معظم دوائر الدولة الخدمية فقط هناك عمل بسيط من قبل آليات البلدية وعدد قليل جدا من المراكز الصحية أما الأسعار فلم يشهد تاريخ مدينة الفلوجة ارتفاعا بالأسعار كالتي شهدتها وسجلتها أسعار البضائع والمواد الغذائية ومواد الوقود. وأغلب الناس يعيشون حالة فقر لعدم تسلم رواتبهم منذ شهور.
أما أبو عبد الله 50 عاما وهو معلم في إحدى المدارس الابتدائية في مدينة الفلوجة يقول.. التعليم متوقف بشكل كامل وهناك مدرستان فقط في وسط المدينة تستقبلان الطلاب ولا يتعدى فيهما وقت الدوام الساعتين.. علما بأن الحكومة والمتمثلة في وزارة التربية العراقية قد ألغت الدوام في المناطق التي يسيطر عليها مسلحو تنظيم داعش ولن تعترف بالامتحانات التي تقام في تلك المناطق.. الحال لا يطاق هنا نعاني من نقص شديد في المواد الغذائية والطبية ومعظم الأهالي مصيرهم مجهول.
السيدة أم أحمد 58 عاما تقول نعيش ظروفا قاسية جدا بالكاد نحصل على الطعام.. أحيانا أذهب إلى السوق فأجد هناك مشاهد محزنة ومؤلمة نساء يبحثن عن بقايا خضراوات تالفة يتركها البقال بعد الانتهاء من بيع مواده ورأيت امرأة تجمع في كيس صغير بيض مائدة تعرض للكسر ورمي قرب إحدى الأسواق التجارية الخالية أصلا من المواد.
وتضيف أم أحمد أن معظم العوائل لم يعد لديها المال لشراء الطعام.. نحن نصنع الخبز في بيوتنا فمعظم العوائل عادت لصناعة الخبز في البيوت نطحن القمح بوسائل طحن بدائية ونخبزه في التنور الذي نصنعه بأيدينا من الطين.. سعر كيس الطحين الواحد بلغ 100 ألف دينار عراقي.
حالتنا النفسية انهارت تماما.. قبل 4 أشهر فقدنا جيراننا عائلة من 7 أفراد قتلوا جميعهم جراء القصف دفنوا تحت أنقاض منزلهم الذي انهار عليهم بالكامل ولم يخرج منهم أحد.. الرعب والقلق يعيش فينا ليل نهار أصبحنا يائسين مستسلمين الموت قد يداهمنا في أي لحظة فهو يحيط بنا من كل جانب.
يقول أحد وجهاء مدينة الفلوجة الذي طلب منا عدم ذكر اسمه أو كنيته خشية بطش مسلحي تنظيم داعش المسيطرين على المدينة: بعد سيطرة المسلحين على مدينة الفلوجة خرج معظم مشايخها ووجهائها وتجارها وقبلهم المسؤولون الحكوميون بالإضافة إلى العوائل الميسورة ثم تبعهم الناس في حملة نزوح كبرى لم تشهدها المدينة من قبل هربا من القصف والعمليات العسكرية وبطش المسلحين.. بعد ذلك تغير حال المدينة بشكل كامل، المسلحون فرضوا أحكاما وقوانين على الجميع تطبيقها والعمل بها.. وفي بادئ الأمر جرى عزل معظم الأئمة والخطباء في المساجد المعينين من قبل إدارة الأوقاف خشية تعبئة الناس ضد مسلحي داعش.
كما فرضوا الإقامة الجبرية على البعض من علماء الدين وكذلك الحال نفسه طبق على من تبقى من شيوخ العشائر والوجهاء بداعي انتزاع نفوذهم وهيبتهم عند الناس ومطالبتهم بالبيعة لداعش لتكون السيطرة والسلطة والنفوذ والكلمة بيد المسلحين فقط.. وفرضوا على الناس تطبيق قرارات أصدرتها «محاكمهم الشرعية» ومن يخالف القوانين ينال العقاب من تلك الأحكام فرض زي معين على النساء وارتداء النقاب وعدم خروجهن إلا بصحبة محرم.. ومنع التدخين وبيعه ويعاقب بالجلد من يحمل علبة سجائر.. وإجبار الناس على ترك أعمالهم حال سماع الأذان والتوجه فورا بشكل إجباري إلى المساجد للصلاة.. وإجبار الناس على الصلاة.. وكان من بين القرارات إعطاء فترة زمنية لمدة 6 أشهر سميت بالعفو عن المرتدين ويقصدون بهم من كان سابقا من المنتمين لأجهزة الشرطة والجيش.. فعلى الشرطي المنتسب الحضور وتسليم مسدسه الشخصي وإعلان البراءة من ذنبه والتوبة أمام محاكمهم الشرعية.. وكذلك المنتسب للجيش الحكومي عليه تسليم بندقيته التي في عهدته وإعلان البراءة والتوبة.. وبعد انقضاء مدة العفو تلك شهدت الفلوجة حملات إعدام نفذها مسلحو تنظيم داعش ضد أشخاص بحجة عدم إعلانهم البراءة والحضور لتسليم أسلحتهم.. رغم أن بعض المعدومين كانوا تاركين العمل أصلا في تلك المؤسسات.
وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» قال محافظ الأنبار صهيب الراوي الذي تسلم مهام منصبه قبل يومين.. الوضع الأمني في عموم محافظة الأنبار في حالة حرجة وهناك تحرك جدي على الأرض من قبل قوات الجيش وبمساندة مقاتلي العشائر لتحرير مناطق المحافظة من مسلحي داعش.. أما عن الوضع في مدينة الفلوجة فسيتم في الأيام القليلة القادمة تطهير المناطق المحيطة لمدينة الفلوجة من سيطرة مسلحي تنظيم داعش لتأمين إيصال المساعدات الغذائية والطبية لأهالي المدينة المحاصرين وستكون هذه من أولويات عملنا.. ونقوم الآن بتوفير مراكز للتموين تكون قريبة من المدينة وسنعمل جاهدين على إنهاء الحصار وإغاثة الناس في الفلوجة وعموم المناطق التي يسيطر عليها مسلحو تنظيم داعش.
من جهة أخرى قال أركان خلف الطرموز عضو مجلس محافظة الأنبار ورئيس لجنة الإعمار فيها.. بأن مدينة الفلوجة تحتاج إلى مبالغ كبيرة لإعادة إعمارها فقد تعرض ما نسبته 40 في المائة من بنيتها التحتية للدمار أحياء سكنية ومبان حكومية دمرت بالكامل كما شهدت المدينة نزوح أكثر من نصف مليون من عدد سكانها إلى مناطق متفرقة والباقي من أهلها هم يقبعون تحت حصار مسلحي داعش.. نحن نجري اتصالات يومية مع وزارتي النفط والتجارة لغرض تهيئة كميات من المواد الغذائية والوقود وإمكانية وصولها إلى أهلي الفلوجة.. وإلى كل المحاصرين في مدن الأنبار.. ونأمل من الجميع التعاون معنا في هذا الظرف العصيب.



المجاعة تهدد أطفال غزة وأمهات يبحثن عن الحليب

توفي منذ اندلاع الحرب في غزة 32 شخصاً بسبب سوء التغذية (أ.ف.ب)
توفي منذ اندلاع الحرب في غزة 32 شخصاً بسبب سوء التغذية (أ.ف.ب)
TT

المجاعة تهدد أطفال غزة وأمهات يبحثن عن الحليب

توفي منذ اندلاع الحرب في غزة 32 شخصاً بسبب سوء التغذية (أ.ف.ب)
توفي منذ اندلاع الحرب في غزة 32 شخصاً بسبب سوء التغذية (أ.ف.ب)

تبحث أميرة الطويل في صيدليات قطاع غزة عن حليب لإطعام طفلها يوسف، الذي يحتاج إلى علاج وغذاء، لكن كل محاولاتها لتأمينه باءت بالفشل. يستلقي يوسف بجسده النحيل على السرير في مستشفى الأقصى في دير البلح وقد ربطت رجله بحقن وريدية.

تقول الطويل لوكالة الصحافة الفرنسية: «يوسف يحتاج إلى علاج وغذاء جيد، الحليب غير متوفر نهائياً». وتضيف الأم: «أُطعمه حالياً بعض القمح، لكن لا حليب. هذا ما يجعله يعاني من الانتفاخ، طلبوا مني أن أجري له فحصاً لحساسية القمح».

توفي منذ اندلاع الحرب في غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 32 شخصاً بسبب سوء التغذية.

وقالت «منظمة الصحة العالمية»، السبت، إن أكثر من 4 من أصل 5 أطفال أمضوا يوماً كاملاً من دون تناول الطعام مرة واحدة على الأقل خلال 3 أيام.

وقالت المتحدثة باسم «منظمة الصحة العالمية» مارغريت هاريس، في بيان، إن «الأطفال يتضورون جوعاً».

وبحسب منظمات الإغاثة، فإن ارتفاع معدلات سوء التغذية بين أطفال غزة دون الخامسة سببه عدم وصول المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى غزة إلى من يحتاجون إليها.

إغلاق المعابر

بدأت الحرب في قطاع غزة مع شنّ «حماس» هجوماً غير مسبوق على الأراضي الإسرائيلية في 7 أكتوبر تسبّب بمقتل 1189 شخصاً، معظمهم مدنيون.

وردّت إسرائيل متوعدة بـ«القضاء» على «حماس»، وهي تشنّ منذ ذلك الحين حملة قصف مدمر على قطاع غزة، تترافق مع عمليات برية، ما تسبب بسقوط 36439 قتيلاً، معظمهم مدنيون، وفق وزارة الصحة التابعة لـ«حماس».

بعد فحص أجراه مكتب «الأمم المتحدة» لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) لأكثر من 93400 طفل دون الخامسة في غزة للتأكد من سوء التغذية، خلصت النتائج إلى أن 7280 منهم يعانون سوء تغذية حاداً.

وينتشر سوء التغذية في شمال قطاع غزة بشكل خاص حيث لم يتلقَّ من بقوا هناك من السكان سوى قليل من المساعدات في الأشهر الأولى من الحرب.

في الأسابيع الأخيرة تم تحويل جزء كبير من المساعدات الغذائية عبر المعابر، وذلك بعد تحذيرات من مجاعة وشيكة.

أما الطفل سيف فقد بدا منهكاً للغاية وبالكاد يستطيع التنفس.

وتقول والدته نهى الخالدي: «طوال الليل وهو يتألم ويعاني المغص والانتفاخ، تم تأجيل العملية التي كانت مقررة له، وهذا يمكن أن يسبب له انفجاراً في الأمعاء».

وتضيف الأم: «نعتمد على ما يأتي من مساعدات لإعطاء الأولاد، وهذا يؤثر كثيراً على صحتهم لأنهم اعتادوا على حليب يتناسب مع أجسادهم».

لكنها تتدارك وهي تحاول حبس دموعها «لا يتوفر أي نوع حليب في الأسواق».

ويؤكد طبيب الأطفال في مستشفى الأقصى، حازم مصطفى، أن إغلاق إسرائيل للمعابر أدى إلى تفاقم الوضع.

ويعدّ معبر رفح المنفذ الرئيسي لدخول المساعدات إلى قطاع غزة من مصر، قبل أن تقوم إسرائيل في 7 مايو (أيار) المنصرم بعملية برية وتسيطر على المعبر الحدودي.

ومنذ ذلك الوقت، لم تسمح إسرائيل بدخول أي مساعدات إلى قطاع غزة، كما لم يتمكن أي من الجرحى والمرضى من الخروج للعلاج.

ويقول الطبيب مصطفى، وخلفه على شاشة الحاسوب صورة أشعة لقفص صدري لأحد المرضى، إن الأخير يعاني «ضعفاً شديداً في جسمه وسوء نمو بسبب منع الاحتلال دخول الأغذية، وخصوصاً الحليب للأطفال».

ويطالب بـ«إدخال كميات وافرة من الحليب حتى تتمكن الأمهات من إعطاء أطفالهن الغذاء المناسب ليكونوا بصحة جيدة».