تدريبات روسية ـ تركية لضبط التوتر في شمال غربي سوريا

عودة الدوريات المشتركة في ريف الحسكة

سوري على دراجة نارية قرب عربة أميركية شرق الفرات أمس (أ.ف.ب)
سوري على دراجة نارية قرب عربة أميركية شرق الفرات أمس (أ.ف.ب)
TT

تدريبات روسية ـ تركية لضبط التوتر في شمال غربي سوريا

سوري على دراجة نارية قرب عربة أميركية شرق الفرات أمس (أ.ف.ب)
سوري على دراجة نارية قرب عربة أميركية شرق الفرات أمس (أ.ف.ب)

أجرت القوات التركية والروسية في إدلب أمس (الاثنين) تمرينا مشتركا على التنسيق أثناء الدوريات المشتركة، في وقت سيّر الجانبان دورية مشتركة في ريف الحسكة بعد توقف لأسبوعين.
وذكرت مصادر تركية أن تدريبات الأمس، تضمنت التركيز على التنسيق بين الجنود المشاركين في الدوريات المشتركة التي تسيرها القوات التركية والروسية على طريق حلب - اللاذقية الدولي (إم 4) التي انطلقت منذ 15 مارس (آذار) الماضي بموجب اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب الموقع بين الجانبين في الخامس من الشهر ذاته. وأضافت المصادر أنها تضمنت تمرينا على التواصل باستخدام إشارات معينة بين العناصر التي تشارك في الدوريات لـ«العمل على التنسيق بين الجنود الأتراك والروس في حالات الطوارئ، مثل شن هجمات مسلحة على الدوريات».
كما تضمن التدريب، الذي يأتي في إطار الاتفاق مؤخرا بين الجانبين التركي والروسي على القيام بتدريبات مشتركة على تأمين بعد شكوى موسكو من الاستهدافات، تنفيذ عمليات إخلاء الجرحى والمركبات العسكرية المتضررة خلال التدريبات، وكذلك كيفية عمل قوات الدعم حال وقوع هجوم.
وامتنعت القوات الروسية الأسبوع الماضي عن تسيير دورية مشتركة مع نظيرتها التركية على طريق حلب اللاذقية (إم 4) بسبب تكرار الهجمات التي تعرضت لها الدوريات سواء بتفجير عبوات ناسفة أو الهجوم بقذائف (آر بي جي) على الدوريات وبخاصة المركبات الروسية المشاركة فيها بسبب رفض بعض المجموعات المتشددة الوجود الروسي والتفاهمات التركية الروسية في شمال سوريا.
وصعدت روسيا خلال الأيام الأخيرة قصفها على محاور جنوب وشمال وغرب إدلب لاستهداف مواقع هيئة تحرير الشام والمجموعات المتشددة الأخرى، وسط صمت من جانب أنقرة، أرجعه مراقبون إلى عدم تنفيذ تركيا التزاماتها حتى الآن بموجب اتفاقات آستانة والتفاهمات الثنائية مع روسيا في إدلب، بالفصل بين المجموعات المتشددة وفصائل المعارضة السورية المعتدلة.
ولم يصدر عن أنقرة أي رد فعل تجاه تصعيد روسيا غاراتها الجوية الأربعاء الماضي على محاور في شمال إدلب تزامنا مع اجتماع لوفدين تركي وروسي في أنقرة لبحث الملف السوري والوضع في إدلب على وجه الخصوص، كما لم تبد أي رد فعل أيضا على الصف الذي نفذه الطيران الروسي، أول من أمس، في غرب إدلب والذي كان الأعنف من نوعه منذ اتفاق وقف إطلاق النار بين الجانبين في 5 مارس.
وأرجعت مصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط» غياب رد فعل تركي على التصعيد الروسي وكذلك التصعيد من جانب النظام الذي طال بعض نقاط المراقبة العسكرية التركية في إدلب، إلى عدم تأثير هذه الهجمات على الوضع في إدلب أو على مناطق نفوذها وأن ما يعنيها هو تثبيت الوضع على ما هو عليه الآن ولذلك رفضت تخفيض عدد نقاط مراقبتها في منطقة خفض التصعيد في شمال غربي سوريا وكذلك تخفيض عدد النقاط في مناطق نفوذ النظام وسحب أسلحتها الثقيلة من هذه النقاط، كما اقترح الجانب الروسي في اجتماعات أنقرة. وأضافت المصادر أن تركيا استخدمت «منبج» و«تل رفعت» كورقة مساومة مع الجانب الروسي خلال الاجتماع وطلبت تسلميهما لها وانسحاب عناصر تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) منها إلا أن طلبها قوبل بالرفض من جانب الروس. وأشارت إلى أن أنقرة وموسكو تحتفظان بآلية تشاور عسكرية مستمرة بشأن إدلب. وتوقعت عدم تطور الخلافات بين الجانبين إلى حد الصدام في إدلب.
وأرسل الجيش التركي على مدى الأيام القليلة الماضية مزيدا من التعزيزات إلى نقاط المراقبة التابعة له في إدلب بعد رفض المقترحات الروسية حولها.
في السياق ذاته، سيرت القوات التركية والروسية دورية جديدة في غرب الدرباسية في ريف الحسكة انطلقت من معبر قرية شيريك (13 كيلومترا غرب الدرباسية)، وصولار إلى ريف أبو راسين الشمالي، تزامنا مع تحليق مروحيات روسية في أجواء المنطقة. وتجولت الدورية المؤلفة من 4 مدرعات تركيا ومثلها روسية في عدد من القرى في المنطقة.
جاء ذلك بعد أن سيّر الجانبان دوريتين منفصلتين كل واحدة على حدة خلال الأيام الأربعة الأخيرة.



سوء التغذية والشتاء يتربصان بأطفال اليمن والنازحين

طفلة يمنية في محافظة إب تحسنت صحتها بعد تلقي العلاج ضد سوء التغذية ضمن برنامج تنفذه اليونيسيف (الأمم المتحدة)
طفلة يمنية في محافظة إب تحسنت صحتها بعد تلقي العلاج ضد سوء التغذية ضمن برنامج تنفذه اليونيسيف (الأمم المتحدة)
TT

سوء التغذية والشتاء يتربصان بأطفال اليمن والنازحين

طفلة يمنية في محافظة إب تحسنت صحتها بعد تلقي العلاج ضد سوء التغذية ضمن برنامج تنفذه اليونيسيف (الأمم المتحدة)
طفلة يمنية في محافظة إب تحسنت صحتها بعد تلقي العلاج ضد سوء التغذية ضمن برنامج تنفذه اليونيسيف (الأمم المتحدة)

يتزايد عدد الأطفال اليمنيين المصابين بسوء التغذية الحاد الوخيم، في ظل الانهيار الاقتصادي الذي تعيشه البلاد. وفي حين يستعد النازحون لمواجهة شتاء قاسٍ بنقص شديد في الموارد المعيشية، مع تقليص المساعدات الإغاثية الدولية، كشفت تقارير أممية عن نهب الدعم المخصص لمواجهة انعدام الأمن الغذائي.

وارتفع عدد الأطفال اليمنيين دون سن الخامسة الذين يعانون من سوء التغذية الحاد بنسبة 34 في المائة عن العام السابق ليصل إلى 600 ألف طفل في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية، وفقاً للتصنيف المرحلي المتكامل الأخير لسوء التغذية الحاد الذي تبنته منظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة «يونيسيف».

وبينت «يونيسيف» عبر موقعها على الإنترنت أن مديريات المخا في تعز، والخوخة وحيس في الحديدة على الساحل الغربي شهدت مستويات «حرجة للغاية» من سوء التغذية الحاد، وهي المرحلة الخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل، لأول مرة، مقدرة أن أكثر من 36 في المائة من الأطفال اليمنيين يعانون من سوء التغذية الحاد.

ممرضة في مدينة المخا تقيس محيط أعلى ذراع طفل للتحقق من تحسن حالته الصحية بعد تلقيه علاجاً لسوء التغذية (الأمم المتحدة)

وأرجعت المنظمة الأممية زيادة سوء التغذية الحاد في اليمن إلى تفشي الأمراض وانعدام الأمن الغذائي الشديد ونقص الوصول إلى مياه الشرب النظيفة، محذرة من أن سوء التغذية قد يكون قاتلاً إذا لم يتم علاجه، خاصة في مناطق الساحل الغربي.

كما ساهمت الفيضانات وانتشار الأمراض في الأشهر الأخيرة من تعقيد الوضع، بالإضافة إلى نقص الوعي الصحي حول تنظيم الأسرة وأهمية التطعيم، في حين دمرت الأمطار الغزيرة المنازل وشردت الأسر، وضاعف انتشار الكوليرا والملاريا وحمى الضنك من حدة سوء التغذية، إلى جانب نقص الوعي بالعناصر الغذائية الصحيحة.

زيادات متوقعة

في مارس (آذار) الماضي أعلن برنامج الغذاء العالمي عن تعليق برنامج الوقاية من سوء التغذية الحاد، بسبب نقص التمويل، تاركاً ما يقارب 3 ملايين طفل وامرأة معرضين لخطر سوء التغذية.

وذكرت مصادر طبية لـ«الشرق الأوسط» في مدينة تعز (جنوبي غرب) أن عدد الأطفال المصابين بسوء التغذية الذين تستقبلهم المستشفيات والمراكز المتخصصة، يزيدون على 30 ألف طفل، ويجد القائمون على هذه المراكز صعوبة في استيعاب أعداد الأطفال المصابين بسوء التغذية الذين يزورونها يومياً لتلقي العلاج.

رغم تراجع التمويل لا تزال بعض الوكالات الأممية والمنظمات الدولية تقدم معونات في اليمن (الأمم المتحدة)

ونبهت المصادر إلى أن تقليص المنظمات الدولية لتدخلاتها ومساعداتها الغذائية في الأسابيع الأخيرة ينذر بتفاقم الوضع، وتحول آلاف الأطفال المصابين بسوء التغذية المتوسط إلى وخيم.

وفي محافظة لحج (جنوب غرب)، قدرت مصادر طبية أن نسبة الأطفال المصابين بسوء التغذية تزيد على 20 في المائة، حيث تستقبل المستشفيات والمراكز المتخصصة آلاف الأطفال شهرياً لتلقي العلاج، مع صعوبة بالغة تواجهها لاستيعاب هذه الحالات.

ويستغرب الباحث اليمني فارس النجار، في حديث لـ«الشرق الأوسط» من إصرار المنظمات الأممية والدولية على تقليص المساعدات الإغاثية المقدمة إلى اليمن، في ظل التراجع الاقتصادي الذي تشهده البلاد بسبب عدد من العوامل، ومن بينها الآليات التي تعمل بها الأمم المتحدة والوكالات الإغاثية، التي بسببها لا تمر أموال المساعدات عبر البنك المركزي اليمني، إلى جانب الفساد وسوء الإدارة الذي يطبع وسائل العمل الإغاثي الدولي في اليمن.

في غضون ذلك، دعا جمال بلفقيه، وهو رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية، إلى تنظيم إجراءات جدية وفاعلة لمنع استغلال العمل الإغاثي والمساعدات الدولية في اليمن لصالح الجماعة الحوثية، منوهاً إلى أن تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن قد كشف الكثير من الانتهاكات التي تتعرض لها أعمال الإغاثة على يد الجماعة، إلى جانب ما تمارسه من تعسفات بحق موظفي المنظمات الدولية والأممية.

التطرفات المناخية والفيضانات تسببتا في نزوح آلاف اليمنيين وفقدانهم المأوى دون تلقي مساعدات إغاثية كافية (أ.ف.ب)

وحث بلفقيه في حديث لـ«الشرق الأوسط» الحكومة اليمنية متمثلة بوزارة التخطيط على وقف كل الاتفاقيات، وعدم توقيع اتفاقيات جديدة مع المنظمات الدولية والأممية، إلا بعد نقل مقراتها وأنشطتها وحساباتها البنكية إلى المحافظات المحررة، مستغرباً من استمرار عمل هذه المنظمات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بعد كل ما جرى كشفه من انتهاكات بحقها وبحق العمل الإغاثي.

تأثير التطرفات المناخية

كشف صندوق الأمم المتحدة للسكان عن نزوح نحو 18 ألف يمني، خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بسبب الصراع والتطرفات المناخية.

وأوضح الصندوق أن آلية الاستجابة السريعة للأمم المتحدة بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، ساعدت 17458 فرداً بإغاثة عاجلة منقذة للحياة خلال الشهر الماضي، بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والصندوق المركزي للأمم المتحدة للاستجابة لحالات الطوارئ.

ورغم تراجع الأمطار الغزيرة بنسبة كبيرة منذ نهاية الصيف الماضي، فإن عدداً من المناطق لا تزال تشهد أمطاراً غزيرة تلحق أضراراً بالممتلكات والمساكن وتعطيل الأراضي الزراعية التي تضررت بنسبة 85 في المائة إلى جانب إتلاف المحاصيل، وتدمير سبل العيش، طبقاً للوكالة الأميركية للتنمية الدولية.

ينتظر النازحون اليمنيون شتاء قاسياً في ظل نقص الموارد والمعونات وتراجع تمويلات المساعدات الدولية (غيتي)

ورجحت الوكالة في تقرير أخير لها أن أكثر من 650 ألفاً من النازحين، والعائدين من النزوح، وأفراد المجتمع المضيف في اليمن، بحاجة ماسة لمساعدات المأوى والإغاثة للتغلب على قسوة الشتاء القادم.

ويقدر التقرير أن نحو 655 ألف شخص سيحتاجون إلى إمدادات طارئة خلال الفترة الممتدة من الشهر الماضي حتى فبراير (شباط) المقبل.

وينتشر النازحون في 30 موقعاً داخل 11 محافظة يمنية، في مواجهة ظروف شديدة القسوة بسبب الأمطار الموسمية الغزيرة والفيضانات التي شهدتها البلاد، ما يجعلهم عرضة لمخاطر إضافية في فصل الشتاء.

ويعمل شركاء كتلة المأوى على تقديم دعم عاجل لـ232 ألف شخص من الفئات الأكثر ضعفاً، بما يشمل استبدال الملاجئ التالفة، وتوزيع بطانيات حرارية وملابس شتوية.